بأقلامهم
صلاح حسين محروس يكتب : كورونا والاقتصاد
مما لا شك فيه ان انتشار فيروس كورونا (covid_19) قد أصاب الاقتصاد العالمي بأضرار بالغة الخطورة نظراً لتوقف حركة التجارة العالمية ، وكذلك تعطيل بعض الصناعات العملاقة ، كما ان مخاطر فيروس كورونا (covid_19) الاقتصادية أكبر بكثير من مخاطره على الصحة العامة ، فإن كورونا قد يمنع البشر من الذهاب الى عملهم و بالتبعية توقف عجلة الانتاج . وقد اكدت معظم تقارير الاقتصاد العالمية ، تراجع جميع البورصات العالمية بشكل مفزع ، و تساقط تريليونات الدولارات من سوق المال من جراء انتشار فيروس كورونا (covid_19). وهذا ما اكده التحليل الاولي الذي نشر في مؤتمر الامم المتحدة للتجارة و التنمية ( الأونكتاد ) يرى معظم المحللون و المراكز البحثية الاقتصادية ، ان الاقتصاد العالمي في حالة كارثة حقيقية ، ولم تستبعد الدراسة الافلاس وربما انهيار لبعض الأصول التي تمس مرحلة النمو الاقتصادي ، واعلن خبراء اقتصاد تابعون للأمم المتحدة أن الأضرار التى لحقت بالاقتصاد العالمي الناجم عن فيروس كورونا (covid_19) المستجد تجاوزت انخفاض قدره 50 مليار دولار في صادرات الصناعات التحويلية في جميع انحاء العالم خلال شهر فبراير / 2020 . كما توقع معظم خبراء الاقتصاد بهبوط النمو العالمي ليصل الى 2.1 % خلال عام 2020 يثور التساؤل / ماهي الرؤية للاقتصاد العالمي بعد فيروس كورونا ؟ يتوقع جميع خبراء الاقتصاد أن المشهد الاقتصادي بعد فيروس كورونا (covid_19) سوف يكون مترتب على التغيرات التي سوف تطرأ على النظام السياسي الدولي . وذللك نظراً لكثرة التكهنات حول وجود اختلافات جوهرية سوف تحدث في الاتحادات و التكتلات الدولية . فلقد توقع معظم الخبراء ثلاثة سيناريوهات للتغيرات الاقتصادية التي سوف تطرأ على المجتمع الدولي : السيناريو الأول : هو أن يعود الاقتصاد الى وضعه الطبيعي بنفس السرعة الذي شهد فيه هبوطاً ، ولكن ذلك يعتمد بشكل كبير على مدى احتواء ازمة الفيروس ، ومتى يستطيع البشر العودة للعمل بشكل طبيعي ( وهو ياخذ مؤشر اقتصادى على شكل حرف V ) . السيناريو الثاني : وهو ان الاقتصاد يتقلص و يهبط لأسفل لمدة زمنية ، ومن ثم يبدأ في الصعود مجدداً ، وذلك راجع الى الغموض الذي يحيط بفيروس كورونا ولأن الفيروس لن يختفي بين لحظة واخرى ،كما أن الامر أيضاً راجع الى ان اصحاب الأعمال قد يعلقون أي استثمارات في المستقبل الى ان يستقر الامر ( وهو ياخذ مؤشر اقتصادى على شكل حرف U ) . السيناريو الثالث : (وهو الأسوء من وجهة نظر خبراء الاقتصاد ) ، هو الذى يعنى ان مرحلة التعافى قد تأتى بعد فتره زمنية طويلة جداً من ثبات المؤشرات الاقتصادية وكذلك مؤشرات الاسواق المالية لدرجة انة لا يمكن التنبؤ بطول هذة الفترة ، وهذا يحدث حال لن يتم احتواء ازمة انتشار فيروس كورونا (covid_19) ، واستمرار التباعد الاجتماعي ، مما سوف يستغرق الامر وقتاً بالنسبة للشركات و المستهلكين للتعافي ( وهو ياخذ مؤشر اقتصادى على شكل حرف L ) . كما أكد جميع الخبراء أن أي السيناريوهات سوف يفرض نفسه للتطبيق يرجع الى حزمة القرارات و الإجراءات المتبعة من قبل كل دولة في الشأن الاقتصادي . الوضع الاقتصادى المصرى : الاقتصاد المصرى شأنة شأن الاقتصاد العالمى فقد تضرر بشكل كبير من تداعيات ازمة انتشار فيروس كورونا المستجد (covid_19) ، ولكن سرعان ما قامت الحكومة المصرية بدارسة الوضع واتخاذ قرارت و اجراءات وتدابير احترازية لمحاولة الحد من ضرر انتشار فيروس كورونا (covid_19) على اقتصاد البلاد . فقد اعلنت الحكومة المصرية حزمة قرارات لدعم قطاع الصناعة والذى جاء على رأسها خفض معدلات الاقراض المتغيرة ( الجزء الاكبر من قروض الشركات ) على التسهيلات المستحقة بعد خفض الفائدة 3 % ، وكذلك خفض اسعار الطاقة للمصانع . كما شملت القرارات ايضا توفير مليار جنية للمصدرين خلال شهرى مارس وابريل 2020 لسداد جزء من مستحاقتهم وفقا للأليات المتفق عليها للسداد مما ساهم بشكل كبير فى زيادة الصادرات المصرية وعلى وجهة خاص فى المنتجات الزراعية الخضروات والفاكهة الى الدول سواء العربية او الاوربية والتى كانت نفس الدول تتعنت فى استيرادها من مصر . ولعل اكثر القطاعات ضرراً فى الاقتصاد المصرى سوف تكون من نصيب قطاع السياحة وقطاع الطيران المدنى وقطاع الاستثمار الاجنبى وكذلك نشاط قناة السويس ، مما دعى الحكومة المصرية الى اتخاذ العديد من الاجراءات منها تسهيلات فى بعض القروض وذلك حفاظا على استمرارية العاملين فى هذة القطاعات وكذلك بعض التسهيلات والتأجيلات بالنسبة لسداد المستحقات الضريبة على هذة القطاعات . كما جاء فى تقرير صندوق النقد الدولى ان الاقتصاد المصرى قد يكون من بين مجموعة قليلة من الاقتصاديات العالمية التى سوف تحقق نموا ايجابيا عقب انتهاء الازمة ووضعت معدل نمو احتمالى يبلغ 2% لعام 2020 للأقتصاد المصرى وهذا امر يثير الاطمئنان بالطبع لأنة يبين ان الركود العميق الذى اصاب الاقتصاد العالمى سيكون اقل وطأة على الاقتصاد المصرى . والى اللقاء في مقال أخر كاتب المقال :المدير التنفيذي لمؤسسة المستشار والامين المساعد لأمانة التخطيط و المتابعة و التنمية المستدامة بحزب الحركة الوطنية المصرية