اهم الاخبار
الجمعة 26 أبريل 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

بأقلامهم

محمود الصاوى يكتب: ببجي وشقيقاتها من الألعاب الإلكترونية رؤية شرعية

محمود الصاوى
محمود الصاوى

تابع الكثيرون خلال الايام القليلة الماضية ما أثارته لعبة ببجي من استياء عام لدي المسلمين عبر العالم حيث كان بها خاصية تلزم اللاعب بالسجود لأحد الأصنام لكي يتقدم في اللعبة، وصدرت بيانات واضحة من الازهر الشريف ودار الافتاء المصرية تجرم هذا العمل وتعده اعتداء علي العقائد الدينية مما حدا بالشركة الي الاعتذار و اصدار بيان توكد فيه احترامها للاديان وحجب هذه الخاصية . و نناقش أهمية الألعاب الالكترونية وخطرها الثقافي والقيمي علي هوية المجتمع. تحديد المفهوم : الألعاب الالكترونية هي الألعاب المثبتة في الأجهزة والبرامج الالكترونية المعروفة والمتداولة بين الناس كأجهزة الكمبويتر والبلاي ستيشن وغيرها وتطورت بسرعة مذهلة وغزت الأسواق والمنازل والمؤسسات التربوية والترفيهية واحتلت كثيرا من مواهب وأوقات وسلوكيات الأطفال. ماهي الروية الشرعية للألعاب الالكترونية؟ حيث أننا صرنا الي زمن تناقش فيه البديهيات والمبادئ الأولية وتُتناسي في زحام اللهاث وراء الدنيا ومتعها وملذاتها وفقط دون استحضار للهدف الأساسي من وحود المسلم في الحياة الدنيا القصيرة قد يتساءل البعض ماعلاقة الشريعة باللعب والألعاب وأبادر للقول والتذكير بان روية المسلم للحياة ليست كرؤية غيره قاصرة محصورة بين جدران هذا العمر القصير الذي يحياه ستين او سبعين او ثمانين سنة بل هي روية واسعة المدي لانه يعلم انه يسير في طريق طويل مشي عليه قبله الانبياء والصالحون منذ ابينا آدم عليه السلام حتي يرث الله الارض ومن عليها طريق يبدا في الدنيا وبنتهي في الآخرة فهما ليسا طريقان كما يظن البعض متعاكسان متقاطعان منفصلان ابدا. هو طريق واحد يبدا في الدنيا وينتهي في الآخرة ، ومن جهة اخري يُؤْمِن ويعتقد انه مخلوق لله عزوجل هو لم يخلق نفسه ولَم يأت للحياة تطورا طبيعيا لمخلوقات ادني منه كما تعتقد بعض النظريات للغربية القديمة، لكنه مخلوق لله ولهدف محدد هو ( وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون ) وله حاجات كثيرة لاعمار هذه الارض و لحسن عبادة الرب الجليل جل جلاله ووجود أوقات للفراغ ووجود مقتضيات لملء هذا الفراغ في اَي مرحلة من مراحل حباته خاصة ايّام طفولته الباكرة منها ممارسة بعص الألعاب تقليدية كانت او الكترونية مع تطور الازمان وتقدم الصناعات ، وبما ان الله هو الذي خلق الانسان ويعلم حاجاته فقد حدد له عبر النصوص الموسسة للإسلام القواعد للكلية والمنهجية التي يسبر عليها في حياته وتيسر له الطريق. واللعب وملء أوقات الفراغ حاجة من حاجاته فماهي الروية الشرعية لتلبية هذه الحاجة الضرورية الملحة ؟ إذا تأملنا في نصوص الشرع المطهر نجد اشتمالها علي عدد من القواعد الضابطة لهذا الموضوع منها : - أولا : من حيث المبدأ الاصل في الألعاب كلها الكترونية او تقليدية الإباحة لانها من وسائل اللهو المباح والاسلام لايحرم اللعب المباح باعتباره حاجة من حاجات الانسان لأغني له عنها في مراحل حياته المختلفة والبيان النبوي واضح في هذا ( روحوا عن القلوب ساعة وساعة ) ومسابقاته صلي عليه وآله وسلم لامنا عائشة رضي الله عنها مشهورة معروفة مؤصلة ومدللة علي مسأله الإباحة. - ثانيا : ليس لأحكام الألعاب الالكترونية حكم واحد بل تتغير احكام الألعاب الالكترونية وتتعدد بحسب مواصفات اللعبة نفسها ووظيفتها ورسالتها ما بين الإباحة الي بقية الاحكام التكليفية ( الوجوب والندب والتحريم والكراهة ) بحسب القرائن التي تصاحبها من هذه القرائن : قد تكون الأضرار الصحية كالإدمان الالكتروني وغيره وقد تكون المنافع والفوائد : التي تتحصل من وراءها ذهنيا وجسديا وحركيا وعليه فان الحكم علي الألعاب يترتب علي هذا فينتقل من الإباحة الي غيرها بحسب ماتفضي اليه من نتائج مختلفة كالمنافع والإضرار دينية او دنيوية جسدية او روحية او قيمية. وهذا يسوقنا الي بيان اهم القواعد الشرعية الضابطة للنشاط الانساني بشكل عام و نشاط اللعب وملء أوقات الفراغ بشكل خلص ،. من اهم هذه القواعد علي سبيل المثال : قاعدة : الضرر. يزال من ابرز القواعد المؤصلة للألعاب عموما التقليدية او الالكترونية فان كان لهذه الألعاب أضرار صحية او نفسية او مالية او علي مستوي القيام بالواجبات الاسرية والاجتماعية فتمنع تطبيقا لهذه القاعدة - قاعدة : جلب المصالح ودرء المفاسد: من القواعد اللصيقة بهذا الموضوع وذلك من جهة ماتحققه هذه المقاصد من منافع حسية وحركية وذهنية للأطفال والشباب عندما يكونوا في امس الحاجة اليها لتنشيط الذاكرة وتدريب الأطراف وتعويد الجسد علي الحركة والفكر والتركيز، بجوار المصالح الاخري بطبيعة الحال ومقتضيات الاحتماع الانساني كالتجارة والصناعة والتعارف والتواصل الانساني. قاعدة : الوسائل لها أحكام المقاصد : فكل الألعاب تقليدية أو الكترونية هي في الحقيقة شئنا او أبينا وسيلة لمقصود اساسي ترفيهي ، وتعليمي واقتصادي ، وغيره وان هذه الوسيلة بحكم عليها في ضوء ماتؤول اليه من نتايج ومآلات. فكل وسيلة ادت الي تحقيق مصلحة دنيوية موكدة لاتتعارض مع المصالح الدنيوية الاخري فضلا عن المصالح الأخروية التي هي محور الارتكاز في اجندة اهتمامات وأولويات المسلم جنبا الي جنب بمقتضيات عبوديته للخالق سبحانه وتعالي ومقتضيات استخلافه في هذه الارض لعمارتها عمارة مادية وعمارة روحية وإيمانية كما نطقت بذلك النصوص الإلهية الموسسة لمبدأ الاستخلاف من مثل قوله تعالي ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا ) بشروط بينتها الآية الكريمة هي ( يعبدونني لايشركون بي شيئا ). كاتب المقال أستاذ الثقافة الإسلامية ووكيل كلية الدعوة الاسلامية بالقاهرة