الفن
الفيلم التركي "العشق الابدي"..يحصل على أعلى نسب مشاهدة بعد عرضه في اسبانيا
من اكثر الدول متابعة و انهباراً بالدراما التركية مؤخراً هي دولة اسبانيا، حيث بدأ عرض عدد كبير من المسلسلات و الاعمال الدرامية التي وقع الجماهير و المشاهدين الاسبان في غرامها كما هو الحال في أي دولة يُعرض بها واحد من الاعمال التركية القوية، و لكن عشق الاسبان للدراما التركية فاق حدود الدراما و وصل إلى الافلام التركية ايضًا، حيث عرضت قناة Nova الاسبانية و هي القناة الخاصة بعرض الاعمال الدرامية التركية فيلم "العشق الابدي" من بطولة النجمة التركية فهرية افجان و النجم التركي مراد يلدريم.
وحصل الفيلم في ليلة عرضه على أعلى نسبة مشاهدة عبر القناة وصلت إلى 207.000 مشاهدة، بل و حصل على المرتبة الأولى في التصنيفات قوائم المشاهدة.
و الفيلم بالفعل يستحق المشاهدة فهو فيلم جميل و رومانسي من الدرجة الاولى كما أن لاداء ابطاله الرائع فهرية افجان و مراد يلدريم تأثير كبير على نجاحه .
يبدأ الفيلم بحفل تكريم و ترقية الطبيب الجراح جان/ مراد يلدريم، و اختياره رئيساً لجمعية جراحة الأدمغة العالمية، كونه واحداً من اكثر الاطباء شهرة و نجاح و مهارة في هذا المجال.
و ينتهي الحفل بعد قضاء الدكتور جان ليلته من إحدى السيدات التي تعرف عليها حديثاً و يترك لها ملحوظة بانه قضي وقتاً ممتعاً معها.
و في اليوم التالي يخرج الطبيب من منزله متوجهاً إلى المستشفى محل عمله، و فور خروجه تدخل زينب/ فهرية افجان عاملة النظافة التي تعمل لديه و لكنه لا يعرفها و لم يراها يوماً من قبل، تجد زينب ملحوظة كتب بها الطبيب انه سيسافر خارج البلاد لثلاثة ايام، في الوقت الذي تتصل به شقيقتها و تخبرها أن صاحب الشقة التي يسكنون بها غير الكالون لانهما لم يدفعا الايجار لثلاثة اشهر، فتضطر زينب للمبيت في بيت الطبيب على اساس انه مسافر و لن يعود للمنزل.
يعود الطبيب إلى منزله ليجد زينب ممدة على الاريكة، و لانه طبيب و قلبه مفعم بالرحمة و الحنان، يرفض ازعاجها و حين يسأل عنها يعرف انها عاملة النظافة التي تعمل لديه.
في الصباح يجهز الطبيب القهوة لنفسه متعمداً ايقاظها، و حين تسيقظ، تعتذر له كثيراً على نومها في بيته دون علمه، ثم يأتيه اتصال من إحدى عضوات مجلس ادارة المستشفى و التي تحاول الايقاع به بشتى الطرق، لكنه لا يشعر تجاهها بأي شيء و لا يريد ان يجرح كرامتها في الوقت ذاته، فينصحه صديقه طبيب التخدير باحضار امرأة معه إلى الحفل الذي يقيمه مدير المستشفى في المساء، و بذلك ستنساه زميلته، فتبرق عينيه حين تأمل زينب و وجد انها جميلة و قد تفي بالغرض، فيطلب منها أن تأتي معه الحفل و تمثل دور حبيبته أمام الجميع في مقابل أن يدفع لها دينها، فتوافق زينب على الامر، و قبل خروج الطبيب تعرض عليه تحاليل طبية تخبره انها تخص صديقتها، و هي تنتظر منه أن يقول شيئاً جديداً نظراً لمهارته في هذا المجال، فيوافق و يعكف على دراسة التحاليل.
ارسل جان السائق إلى زينب ليأخذها إلى صالون التجميل و اشترى لها فستاناً جميلاً، و جاءت زينب الحفل، و وقعت عين جان عليها لتنقلب اللعبة إلى حقيقة و يفتح قلبه لها دون ارادته ليس فقط لجمالها الباهر، و لكن لأنها المختلفة الوحيدة في هذا المكان، انها الانسانة البسيطة الرقيقة العفوية و المرحة، خفق قلبه للمرة الاولى دون أن يشعر و ظهر ذلك في غيرته عليها حين رقصت مع رجل آخر، لكنه عاند قلبه و مشاعره و ظن انه مجرد اعجاب كما حدث مع الكثيرات من قبل.
و حين صعدا إلى الطائرة ليذهب مع مدير المستشفى حمدي و زوجته إلى الجزيرة التي يملكون بيتاً صغيراً بها، بدأت زينب ترتجف كونها تركب الطائرة لاول مرة، و حين امسك بيدها جان ليطمأنها، هدأ روعها و ظلت ممسكة بيده، بعد ان وصلها شعوراً كبيراً بالامان من لمسة يديه, انه الحب يا سادة قد يأتينا و يقتحم قلوبنا دون حتى أن نشعر به في البداية، كالور الخبيث الذي نعرف بوجوده إلا في المراحل المتأخرة، فهو دقات قلب سريعة، اعجاب و انجذاب بشخص ما نشعر معه بالامان و نعيش معه لحظات حلوة سعيدة نسرقها من الزمن.
و اثناء جولة جان و زينب في الحديقة و السوق يخبرها عن حالة صديقتها الصحية الخطيرة و يبدأ كلماته "كنت اريد أن يكون هناك شيء لأفعله من اجلها"، و لكن تلك الجملة ستتغير حين يعلم أن تلك المريضة هي حبيبته، حينها فقط سيخلق الشيء الذي يمكن فعله، سيفكر ليل نهار لينقذها من مرضها، و يكمل حديثه بتشخيص الحالة بأن الورم في منطقة خطيرة جداً من أجل العملية، و حدث نزيف لمرة من قبل، و انه ورم نادر و العدواني، و لا يوجد طبيب يمكنه اجراء جراحة في تلك المنطقة، و إن حدث و تم اجراء الجراحة سيحدث مضاعفات حادة و نتائج غير مرغوب بها اثر الجراحة، فقد تصاب المريضة بالشلل او تمضي حياتها مرتبطة بجهاز التنفس، واحتمال النجاة من العملية لا يتجاوز 5%، و ينصحها بعدم مخاطرتها بأيامها القليلة المتبقية من أجل احتمال منخفض لهذه الدرجة، و بالنسبة للوقت المتبقي لها فهو يتوقف على موعد النزيف القادم ربما غداً و ربما بعد 3 اشهر، هذا هو تشخيص الطبيب لمريض عادي لا تربطه به أي صلة، و لكن ماذا ستكون النصيحة حين تكون المريضة حبيبته ؟
كلمات يقولها بمنتهى البساطة لا تؤلمه و لا تعنيه، كلمات اعتاد ان يرددها لكثير من المرضى، ففقدت تأثيرها عليه، و لكنه يبدأ ينجذب لزينب بشكل كبير حين يعرف أنها تراعي شقيقتها و تتولى مسؤليتها، و حين تقول الحقيقة لمديره في المستشفى و ترفض أن تستمر في الكذب، انسانة صادقة مسؤولة، بارة و مخلصة لكل من حولها، فكبرت كثيراً في عينيه، وجد نفسه مشغولاً بها، يخرج ليتأمل الطبيعة كما كانت تفعل اثناء جولتهم، لدرجة انه تعمد افساد آلة الضغط لديه كي تأتي و تنظفها و يستطيع رؤيتها، و بعد قضائه الليلة معها و في احضانها، احزنه هذا كثيراً، لم يكن مستمتعاً كما اعتاد، بل انتباه الحزن و تأنيب الضمير نحوها، ليكتشف ان الامر لم يكن مجرد شهوة أو رغبة مثلما حدث من قبل، و لكنه حباً صادقاً، جعله يخشى عليها حتى من نفسه، حاول ان يبتعد و لكنه لم يستطع، لقد تغلب عليه الحب خاصة حين علم أن زميلته التقت بها، فذهب اليها ليشرح لها الموقف و يوضح لها الامر و انه لم يخونها ابداً.
بالطبع انهارت زينب حين ظنت انها كانت مجرد نزوة في حياته و انه لم يحبها كما عشقته و انتزع قلبها من مكانه كما قالت، لتجده امامها يبرر نفسه و يعتذر منها و يطلب منها أن تخصص له بعض الوقت ليفهم مشاعره جيداً، و يتخذ قرراته، فتتفهم الموقف، لكن تخبره انها ليس لديها الوقت الذي يمكن تخصيصه له، فيظن انها مازالت غاضبة و يصر ان يعرف سر غضبها، قتلقى على مسامعه نفس الكلمات التي قالها من قبل، و تشيخصه لحالتها.
تلك الكلمات التي القاها على مسامعها من قبل بمنتهى البساطة دون ان تتهز شعرة واحدة منه، تلك المرة لمجرد أنه استمع اليها اخترقت قلبه كالرصاص، هل يعقل بعد أن وجد الحب الذي انتظره طوال حياته يخسره هكذا ببساطة، هل يعقل أن نجد الحب اخيراً بعد ان افتقدناه لاعوام و اعوام، لنفقده بعد ايام ؟ كم أن الحياة ظالمة.
فيخبرها أنه سيعيد التصوير المقطعي و سيجد حلاً، لكنها تقول اختى ستسافر امريكا، و لا يمكن قبل أن اجمع نقودها، في ايامها الاخيرة وتفكر فقط في شقيقتها، كم انها انسانة نقية جميلة من الداخل و الخارج، كل كلمة منها يزداد تعلقه بها و حبه و تقديره لها.
فلا يجد امامه حلاً الآن إلا انه يوافقها على قضاء آخر ايامها سعيدة و يذهب معها في رحلة ليريح قلبها.
لكن لم يهدأ بال جان ابداً، أخذ ينظر لها و يتأملها ليشبع روحه منها قبل أن ترحل، امتلأت عيونه بالدموع رغم ابتسامته التي رسمها على وجهه حزناً عليها و خوفاً من فقدانها، لم تغفل عينه لحظة واحدة، ظل يفكر و يفكر في كيفية انقاذها، و قرر أن يجري لها الجراحة بطريقة جديدة، الآن هو مستعد أن يخاطر بايامها القليلة المتبقية كي يحظى بها اطول فترة ممكنة، حتى و ان كانت شتعيش مشلولة أو على جهاز تنفس، يريدها معه فقط بجسدها، على استعداد أن يخسر مستقبله في حال فشل الجراحة و يتحمل المسؤولية كاملة، على استعداد ان يفقد مستقبله و نجاحه و شهرته و عمله، فقط لتبقي معه و أن كانت جسداً مشلولاً، قمة التضحية و قمة الانانية في الوقت ذاته، هذا هو الحب، هو التضحية بكل شيء من أجل من نحب، و عدم التفريط في من نحب بكل انانية و ان كانت في موته راحة له من حياة مؤلمة.
قبل أن تدخل زينب غرفة العمليات تطلب من جان أن يوعدها بأن لا يناسها ابداً، و تدخل غرفة العمليات و يحاول جان انقاذ حياتها بشتى الطرق إلى أن تصاب بنزيف حاد اثناء الجراحة و يقف الطبيب الماهر عاجزاً عن انقاذ حبيبته، عاجزاً امام الموت الذي اصر أن يأخذها، إلى أن يعود قلبها لينبض من جديد و تنجح الجراحة، و يعيش الحبيبان في سعادة لمدة ثلاثة اشهر، لكن لقد قال القدر كلمته الاخيرة و اسدل الستار على قصة الحب التي لم يُكتب لها الاكتمال، فتتعدد الاسباب و الموت واحد، لقد فارقت زينب الحياة بردائها الابيض تحت الامطار الغزيرة التي كانت تعشق رائحتها، فلا مفر من الفراق و لا داعي لمعاندة القدر، لقد ولد الجميع ليموت، و انما الحب الحقيقى لا يموت ابداً، فالحياة قصيرة، لكن لحظة حب صادقة واحدة بالف عمر قد نعيشه بقلوب خاوية، فقد يكون القلب المجروح الذي يسكنه حباً ميتاً، افضل بكثير من قلب فارغ لم يشعر بقيمة الحب قط.
فيلم يعجز القلم عن وصفه، به الكثير من العبرات، فكل يوم نلهث وراء احلامنا و طموحنا و مستقبلنا و ننسي أن نعيش اليوم و نستمتع باللحظة الحالية، فأن تعيش كل يوم و كل لحظة كأنك ستموت غداً ستجد للحياة طعم آخر قبل أن يفوت الاوان.
و ان الحب كالموت نعجز امامهما، و نقف لا حيلة لنا و لا ارادة، لكن الحب الحقيقي لا يموت ابداً، فقد يموت العاشقين و لكن بيقى الحب في قلوبهم إلى الأبد.
داليا محمد
اقرأ ايضًا:
