اهم الاخبار
السبت 27 أبريل 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

الفن

المسلسل التركي "منزلي".. دراما نفسية متقنة تحلق خارج السرب

بدأ يوم الاربعاء الماضي عرض الحلقة الاولى من المسلسل التركي "قدرك هو منزل ولادتك" او بالاختصار كما يطلق عليه  "منزلي"، من بطولة ديميت أوزدمير و ابراهيم تشليكيول، و حققت الحلقة الأولى من المسلسل نسبة مشاهدة وصلت إلى 4.44، ما يُعد نسبة مشاهد جيدة كون المسلسل مازال في حلقته الأولى، و لكن الحلقة الثانية ستكون هي الاكثر تحديداً لمصير المسلسل و نسبة نجاحه.

تبدأ أحداث الحلقة الأولى من المسلسل بمونولوج طويل في الافتتاح،  حيث تروي ديميت أو زينب قصتها المعقدة و يبدو أنها في جلسة نفسية، وفي سرد لاحق للماضي، تتحدث زينب عن كم المعاناة النفسية التي تعانيها بسبب  الحياة المتقلبة التي تعيشها و الضغط الذي تعانيه من الجميع، فزينب الطفلة التي تعاني مع والدتها ساكنة التي تعمل خادمة في البيوت و شقيقها المريض الذي يمتهن أعمال شاقة ، و والدها الذي يلعب القمار و  يشرب الخمور، لا يهنيء تلك الاسرة على قرش واحد، يستحل عرقهم و  تعبهم ليلعب به القمار و  يشرب الخمور، حتى يتوفى شقيق زينب من الاهمال و الارهاق و عدم وجود رعاية صحية،  بل و  هربت ابنتهم الكبرى ذات الـ15 عام من عمرها مع أحد الشبان و تزوجته  لتفر من جهنم التي تعيش فيها مع هذا الاب القاسي الجاحد الذي لا يعرف معنى الابوة، الذي اخرج زينب من المدرسة لتساعد والدتها في عملها و تكسب مزيد من النقود، و لكن السيدة نرمين التي تذهب اليها ساكنة تعرض على تلك الاسرة الفقيرة عرضاً مغرياً، و لكن هل مهما كان العرض مغرياً يمكن التضحية بابنائها من أجله؟

حيث تعرض عليهم أن تتبنى زينب،  خاصة انها لا تنجب لتعلمها و تتكفل بها، في مقابل مبلغ من المال شهرياً، يمكنها  من الانفاق على نفسها و زوجها السكير، توافق الأم ساكنة على مضدد خوفاً من أن يصيب ابنتها المتبقية مكروه بسبب هذا الأب اللعين، كما أن الأب قال لساكنة لنتخلص من هذه الطفلة..فتلتصق هذه الكلمة باذن زينب للأبد، و تشعر أنها غير مرغوبة، اختارت عائلة زينب التضحية بها أيً كان السبب و لكن لم يسألها أحد هل تريد  ذلك ؟ ما الذي ترغبه تلك الطفلة المسكينة، ليس مهماً ؟ فقد تجاهلوا دموعها، و لم ينظروا خلفهم حتى و حين تصبح  شابة يافعة يحاسبونها على تقصيرها في حقهم، ألم تقصروا أنتم من قبل، ألم تبيعوا ابنتكم ؟ الآن تذكرتم ابنتكم بعدما جعلتم غيركم يربيها و يعلمها و ينفق عليها، و يكونا اباً و أماً بحق.

بعد مضي اثنتي عشرة عام، أوضحت لنا زينب كم كانت مرتبكًة عندما ذهبت إلى منزل والدها الذي انجبها، و للعلم هو انجبها فقط، لم يربي  او يعلم أو ينفق، بل كان رجلاً لا يستحق ابنائه و لا يستحق أن يكون اباً.

زينب حاولت أن تكون سعيدة في حياتهاالتي رآت فيها فرصة ثانية، كان أمر تخلي والديها عنها محبطًا وقاسيًا، فكل طفلة تريد أن يكون والديها الحقيقيان هما مصدر الحب و العطف و الحنان، و لكنها حاولت أن تعيش حياتها و تستمتع بما بين يدها تاركة في الحي القديم  آلامها و أحزانها خلفها، لتكمل تعليمها و تصبح  محامية كما كانت تحلم.

و لكن هل يمكن للانسان أن ينسى أصله و عائلته التي انجبته، حيث يعرض ابن احد الاثرياء صديق والد زينب بالتبني عليها الزواج في حفل عيد ميلادها، و حين جاءت والدتها السيدة ساكنة لتهنئتها بعيد ميلادها يظن خطيب زينب أنها المربية الخاصة بها، فتصمت زينب مستنكرة لوالدتها الحقيقية لا تعرف ماذا تقول، و لكنها كادت تنطق بالحقيقة إلا أن والدة زينب السيدة ساكنة تبادر و تصدق على كلامه و تقول أنها بالفعل المربية الخاصة بزينب، و تذهب، فتهرع زينب خلفها لمصالحتها و الاعتذار منها على تنصلها منها أمام خطيبها الثري، فتلقي الأم على مسامعها الكثير  من الكلمات الجارحة فور معرفتها بأمر الخطبة دون علمها و تطلب من ابنتها مصارحة خطيبها بالحقيقة، و لكن زينب لم تخبره بشيء و ابتعدت عنه، دون اخباره بالأمر لانها لا تريد أن تنحني أمامه أو أن تشعر بالنقص أمام الرجل الذي تحب.

في  حين طلبت من السيدة نرمين و السيد أكرم والدها اللذان  تعيش معهم أن تذهب للعيش مع اسرتها الحقيقية لعدة ايام لارضاء والدتها الغاضبة منها و التي تتهمها بنسيانها و تعمد تجاهلها من أجل الثراء الذي تعيش فيه مع اسرتها بالتبني، فتنفعل عليها السيدة نرمين  وتتهمها بنكران الجميل و انهم يحبونها من قلوبهم و لم يجبرون اسرتها ان تتخلى عنها، كما يغضب عليها السيد أكرم بشدة و يطردها من بيته و يقسو عليها كي تعرف قيمتهم و تعود لهم بعدما تشعر بالفرق بين الحياة معهم و مع اسرتها الحقيقية.

و تفرض السيدة ساكنة على ابنتها زينب أن تتزوج من  مهدي مكانيكي السيارات و الذي تقابلت معه زينب من قبل ليصلح لها عجلات السيارة، و تصر ساكنة على ذلك لتضمن بقاء  ابنتها بالقرب منها، و لتسكن معها في نفس الحي، فترفض زينب في البداية لكنها توافق أخيراً من أجل ارضاء والدتها وتتزوج بمهدي بشرط أن تكمل دراستها و يوافق على شرطها.

مهدي أو ابراهيم تشيليكول يعاني هو الآخر من تحكم والدته به و فرضها رأيها عليه في كل شيء، تتدخل باصغر و أدق تفاصيل حياته، بالطبع خوفاً عليه، و لكنه أصبح رجل مكتمل الرجولة و كبير الحي ايضاً و لتحكمها الزائد ترك مهدي دراسته بالجامعة، ليعمل و ينفق على اسرته عنداً بها، كما انه يصر على أخذ ثأر والده ، و يرفض الزواج بشدة، فتذهب والدته و  تتحدث مع  والدة زينب بأمر الزواج دون علمه، ليتسبب هذا في مشاجرة كبيرة بينهم تدخل على اثرها للمستشفى فيوافق على زينب، من أجل ارضاءها كما انه معجباً بها من الاساس منذ أن اصلح لها سيارتها،  فماذا سيحدث بعد الزواج بين زوجان غير متكافئان بالمرة، فمهدي كل ما يريده أن ينفق على اسرته ليس له طموح بالثراء أو بالتعليم، فيما  أن زينب فتاة طموحة تريد ان تصبح مميزة، و ناجحة و أن تحافظ على المستوى الذي تربت فيه، زينب اعتادت ان يخدمها الجميع، لا يمكنها أن تخدم مهدي و اسرته، و أن تكمل حياتها في بيت متواضع بعدما عاشت في قصر كبير، لا يمكن ان تعتاد على الذهاب بوسائل المواصلات العادية بعدما اعتادت أن تخطو كل خطوة بالسيارة الفارهة، فضلا عن أن زينب من  الاساس لا تحب مهدي، بل كان زواجهما زواجاً تقليدياً، ليصطدم الزوجان بالاختلاف الكبير بينهم، و تكون نتيجة هذا الخلاف هو الاضطراب النفسي الذي ستعاني منه زينب و يضطرها الذهاب في جلسات علاج نفسي.

في الحقيقة أن المسلسل جيداً جداً و مميز بعيداً كل البعد عن الدراما التركية المعتادة، من الرومانسية المفرطة، أو زواج الاجبار الذي يتحول لحب كبير، فهو ليس دراما اجتماعية عادية و لكنه دراما نفسية بحتة و معقدة للغاية تحتاج إلى تركيز شديد لفهم  رسالتها جيداً، فتناقش الزواج التقليدي و صراع الطبقات، و تطرح تساؤلات هامة مثل : هل يمكن للانسان أن ينسى أصله، أم ان الاصل يعيش داخل الانسان و يلازمه كظله و لا يفارقه ابداً ، هل يمكن أن يتحول هذا الزواج التقليدي إلى حب وسط كل هذه الاختلافات و الاضطرابات النفسية التي يعاني منها الزوجان ؟

أدهشني أداء ديميت أوزدمير الرائع في العمل، فقد قامت بتوصيل كل المشاعر المضطربة التي تعاني منها الشخصية بعيداً عن التكلف و الافتعال أو المبالغة، فكان أدائها هاديء بصوتها المبحوح و نظراتها الحائرة لتقدم لون درامي جديد غير الكوميديا بنجاح منقطع النظير.

كذلك كان ابراهيم تشيليكول رائعاً كعادته، رغم أن الدور لم يكن جديداً عليه، و لكنه اعطاه من روحه ليجعل منها شخصية من لحم و دم، لتخرج  لنا شخصية مهدي البسيطة التي تشبه كثيراً الرجل العربي الشرقي، كما كانت ملامحه مناسبه جداً للشخصية و الدور الذي يقدمه.

داليا محمد

اقرأ ايضاً:

الحلقة السادسة من “قيامة عثمان”..و عاد المسلسل لنجاح الحلقة الأولى رغم دخول منافس جديد

ابراهيم تشيليكول يشارك ديميت أوزدمير في بطولة مسلسلها..و المتابعون يسخرون : ده متجوز

ديميت أوزدمير باطلالة جريئة في جلسة تصوير جمعتها بابراهيم تشيليكول