اهم الاخبار
الجمعة 29 مارس 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

تعليم

د نسرين محمد فتحى تكتب : الإنتاج الدفاعى وأبعاده المحاسبية

IMG-20200415-WA0237
IMG-20200415-WA0237

  طالعتنا وكالات الأنباء العالمية منذ أيام بتصريحات الرئيس دونالد ترامب حول اعتزامه لاستخدام (أو ما أطلق عليه استدعاء) قانون الإنتاج الدفاعى, وعلى الفور قام بإعطاء أوامره لشركة جنرال موتورز بإنتاج وتصنيع أجهزة التنفس الصناعى عقب ازدياد المخاوف جراء نقص هذه الأجهزة نتيجة لما فرضته الأزمة الصحية العالمية الأخيرة من انتشار فيروس كوفيد 19 خاصة بعد ارتفاع أعداد المصابين به فى أمريكا يوما بعد يوم, وبموجب هذا القانون الذى يعود جذوره لعام 1950عندما تم إقراره رسميا أثناء الحرب الكورية, فإنه يخول السلطة للرئيس الأمريكى بمطالبة بعض المنشآت الصناعية بتوفير المنتجات التى تفرضها الظروف الراهنة للبلد وذلك فى أوقات الأزمات والطوارىء والحروب, كما يحث على إبرام العقود الفورية مع الحكومة لتوفير كافة احتياجاتها.ويستوقفنى هنا تبعات استدعاء هذا القانون لاسيما للشركات والكيانات الأخرى سواء بالداخل أو الخارج والتى تربطها العديد من المعاملات والصفقات بالشركات التى يقع الإختيار عليها من قبل الرئيس الأمريكى, بل ويزداد الأمر صعوبة عندما تكون الأطراف المتعاملة الأخرى فى دولة لا تمر بنفس الظروف كما قد يكون لديها نوعا من الإستقرار على كافة المستويات, هذا وقد تتمثل المعاملات فى العقود المبرمة لتوريد مواد وسلع معينة,أن تكون لها فروع فى دول أخرى,الشراكات الإستراتيجية, وماغير ذلك. وأرى أن هناك العديد من العواقب المحتملة وذلك من المنظور المحاسبى والتى ستؤثر على تلك الأطراف يمكن إيجازها فى المحاور التالية: -تكاليف سلاسل التوريد خاصة يكون عندما احد الطرفين يمثل أحد مصادر التوريد للطرف الآخر, وتظهر هنا مشكلة تأخير تسليم الأوامر والسلع والمواد الخام فى مواعيدها المقررة,ووقف الإمدادات لفترة غير معلومة,كما أن هناك بعض العروض يتم الحصول عليها نظير التعامل مع مورد معين ولا يمكن تعويضه مرة أخرى,وأن تلك العروض ينطوى عليها الحصول على ميزة ضريبية وميزة تنافسية تجعلها فى وضع قوى مع منافسيها,مما يؤدى لتحمل المزيد من تكاليف التدريب نتيجة للوضع المفاجىء وغير المتوقع,وكذلك تحمل تكاليف استقطاب الموارد البشرية اللازمة, كما تبرز مشكلة ضعف الموقف التفاوضى نتيجة لجميع ما سبق مما ينتج عنه زيادة تكاليف التفاوض, والذى يؤثر فى النهاية على تكاليف الإنتاج ويؤدى لزيادتها, كما يعد أحد الآثار غير المستحبة الخسائر الناتجة عن فقدان العملاء نتيجة لتأخير مواعيد التسليم مما يعنى فقدان ثقة العملاء,حيث أن حدوث أى خلل فى أحد حلقات سلسلة التوريد سينتج عنه حتما اختلال باقى أجزاء السلسلة,ويقود ذلك إلى مشكلة أخرى وهى الإفصاح عن مخاطر سلسلة التوريد فى هذه الحالة وما يرافقها من أعباء تكلفة معالجة وإنتاج المعلومات المفصح عنها, وبالتالى أرى أنه يجب التركيز على جانب تحليل تكاليف سلاسل التوريد أثناء فترات الأزمات لما لها من أهمية بالغة. -آليات ومبادىء وتقرير الحوكمة:حيث يواجه الطرف المتضرر مشكلة إعداد تقرير الحوكمة لبعض المبادىء والآليات, لأنه فى ظل افتقاد الشركة لعملائها ومستثمريها وتأثر الأرباح علاوة على تمت الإشارة إليه فى المحور السابق فقد تجد صعوبة فى تطبيق مبدأ الإفصاح والشفافية خاصة وأن الشركة تمر حاليا بوضع حرج وتبذل معه قصارى جهدها لاستعادة وضعها الطبيعى مرة اخرى مما قد يتيح للمنافسين استخدام المعلومات الواردة لصالحهم وبشكل قد يلحق الضرر بالشركة, كما أنه من المحتمل ان تكشف بعض المعلومات عن أحد نقاط الضعف لدى الشركة ويتم استغلاله,كما تظهر مشكلة تضمين التقرير لمسئوليات إدارة المخاطر من حيث عدم إمكانية تصور المخاطر الأخرى المحتملة نتيجة للوضع الحالى وبالتالى عدم القدرة على توفير تلك المعلومات فى الوقت المناسب,كما يتأثر التقرير من خلال عدم القدرة على توفير المعلومات الكافية بشأن علاقات المستثمرين والمرتبطة بالحفاظ على المستثمرين الحاليين والمرتقبين.وأرى من أنه لا بد من التركيز على الجانب التطبيقى للحوكمة فى مرحلة الأزمات ومرحلة ما بعد التعافى من الأزمات وكيف يمكن للشركات إيجاد الحلول المناسبة لذلك, كما يشد انتباهى التأثير السلبى على معلومات تقارير الأعمال المتكاملة والتى قد يختلف بداخلها مضمون المحتوى المعلومات نفسه والذى يضم كلا من الحوكمة,الإستراتيجيات,الأداء غير المالى,الأداء البيئى وما غير ذلك, والتى ستأثر بدورها على الخصائص النوعية للمعلومات المحاسبية المقدمة. وعلى الجانب المصرى, فأقترح أن يتم إصدار معيار محاسبى مصرى يتناول القياس والإفصاح للقوائم المالية وغير المالية للشركات التى تربطها معاملات تجارية مع شركات أخرى انطبق عليها قانون الإنتاج الدفاعى, وبالمثل يتم إصدار معيار للمراجعة يتناول مسئوليات المراجع الخارجى نحو هذه الشركات, بحيث يتم تناول المحاور السابقة والأخرى المحتملة, كما أنه يجب أن يتم تناول هذه القضية من شق اقتصادى تحت مسمى اقتصاديات قانون الإنتاج الدفاعى.

كاتب المقال : مدرس بقسم المحاسبة والمراجعة كلية التجارة بالإسماعيلية