اهم الاخبار
الجمعة 29 مارس 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

الفن

مسلسل ابنة السفير..رغم لا منطقية الاحداث منطقية المشاعر تجعله الأفضل دائماً

مسلسل ابنة السفير - حقق المسلسل التركي “ابنة السفير” بطولة انجين اكيوريك و نسليهان اتاجول في تركيا و جميع انحاء العالم نجاحاً كبيراً و نسب مشاهدات مهولة في كل اسبوع تُعرض فيه حلقة جديدة منه، و يتصدر المسلسل لمحركات البحث في معظم دول العالم على رأسهم السعودية و اليونان و دول أمريكا  اللاتينية.

و رغم الهجوم الذي شهده المسلسل الفترة الماضية بسبب عدم منطقية أحداثة و ما به من ثغرات السيناريو، إلا أنه يتميز بشيء واحد جعله متفوقاً على جميع المسلسلات التركية  التي تُعرض بالموسم الدرامي الشتوي في تركيا، و هي الواقعية الرومانسية.

المشاعر الحقيقية :

حيث ترسم معظم المسلسلات التركية لنا صورة حالمة وسعيدة عن الحب، صورة يغلب عليها الألوان الدافئة والوئام، توجد عقبات لا محالة، لكن تلك العقبات تأتي من العالم الخارجي، أما الحبيبان فمتوافقان فيما بينهما أغلب الوقت، وعندما تحل ساعة الخصام فإنها تمر سريعة، تكفي لفتة شاعرية من أحد الأطراف حتى تنقضي وتتحول لموقف رومانسي دافئ.

ثم تأتي اللحظة الأهم والأجمل لتضع الخاتمة السعيدة للقصة، لحظة الزفاف، عند تلك النقطة، نترك الحبيبين مغمورين بنشوة الفرح، على أعتاب حياة جديدة مليئة بالحب والرومانسية، لكن علينا أن نتساءل، هل تلك الصورة واقعية فعلاً ؟

الحب والعلاقات والزواج في الواقع أكثر تعقيداً بكثير مما تصوره لنا المسلسلات، ففي الحياة الواقعية، لا يحدث ذلك المشهد الذي تلتقي فيه الأعين، وفي الخلفية موسيقى حالمة، ويقع البطلان في الحب، ولا يوجد توأم روح حقيقي سيفهمك دون الحاجة إلى التواصل ولا الكلام، ولن تكفي لفتة رقيقة أغلب الوقت لتجاوز خلاف ضخم وكبير، فالعلاقات لا تولد في الحياة الواقعية بصورة كاملة دون أن تشوبها شائبة، إنها ككائن حي ينمو،  يحتاج إلى مجهود ورعاية وإلا ستذوي وتموت.

و بعيداً عن المسلسلات التركية الرومانسية التقليدية، جاء مسلسل ابنة السفير على الجانب الآخر يتناول الحب والعلاقات من زاوية أعمق وأكثر واقعية.

فعوضاً عن الشاعرية المفرطة، يعطينا المسلسل جرعة مكثفة من واقع العلاقات كما هو، بكل ما قد يحتوي عليه هذا الواقع في بعض الأحيان من دفء وشاعرية، وبكل ما يتضمنه في أحيان أخرى من مشاكل وصعاب مريرة.

المشاعر في ابنة السفير :

في مسلسل ابنة السفير ناره دائماً تريد أن يفهمها الجميع، تريد أن يصدقها حبيبها، في الوقت الذي لا تتكلم هي فيه، لا تشرح و لا توضح، و على الحبيب أن يصدق دون سؤال دون أدلة كما قالت لغديز، و في الوقت الذي لم تتمكن هي ايضاً أن تفهم حبيبها و بيئته و تربيته، طباعه الحادة و غيرته العمياء و غضبه الأعمى، لم تستطع ان تفهم ما يمكن أن يغضبه و ما  يمكن أن يقبله أو لا يقبله، و لكن على الجميع أن يفهمها حتى دون أن تتكلم، فكيف ذلك؟ ألم يقل الفيلسوف سقراط جملته الشهيرة :"تكلم حتى أراك".

 أنت تختبئ خلف كلماتك وتحت لغتك، وحديثك هو جواز مرورك الأول إلى قلوب الآخرين، ولعل ما نراه دائماً فى الحياة من حروب كانت بدايتها لفظة قيلت فى غير محلها.

لماذا حين هربت ناره له بعد الاغتصاب بليلة واحدة لم تخبره عن أي شيء، لماذا لم تحكي له و تأتمنه على سرها، و حين يكتشف هو بنفسه و يعميه الغضب تريد منه ان يصدقها في نفس اللحظة، هل هذا منطق الأحباء ؟

صحيح من المفترض أن الحبيب يصدق حبيبته، و لكن ايضاً على الحبيبة ألا تخفي سراً خطيراً كهذا عن حبيبها، و تعتبره سراً لا يخصه.

حب سنجار :

ما  جعل سنجار لا يصدقها هو كذبها و غشها و اخفائها الأمر عليه، اعتبرها خائنة لأن المغتصبة لا يمكن أن تُظهر هذا الكم من السعادة، و هي في قمة جرحها، هي بالفعل خائنة، لأنها وقفت أمامه تضحك، و تتظاهر بالسعادة، ترتدي الشريط الأحمر و توهم حبيبها أنها عذراء و هي مغتصبة، ألم تكن هذه ايضاً خيانة ؟ خيانة للثقة و الحب و العهد و شروط الزواج التي تنص على المصارحة و الصدق قبل كل شيء ؟ كيف سيصدقها بعد ذلك، كيف يضمن أنها لا تفعل شيئاً لا يرضيه ثم تخفيه عنه و هي تضحك في وجهه و كأن شيئاً لم يكن؟ إذا تزعزت الثقة لا يمكن ان تعود كما كانت ابداً بين الحبيبن.

سنجار حبه كبير و الحُب الكبير لا يغفر، الغفران ليس دليلاً على الحب ، بل دليلاً على موته، إنه موت الغيرة ، موت اللهفة ، موت الاهتمام فهو أحد أوجه اللامبالاة، عندما يقول أحدهم إنه غفر، فاعلم أنه شُفي من الحب و ليس من الجرح.

حباً حقيقياً :

و لكن رغم كل هذا مازال العشق ينبض في قلوب المحبان، لنجد ناره رغم اصابتها تهرع لسنجار و تطلب منه الهرب هو و صديقه، قبل القاء الشرطة للقبض عليهم، غير عابئة بجرحها و اصباتها و الدماء التي تلطخ وجهها، كل ما يهمها أن تنقذ حبيبها قبل دخوله السجن، نسيت العالم و الناس و الاحتفالات و نسيت حتى نفسها و ما حدث لها، هربت من المختطفين ليس لتنقذ نفسها منهم، بل لتلحق بسنجار و تنقذ مستقبله و حريته.

 كذلك نجد سنجار يهرع إليها ممسكاً بها قبل أن تسقط ارضاً، غير عابئاً بما تقول لا يستمع لكلماتها من الاساس، فعينه و تركيزه على جروحها و محاولة معرفة من فعل بها هذا ليحطمه،  لقد نسي كرهه و عناده و كبريائه أمام المرأة التي يظن انها خانته، حين وجدها مصابة ليتدفق الحب و الشوق و اللهفة في دمائه و عينه.

داليا محمد

لمعرفة مزيد من التفاصيل عن مسلسل ابنة السفير من هنا