اهم الاخبار
الأربعاء 24 أبريل 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

الفن

مسلسل بابل..نجاح محتوم لدراما من قلب الواقع بشخصيات حقيقية و أداء مبهر وكوكبة من نجوم تركيا

مسلسل بابل - عُرضت أمس الحلقة الاولى من مسلسل "بابل" بطولة خالد ارغنتش و  بيرجي  أكلاي  و نور فتاح أوغلو، و حققت الحلقة نسب مشاهدات عالية نسبة إلى كونه مازال في حلقته الأولى.

حيث وصلت نسب مشاهدة الحلقة الأولى إلى 5.32، و المسلسل بالفعل يستحق المشاهدة، فهو جديد و مختلف و يحمل أحداثاً قوية و مثيرة جذبت المشاهدين منذ المشهد الأول.

و يبدو أن الموسم الدرامي الحالي بتركيا حافلاً بالأعمال الناجحة و سيشهد منافسة شرسة و قوية بين مجموعة من المسلسلات الجديدة التي تحمل اختلافاً كبيراً عن طبيعة الدراما التركية المعتادة، فبعد نجاح "ابنة السفير" و  "رامو" و "منزلي" و "ذمهرير" .. اخيراً جاء المسلسل المنتظر "بابل"  الذي يجمع أكبر عدد من نجوم الدراما التركية و يشهد تجمعاً كبيراً لم يشهده مسلسل تركي من قبل، ما جعل نجاح المسلسل محتوماً بالطبع.

قصة مسلسل بابل 

تبدأ الحلقة بمشهد افتتاحي يخبر فيه الاستاذ عرفان  / خالد أرغنتش الجميع أن الأموال هي كل شيء و في سبيلها قد نفعل أي شيء، ومن يحاول التظاهر بأن الأموال لا تهمه فهو كاذب و مدعي، ثم يأخذنا المشهد مع الاستاذ الجامعي وسط طلابه في محاضرة و هو  يسألهم إذا اردت أن تعرف الانسان الذي أمامك اسأله ماذا تمثل النقود بالنسبة له، و إذا أردت أن تتأكد مما وصل إليك اسأله ثانية ماذا يمكن أن يفعل من أجل النقود.

فيجيب عليه الطلاب احدهم انا لا افعل شيء و الآخر يكذب و الثالث يخدع و الرابع يتزوج من امرأة ثرية أكبر  منه سناً و الخامس لا يمكن ان يسير في طريق ملتوي ... إلا أن طالب واحد فقط هو الذي يسأل استاذه ... و انت ماذا فعلت من أجل النقود ؟ ما هو امتحانك ؟ فيجيب الاستاذ عرفان و هو فخوراً  بنفسه انه حتى الآن لم يضعف امام المال ابداً و انه تجاوز اختباره بنجاح ... و لكنه لا يعرف ان الاختبار الحقيقي لم يأت  بعد ...

فتدور أحداث مسلسل بابل  حول الاستاذ الجامعي عرفان من أمهر استاذة الاقتصاد، و الذي ينتظر منصب عميد الكلية، و لكن زميل له ينصب له فخاً و يشهد ضده أنه يتقاضى رشوة، ما يتسبب في فصله من الجامعة، بل و مصادرة كل أمواله و منعه من السفر لحين انتهاء التحقيق.

فيحاول عرفان البحث عن عمل، لكنه لا يجد خاصة بعدما تشوهت سمعته، فيضطر للانتظار حتى ينتهي التحقيق، و لكن القدر يضعه في الاختبار الأصعب و يمتحن صبره، فيمرض ابنه و يكتشف بالصدفة أنه يعاني من ورم  في المخ و يحتاج لجراحة خطيرة و حساسة، يذهب عرفان لكل المعارف و  الأصدقاء في محاولة للاقتراض منهم، إلا أن الجميع يتخلى عنه و يغلق بابه في وجهه، فيضطر لبيع السيارة، و لكن ثمنها ينتهي سريعاً، على الأشاعات و التحاليل و أشياء أخرى.

فتلجأ زوجته ايدا / نور فتاح أوغلو إلى صديق طفولتهم القديم ايغمان /  اوزان جوفين و تطلب منه المساعدة و بدى واضحاً أن قصة حب جمعتهم قبل زواجها من عرفان، و أنها فضلت عرفان عليه بسبب سير ايغمان  في طرق غير مشروعة، فيوافق على مساعدتها و يتصل بعرفان و يعرض عليه أن يقترض من أحد المرابين، على أن يرد المبلغ مضاعف فيوافق عرفان، و يذهب للسيد سليمان المتزوج سراً من ايلاي / بيرجي أكلاي حبيبة عرفان السابقة و الصديقة الرابعة لمجوعة الأصدقاء.

 و يحصل عرفان على المال و يذهب للطبيب لتحديد موعد العملية، و لكن الطبيب يؤكد أن الجراحة خطيرة جداً على الطفل، و عليهم السفر به للخارج و سيتكلف الأمر أكثر من مليون ليرة، فيقف عرفان تلك المرة عاجزاً تماماً عن انقاذ طفله الحبيب و الوحيد من الموت، فهو لا يستطيع ان يقترض من السيد سليمان قبل أن يسدد دينه الاول، و لا يمكن ان يساعده احد، فماذا يفعل؟ من أصعب المواقف التي يمر بها الانسان هي أن يجتمع المرض مع الفقر و قلة الحيلة و العجز في لحظة واحدة.

يحاول عرفان الانضمام لحملة التبرعات التي اخبره عنها الطبيب التي بادرت بها اسرة الطفلة ليلى المصابة بنفس المرض، و لكنه حين يذهب لهم يجد الطفلة توفت و لم تلحق عائلتها انقاذها، بعدما فشلوا في تدبير الأمر و الحصول على المبلغ المطلوب للعملية في الوقت المناسب.

ماذا يفعل عرفان؟

فالوقت يمر و طفله يموت و يأكل المرض جسده في كل يوم يمر بلا علاج، في الوقت الذي يعرض فيه ايغمان على عرفان عرض مغري للغاية، و يشرح له خطته في النصب على السيد سليمان الذي يسرق الملايين من الحكومات و يغالي في اسعار الوحدات السكنية التي يتولى مسؤولية بيعها، يرفض عرفان في البداية و لكن مع تأزم الموقف و اغلاق كل الابواب في وجهه، يضطر لقبول الأمر، و يخفق في أول امتحان حقيقي يخيره بين مبادئه و احتياجاته مهما كانت ضرورية، ولكن يكتشف سليمان خطة الاصدقاء و يمسك بهم رجاله بعدما يكونون قد فقدوا حقيبة الأموال.

تنتهي الحلقة بالقاء عرفان و ايغمان في حفرة عميقة و يبدأ رجال سليمان الردم عليهم بالأسمنت، و لكن هناك سراً خطيراً سيقلب الاحداث رأساً على عقب، فقبل مشهد النهاية تعترف ايدا بسرها الخطير لشقيقتها بعدما فقدت التواصل مع عرفان و ظنت ان سليمان قتله لأنه حكي لها كل شيء، فتصرخ و تقول أن كل ما يحدث لها هو عقاب الله لها على ما فعلت  و أنها تدفع ثمن ذنبها الكبير، فتضغط عليها شقيقتها لتعرف ما الذنب الذي ارتكبته و يعذبها هكذا، فتعترف ايدا بذنبها في كلمة واحدة و مفاجأة مدوية صدمت المشاهدين، الطفل ليس ابن عرفان بل ابن ايغمان.

أداء الابطال 

Image

بالنسبة للاداء كان الجميع في حالة تألق غير عادية، فـخالد ارغنتش العملاق الذي بكيت معه و هو يشرح حاله السيء لصديقه و كم انه عاجزاً تماماً عن انقاذ طفله الوحيد ... كذلك و هو يتوسل للجميع كي يساعدوه ، استطاع ان يوصل من نظرات عينه كم انه يشعر بالاهانة و ضيق ذات اليد لدرجة أن يتنازل عن كرامته هكذا.

نور فتاح أوغلو

ايضاً كانت متألقة فمنذ المشهد الاول لها و انت ينتابك شعور بعدم الارتياح نحوها، تشعر انها لا تحب زوجها، و انها تخفي شيئاً كبيراً بنظراتها المرتبكة و حتى ردة فعلها حين رأت صورة عرفان مع ايلاي التي مازال محتفظ بها بين صفحات كتابه..فلم تتذمر أو تتحدث معه حول الموضوع ابداً و لم تشعر بالغيرة قط، و كأنها تعتبره مجرد زوج محترم و كيان اسري لابد لها من المحافظة عليه، حتى حين ذهبت لصديقهم القديم و أخذت تلمح له انها تحتاج للمال لضرورة قصوى و انها على اتم الاستعداد ان تدفع المقابل بأي طريقة...كل هذا يؤكد انها انسانة سيئة من الداخل.

بيرجي أكلاي

رغم ظهورها القليل إلا انها استطاعت ان تحجز لنفسها مساحة في قلوب المشاهدين الذين ينتظرون ما سيأتي به دورها، فهي العاشقة حتى الثمالة التي اتنفض جسدها حين ذكر أحد رجال سليمان اسم عرفان أمامها، فهي مازالت تحبه رغم فراقهما و رغم انه  فضل عليها امراة اخرى، مازالت تنظر لصورتهم التي قصته منها و تتخيله بجانبها، تتطلع إلى يده التي مازالت على كتفها بكل هيام و ألم الفراق يعتصرها بنظراتها المليئة بالحسرة و القهر، و للعلم ان عرفان ايضاً مازال يعشقها، و يحتفظ بصورتها معه رغم كل هذه  السنوات.

أوزان جويفن كان رائعاً كعادته خاصة في لحظات تردده هل يذهب لصديقه بالنقود أم يهرب بها  و يتركه وحده لمصيره المحتوم، أما أصلي انفر فلم تظهر إلا في مشهد واحد لم يوضح شخصيتها جيداً او حتى تأثير دورها على الاحداث، و لكن بدى واضحاً اعجاب عرفان الشديد بها.

مسلسل "بابل" مختلف و أحداثه واقعية للغاية، بعيدة كل البعد عن الدراما التركية المعتادة المعتدمة اعتماد كلي على قصص الحب و الانتقام، فهو دراما حياتية من قلب مأساة يعيشها الأباء و الأمهات  كثيراً، كما يناقش العمل قضية جديدة الطرح على الدراما التركية و هي هل المال كل شيء؟  هل نبل الغاية يبرر قذارة الوسيلة ؟ و هل البلاء عقاب أم اختبار؟ فقد ظنت ايدا أن مرض طفلها عقاباً من الله  على ذنبها، و لم تفكر ابداً أنه قد يكون اختبار من الله  ليمتحن مدى صبرها و تحملها لعله يغفر لها ما تقدم من ذنبها.

لكننا نجدها ضعيفة الايمان تحاول أن تتجار بجسدها للحصول على  المال و تدفع زوجها لعمل أي شيء لانقاذ طفل ليس منه، الانسان السيء سيظل سيئاً مهما وضعه الله في اختبارات سيخفق بها جميعاً، ومهما اعطاه الله  من فرص فهو لا يستحق، فشخصيات المسلسل جميعها حقيقية من قلب الواقع الذي نعيشه بدون مثالية زائدة و  شخصيات ملائكية ساذجة، حيث أظهر المسلسل كم أن جميع البشر مهما تظاهروا بالمثالية لابد لهم من لحظة ضعف ستكون هي الحاسمة في حياتهم، و ستظهر معدنهم الحقيقي.

داليا محمد

كما يمكنكم معرفة مزيد من التفاصيل عن مسلسل بابل من هنا