اهم الاخبار
الجمعة 26 أبريل 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

بأقلامهم

حاتم الدالي يكتب: قصة عيد الجيزة وأسماء الشهداء شراره ثورة ١٩١٩ الاولي

الذي هو جزء من تاريخ مصر ومحافظه الجيزة ومركز البدرشين خاصه الذي تحتفل المحافظة ببطولات اهله . وهذه الاحداث موثقه بكتاب مذكرات عبدالرحمن فهمي تاريخ ثورة ١٩١٩

" أوما علــــمتم ما جــــــــرى ....... بالبدرشين من الدمار

سلبوا الحــلى من النسـاء ....... وخربوا البلد العمــــــار"

شعر الشيخ حسن القاياتي وصفا لأحداث 25 مارس بالبدرشين والعزيزية

وما هو معلوم ارتباط عيد الجيزة القومي في 31 مارس من كل عام باحداث قرية نزلة الشوبك بينما يتم تناسي بداية القصة والتي بدأت في البدرشين والعزيزية أولا

ففي 25 مارس ١٩١٩ وقع هجوم قوات الانجليز على مدينة البدرشين وقرية العزيزية بحجة تدمير الاهالي لمحطة السكة الحديد بالبدرشين

وارتكب الانجليز اكبر وافظع الجرائم ضد أهالي البدرشين والعزيزية وعمدها ومشايخها ورجالها ومنازلها

وقد احترق في قرية العزيزية وحدها قرابة 170 منزلا وما يقارب هذا العدد في البدرشين ايضا

نتيجة هذه الاحداث هاجر عدد كبير من اهالي البدرشين والعزيزية الى انحاء كثيرة في مصر

وتبع ذلك اعتداءات اكثر وحشية ودموية في قرية نزلة الشوبك في يوم 30 مارس ١٩١٩

وقد دمرت محطة سكة حديد البدرشين خلال هذه الاثناء

ونذكر من شهداء ومصابي البدرشين في احداث الثلاثاء 25 مارس السادة:

1- ابراهيم عطوة الدالي .. قتل بطلق ناري داخل منزله بعد الاستيلاء على كل ممتلكاته بالمنزل

2-عبد الجواد سيد معروف ... قتل في منزله وفصلت رأسه عن جسده وقام جنود الانجليز بالتمثيل بجثته بأفظع الاشكال

3-ابراهيم سيد رفاعي .. قتل بالرصاص في منزله

4- غالية - زوجة الشيخ حسنين الجزار - ماتت بعد ان ضربها احد الجنود بعقب بندقيته عدة مرات على راسها

5- محمد ابو العلا ضيا - بتر في ذراعه نتيجة تهتك كامل من طلقات نارية

6-على السيد الدالي - خفير رسمي - اخترقت رصاصة جسدة وظل يعاني من اصابته بقية حياته

7-احمد احمد حماد - اصابة بالغة بالرأس نتيجة عدة ضربات من عقب بندقية احد جنود الانجليز

8- محمد السيد كاغه جروح نافذه بالصدر نتيجة ضرب بآلة حادة

وقد ذكر عمدة البدرشين محمد منظور الدالي ان اكثر النهب والضرر كان في منازل سليمان غطاس والشيخ محمود عبد المطلب

نهبت اغلب بيوت البدرشين في ذلك الحين حتى الطيور والدواب الخفيفة حتى ان الاهالي رأوا الجنود في الايام التالية وهم يتقاسمون الغنائم في شرق المدينة ويتناولون ما تم سرقته من منازلهم

وقد تم القبض على عمدة البدرشين محمد منظور الدالي وعمدة العزيزية ابراهيم دسوقي رشدان الى الحوامدية والتحقيق معهم في تهم كثيرة ومتعددة حيث تم اتهامهم بايواء المتمردين والتستر عليهم وقد كان لموقف مأمور الضبط بالمديرية وقتها السيد ابراهيم افندي دسوقي اباظة موقفا جيدا معهم حيث اصر على تدوين كل كلمة يقولها عمدة البدرشين ثورة ١٩١٩ والعزيزية ثم قام بنشرها بعد ذلك في كل انحاء البلاد فكانت حديث الناس في كل مصر

و في 30 مارس وبعد احداث البدرشين والعزيزية بأربعة أيام لم تكن قرية نزلة الشوبك ببعيدة عن اعتداء الانجليز عليها

وقد ظلمت هذه الاحداث بتناولها تارة على انها مجرد احداث سلب ونهب لقطار انجليزي من قبل الاهالي او بذكرها على الهامش كعمل شعبي محدود

وفي هذا ظلم بين للقرية واهلها

فقد كان لهم دورا بطوليا في قطع خطوط امداد الانجليز بين القاهرة والاسكندرية وبين الوجه القبلي

كما انهم فقدوا كل شيء من محاصيل زراعية ومواشي ومقتنيات ومنازل هذا بخلاف الخسائر البشرية والمعنوية ومع ذلك قد نرى من يحاول ان يشيع انها كانت اعمال بغرض السرقة وهو ما ينافي كل حقيقة وواقع

وربما ستظل شكوى "عبد اللطيف أفندي أبو المجد " ابن عمدة نزلة الشوبك الى الحضرة السلطانية والحكومة ونواب الامة خير شاهد وافضل سرد لما حدث في هذا اليوم

وهو ما سنقوم بنقله اليكم بشكل مبسط

****

وجد الانجليز خطوط السكة الحديد بين قرية الشوبك والعياط مقطوعة وهو ما كان يمثل عقبة كبيرة في خطوط الامداد بالنسبة للانجليز في الجنوب خاصة مع انخفاض منسوب مياه النيل وعدم امكانية استخدامه كوسيلة نقل بديلة

لذا فقد ارسلوا قطارا محملا بالعساكر لإصلاح خط السكة الحديد في هذه المنطقة

وقد ارسل ملاحظ بوليس نقطة شرطة "المزغونة" احد العساكر الى عمدة نزلة الشوبك يخبره بقرب وصول قطار مسلح يحمل قوات انجليزية لإصلاح خط السكة الحديد

وامره بان يوفر 30 شخصا من اهالي القرية لمعاونة القوة في اصلاح خط السكة الحديد وحسن استقبالهم تفاديا لوقوع اعتداء على القرية

فاهتم العمدة بذلك وخرج مع الخفراء لاستقبال القطار خارج القرية حتى تنتهى هذه المهمة الكريهة على النفس

وعند الرابعة عصرا وصل قطار الانجليز خارج القرية واستقبلهم العمدة ... ثورة ١٩١٩ ولكنه فوجى بنزول قوات الانجليز باتجاه القرية فحاول التفاهم مع قادتهم بانه لا داعي لذلك وانه مهمتهم تقتصر على اصلاح خط السكة الحديد

ولكنهم لم يصغوا اليه وانسابوا في القرية يهاجمون منازلها ويسلبون كل ما يجدونه ثمينا في طريقهم

وكانت بداية الكارثة حينما شاهد الجنود "عزيزة بنت خ " فحاولوا الاعتداء عليها فاستغاثت بزوجها "عبد التواب" الذي خرج عليهم بعصا فاردوه قتيلا بالرصاص

فكان ذلك بداية اعتداءهم على نساء القرية ورجالها

وما كان من العمدة وعدد كبير من الاهالي الا ان عمدوا الى بيوتهم فاغلقوها عليهم

ولم تقف ابواب المنازل امام قوات الانجليز فقد اقتحموا منزل العمدة عن طريق منزل جاره عبد الرازق السمان فنهبوه وسرقوا كل ما فيه ثم احرقوا المنزل

وقد فعلوا ذلك بكل منازل القرية فقد احترق 144 منزل من اصل 210 منزل هم كل منازل القرية

وقتل حوالي 22 شخصا واصيب مثلهم مما لا يرجى شفاءه وقد ذكر ابن العمدة في شكواه انه لا يمكن حصر اعداد الضحايا بسبب هجر الاهالي للقرية وان كان ورد فيما بعد ان الاهالي كانت تجد قتلى في الحقول وجثث طافية في المصارف والترع بعد الهجوم لعدة ايام

وقد كان ابرز الوقائع هي مقتل شيخ البلدة عبد الغني ابراهيم طلبة واخيه عبد الرحيم وابنه سعيد وخفاجة مرزوق وعدد من الاهالي

حيث قبض عليهم الانجليز وقاموا بدفنهم احياء حتى اعناقهم ثم اخذوا يعذبونهم ثورة ١٩١٩ ويقطعون وجوهم بالسنج ثم اطلقوا عليهم الرصاص

وقد رآهم محمد خضير ومحمود محمد رؤوف وعبد المنعم ابراهيم واخرجوهم بعد ذلك لدفنهم

ومن الوقائع الكثيرة التي سردها عبد اللطيف ابو المجد في شكواه واقعة "وافدة بنت ج" زوجة "عبد المولى ح"

حيث حاولوا الاعتدا عليها فاستغاثت بزوجها فقتلوه وكانت حاملا ومعها رضيع فوضعت رضيعها حائلا بينها وبينهم علها تؤثر في قلوبهم الغلظة بشي من الرحمة فاصابو الرضيع ذو العام ونصف بطلقة في كتفه

واحرقوا منزلها بكامله

ويستفيض عبد اللطيف افندي ابو المجد في ذكر وقائع الاغتصاب والنهب والسلب مستدلا بامثلة كثيرة جدا محددة باسامي ضحاياها نكتفي بذكر ما تقدم منها فقد كان هدفه وقتها اثبات تلك الوقائع امام الجهات المشكو اليها

حيث كان الاهالي يرفضون الادلاء بشهاداتهم في تلك الوقائع او اثباتها في محاضر رسمية اخمادا لهذا العار

ويلاحظ القارئ للشكوى تركيز كاتبها على ذكر كل واقعة تفصيلا لاثبات الحقائق ومعتبرا ان هذا ليس شيئا مشينا بقدر ماهو بطولة من اهالي قريتة التي مات ابناها دفاعا عن شرفهم واعراضهم ضد قوة لا حيلة لهم في مواجهتها

وقد نقل في الجزء الثاني من شكواه موقف ملاحظ بوليس نقطة المزغونة - الصاوي أفندى الطاهر - ثورة ١٩١٩ حيث اقر في شكواه انه شاهد ملاحظ البوليس وهو ينقل ما حدث من فظائع لمأمور ضبط المديرية وهو يبكي مر البكاء

وافاد انه ظل طيلة الليل يرى ويسمع طلقات الرشاش الانجليزي لقوة غاشمة من 800 جندي انجليزي وحاول ايقاف هذا الهجوم ولكن كان يقابل القوموندان طلبه بإيقاف الهجوم وتلك الكارثة بالرفض معللا ذلك بعدم قدرته توصيل الاوامر للجنود بعد انتشارهم بالقرية

ثم اعترض الملاحظ على احراق القرية ولكنهم امروه بان يبيت خارجا وان يترك القرية وان هذه اوامر عسكرية

وفي الصباح سمح له بان يدخل القرية مع اومباشي مصري وقوة انجليزية صغيرة بناا على طلب انجليزي لتفتيش القرية وايجاد السلاح

وانه فتش البيوت الباقية من الحرائق ولم يجد اي اسلحة

واقر الملاحظ انه اثناء ذلك سمع استغاثة امرأة في احد المنازل فدخل اليها فوجد ثلاثة جنود انجليز وقد غادروا فور رؤيته

اما عن عمدة القرية فقط القى الانجليز القبض عليه واتهموه ان اطلاق النيران كان من الاهالي وتحديدا من منزله وانه قيد الاعتقال

واضاف عبد اللطيف ان السبب في هذه الفظائع المريعة التي يحمر لها وجه الانسانية خجلا هو محاولة احد الاهالي منع الانجليز من الاعتداء على الاعراض

وقد اختتم عبد اللطيف شكواه بانه سبق وتقدم بشكاوى لمجلس المديرية ومدير الجيزة

وقد حملت شكوى عبد اللطيف طابعا ملائما للموقف يبرأ اهالي القرية من كل ما قد يؤخذ ضدهم وان كان في ذلك بعض التغييب لدور اهالي القرية في مقاومة الانجليز بعد ان ورد الى مسامعهم سابق اعتدائهم على البدرشين والعزيزية فتجهزوا قدر استطاعتهم وابدوا بعض المقاومة كما انه كان لهم دورا بطوليا حقيقيا في قطع خطوط السكة الحديد والتصدي لقطارات الانجليز في ذلك الوقت

وهو ما ورد في البلاغات الرسمية المعلن عنها من قبل الانجليز

فقد كان نص البلاغ الرسمي المنشور من قبل السلطة العسكرية

" وجد قطار كان يشتغل بأعمال الاصلاح اثناء سيره جنوبا بعد ظهر يوم 30 مارس جماعة من القرويين يعبثون بالخط الحديدي في جوار الشوبك الغربي وقد قتل خمسة من الذين كانوا يشتغلون بتدمير الخط واطلقت النيران بعدئذ على القطار من القرية التي طهرها جنودنا بعدئذ وقد اشترك سكان هذه القرية والقرى المجاورة بهمة في تدمير الخط في هذه الجهة ولكن احبطت كل مجهوداتهم التي بذلوها لتدمير محطة المزغونة المجاورة بفضل اخلاص نقطة بوليس محلية صغيرة فقد صانت المحطة من كل ضرر حتى انقذت بوصول القطار المشتغل بأعمال الاصلاح "

وقد اتخذت محافظة الجيزة هذا اليوم عيدا لها تكريما لكل ارواح الشهداء من ابناء القرية

خالص التحية والتقدير والاحترام لكل فرد من اهالي القرية

المراجع: مذكرات عبد الرحمن فهمي

تاريخ ثورة ١٩١٩

كاتب المقال نائب رئيس حزب الحركة الوطنية المصرية للشئون السياسية والتنظيم

حاتم الدالي يكتب: العالقين المصريين