اهم الاخبار
الجمعة 26 أبريل 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

بأقلامهم

أحمد مصيلحي يكتب: نسيج العنكبوت «2»

يبدوا أن نبرة "يا أهلاً بالمعارك" قد استعادت بريقها من جديد، فلا حديث إلا عن المُواجهة المصرية – التركية علي الأراضي الليبية، ومن المثير للأمر ، أن تقييم الوضع الجيوسياسي يزاد تعقيداً وتشابُكاً.

ولا أعلم أيضاً سر استعادتي لذكريات كانت قد رواها لي أبي تعُود لستينيات القرن الماضي، كما تذكرت مقُولة أخري تقول " إن التاريخ لا يعيد نفسه كما يشاع، ولكن الإنسان يُكرر غباءه ".

وبرُغم قناعاتي القائمة علي ضرورة حماية الأمن القومي المصري بكل مُرتخص وغال، إلا اني اري العديد من التصرفات والأفعال تحتاج الكثير من الضبط والتقييم.

إصدار السيد الرئيس تصريحاً بوجوبيه الخط الأحمر (سرت – الجفرة)، كان لابد أن يكون التعليق الأخير علي الأزمة الليبية ورد الأمر علي انه الحد الآمن للأمن القومي المصري. وهو بالمناسبة نفس ما انتهجته إسرائيل في سوريا ونفس ما انتهجته تركيا في العراق وسوريا ، بصمت عربي ومُباركة دولية.

هرولة القبائل الليبية لمصر واجتماعها مع السيد الرئيس، تصرفٌ يدل علي عراقة القيم الإنسانية المصرية و العربية من حماية ونُصرة الجار، ولكن لابد من الإجابة علي سؤال مهم، هل تعاني ليبيا من احتلال تركي يستوجب نُصرتها؟

اعذروني يا سادة، فالإجابة لا، فعلي صعيد الشأن الليبي، نجد تناحراً بين فريقين كلاهما يدعي الشرعية (السراج وعقيلة صالح) وكلاهما يستند لاتفاق الصُخيرات.

وعندما يتعلق الأمر بقُرابة نصف ليبيا (تمثلها الحكومة الليبية والغرب الليبي) في دعم وتحفيز الوجود التركي فهذا ليس احتلالا ولكنه خيانة تستوجب استنفار العزيمة الوطنية الليبية للمقاومة وتغيير الوضع من خلال قوي وطنية ليبية (وليس مصرية).

وللعلم فالقوات التركية مدعُومة بستار من التمويه الأمريكي الساعي لاحتدام الصراع المصري – التركي علي الأراضي الليبية لتحقيق عدة مُستهدفات أهمها:-

- إيحاد الآليات الشرعية المُناسبة لتواجد القوات الأنجلو- أمريكية بليبيا خاصة مع بدء سحب القوات الأمريكية من أفغانستان.

- كسب نصيب مفروض من النفط الليبي لإيقاف الهيمنة الروسية علي مُقدرات أسعار النفط العالمية.

- كسر شوكة القوي الإقليمية اليورو-متوسطية مثل فرنسا وإيطاليا.

- تعزيز فُرص الاقتصاد الأمريكي قُبيل انتخابات الرئاسة الأمريكية المُزمع عقدها نهاية العام.

كما أن للعنكبوت التركي أدواراً خفية وعلاقات بعدة دول لا يجمعها رابط إلا "العداء لمصر"، فالعلاقات التركية من جهة والإسرائيلية والقطرية والإثيوبية من جهة أخري تُمثل الحلقة الأخيرة لخنق مصر ولتحقيق عدة مُستهدفات اهمها:-

- إيقاف النمو الاقتصادي المصري والذي وصل لأعلي مُعدل خلال إحدى عشر عاماً.

- إلهاء مصر عن التحركات الإسرائيلية لضم أراض جديدة من الضفة الغربية قُبيل الانتخابات الأمريكية والتي تُمثل الجزء الباقي من فاتورة السيد دونالد ترامب.

- إلهاء وتشتيت مصر عما يدور في سد النهضة والاعتماد علي متابعة السودان لهذا الملف (ولنا في هذا الشأن مقال أخر).

- إضعاف موقف النظام المصري داخلياً وخارجياً (للعلم ، نحن لا نُحسن اختيار من يتحدثون عنا ولا نُجيد كسب المعارك الإعلامية).

ولأن نسيج العنكبوت قد نُسجت خيوطه ووضحت معالمه، ولثقتي التامة في نزاهة صانع القرار المصري، وأننا لا نبغي جني أي مصالح من الداخل الليبي، فأنا أنصح بالآتي:-:-

- لا يجب دخول القوات البرية المصرية للأراضي الليبية وأن يتم التعامل من خلال ترسيم حدود للمنطقة العازلة فقط (بافر زوون) وأن يكون خط (سرت – الجفرة) هو مسرح عمليات "حماية الأمن القومي المصري" سواء بالقوات الجوية او البحرية أو بالصورة التي تراها القوات المُسلحة.

- ضرورة دعوة البرلمان الليبي للانعقاد فوراً سواء في ليبيا أو في مصر "أقترح أن ينعقد بمقر جامعة الدول العربي وبحضور ممثلي البرلمان العربي والبرلمان الدولي" للخروج من النفق المُظلم الخاص بشرعية البرلمان الليبي.

- التوقف عن ترديد مقولات "تسليح وتدريب القبائل الليبية" فمصر لا تساعد قيام الميلشيات المُسلحة أياً كانت توجهاتها.

- طرح مُبادرة مصرية من خلال المؤسسات العربية (جامعة الدول العربية) والقوي الإقليمية اليورومتوسطية لإعادة الإعمار والتنمية في ليبيا من خلال برامج تتبناها المؤسسات الدولية بالأمم المُتحدة علي أن تكون القبائل الليبية  (شرقاً وغرباً) والبرلمان الليبي داعمين لتلك المُبادرة.

وللقاء أخر لاستكمال نسيج العنكبوت....

كاتب المقال أمين التخطيط والمتابعة والتنمية المستدامة في حزب الحركة الوطنية المصرية