بأقلامهم
وكيل كلية الدعوة الإسلامية بالأزهر يكتب: خطة شرعية ومجتمعية لمواجهة التحرش
التحرش وما يرتبط به من معاصي الايذاء وإلحاق الضرر بالآخرين يقع ضمن منظومة للأخلاق الفاسدة والرديئة التي جاءت الاديان كلها والإسلام في مقدمتها لاقتلاعها واعلان الحرب، عليها طلبا للسلام الاحتماعي والكرامة الانسانية وصيانة الأعراض والأنفس واجلالها. وتكريمها بمقتضي تكريم الله لها. وللوقاية من للتحرش وأخواته من مستقذرات الاخلاق ومساوئ الطباع استراتيجية واضحة المعالم مركبة تشترك في تنفيذها جملة من العوامل والعناصر التي تتفاعل فيما بينها وتتشابك جهودها للقضاء علي هذا ألداء الوبيل والشرالمستطير. هي منظومة سداسية إن صح التعبير تقوم علي تنفيذ استراتيجية مواجهة التحرش تشمل علي التوازي الشخص المتحرش ، الشخص المتحرش به ، الاسرة ، المجتمع ، الموسسات الدينية والتعليمية ، واجبات ولاة الامر، ولا تستصعبوا ذلك قراءنا الاعزاء، فالطبيب عندما يكتب لك أنواعا مختلفة من الدواء في الروشتة العلاجية ليس لتختار منها بل لتتفاعل معا بمجموعها وتحقق الشفاء بإذن الله تعالي. أولا المتحرش : كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون علي كل انسان أصيب بهذا الداء أن يعلم أنه علي معصية وإن يستغفر الله منها بإقلاعه عنها وندمه علي فعلها وعدم العودة اليها، بداية صفحة جديدة مع النفس فما دمت حيّا تتنفس وتستقبل أنفاسا جديدة من عمرك فعندك دايما فرصة للإصلاح والتحديد للإيمان في قلبك فلا تيأس من رحمة الله ان الحسنات يذهبن السيئات. والعلاج غض البصر عن كل ما يثير الشهوة ويحرك العزيزة وأضر شئ علي القلب ارسال البصر في كل أنثي تقع عينك عليها واقعيا أو افتراضيا علي الشاشات والشبكات ونحوها من انجع الادويةً في هذا الباب وقد بين لك حبيبك ﷺ أن النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة من ترك ذلك وجد حلاوة الايمان في قلبه ونور الله قلبه وثبته علي الحق وحفظ الفرج هو الثمرة الطبيعية لغض البصر وتحقيق الحفاظ علي امن المجتمع ، الابتعاد عن رفقاء السوء والاقتران مع الصحبة الصالحة التي تدله علي الخير وتحببه اليه وتبتعد به عن المحرمات. توظيف أوقات الفراغ توظيفا جيدا حتي لاينشغل فقط بالشاشات والشبكات والمحرمات واستنفاد الطاقات فيما لاينفع بل ضرره موكد وعلبه بأنواع الرياضات المادية والنفسية والمحافظة علي الفرائض والإكثار من نوافل العبادات. ثانيا المتحرش به المجني عليه ليحمي نفسه من عيون الذئاب البشرية المتلصصة والتي تنهش في لحوم النساء في الطرقات عليهن أمور ايضا منها : الالتزام بمنهج الاسلام في اللباس وستر العورات التي امر الله بسترها والحجاب فريضة الله علي عباده كالصلاة والصيام والزكاة والحج، عدم التشبه بالجنس الاخر في اَي شئ فقد لعن النبي صلي الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وقد لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل. عدم المبالغة والإفراط غي استخدام الزينة وأدوات التجميل خارج البيت في الشوارع والطرقات والمولات ونحوها من الأماكن العامة، عدم التواجد بالأماكن الخالية او المقطوعة او المشبوهة او المزدحمة ازدحاما شديدا تلتصق فيه الاجساد والأنفاس.كعلب السردين في بعض الموافق او المواصلات العامة، إعلان الرفض العام لاَي تحرش وإبلاغ رجال الشرطة المختصين فلا بد من اتخاذ موقف إيجابي بإعلان الرفض والإنكار والاستعانة بالشرطة المختصة. ثالثا الاسرة : يحب عليها أن تربي أبناءها إيمانيا وأخلاقيا علي أسس صحيحة واضحة ( ياايها الذين آمنوا قو ا انفسكم وأهليكم نارا ) يجب علي الاسرة تعليم ابناءها طاعة الله وطاعة رسوله ومراقبة الاه في كل تصرفاتهم وأحوالهم وان يكون الآباء قدوة طيبة لأولادهم لتقويم اعوجاجهم قديم تربية جنسية سليمة نظيفة تمد الفرد بالمعلومات الصالحة والاتجاهات السليمة بقدر مايسمح به النمو الجسمي والنفسي، الحرص علي تزويج اولادهم وعدم المغالاة في مهورهم حتي يحصنوا اولادهم من الوقوع في الحرام. رابعا: المجتمع ودوره في مواجهة ظاهرة التحرش من الوظائف الاساسية للمجتمع المسلم، الامر بالمعروف وإنكار المنكر، ولا منكر انكر من التحرش وانتهاك الحرمات والأعراض والايذاء المعنوي أو المادي للفتيات والسيدات من بعض من فقدوا شهامتهم ومروءتهم وأخلاقهم الكريمة في التلبس بالتحرش الفردي أو الجماعي في المولات أو الأسواق والشوارع والطرقات او المدارس والجامعات أو علي النت ومواقع التواصل الاحتماعي( التقاطع الاجتماعي )!. أيضا التكافل الاجتماعي بتشكيل جميعان لمساعدة الفتيات والشباب غير القادرين والقادرات علي مؤونة الزواج وتكاليفه وتيسير المهور. وعمل حفلات الزواج الجماعي التي تضغط التكاليف وتقلل منها، علي الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني وهي بالآلاف في مجتمعنا المصري، أن تنشط في هذا الباب، وتولي مسالة الاعانة علي تكاليف الزواج ومساعدة غير القادرين وهم الأغلبية والسواد الأعظم من شباب وبنات مصر في ظل الارتفاع الرهيب لنسب العنوسة. وإشاعة ثقافة تيسير المهور عبر توعية نشطة وقوية ومستمرة وعبر وسائل جماهيرية واسعة الانتشار علي المجتمع، احترام المراة وعدم استغلالها وسيلة للتسويق في الإعلانات التجارية التي تم حيث نري ليلا ونهارا استغلال المراة وسيلة لتسويق البضائع والسلع وتوضع صورتها عارية أوشبه عارية علي السلعة ! والتي قد تكون بعيدة كل البعد بل لاعلاقة لها بالمرأة من قريب او بعيد، مستغلين أو موظفين لعلم النفس التجاري الذي نشأ في بيئات مختلفة لاتعرف مفهوم الحرام وليس ضمن أولياتها حيث نحته من طريقها الرأسمالية المتوحشة فصيرت التجارة والاعلان صناعة تستغل كل شئ وتقضي علي أي شئ ! الدين والأخلاق والأعراض والقيم الاخلاقية من أجل غاية واحدة هي الربح وتحقيقه، وهذه أعمال محرمة مفسدة للقيم والأخلاق تغزي شريان الشهوات في المحتمع وتوفر بيئات خصبة للتحرش ومقدماته ونتائجه. خامسا: الموسسات الدينية والتعليمية وقد تعمدت تأخيرها علي أهميتها لان البعض يلقي عليها كل أخطاء المجتمع مهملا بقية الموسسات الاخري، التي تتحمل نصيبا كبيرا من المسؤولية أيضا، لكن شيوع ثقافة الشماعات التي نعلق عليها أخطائنا لنسلم ونخدع أنفسنا ببرائتنا، ومع هذا فان علي المؤسسات الدينية جنبا إلي جنب مع المؤسسات للتعليميةً في مراحلها المختلفة دورا بالغ الأثر في التصدي لهذه الظاهرة عبر غرس وزراعة القيم الاخلاقية والدينية والمجتمعية في أنفس وعقول وقلوب جماهير المساجد وروادها، عبر الخطب والدروس والمناشط الدعوية المتنوعة أو طلاب المدارس والجامعات عبر المناهج والمقررات الدراسية والانشطة الثقافية التي تسهم في تكوين الطلاب وتربية عقولهم وضمائرهم وسلوكياتهم وعبر قدوات صالحة من المعلمين والمعلمات يضعون البذور الصالحة في هذه الأنفس البرئية في بداية تكوينها الثقافي والتعليمي والتربوي، عبر تنشئة اجتماعية تنمي الشعور بالمسؤولية المجتمعية بحيث يعي الناشئ فتي أو فتاة خطورة أي سلوك منحرف علي الفرد والمجتمع وأن هذا الضرر سيعود علي الجميع فيغرس الإيجابية في نفس المدعو أو المتعلم ويعلمه أن إنكار المنكر وتصديه للسلوكيات المنحرفة يعود بالنفع عليه وعلي المجتمع كله. أيضا ارتقاء لغة الخطاب عند الحديث عن المراة ومكانتها في المجتمع كاخت وبنت وأم وعمة وخالة وليست مجرد شئ يذكر للمتعة وإثارة الشهوات والغرائز، فلا تذكر إلا في هذا السياق وذلك الاعتبار فهذا سبب كثير من البلاء في المجتمع، تفعيل دور المسجد مكان مقدس لعلاج الامراض الروحية والمجتمعية كما أن المستشفي مكان محترم أيضا لعلاج الامراض الجسدية والنفسية وأن يرتقي الخطاب الديني ليكون ملامساً لاحتياجات الناس فعلا ومشكلاتهم الحقيقية الواقعية التي يعانون منها ليتعلق به رواده ولينعموا بأن يكونوا ممن يظلهم الله بظله يوم لاظل الا ظله ( ورحل قلبه معلق بالمساجد )، التعلق بالمساجد سيتعاظم ويثبت أيضا عندما يجد المسلم والمسلمة مناقشة لمشكلاته وعلاجا لأمراضه وتلمسا لحاجاته. إظهار نوع محبة العصاة وكراهية للمعاصي مسألة في غاية الأهمية، وكلنا يتذكر قصة هذا الشاب الذي جاء الي سيدنا المصطفي عليه الصلاة والسلام يستأذنه في الزنا !!! لم ينهره ولَم يعنفه ولَم يسبه وحاشاه صلي الله عليه وسلم أن يفعل، بل دخل معه في حوار عقلي وجداني رائع حتي كره اليه الزنا، وهو صلي الله عليه وسلم الأسوة الحسنة مارأيت معلما احسن منه. كما قال الأعرابي عنه مانهرني ولا قهرني ولاسبني ولا شتمني بل قال إن المساجد لم تقم لمثل هذا لاحظ أن هذا الأعرابي جاء وتبول في مكان صلاة النبي وأصحابه !!. سادسا: مؤسسات الدولة وولاة الامر: منع مثيرات الشهوات في المجتمع، خاصة في الأفلام والمسلسلات واللاعلانات المثيرة للغرائز والمهيجة للشهوات والتخفيف من المناظر الجنسية الساخنة علي الشاشات الكبيرة والصغيرة، مع ضرورة التشديد علي تعاطي المخدرات والمسكرات والسموم التي تدمر المجتمع وتوقعه في مستنقع الرذائل والمنكرات والمساوي الاخلاقية - تفعيل العقوبات الرادعة علي المتحرشين لدرعهم وكف ايديهم و منع نشر الصور والمواقع الجنسية والصور الفاضحة التي تخل بالآداب العامة للمجتمع المتدين. وعلي مؤسسات الدولة التعليمية التصدي للملابس المثيرة البنطلونات الممزقة والساقطة والإكتاف العارية خاصة في الموسسات التعليمية والمرافق العامة، توفير وسائل مواصلات خاصة بالسيدات كما يحصل في مترو الإنفاق، إعانة غير القادرين علي الزواج، ودعم الجمعيات التي تعمل في هذه الانشطة. أعان الله الدولة علي القضاء علي العشوائيات والأماكن الأكثر فقرا، حيث تكون مرتعا خصبا لمثل هذه النوعيات من الجرائم. أخيرا: التحرش نذير خطر علي المحتمعات العربية والاسلامية ولابد من تكاتف للجهود للقضاء عليه او الحد منه والتنبه الي ان تفريط المجتمع في ضياع اأي خلق يسمح بضياع الباقي، فالمجتمع بأفراده ومؤسساته هوالحارس الامين علي الاخلاق والقبح فاذا غفل الحارس تسلل اللصوص !!!
بقلم أ. د. محمود الصاوي أستاذ الثقافة الاسلامية.