اهم الاخبار
الثلاثاء 23 أبريل 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

بأقلامهم

نور الشيخ يكتب: الانتقام.. والتنمية البشرية

نور الشيخ
نور الشيخ

مشهدين توقفت عندهما ولم أصدق نفسى، بعد أن اكتشفت أنهما متطابقين تماماً، وأعلم جيداً أن ما يثار هنا في هذا المقال قد يكون ضربا من الجنون، ولكنها متعة التأمل.

المشهد الأول هو مشهد الانتقام في الأفلام والمسلسلات بالطبع الأجنبية أولاً لأنها صاحبة السبق والقدوة للسينما المصرية،  فمشاهد الانتقام مع اختلاف أشكالها وأدواتها وإخراجها ولكنها جميعاً تتفق في أن الانتقام يأتي بعد الخسارة، سواء كانت خسارة أبناء أو زوجة أو أهل أو حرب أو مباراة، فكرة الانتقام في حد ذاتها قائمة على تعويض الخسارة، مما يعنى ضرورة وجود خسارة في المقام الأول وبقدر الخسارة يكون قدر الانتقام.

وبالطبع تتبارى الأفلام في رسم علميات الانتقام بحرفية وإبداع فيكون له محبين ومريدين، ولكن ليس هذا بيت القصيد .......  بيت القصيد في ترسيخ فكرة إضاعة الفرصة الأولى أمر عادى جداً ولا توجد فرصة أخرى بل يوجد انتقام بصرف النظر أيضاً عن ماهية الخسارة فقد يخسر البطل أبناءه من جراء دفاعه عن الحقيقة والحق والعدل إلخ فلا مجال هنا للفرصة الثانية فقط للانتقام، ولا مجال أيضاً للقانون!!!!!! فالقانون في كل الأفلام السينمائية لا يتمتع بالعدل ولا يحقق القصاص العادل من وجهة نظر المؤلف والمخرج.

ليس ما يستقر في العقل اللاوعي للمشاهد هو مشاهد الانتقام بل ما يستقر هو فكرة الخسارة ووجود انتقام وليس الخسارة ووجود فرصة أخرى أو فكرة النجاة والفوز من أول محاولة.

وبالتالي تكون فكرة الانتقام هي البديل الأمثل عن الإخفاق في أي أمر، وأيضاً يصبح الإخفاق أمرا طبيعيا جداً في ظل وجود فكرة الانتقام، وكان من الأفضل أن يتبارى المخرجون والمؤلفون في كتابة سيناريوهات حول الإصرار على النجاح أو الإصرار على الفوز أو الإصرار على النجاة، فتكون هنا السنيما أحد عوامل التنمية البشرية، التي تهدى البشرية إلى خير السبيل.

ولكن ما أوجه التشابه بين التنمية البشرية وعمليات الانتقام، فعلم التنمية البشرية كما حدثونا عنه وكما فهمنا هو علم يختص  بتطوير مهارات الإنسان، وقدراته حتى تمكنه من الوصول بمجهودهِ إلى الارتقاء بمستوى مرتفع من الإنتاج والدخل، فكانت هذه الجملة مدخل من مداخل الرزق للكثير من المدربين ومدخل للعقل اللاوعي للكثير من المتدربين الذين ظنوا كل ما يقال في هذه المحاضرات لابد وأن يصدق لأنه بالضرورة صحيح وبالضرورة سيكون سبب للتغير .

ولكنى توقفت عند مقولة "إذا ابتسم المهزوم أفقد المنتصر لذة الهزيمة " ولا أعلم حقاً من قائلها الأصلي ولكنها أشهر أقاويل التنمية البشرية، أشهر ما قيل عن الهزيمة أشهر ما قيل عن إضاعة الفرصة والعبث وأشهر ما قيل عن إضاعة الفرصة الثانية أيضاً.

لماذا هذه المقولة هي الأشهر والأكثر استخداما، هل لأنها تجعل المهزوم في حالة كذب مع النفس بمجرد أن يبتسم في وجه المنتصر، ومن القائل أن المنتصر ينظر الى وجه المهزوم بعد أن يحقق مراده، ومن القائل ان لذة النصر في أن أرى المهزوم يبكى، لذة النصر في النصر نفسه في تحقيق الهدف في النجاح من المحاولة الاولى والنجاح بشكل عام فهل إذا ابتسم في وجهى المهزوم هل هذا سيقلل من نصرى في شيء أم سيزيد المهزوم من شيء... إطلاقاً ولكنها مقولة سامة ترسخ أيضاً لفكرة سهولة التفريط في المحاولة الأولى أو النصر  والتعويض ينحصر في الابتسامة فبمجرد أن تبتسم ترى النجاح مرة أخرى يفتح ذراعيه لك.

هذا هو مقدار التشابه بين التنمية البشرية والانتقام، مقدار يجب التوقف عنه بالتحليل والفحص والفرز، فتلك المقولة السامة وهذه المشاهد الانتقامية الفجة كلاهما يخاطب اللاوعي، وكلاهما يرسخ للتساهل في الفرصة الأولى، كلاهما يقر بعدم جدوى الفرصة الثانية، كلاهما يقرر بالانتقام كَحلْ أمثل بعيد عن القانونيات وبعيدا عن الإصرار حتى بعيدا عن الهدف الأساسي ألا وهو النجاح وعدم التفريط في الفرص.

أعمال السينما والدراما تخاطب العقل اللاوعي بدء من أفلام الكارتون حتى أفلام الخيال العلمي كذلك التنمية البشرية تعمل على العقل اللاوعي، فاحرص على انتقاء المؤثرات التي تدفعك اما للنجاح وأما للابتسام في وجه المنتصر، اما النجاة أو الخسارة والانتقام.

كاتب المقال.. امين التدريب والتثقيف بحزب الحركة الوطنية المصرية والخبير الأمني المتخصص في الحرب النفسية والشائعات

اقرأ أيضا خلال احتفالية الحركة الوطنية بـ "مبادرة أتعلم وأتدرب".. نور الشيخ: تخرج 1225 متدرب بالمرحلة الاولي بالفيديو.. الحلقة الثالثة من برنامج نور الشيخ عن حرب الشائعات