الفن
المسلسل التركي "ابنة السفير"..نجاح باهر لدراما رائعة عن قهر المرأة و نظرة المجتمع
عُرضت أمس الحلقة الاولى من المسلسل التركي الجديد و المنتظر "ابنة السفير" من بطولة النجم انجين أكيوريك الشهير بكريم في المسلسل التركي "فاطمة"، و نسليهان اتاجول الشهيرة بنيهان في مسلسل "حب أعمى".
و حققت الحلقة نسب مشاهدة عالية نسبة إلى كونها الحلقة الاولى من المسلسل حيث وصلت نسبة مشاهدة الحلقة إلى تقييم 5.93، أي اقتربت من تقييم 6، ما يُعد نجاحاً كبيراً، بل و اشتعلت مواقع السوشيال ميديا في تركيا و الشرق الاوسط و كل دول العالم فور عرض الحلقة الاولى، حيث احتل هاشتاج اسم المسلسل المركز الـ 30 من قائمة الأكثر تداولاً في مصر عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر بأكثر من 77 الف تغريدة، و المركز الـ 41 في اليونان، و المركز الـ 16 في الأكثر تداولاً بالسعودية، و المركز الثاني في تركيا، و كانت المفاجأة الكبرى تصدر المرتبة الأولى في قائمة الأكثر بحثاً و تداولاً على مستوى العالم بأكثر من 86 الف تغريدة، و ظل في الصدارة لعدة ساعات، ما جعل البعض يطلق على الحلقة الاولى من المسلسل انها تسببت في انقلاب مواقع التواصل الاجتماعي بسبب كثرة التفاعل مع الحلقة بدرجة غير مسبوقة رغم كثرة المسلسلات التركية الجديدة التي عُرضت بالموسم الشتوى الجاري.
و كانت ابرز التعليقات على الحلقة من المتابعين في تركيا : "اعجبني، مبروك لقد نجوت من متابعة الحفرة"، و قال آخر : "حتى ان سامحتك ناره يا سانجار ؛ نحن لن نسامحك".
تبدأ الحلقة بجريمة قتل لا نعرف ما سببها، و لكن بدى واضحاً أن السبب هو محاولة اغتصاب ناره/ نسليهان اتاجول، و التي كانت ملابسها ممزقة و خصلات شعرها غير مرتبة و كانت ممسكة بالسكين الغارق في الدماء و بجوارها جثة الرجل المقتول، و لكن ابنتها الطفلة الصغيرة ملاك رأت كل شيء فأخذت تبكي، لتخبرها والدتها أنها سترسلها إلى والدها في تركيا، و بالفعل تترك الجثة في منزل والدها و ترسل له سلاح الجريمة وملابسها الملطخة بالدماء بالسفارة التي يعمل بها، و ترحل إلى تركيا.
على متن الطائرة تقابل عديز الذي يسألها عن اسمها، و حين يعرف يستغرب الاسم و يخبرها ان هذا الاسم مرتبط بملحمة و قصة حب شهيرة في القرية التي يذهب اليها، حيث عشق اثنان بعضهما منذ سنوات الطفولة، وتزوجا و في ليلة زفافهما تشاجرا، و اختفت العروس بعد ذلك، و لا أحد يعلم عنها شيء، فالبعض يقول انها ماتت، و البعض الآخر يقول أنها سافرت إلى اوروبا، خاصة و انها ابنة سفير.
وصلت ناره إلى بيت سانجار/ انجين اكيوريك والد طفلتها، لتجده يقيم حفل زفافه، و يقبل الزواج بعروسه الجديدة فيخفق قلبها و هي لا تصدق أن يكون استطاع نسيانها و هي حب العمر بالنسبة له، كما فعلت هي و لم تتزوج من بعده.
و لكنها لم تتراجع عن اخباره بأمر ابنته لتقف أمامه، و هو يرقص رقصة الزفاف في مشهد قمة في الروعة و القوة و تخبره أنها احضرت له ابنته، ثم سقطت ارضاً، بعدما انهارت قواها و قدرتها على التحمل، يحملها سانجار بين ذراعيه بنظرات تحمل الحب و الشوق و اللهفة و الغضب، عيناه تلك التي ابتسمت حين وجد حبيبته المفقودة أمامه فاجأة بعد غياب 9 سنوات، لسانه الذي تردد في قبول العروس الجديدة بسبب حبه الكبير الذي مازال ينبض به قلبه رغم كل شيء.
و لكن رغم كل هذا الحب لم يصدقها و فور استيقاظها امسك بها من ذراعها و القى بها خارج قصره، و رفض أخذ ابنته حتى حين قالت له أن يقوم باختبار الحمض النووي، رغم جرحها منه و وقوفه أمامها يشكك في ابوته للطفلة، هذا الحبيب الذي اصبح فاجأة عدو، حب العمر، الطفولة و الشباب فاجأة اصبح لا يصدق حتى انه اباً لابنة تلك المرأة التي عشقها حتى الثمالة، و لكن ما السبب الذي فرق الحبيبن و جعل منهما أعداء لهذه الدرجة ؟ ما الأمر الذي جعل سانجار يفقد الثقة بحبيبته بهذا الشكل ؟ ما الشيء الذي حول حب العمر إلى ذكرى سيئة كلا الحبيبين يحاول نسيانها و انكارها ؟ ما الأمر الذي جعل الحبيبان يفترقا في ليلة الزفاف و يعشيان هذا الألم الكبير، و انعدام الثقة بينهم ؟
نعرف السر في نهاية الحلقة، فقبل 9 سنوات حيث تم اغتصاب ناره من شقيقها بالتبني أكين، و لكنها أخفت الأمر عن حبيبها سانجار لأنها تعرف أنه متهور و سريع الغضب، بل و غضبه أعمى فقد يتركب جريمة إذا عرف الحقيقة، كما أن والد ناره لم يصدقها كونه ربى الابن اكين معه و لا يصدق ابداً انه من الممكن أن ينظر لابنته نظرة غير بريئة، فصمتت الفتاة و كتمت سرها و ألمها بين ضلوعها، و استرقت السعادة مع حبيبها سانجار الذي كلما ذكر أمامها موضوع الزواج يبدو الاضطراب عليها، و الارتباك الشديد، خوفاً من أن يُكتشف أمرها، و بالفعل تتزوج ناره من سانجار، و في ليلة الزفاف يكتشف سانجار ان ناره ليست عذراء، فيشتعل قلبه و غضبه و يظن بها السوء، و ان ناره خانت حبها الطفولي و وعدها بأن تكون له وحده، خاصة و انها تربت في الخارج و لا تتمسك بعادات و تقاليد بنات القرية، لكن ناره تقسم له انها لم تخنه، و تقص عليه ما حدث و أن أكين فعل ذلك قسراً، و لكن تأتي المفاجأة أن سانجار حبيبها منذ أن كانا في الحادية عشر من عمرهما، الذي يعرفها أكثر من نفسه، هو ايضاً لم يصدقها، فتخبره انها خافت أن يصبح قاتلاً و مجرماً و أنها خافت على مستقبله، و لكنه لم يصدقها، أخذت تقسم و تتوسل، و الدموع تمزق خديها و ألم الموقف يعتصرها أن تكون موضع اتهام من حبيبها و أن يتهمها بالخيانة و كأنها فتاة ليل و ليست من عائلة محترمة، و لكنه لم يصدقها، قصت عليه أن والدها كذبها و شرحت له أنه أملها الوحيد الآن و كل ما تبقى لها في الحياة، لكنه ايضاً لم يصدقها، ليلقي بها خارج الكوخ الذي تزوجا به، و يغلق بابه في وجهها، و لكنه ليس مجرد باب كوخ، و انما باب قلبه و عقله و ضميره، كان قاسياً لدرجة لم تتوقعها حبيبة من حبيبها، فكل ما يهمه انها أخفت عنه الحقيقة، لكن لا يهمه معاناتها و ما حملته بين ضلوعها، لم يهمه تلك الفتاة التي ستنفضح ليلة زفافها بطرده لها هكذا، لم يهمه سمعتها التي اصبحت سيرة على لسان الجميع بعد ما فعله بها، لم يرحم دموعها و توسلاتها، و ضعفها و قلة حيلتها، فحتى إذا كان لم يستطع التألقم مع هذا الوضع و مسامحتها على خطأ دون ارادتها، فهذا ليس اجبار عليه، و لكن ما هو الزاماً عليه أن لا يفضح امرها هكذا، و أن ينتظر فترة ثم ينفصل عنها في هدوء، و لا يجعل شرفها و عرضها حكاية يتحاكي بها الجميع.
مازال قلب سانجار المحب يميل لتصديق ناره، ربما شعر أنه ظلمها و كان عليه أن يستمع لها و يصدقها، و لكن كبريائه يمنعه من ذلك، لكنه ذهب لعمل فحص الابوة، ليتأكد ان الطفلة ابنته، ثم يلوم ناره عن اخفائها ابنته عنه كل تلك السنوات، و يأخذها منها، و تودع ناره طفلتها بكلمات حاره و دموع اذابت قلوب المشاهدين، و أخذت تشرح لطفلتها معنى الحرية الصحيح بأنها لا تعني أن يفعل المرء كل ما يريد، بل أن لا يفعل كل ما لا يريد فعله، كلمات تؤكد على شرف ناره و عفتها، و أن ما حدث لها كان بالفعل قسراً، خاصة بعدما بدأت تتذكر قتلها لأكين و هو يخبرها بحبه لها و انها فضلت عليه سانجار و هي تحاول الافلات منه، لكنه اصر على مهاجمتها، لتمسك بسكين الفاكهة و تقتله، و هي تردد "لا يمكن هذه المرة"، و اتسغلت وجود الكاميرا في المنزل و وقفت تخبر والدها بما حدث، بعدما تخلى عنها الجميع و لم يصدقها أحد، لتؤكد له تلك المرة صدقها بالأدلة، و تخبره أنها ستنجح تلك المرة في اثبات برائتها و صدقها.
في الوقت الذي يحاول فيه سانجار التودد من ابنته، بل و يتخذ منها حجة للهروب من زوجته التي لا يحبها، و يأتيه صديقه غديز و يخبره بأن ناره ستنتحر بعدما سلمته طفلتها، فيهرع الجميع خلفها، لمحاولة انقاذها، ليجدونها تقف على حافة الجبل الذي القت نفسها منه في ليلة زفافها، و لكن لم نعرف كيف انها مازالت على قيد الحياة، كما انها الغت الخطوة الاخيرة التي اشارت فيها بانتحارها في مفكرة مذكراتها.
مسلسل "ابنة السفير" دراما رائعة تناقش قضية القهر و الظلم التي تتعرض له المرأة من الرجال من اغتصاب و تعنيف و عدم تصديق لها، و نظرة المجتمع لها كساقطة و ليست كضحية و مجني عليها، سانجار لم يفكر إلا في رجولته و كرامته المجروحة و المهانة، و أن تلك المرأة حاولت خداعه، و كي يرد الاهانة طردها في ليلة الزفاف بلا رحمة، ليزيد من ألمها و جرحها، إذا قتلت امرأة رجل للدفاع عن شرفها يقول عنها المجتمع انها قاتلة، و إذا قامت بالابلاغ عنه يقولون عنها الاقاويل و كيف لها أن تفضح نفسها بهذا الشكل، و إذا صمتت و حاولت تدارك الأمر و أكتشف أمرها بعد ذلك، لا يصدقها أحد و يظن الجميع انها فعلت بارداتها، فماذا تفعل المرأة بحق السماء في هذا المجتمع الظالم ذو العقول المتجمدة و المتعفنة ؟
هذا المسلسل هو الثاني في مسيرة انجين اكيوريك الذي يتحدث عن معاناة المرأة و يناقش إحدى قضاياها الحساسة و الشائكة و هي فضية الاغتصاب، و لكن تلك المرة انجين يتخذ دور المتخلي عن الحبيبة المغتصبة و ليس من يقف بجانبها مثل مسلسل "فاطمة"..و لولا أنه كان أحد المشاركين في جريمة الاغتصاب و رأى بعنيه كل شيء و شعر بالذنب تجاه فاطمة، ربما ما كان وقف بجانبها هو ايضاً، و كان انضم لبقية الظالمين الذين ينظرون للمرأة المغتصبة تلك النظرة المتعسفة القاسية.
داليا محمد
اقرأ ايضاً: