اهم الاخبار
الإثنين 12 مايو 2025
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

الفن

مسلسل بلا دليل..سيناريو عالي المستوى في قالب درامي تقليدي يفتقد عناصر الابهار

مسلسل بلا دليل
مسلسل بلا دليل

انتهت حلقات مسلسل "بلا دليل" بطولة درة  و خالد سليم  الذي ينتمى لنوعية السوب اوبرا و يتكون من 45 حلقة، و لم يحقق المسلسل نجاحاً ملموساً، رغم قوة السيناريو، و سنستعرض اسباب عدم نجاح المسلسل في السطور التالية.

يتكون الخط الدرامي للمسلسل من إطار درامي تشويقي غامض حول جريمة قتل شهدتها أحداث الحلقة الأولى بهدف منع نشر  فيديو يفضح عدد من رموز الفساد ويسيطر علي الأحداث طابع الغموض والإثارة.

تدور قصة مسلسل "بلا  دليل" حول مجموعة اصدقاء منذ ايام الجامعة ، و هم درة / حبيبة عازفة الهارب المتزوجة من عمر / خالد سليم موظف البنك و تيمور / نيقولا معوض ابن رجل الأعمال و يشارك والده في  أعماله غير المشروعة، و  طارق / حازم سمير  يعمل مع عمر في نفس البنك، و ليلى / مها نصار تعمل مع عمر و طارق بنفس البنك ، و أخيراً كوكيو / محمد لطفي شاهين المدمن و  تاجر المخدرات ابن المحامي الشهير.

و تبدأ الاحداث بقرار تيمور أن يحكي كل ما يعرفه عن الفساد الذي شارك فيه مع والده و اصدقائه، بعدما رفضت حبيبة الزواج منه و فضلت عليه عمر ظناً منها أنه افضل منه لانها اكتشفت ان تيمور هو قاتل زوجها الأول الذي كانت تعشقه و تسبب في يتم ابنتها، فقرر تيمور أن يفضح كل رموز الفساد و تصوير فيديوهات ليرفعها على اليويتوب، و لكن يختفى الفيديو فجأة و يُقتل تيمور، و تدور الاحداث فيما بعد في دائرة الشبهات و يبدأ الشك في كل الاصدقاء خاصة بعدما وُجدت جثة تيمور مدفونة في الشاليه الخاص بعمر و المكان الذي يعرفه الاصدقاء فقط و كانوا يقضون فيه سهراتهم، الجميع لديه عداوة مع تيمور، الجميع  لديه فضائح يخشى أن يكشفها تيمور في فيديوهاته، الجميع تشاجر مع تيمور قبل وفاته بدقائق، الجميع تغيب عن الحفل الذي قُتل به تيبمور لوقت طويل..إذاً من القاتل ؟

يظل المشاهد حائراً و يشك في جميع الاصدقاء إلى أن تظهر الحقيقة في الحلقة الاخيرة و نعرف أن شقيق حبيبة هو القاتل و الشخص الوحيد  الذي كان خارج دائرة الشبهات، لنجد أن عمر اكثر الشخصيات التي كانت تحوم  حولها الشبهات يتضح انه الوحيد المظلوم بين الجميع و ضحية الجميع، و تنتهي أحداث المسلسل بالقاء القبض على شقيق حبيبة المتهم الأول، و طلاق عمر لحبيبة رغم حبه الكبير لها بعدما اكتشف انها لن تحبه يوماً و لن تخلص له و يسافر خارج البلاد، و ترفع حبيبة فيديوهات تيمور عبر اليوتيوب و يتفرق الأصدقاء ليمضي كلاً منهم في طريقه بعيداً عن البقية.

المسلسل كان شبه مكتمل العناصر و الاركان فاعتمدت المؤلفة إنجي علاء على صنع سنياريو يجذب المشاهد وحوار يثير الجدل كما أنها أضافت لكل حلقة حدثاً جديداً يجعل المشاهد يستمر بالمشاهدة لليوم الذي يليه، إضافة إلى عدم وجود مشاهد فارغة يمكن الاستغناء عنها فأغلب المشاهد لا يمكن حذفها لأهميتها بداخل الأحداث ومن هنا نعرف أهمية السيناريو فلم يكن السيناريو فارغ كما نرى بأغلب المسلسلات التي تعتمد على الحشو من أجل زيادة عدد الحلقات بل كان ذو أهمية كبيرة، ليس هذا فحسب،   بل اعتمدت إنجي علاء على خلق شخصيات محورية كثيرة، تلك الشخصيات لم تثبت على حالها طوال الوقت فهي في تغير دائم ومستمر خلال دقائق الحلقات فيوم بعد يوم يجد المشاهد حقائق كانت غير مرئية له ويجد الطيب هو الشرير والعكس أيضاً صحيح، المسلسل له رسالة قوية و مهمة،  فدائماً ليس كل ما تراه حقيقياً فالحقيقة الكاملة لم تظهر حتى الآن، و لا تحكم على الأشياء بعينك فنحن أمام أحداث بلا دليل.

رغم ان المسلسل لم يحظ بنجاح كبير أو نسب مشاهدة عالية، إلا أنه عمل جيد و  متماسك ذو حبكة درامية مميزة، و لكن تكمن عيوبه في الأداء الباهت لمعظم الممثلين على رأسهم درة التي لم تستطع ابداً أن تجسد التناقضات التي تعج بها شخصية حبيبة، فهي شخصية معقدة للغاية، تحاول قتل تيمور و تطلق عليه الرصاص و تقوم بسحبه على الارض و دفنه اسفل الارضية و تلقي عليه حفنة من قطع الفحم للتقليل من الرائحة، ثم تضع عليه الارضية و وتغلقها بالمسامير، و تقوم بتنظيف الدماء جيداً، و لا أحد يكتشف جريمتها، تترك زوجها عمر يتعرض للسجن و الاهانة و الاتهام بجريمة لم يفعلها، و تظل صامتة إلى ان تعثر التحقيقات على دليل ضدها فتضطر للاعتراف بجريمتها، ثم ينقذها حسين الذي تربطها به علاقة عاطفية رغم كونها متزوجة، و يعترف انه القاتل الذي اطلق الرصاص هو الآخر على تيمور ، و لكن تكشف التحقيقات أن تيمور من الاساس لم يمت من تأثير الرصاص بل أن قلبه  كان متوقفاً قبل ذلك بلحظات بعدما مات مسموماً و ليس رمياً بالرصاص، المهم في كل ذلك أن حبيبة اعترفت بقتلها لتيمور لانه قتل زوجها الأول و يتم ابنتها، فانتقمت منه، و تسمي هذا بالوفاء في حين أنها لا تعرف معنى الوفاء على الاطلاق فهي رغم زواجها من عمر، تفكر في الانتقام لزوجها الاول، و تقابل تيمور لعدة مرات بدون علم زوجها لتطلع على  الفيديوهات الذي كان تيمور يقوم بتسجيلها في وجودها، بل و تدخل في علاقة عاطفية مع شخص آخر(حسين)، و هي متزوجة ثم تطلق على نفسها لقب الوفية، و لكن درة فشلت في تجسيد كل هذه المشاعر المتقلبة و افقدت الجمهور متعة المشاهدة ببرود مشاعرها و ترديدها لجملها الحوارية بدون أي احساس أو تقمص.

فيما كان خالد سليم و نقولا معوض هما الافضل بين كل ابطال العمل، حيث  تميز آداء خالد سليم  بالهدوء التام في أغلب المشاهد حتى بمشهد اتهامه بقتل "تيمور" فتميزت الشخصية بثبات انفعالي كبير يغلب عليه الذكاء والخدعة تجعل المتفرج في حيرة من أمره فرغم وجود أكثر من دليل حوله إلا أنه لم ينهار بعد مواجهته بجريمة القتل، هذا الآداء الذي ساهم بشكل كبير في خلق الكثير من الحيرة حوله والعجيب في الأمر أنه خلق الكثير من التعاطف أيضاً فعمر ضحية إهمال حبيبة له التي تهرب منه طوال الوقت بحجة الانشغال بأشياء أخرى، لذا أصبحت شخصية "عمر" وهو المتهم الأول محور الجدل بين المشاهدين فالبعض يتهمه بالقتل وآخرين  ينفون عنه هذه الجريمة والمتبقي يتعاطف معه في أغلب الأوقات حتى و ان كان قاتلاً مبررين قتله لتيمور كونه يغار على زوجته منه لأنه يعلم جيداً أن تيمور عاشقاً لحبيبة منذ ايام الجامعة.

 أما نقولا معوض / تيمور كان بمثابة المرآة العاكسة والكاشفة لأفعال الاصدقاء الحقيقية وهو الشخصية التي تعري وتكشف خبايا جميع الشخصيات وكأنه "كورال" المسرحيات الإغريقية الذي يعلق على الأحداث ويكشفها بعد كل مشهد، عبر من خلال صوته أكثر من تعبيره من خلال تمثيله وذلك لعدم ظهوره في مشاهد تمثيلية كثيرة لكن الجمل الحوارية التي كان يظهر بها في كل حلقة كانت بمثابة الحلقة المفقودة للجمهور.

كذلك كانت مها نصار التي جسدت دور ليلى مميزة في أدائها، فكانت طبيعية للغاية و تلقائية جداً و قامت يتجسيد شخصيتها بصدق  و مهارة دون مبالغة في الأداء أو تصنع.

كان الحوار مميز حيث استخدمت الكاتبة انجي علاء جمل حوارية قصيرة و معبرة في الوقت ذاته، فيما جاءت الاضاءة خافتة للغاية، و مظلمة في كثير من المشاهد، و كان الاخراج جيداً.

الشيء الوحيد الذي اثار انتباهي و جعلني اكتب هذا المقال هو فكرة المسلسل الرئيسية، فالمسلسل أحداثه تدور في اطار تقليدي للغاية و الفكرة المكررة دائماً في الدراما المصرية و التي تم طرحها هذا العام فقط أكثر من مرة، فجميع حلقات المسلسل تتطرح تساؤل واحد و هو  "من قتل تيمور" ؟ كما كان السؤال نفسه في مسلسل "زي الشمس"، مع تغيير الاسم حيث كان "من قتل فريدة"؟ كذلك مسلسل "قابيل" و مسلسل "كلام على ورق" الذي تم تقديمه منذ عدة سنوات، و مسلسل "اهل كايرو" و "المرافعة" و "عوالم خفية" و "امرأة في ورطة" و "الصياد" و "الإكسلانس"، كذلك مسلسل "لعبة ابليس"، فجميع تلك الأعمال كانت تدور كل حلقاتها حول من القاتل ليتم الكشف عنه في الحلقة الأخيرة، أو يتم الكشف عنه في منتصف أحداث المسلسل و تدور بقية الأحداث عن كيفية الايقاع بالقاتل بعد الكشف عنه مثل مسلسلي "قابيل" و "الصياد".

لذلك انخفضت نسب مشاهدات المسلسل بشكل كبير فما الذي يجعل المشاهد يتابع 45 حلقة لمعرفة من الجاني و هو على يقين انه لن يعرفه إلا في الحلقة الاخيرة، فتلك التيمة اصبحت محفوظة لدى المشاهد المصري، و فقدت بريقها و متعة مشاهدتها لديه، خاصة انها اصبحت مكررة عليه كل عام في السنوات الاخيرة، فالفكرة تقليدية للغاية لا جديد بها، ربما يكون السيناريو استطاع خداعنا و تفاجأ الجميع بالقاتل بالفعل، و لكن  كان القاتل الحقيقي ليس لديه دافع قوي لقتل تيمور ما جعل المشاهد يشعر أنه دخيل على الأحداث، و ان هذا الحدث كان فقط لخداع المشاهد، على حساب المنطق و سير الأحداث.

لماذا لا  يتم طرح هذه النوعية بطريقة جديدة و مبتكرة في الدراما المصرية، فمثلا نجد فيلم " Fracture" تدور أحداثه حول جريمة قتل، و لكن من زاوية مختلفة تماماً، فالصراع هنا يدور عن كيفية اثبات الجريمة على المتهم بعدما تلاعب بالادلة الجنائية  و القرائن لاسقاط التهمة عنه، فرغم اعتراف الزوج بقتله لزوجته لكن ينقص المحقيقن الدليل القاطع لادانته، فعندما تشاهد بداية الفيلم يُخيل اليك انه فيلم عادي، و لكن شيئاً فشيئاً تتعقد الامور و تتشتت الادلة، القاتل معروف منذ اللحظة الأولى للمشاهد فكاتب السيناريو اعفانا من صداع الرأس و من كثرة التفكير و تفريق اصابع الاتهام على الجميع، و لكن كان السؤال هو كيف سطرالقاتل كل الخطوط لينجز الجريمة الكاملة التي لا ثغرة بها؟

كذلك فيلم " Law Abiding Citizen" الذي يجعل المشاهد يضرب كفاً بالآخر و  يجن جنونه من تساؤله طوال الوقت كيف للقاتل أن يرتكب جرائمه و هو مسجوناً بين اربعة جدران ؟

هنا يبدأ تميز الفيلم فالمنتقم لن ينتقم باسلوب رعاة البقر التقليدي أن يدور ببندقيته الكبيرة مطلقاً رصاصه بشكل عشوائي بل يستعمل عقله الفذ فهو مهندس الكترونيات ناجح سخر جميع معرفته للانتقام بطريقة مرعبة من القاضي و مكتب الادعاء العام و محامي الدفاع .

كذلك عرض مسلسل "ريا و سكينة" من بطولة عبلة كامل و سمية الخشاب الفكرة بشكل جديد و مبتكر، فالمشاهد يعرف القتلة جيداً و يتابع على مدار 35 حلقة جريمة تلو الأخرى، بل و كل الجرائم تتشابه في طريقة تنفيذها و اخفاء اثارها، و لكن ما يجعل المشاهد لا يمل من المسلسل و يستطيع متابعة العمل بشكل يومي دون ملل،  هو انتظاره لكيفية الايقاع بتلك العصابة الاجرامية التي احترفت القتل و اصبح مصدر رزقها، في عصر لا يوجد به تحليل الحمض النووي، أو كاميرات مراقبة يمكنها رصد القاتل أو هاتف محمول يمكن تفريغه للحصول على معلومات و لا أي شيء متطور يمكن أن يساعد الشرطة في الايقاع بالعصابة،  و يبقى الاعتراف هو الدليل الوحيد على ادانة المتهمين، ليكون السؤال هنا كيف ستنتزع الشرطة اعترافات تلك العصابة المحترفة ؟ و كان المسلسل أكثر من رائع بالطبع، جميع الممثلين كانوا في حالة تألق غير عادية، خاصة الرائعة عبلة  كامل، حيث خرج المسلسل بشكل مبهر و لا يمل المشاهد منه و يشاهده للمرة العاشرة كاملاً بنفس الشغف و كأنه يتابعه لأول مرة.

داليا محمد

اقرأ ايضاً:

للعام الثاني.. الموسيقار عمر خيرت يعزف أشهر مقطوعاته بحفل مهرجان “شتاء طنطورة”

بالفيديو.. الفنان محمد هيندي يحتفل بالعام الجديد بطريقة كوميدية.. والجمهور “شكلها كده والله”

المسلسل التركي “الحمامة”..دراما ليست جديدة بأجواء مبهرة حققت نجاح كبير