اهم الاخبار
الأربعاء 24 أبريل 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

بأقلامهم

نور الشيخ يكتب.. الشذوذ الفكري

دائما ما كنا نحصر فكرة الشذوذ فى الإنحراف الجنسى والعلاقات الجنسية الشاذة، ولكنه فى الأساس شذوذ فكرى يبدأ من سيطرة الشهوة واللا ضوابط واللا قيم على العقل، فتصير سلطة الشهوة هى العليا وتسيطر على العقل. وهنا يصبح العقل فريسة لسلطوية الشهوة ليس فى تنفيذ الرغبات المنحرفة فقط ولكن فى تقمصه دور محامى الشيطان والمدافع عن اللاقيمة واللاضوابط، فيسير الإنسان فى درب لا رجعة منه بعد اقتناع العقل وتقبله لسلطة الهوى فتصبح الرذيلة حق لا تفريط فيه. حدثنا فرويد قديماً عن مركبات الشخصية السوية وهى التى تتوازن فيها مركبات الهوى(النفس المشتهية) والأنا(الحالة المعتدلة) والأنا العليا(الأكثر تحفظاً وعقلانية)، وأيضا هو من صنف الغرائز إلى غرائز موت وغرائز حياة، ومنها يخلص فرويد إلى أن السلوك البشري هو نتيجة للصراع بين هاتين الغريزتين أو التعاون بينهما. فغريزة الحياة تنزع إلى البناء، أما غريزة العدوان فتنزع إلى التدمير والهدم، ووظيفة المجتمع هو التغلب على السلوك المدمر وتقديم السلوك الذي يبني ويهذب. وأدرج فرويد غريزة الغرائز الجنسية إلى غرائز الحياة شريطة المحافظة على استمرار الحياة واستمرار النوع، بالتالى إذا ماخالفنا هذا الشرط تحولت إلى غريزة موت، ومخالفة هذه الشروط ما هو إلى نتاج سيطرة الشهوة على العقل وسيطرة حب الكراهية وحب التمرد والأحقاد والعدوانية على حب تحقيق الحياة الاجتماعية والعيش المشترك وحب الٱخر والإعمار. فالغريزة الجنسية هى معبرة عن ما يدور بخلد الإنسان، الإنحراف الفكرى هو ما يسوق الإنسان للإنحراف الجنسى وليس العكس، لذا دائما ما نعود للمربع رقم صفر، الفطرة والهوية والعادات والتقاليد و الأعراف والمورثوات الحميدة، الفضائل والقيم المجتمعية، الضوابط القانونية والإجتماعية والدينية، هى الملاذ. ذلك المربع الحاكم والمحافظ على الحياة، المربع الذى ينادى دائما أرباب الحريات المزيفة بالتمرد عليه والخروج منه إلى اللاضوابط، تخيل معى عزيزى القارئ أنك تملك شركة إقتصادية بلا ضوابط للموظفين ولاقوانين حاكمة كيف هو الحال وكيف يكون العائد منها، قد تظن للوهلة الأولى أنها فكرة رائعة أن تعمل فى شركة بلا ضوابط ولكن إلى من تنتمى إذن؟!، الإنتماء دائما وبالفطرة يجب أن يكون للضوابط فشركة بلا ضوابط لن تترك بك أثرا أو حتى عائدا، كذلك الحياة البشرية إذا ما كانت بلا ضوابط فلن تنتمى إليها وستظن دائما أنك فوق البشر وفوق الحياة وترغب دائما فى المزيد من كل شئ حتى تستحل هذا المزي. ما نشاهده اليوم من انحلال أخلاقى ودفاع مستميت عنه من منظمات حقوقية هو ضد حركة الكون، مظاهر الإنحلال الأسرى التى نشاهدها هى ضد مصلحة الأبناء، إستبدال القيم التربوية بالقيم المالية فى التربية هو أكبر خطر يدمر الأجيال نفسياً وعقلياً وعقائدياً، لا تظن يا عزيزى ان الأموال هى البديل العصرى فى التربية وأن الحرية المفرطة هى حب مفرط بل هى شر مطلق. الضوابط الإلهية والقانونية هى الإحساس الحقيقى بالأمان، هى الملاذ، هى النجاة، التربية ليست بالأموال التريبة بالقيم والمبادئ.

كانب المقال: نور الشيخ، أمين التدريب والتثقيف بحزب الحركة الوطنية المصرية