«العالمي للفتوى»: قانون التصالح في مخالفات البناء مبادرة وطنية تحاول «الإرهابية» تشويه معالمها بالأكاذيب
«الإرهابية» تضفي مصداقية على أكاذيبها بزعم أنها انتصار للدين وللشعب وليس انتصارًا للجماعة.. تغليف الآراء السياسية بالدينية طريقها للتسلل إلى عقول الناس
أكد المؤشر العالمي للفتوى (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم أن جماعة الإخوان الإرهابية دأبت على تغليف آرائها السياسية بالصبغة الدينية، كأحد أهم أدواتها المهمة للتسلل إلى عقول الناس، وإضفاء طابع من القداسة الدينية على ما تطرحه من أكاذيب وشائعات تضلل بها الرأي العام، فالجماعة الإرهابية تحرص دائمًا على تصدير صورة غير صحيحة وشائهة تتهم فيها الدولة بالفساد تارة وبالكفر تارة أخرى، وقد كان آخرها تجريد قانون التصالح في مخالفات البناء على الأراضي الزراعية من هدفه الوطني، فحشدت أتباعها عبر منصاتها الإعلامية لإصدار الفتاوى التي تهاجم القانون وتصور الأمر على أنه مخالفة شرعية، مستغلة في ذلك أساليب الكذب ونشر الشائعات والتحريض على العنف.
ورصد مؤشر الفتوى خلال الأيام الماضية ما يقرب من (1500) مادة إعلامية تنوعت بين الفتاوى والمقالات والمداخلات ومنشورات منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بالجماعة الإرهابية، والتي تحدثت عن قانون التصالح في مخالفات البناء، حيث قام المؤشر بتحليلها وتوصل إلى مجموعة من النتائج، أهمها أن (100%) من العينة المرصودة هاجمت القانون وجرَّته إلى مساحة المخالفة الشرعية، وحملت أتباع الجماعة على تكفير الدولة، ومحاولة صرف نظر الناس عن هدف القانون الوطني من إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح وهو الحفاظ على الرقعة الزراعية.
لذا، فقد جاء خطاب الجماعة المضاد للمصلحة الوطنية محملًّا بالأكاذيب ومحرضًا على العنف ومعرقلًا لمسيرة الإصلاح، وكان على النحو التالي:
- (55%) حول نشر الشائعات والفتاوى المغلوطة التي تتهم الدولة بالفساد والكفر.
- (30%) جاء خطابها حول التحريض والصدام والعنف مع الدولة.
- (15%) ادعاء التعاطف مع الشعب ومحاولة تقديم نفسها بديلًا للنظام.
الشائعات والأكاذيب .. سلاح الجماعة لإفشال جهود الدولة:
حاولت جماعة الإخوان الإرهابية تجريد قانون التصالح على مخالفات البناء من هدفه الوطني في الحفاظ على الرقعة الزراعية بوصفها له بأنه يكرس للفساد، وحشدت عبر منصاتها الإعلامية سيلًا هائلًا من الشائعات والأكاذيب وصل إلى (55%) من نسبة المرصود عبر هذه المنصات الإرهابية خلال الأيام الماضية.
وأوضح مؤشر الفتوى أن على رأس منصات الجماعة الإرهابية التي أخذت على عاتقها مهمة التحريض والتأليب قناتي: "مكملين" و"الجزيرة"، حيث أظهرتا أقصى درجات المعاداة للدولة بنشر الفتاوى والتحليلات المغلوطة والمشوهة، وتصوير الأمر على أنه اعتداء على حقوق المواطنين، وليس تنظيمًا لعملية البناء والقضاء على العشوائية، ومحاولة تصدير رأي ديني من أنها منفعة خاصة ولا يجوز الاعتداء عليها، وتناسوا أن الشرع كفل لولي الأمر تقييد المباح إذا تعلق الأمر بالحفاظ على المقاصد العامة للأمة، وأن حكمه يرفع الخلاف، وأن تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة، فللحاكم تدبيرُ كثيرٍ من الأمور الاجتهادية وفق اجتهاده الذي توصل إليه بعد النظر السليم والبحث والتحرِّي واستشارة أهل العلم الأمناء.
وتابع مؤشر الفتوى أن الشرع قد قدَّم تحصيل مصلحة الجماعة على تحصيل مصلحة الفرد عند التعارض؛ هذا لأن التشريع الإسلامي الحكيم يرمي إلى صلاح الفرد وعموم المجتمع؛ ومثال ذلك نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ادخار لحوم الأضاحي أولًا لحاجة الناس ثم إذنه في ذلك، وكذلك فإن جواز نزع الملكية الفردية مثال آخر لتقديم المصلحة العامة، حيث أمر عثمان بن عفان رضي الله عنه الساكنين المجاورين للمسجد ببيع دورهم المحيطة به من أجل توسعته للمصلين، وهذا يدل على جواز نزع الملكية الفردية لمصلحة المرافق العامة كتوسيع الطرق وغيرها.
وأورد مؤشر الفتوى مجموعة من الفتاوى والمقالات التي هاجمت القانون ووصفت الدولة بالكفر، والتي منها ما قام به الهارب وجدي غنيم من وصف الدولة والرئيس السيسي بالكفر في فتوى له، والتي جاء فيها: "السيسي الكافر يهدم المساجد وبيوت المصريين ..."، وما قاله المدعو الإخواني عامر شماخ: "إن ما يردده إعلام النظام من أن هدم البيوت لأجل مكافحة الفساد والقضاء على العشوائيات، ليس صحيحًا، بل العكس هو الصحيح؛ فإن ما يحدث لأجل تقنين الفساد، ولجمع مزيد من المال لدعم خزينة الدولة الخربة، ولبثِّ مزيد من الخوف في قلوب الناس لئلا يتطلعوا إلى تغيير أو إصلاح".
وعليه أكد المؤشر أن مواقع الجماعة الإرهابية قد كرَّست خطابها فقط للانتقاد والهدم، مطوعة كل أدواتها التي شملت المقالات والتحليلات والتقارير المرئية والمكتوبة لتشويه الدولة وهدم كل الإصلاحات التي تقوم بها، رغم أن الدولة المصرية شهدت الكثير من البناء المخالف، لا سيما بعد 2011 بسبب ضعف الدولة في تلك الفترة، وعدم وجود قوة رادعة لتنفيذ القوانين، ما تسبب في كل ما نراه الآن من عشوائية في البناء دون تراخيص وصلت منذ 2011 إلى 2018 إلى مليون و900 ألف حالة.
هذا بالإضافة إلى بيان أن الجماعة لكي تضفي مصداقية على أكاذيبها فدائمًا ما تصور الأمر على أنه انتصار للدين وانتصار للشعب، وتخفي الغرض الأساسي من هذا التطويع الديني للأدلة لخدمة أهدافها الخبيثة من النيل من الدولة.
التحريض على العنف .. الحل الوحيد من وجهة نظر الجماعة الإرهابية لمواجهة إجراءات الدولة
أكد مؤشر الفتوى أن من أهم أدبيات جماعة الإخوان الإرهابية العلاج بالعنف، وأن الحل الوحيد من وجهة نظر مؤسسيها ومنتسبيها يكمن في المواجهة العنيفة، حيث يجعلون أول الدواء الكيِّ وليس آخره، وهو مبدأ أصيل في فكر الجماعة الإرهابية بررته أحداثها الإرهابية منذ العام 2013.
واستدل مؤشر الفتوى على ذلك بأن (30%) من المادة المرصودة عبر منصات جماعة الإخوان الإرهابية خلال الأيام الماضية والتي كانت عن قانون مخالفات البناء جاءت محرضة على المواجهة العنيفة مع الدولة.
وأشار مؤشر الفتوى إلى مجموعة من دعوات المنصات الإعلامية لجماعة الإخوان الإرهابية لاستخدام العنف في مواجهة الدولة، لتكتمل محاولاتها لتقويض استقرارها وبث الفوضى، ومن ذلك دعوتها الدائمة للمصريين للصدام مع الدولة لاستغلال المواطنين في تنفيذ أجندة الجماعة في هدم الدولة.
ومن بين تلك الدعوات ما بثته قناة "مكملين" الإرهابية، التي قامت باستضافة من أسمتهم متخصصين في الشأن الديني والقانوني، الذين نشروا الأكاذيب التي أرادوا من خلالها تضليل الرأي العام، وتصوير الأمور على غير ما هي عليه، وتصدير الأمر على أنه مظالم يجب ألا يرتضي بها المواطن، وتناسوا أن الأحكام الشرعية والقانونية في مقاصدها قد أعلت من مصلحة الفرد والجماعة، وأن الدولة في سعيها لتقنين الأوضاع هدفها الأساسي درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح.
وأورد المؤشر مجموعة من الأدلة التي تدحض حجج الجماعة الواهية، والتي أكد فيها على أن النصوص الفقهية قد حرمت فيها التعدي على الأرض الزراعية، لما فيها من ضرر عظيم، قد يهلك به الإنسان والحيوان.
وتابع أن التعدي على الأراضي الزراعية هو عكس مراد الشرع الذي حث على الزرع والغرس، ففي الصحيحين عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ". وقوله: "إِنْ قَامَتْ عَلَى أَحَدِكُمُ الْقِيَامَةُ، وَفِي يَدِهِ فَسِيلَةٌ فَلْيَغْرِسْهَا".
وأوضح المؤشر أن من يدَّعي أن الأرض ملكية خاصة ويحق له البناء عليها فهو يرتكب حرامًا؛ لأنه أضر بالمجتمع ضررًا عامًّا، وعليه أن يتحمل الضرر الأصغر مقابل دفع الضرر الأكبر.
وحول أن القانون قد جاء لضبط عملية البناء والحفاظ على الرقعة الزراعية من التآكل أوضح المؤشر أن للحاكم تقييد المباح للضرورة العامة، فإذا منع ولي الأمر البناء على الأراضي الزراعية فله ذلك، لما جاء في الحديث أن الصحابة الكرام قالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: يَا رَسُولَ اللهِ، نَهَيْتَ عَنْ إِمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ عَلَيْكُمْ، فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا". فإذا منع ولي الأمر مثل هذا كان هناك معنى زائد في المنع؛ إذ ولي الأمر منوط به أن يتصرف بما فيه مصلحة الرعية.
مصلحة الشعب.. بوابة أكاذيب الجماعة الإرهابية لترويج أهدافها الخبيثة:
وأوضح المؤشر العالمي للفتوى أن الجماعة الإرهابية دائمًا ما تصدِّر خطابها عبر المنصات الإعلامية بجملة "مصلحة الشعب" والتي تعد البوابة الأساسية لتمرير أي أفكار خبيثة ومسمومة للجماعة في محاولة للعودة إلى الواجهة السياسية مرة أخرى عبر الدعم الشعبي، فمن خلال العينة المرصودة توصل المؤشر إلى أن (15%) منها تمثل في ادعاء الجماعة تعاطفها مع الناس ودعمهم، بالترويج لبعض الفتاوى التي تم فبركتها، والتي تحرم هدم البيوت السكنية للمواطنين حتى لو كانت مخالفة للقانون.
ومن ذلك فبركة فتوى للشيخ "مبروك عطية"، تضمنت قوله: "إخراج الناس من بيوتها أشد من المسجد الحرام، إخراج الناس من بيوتها وتكريههم في عيشتهم كأنك بتدوس على المسجد الحرام"، وهي الفتوى التي أعلن الشيخ فبركتها، بقوله: "المخالفون سواء كانوا أشخاصًا بنوا وهم يعلمون ذلك أو آخرين اشتروا منهم، وهم يعلمون أن المباني مخالفة للقانون ولا يوجد بها تصاريح، الاثنان سواء في الإفساد وعدم الالتزام بالقانون، وعدم تنفيذ القانون سيكون خرابًا على الجميع وتصبح الأمور عشوائية".
بل أكد المؤشر لعب منصات الجماعة الإعلامية على الجانب العاطفي بتشبيه قوانين الدولة الهادفة لحماية القانون، وحماية الرقعة الزراعية، وتصحيح أوضاع مشوهة متراكمة على مدى سنوات طويلة، بأنها تمثل انتهاكًا لحقوق الشعب الاجتماعية التي كان يدعو لتحقيقها بخروجه في ٢٥ يناير ٢٠١١، بل إنها تشبه ممارسات الاحتلال الإسرائيلي لهدم منازل الفلسطينيين، وأنها قرارات لا تهدف سوى لاضطهاد وإذلال الشعب المصري وتحميله ما يفوق قدراته، ومن ذلك ما ذكره تقرير لقناة "الجزيرة" تضمن: "أن الحكومة المصرية لم تعبأ بأحوال المواطن المصري ولا بأصحاب الاحتياجات الخاصة، ورغم المشاكل المادية التي يعاني منها المواطن فإن ذلك لم يشفع له، الكثير من المواطنين في القرى المصرية، تحطمت أحلامهم بتوفير بيت لأبنائهم على صخرة قانون مخالفات البناء".
وكل هذه أكاذيب كشفتها مختلف الشعوب العربية بصورة عامة والشعب المصري بصورة خاصة، فقد تأكد لها على مدى السنوات أن الجماعة لا تهدف إلا لتحقيق مصالحها، وإنها تستخدم هذا التعاطف الشعبي مطية الوصول للسلطة التي فشلت في إدارتها عندما أسندت لها عام 2012، وإنها إذا تعارضت مصالحها مع مصالح الشعب فسيكون تفضيلها لمصالح الجماعة.
وفي الختام شدد المؤشر العالمي للفتوى على خطورة الانصياع لهذه الأصوات الهادمة التي لا تهدف إلا لخدمة مصالحها بإيجاد أرضية لها وشعبية، ومحاولة التقارب مع الشعب من خلال اللعب على مشاعره الدينية، وتأليبه على الدولة، وطرح نفسها كبديل، رغم جهود الدولة لمواجهة انتهاكات القانون وحقوق المواطنين، والحفاظ على الرقعة الزراعية والقضاء على أوضاع فاسدة تراكمت على مدار عقود.
كما أن حرص الدولة على إرساء مبدأ سيادة القانون يؤسس لعودة الأمور إلى نصابها، ويكون حجر عثرة في وجه الخارجين عليه، ويجب أن يقابل ذلك بالإشادة والاحترام لا بالنقد والإنكار.
وانطلاقًا من المثل القائل ليس كل ما يلمع ذهبًا، حذر مؤشر الفتوى من خطورة الانسياق وراء فكر الجماعة الخبيث التي تحاول دائمًا تصدير أي أزمة على أنها معاداة للدين، وأنها هي من تنتصر للدين، فهدف القوانين دائمًا تصب في الصالح العام الذي بدوره يعود على الأفراد في المجتمع.