اهم الاخبار
الجمعة 29 مارس 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

بأقلامهم

نور الشيخ يكتب: صكوك الغفران

صكوك الغفران
صكوك الغفران

ظهر مصطلح صكوك الغفران في المجمع الثاني عشر المنعقد في روما سنة 1215، و كانت تمنح من الكنيسة الرومانية الكاثوليكية مقابل مبلغ مادي يدفعه الشخص للكنيسة تختلف قيمته باختلاف ذنوبه، بغرض الإعفاء الكامل أو الجزئي من العقاب على الخطايا والتي تم العفو عنها.

ظلت محاولات رفض ونبذ هذه الصكوك مستمرة حتى اختفت نسبيا على مر العصور بفضل الرجال التنويريين وازدهرت محلها صكوك الغفران الإخوانية والسلفية وبعض المنتمين للأزهر الشريف في المجتمعات العربية، لعل التشابه بين الصكوك الكنسية والصكوك الإخوانية هو الاستخدام السياسي فقط، فنشأة صكوك الغفران في الأساس هو الاستخدام السياسي لها وليس الاستخدام الديني استغلالا لحالة الفطرة البشرية المائلة إلى حب الله الخالق ورغبة البشر في نيل الجنة بأي شكل وطريقة.

كان استغلال دعاة الدين، لمعرفتهم وحفظهم للكتب السماوية وضعف المعرفة عند التابعين، استغلال ناعم وسلس لا يشوبه شائبة، فكان استغلال آيات الجنة والوعيد بها وآيات أهوال النار، وتوظيفها لعمليات الجهاد وكأن لا جنة بدون جهاد، وتوزيع تصاريح دخول النار لكل من خالف العقيدة الخاصة بهم.

قد يكونوا لم يتوقفوا قليلاً عند آيات المغفرة والرحمة والتسامح كما لا يتوقف التاجر عند سورة المطففين، لا شك أنهم تغافلوا عن عمد أن الجنة والنار بيد الله، فالغرور والنفعية هي آفة كل موتور باحث عن السلطة، باحث عن استغلال جهل العامة من الناس وفطرتهم.

ولكن ليس هذا ما يقلقني، لأن المجتمع فَطن لتلك المناورات المثيرة للفتن، وينبذ أصحابها بصفة الاستمرار ولديهم من الوعى الكافي للتفرقة بين تعاليم الإسلام السمحة، وتطرف تجار الدين، لكن ما يقلقني هو تهافت المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي على تلك التصريحات المختلة سواء في مواسم الأعياد مثل رأس السنة الميلادية أو أعياد الأخوة والأشقاء المسيحيين، فنرى المواقع الإخبارية تتبارى وتتصارع على الأسرع والأكثر نشراً لتصريحات المتطرفين والمشهود لهم بالتطرف وقد يكونوا مصنفين ضمن جماعات إرهابية وهاربين من العدالة ومع ذلك لا تخل مناسبة دينية من تصريح مبتذل متدنى منهم يبعث على التطرف المبنى على والعشوائية.

ما يقلقني ليس الأهوج الذى ترك تاريخ الأسطورة العلمية الدكتور مجدى يعقوب، والذى يطلق عليه أطفالي الصغار، مجدى يعقوب القلب نسبةً الى مستشفى القلب بأسوان، التاريخ الذى لقبه بأسطورة الطب في العالم، التاريخ الذى وضعه من ضمن أهم خمس شخصيات مؤثرة في تاريخ الطب في العالم، التاريخ الذى كتب أن تأسيس مركز مجدى يعقوب لأمراض وأبحاث القلب في أسوان عام 2009م كان على يد السير مجدى يعقوب، التاريخ الذى كتب أن تأسيس جمعية Chain of Hope الخيرية لرعاية الأطفال في دول العالم الثالث، كان على يده، التاريخ الذى كتب أنه ساهم في إنقاذ أرواح العديد من الأطفال في العالم الذين ولدوا بعيب خلقي في الأوعية الدموية الكبرى، لكن ما يقلقني هو ترك هذا الأهوج يلهو في صفحات التواصل الاجتماعي باسم الدين بل ويظن أنه من يحسنون صنعاً.

صكوك الغفران

أي إحسان هذا القائم على إثارة الفتن، وعن أي صكوك يتحدث هذا الموتور، أي مبدأ ومهنية تنتهج الصحف والمواقع الإخبارية، ألم يكتفوا من بث الشائعات وإثارة البلبلة والفتن، ألم يكتفوا بما يبثوه من انحطاط مثل فيديو الراقصة تصور نفسها أثناء تلقيها حقنة في العضل، وشاهد فستان الفنانة وعراك بيكا وشطة، وسباب اللاعبين بعد المباراة، ألم يكتفوا من هذه السخافات، هل المادة والنفعية أصبحت أهم من أي قيمة، هل جمع الأموال أصبح هو الهدف الأوحد، فما الفرق إذن بينكم وبين تجار المخدرات، ما الفرق بينكم وبين العاهرات فكلكم يرغب في المال دون الاهتمام بالوسيلة، كلكم يرغب في الربح حتى لو على حساب الشرف والكرامة والوطن، حتى لو على حساب القيم والمبادئ والأخلاق.

المواقع الإخبارية أصبحت تلهث خلف الشائعات والفتن والتفاهة فقط، طالما أنها تجلب الأموال، وليس من ضمن أولوياتهم رفع الوعى والحفاظ على القيم والروابط الأسرية والتماسك المجتمعي.

هل كل دور المواقع الإخبارية السعي خلف التصريحات المسيئة للأخرين، والسعي خلف الشيوخ المتطرفين وإبراز سخافاتهم في كل مناسبة، أليس هناك رقيب أو حسيب لهم؟ هل هذه هي حرية الصحافة؟ هل يوجد مجلس أعلى للصحافة في مصر؟ وما هو دوره؟ هل توجد ضوابط أخلاقية أو قانونية تحكم هذا المجال؟ هل يسعد رئيس التحرير بالصحفي الذى يجلب له الزخم على الصفحة الاخبارية دون الالتفات للمحتوى؟ لن تنتهى الأسئلة ولكنى أرغب في إجابة واحدة على سؤال واحد ................ إلى متى؟.

كاتب المقال أمين التثقيف والتدريب بحزب الحركة الوطنية المصرية

نور الشيخ : الصالون الثقافي من ضمن مخططات الحزب لمصلحة الوطن