اهم الاخبار
السبت 23 نوفمبر 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

الفن

يحيى الفخراني بعد وصيته..رغم تكرار أدواره يبقى الفخراني طقس رمضاني

يحيى الفخراني  - الفنان الرائع و العبقري يحيى الفخراني لا خلاف على أدائه السلس و الناعم جداً و كأنه يعزف قطعة موسيقية شديدة التميز و الابداع، ما أهله ليقدم جميع الأدوار فهو الرجل اليهودي ضابط المخابرات الاسرائيلي في "اعدام ميت" عام 1985، و هو الأكيل في "خرج و لم يُعد" عام 1984، و هو الأب الغارق في حل مشكلات ابنائه في "محاكمة علي بابا" عام 1987، و الدكتور الكيميائي المدمن في "الكيف" عام 1985.

مسلسلات يحيى الفخراني :

ربما لم يأخذ حقه في السينما و لم تنصفه الأدوار التي أداها بها، و لكن كان التليفزيون هو بيته الحقيقي الذي اظهر فيه قدراته و مواهبه الفريدة و اعطاه شعبيته الجارفة في الوطن العربي.

حيث قدم عدد ضخم من الاعمال الرائعة و المميزة التي مازالت عالقة في اذهان الجمهور، فقدم "بالحجم العائلي" عام 2018، و "ونوس" عام 2016، و "دهشة" عام 2014، و "الخواجة عبد القادر"  عام 2012، و "شيخ العرب همام" عام 2010، و "ابن الارندلي" عام 2009، و "شرف فتح الباب" عام 2008، و "يتربى في عزو" عام 2007، و "سكة الهلالي" عام 2006، و "المرسى و البحار" عام 2005، و "عباس الأبيض في اليوم الاسود" عام 2004، و "الليل و آخره" عام 2003، و "للعدالة وجود كثيرة" عام 2001، و "أوبرا عايدة" عام 2000، و نصف ربيع الآخر" عام 1996، و "زيزينيا بجزئيه" و "ليالي الحلمية بأجزائه الاربعة".

أخطاء يحيى الفخراني :

يؤخذ عليه دوره في مسلسل "جحا المصري" عام 2002، فقد كان عمل سيء للغاية من حيث الأداء و السيناريو و الشخصية ذاتها، فقصص جحا ما هي إلا حكايات فلكورية  تقدم الحكم و المواعظ طوال الوقت، لكن لم تتمتع الشخصية المكتوبة في الورق بالعمق الكافي الذي يجعل العمل ممتعاً، فمن وجهة نظري  انه عمل لا يليق بيحيى الفخراني بعد اسطورة "ليالي الحلمية" و "اوبرا عايدة" و "نصف ربيع الآخر".

 التكرار :

كما أن يحيى الفخراني كرر نفسه كثيراً في عدة أعمال فدائماً هو يحيى الفخراني صاحب المثالية الزائدة، فدائما ً ما تجد يحيى الفخراني يقدم عملاً به الصراع الدائر بين الخير و الشر و ينحاز المسلسل و بطله إلى الخير الصافي، هذا ما قدمه يحيى الفخراني لعدة سنوات متتالية، فهو الشخصية المثالية الرائعة ذاتها، بالطباع ذاتها و الانفعالات ذاتها و مواقفه تجاه الحياه و وجهة نظره المثالية ذاتها، ردات فعله، طبقات صوته، حركات جسده دائماً هي لا  تتغير، و إن اختلفت القصة و  الحكاية و الشخصيات من حوله.

لكن تبقى شخصيته كما هي بدون أي تغيير، فالدكتور ربيع في نصف ربيع الآخر هو نفسه الدكتور مصطفى الهلالي في سكة الهلالي هو ذاته عباس الابيض مدرس التاريخ، هو ذاته جابر مأمون نصار في "للعدالة وجوه كثيرة"، الرجل الشريف النزيه العصامي المكافح المحب المتسامح، صاحب المثل العليا، و الذي تكتشف في النهاية أنه يدعي المباديء و الشرف،  هو دائماً فريسة تناقضات حادة و المهووس بصورة الكمال الأخلاقي، المتفهم لكل شيء  و الخبير في الناس و أصنافهم، و الذي يملك قدرات غير عادية في التأثير على الآخرين، تلك الشخصية النادرة الوجود او المستحيلة الوجود التي انتقلت مع الفخراني من مسلسل لآخر حتى مسلسل سكة الهلالي عام 2006.

عباس الابيض :

كذلك مسلسل "عباس الابيض في اليوم الاسود" رغم انه عمل مسلي للغاية إلا أن الشخصية التي قدمها الفخراني، كانت من أسوأ الشخصيات على مستوى  الكتابة، فبها كم كبير من التزوير و الافتعال الدرامي جعلها شخصية غير حية،  فلا يمكن ابداً أن يظل كما هو ناصع البياض كالملائكة بعد كل ما تعرض له من ظلم و قهر و  تنصل و خيانة.

 ابن الأرندلي :

و لكن من الجيد أنه انتبه لنوعية أدواره المتشابهة و بدأ  يغير من شخصياته التي يقدمها و الأدوار التي يلعبها ليقدم الرجل ذو العيون الزائغة و المحامي صاحب الطرق الملتوية المحتال الطامع في ثروة عمه، رغم أنه بذكائه كان يستطيع أن يكون ثروات طائلة في مسلسل "ابن الأرندلي".

و كانت من أكثر الشخصيات براعة في التقديم و تتسم بالعمق على مستوى الكتابة و  اعتبرها شخصياً من افضل ما قدم يحيى الفخراني على مدار مشواره الفني بأكمله، هو مسلسل "شرف فتح الباب" هذا العمل الذي ناقش بجرأة كبيرة قضية خصصة الشركات، و طرد  الموظفين من أعمالهم،  ما نتج عنه تشريد عدد كبير من الأسر المصرية في تلك الفترة، و انحراف عائلها في أعمال غير مشروعة ليتكفل بأسرته.

شرف فتح الباب :

 فهذا اضطر للسرقة، و ذاك أضطر للرشوة و هذا باع عضو من جسده و ذاك زوج ابنته لمن يكبرها بعشرات السنوات لتتكفل هي باسرتها، قدم يحيى الفخراني دوراً بارعاً بحق في هذا المسلسل، و شخصية واقعية بحتة من المارين علينا في حياتنا كل يوم ، فنحن قد نكون طيبون و ملائكة، مثالاً للخلق الكريم و الفضيلة و الشرف، في حال لم تأتينا الفرصة لنصبح غير ذلك.

لكن مع أول عرض لنصبح اثرياء بطرق ملتوية و مع ضغط الظروف و المعيشة التي أصبحت شبه مستحيلة، مع المرتبات الزهيدة و قلة الحيلة نخضع لكل هذا و نفشل في أول اختبار حقيقي و نصبح صورة ممن كنا نتحدث عنهم و نحن نستعجب كيف يستطيعون معصية الله و كيف يبيعون ضمائرهم و كيف يغفلون ليلاً و هم يستولون على أموال ليست من حقهم، لنكتشف أننا أول من ليس له ضمير و أول من خان الشرف و المباديء .

شخصية شرف فتح الباب شخصية تعاني من تناقضات غير طبيعية يصلي كل الفروض، بل و يكون إماماً للمصلين يعلم ابنائه القيم و الفضيلة، يلعن امام اللصوص و يبغض السرقة، و هو في الحقيقة لصاً محترفاً، سرق سريقته و لم يشعر به أحد و أتخذ من ثياب العفة و الشرف الذي ارتداه طوال سنوات عمره كذباً ستاراً ليتخفي وراءه بفعلته الشنعاء، و الغريب أنه يخفي تلك الأموال عن الجميع و يخشى أن ينفق منها شيئاً، كي لا يثير الشكوك.

يتحول من الرجل الخلوق الاصيل صاحب القيم و المباديء، لرجل مليء بالكره و الضغينة و الحقد، نادماً على السنوات التي كان فيها مخلصاً لدينه و مبادئه، حتى بعد أن اعطاه الله فرصة ليعترف بذنبه، لكنه تمسك بأموال لا يستطيع انفاقها لمجرد الانتقام  من الدولة التي لم تقدر اخلاصه لها على مدى سنوات عمله.ن

الفخراني طقس رمضاني :

 و رغم تغيير الشخصية التي يؤديها، إلا أن الدرس الأخلاقي و العبرة التي دائماً ما تحاول أعمال الفخراني تقديمها لم تغب عن أعماله حتى الآن، فظل حريصاً على ترسيخ القيم و المباديء، و هذا في حد ذاته شيء جيد، فدائماً ما اناشد القائمين على الصناعة ان تنطوي أعمالهم على مثل تلك القيم و المثل العليا، ليبقى الفخراني هو الطقس الرمضاني الذي لا تنازل عنه مثل طبق الحلويات بعد الافطار،  فمهما كان العمل الدرامي الذي يقدمه، سيتغاضى المشاهد عن أي خطيئة درامية أو شخصية غير منطقية من أجل عيون الفخراني، فإذا قدم تلك الشخصيات التي قدمها الفخراني أي ممثل آخر لما سلم من النقد و النقاد  و أصبحت شخصية واحدة منها بمثابة تراجع كبير في مشواره الفني و ليس نجاحاً باهراً يضاف إلى نجاحاته سنوياً كما يحدث مع الفخراني.

داليا محمد

لمزيد من التفاصيل عن اخبار اهل الفن من هنا

ﺗﻔﻀﻴﻼﺕ اﻟﻘﺮاء