اهم الاخبار
الجمعة 29 مارس 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

بأقلامهم

نسرين محمد فتحى يوسف تكتب: الأسواق اللحظية..  والتطوير المنشود على الصعيد المحاسبى

IMG-20201123-WA0186
IMG-20201123-WA0186

يعيش العالم حاليا عصر الثورة الصناعية الرابعة,وقد تحولت العديد من الشركات والمصانع إلى بيئة الإنتاج الرقمى مما أحدث تغييرا جذريا فى كافة مراحل التصنيع وذلك كاستجابة لأذواق واحتياجات العملاء التى تتغير بصورة متزايدة ومستمرة,وأصبح من المسلم به فى ظل الرقمنة أن يتم توقع الرغبات والمواصفات المحددة  لدى كل عميل وتوفير ما يحتاجه فى ذات اللحظة دون الحاجة للإنتظار لبعض الوقت, وهو ما يسمى بـ "الأسواق اللحظية" Momentary Markets والتى من المتوقع أن تكون هى السمة الغالبة لبيئة العمل - سواء كانت صناعية أو خدمية- فى المستقبل, وتعنى أنه بمجرد أن يرغب العميل فى الحصول على سلعة أو خدمة ما ذات خصائص معينة فإنه فى ذات اللحظة ستكون بين يديه, وبمعنى آخر تعنى حدوث التوافق بين توقيت تقديم المنشأة للمنتج بذات السمات المطلوبة وبين توقيت احتياج الزبون لها فى ذات اللحظة,وأن تلك السمات تختلف كليا عن سمات المنتجات الأخرى التى يتم إنتاجها, لذلك ترتكز فكرة هذه الأسواق اللحظية على مهارة المنشأة فى اصطياد "اللحظات" بدلا من اصطياد "الأسواق" مما يكسبها ميزة تنافسية , وأن كل لحظة هى بمثابة فرصة ذهبية وأنه بمجرد فواتها فلن يتم تعويضها مرة أخرى مما يعنى ضياع الكثير من الفرص التى كانت ستجنى فيها الإيرادات, وبالتالى يجب أن تكون لدي الشركات القدرة على التنبؤ بشكل دقيق بتوقيت حدوثها. ولما كان المجال المحاسبى ليس بمنأى عن المستجدات التى تطرأ على بيئة العمل والإنتاج فإننى أرى أن الدخول إلى عالم الأسواق اللحظية سيكون له تبعاته المحاسبية كما سيفتح المجال للمزيد من البحوث المستقبلية فى المجال المحاسبى والتى يمكن استعراضها فى النقاط التالية: -التأهيل العلمى والعملى خاصة للمحاسب الإدارى باعتباره يقع على عاتقه العديد من المهام الهامة, فبجانب وجود العديد من التكنولوجيا الحديثة الداعمة لعملية الرقمنة مثل الواقع الافتراضى والبلوك تشين وانترنت الأشياء وانترنت الأفكار وdistributed ledger technology  وquantum computing فإنه من الضرورى أيضا تدريبه بشكل كاف على استخدام التقنيات والأساليب المعززة لعملية التنبؤ ومنها الذكاء الصناعى,كما يعد من أبرز الوسائل التى يتوقع تطويعها لهذا الغرض هو أسلوب Real Time Analytics حيث يستند إلى المنطق والأساليب الرياضية والكمية للتحليل الفورى للبيانات بمجرد توافرها وذلك فى غضون ثوان قليلة مما يساهم فى اتخاذ القرارات المناسبة فى وقت قياسى,وبالتالى يجب أن يمتلك المهارة الكافية لكيفية عمل التحليلات المناسبة والقدرة على توقع ما سيحدث مستقبلا فيما يتعلق بالمواصفات المحددة المطلوبة,وبجانب ذلك أرى ضرورة معرفته بالمعلومات الخاصة بإدارة العلاقات مع العملاء واستخدامها فى تشخيص السمات المعينة للمنتج التى يتوقع أن يطلبها العميل مستقبلا وتوقع متى تكون اللحظات التى سيتم فيها الطلب واتخاذ كافة الإجراءات والقيام بعملية التخطيط وتخصيص الموارد وما نحوها بمساعدة الوسائل السابقة مما يجعل الشركة فى وضع الإستعداد الدائم لتلبية رغبات الزبائن فى اللحظات المتوقعة. -كيفية تطبيق نظام تخطيط موارد المنشأة(ERP) بحيث يتم إدماجه مع المعلومات الخاصة بالمواصفات المحددة المتوقعة مستقبلا والتى تختلف عن مواصفات ما يتم انتاجه, ويجب الأخذ بعين الإعتبار هنا بعض المشكلات التى قد تنشأ نتيجة للدمج مما يجعل منه نظاما غير قادرا على إمداد الإدارة بالمعلومات الدقيقة, فقد تنشأ مشكلة تضارب المعلومات التكاليفية الخاصة بنظام الإنتاج العادى ونظام الإنتاج للحظات المتوقعة, كذلك مشكلة كيفية توصيف سير العمليات والمراحل الإنتاجية بحيث لا يكون هناك تضارب بين كلا النظامين, وصعوبة إحداث التكامل الوظيفي بين نظام تخطيط الموارد وبين نظام الإنتاج للسوق اللحظى, كما يجب أن تتوافق المرحلة الحياتية الحالية لنظام ERP مع النظام الحديث فالمعروف أن نظام تخطيط الموارد يمر بالعديد من المراحل بدءا من قرار شراءه وحتى قرار تغييره أو استبداله. -استحداث أسلوب Target Moments وذلك بجانب أسلوب Target Costs بحيث يكون وفقا لمجموعة من الخطوات تبدأ بتوقع تلك اللحظات ويتبعها دراسة ظروف البيئة المحيطة بهذه اللحظات مستقبلا وتحديد أهم العوامل التى ستساعد على تقديم منتجاتها بجودة عالية وبتكلفة منخفضة وما غيرها من الخطوات الأخرى المتعددة والتى ستختلف بالطبع وفقا لطبيعة النشاط ونوعية الصفات المطلوبة بحيث تنتهى بتحديد التكلفة المناسبة للمنتج فى تلك اللحظات, وتجدر الإشارة أنه يجب التركيز هنا على كيفية تسعير هذه المنتجات اللحظية وكيفية حل المشكلات التى تعترض الإدارة. -كيفية تحديد الأنشطة التى تضيف قيمة للمنتجات اللحظية وبالتالى يجب معرفة محركات القيمة ومحاولة بناء سلسلة القيمة استنادا للسمات المطلوبة مع الأخذ فى الإعتبار المشكلات المحتملة نتيجة لذلك مثل كيفية تحقيق الوفورات التكاليفية وتطبيق معايير الجودة وكذلك التكاليف الخاصة بسلسلة التوريد وهل يتطلب الإنتاج اللحظى إيجاد مورد آخر بخلاف الموردين الذين يتم التعامل معهم أم لا؟ وما هو انعكاس ذلك من الناحية التكاليفية على المنتجات من الناحية التكاليفية ؟ حيث سيؤدى إلى اكتساب المزيد من الخبرات فى كيفية تكوين سلاسل القيمة حتى وإن كانت تخدم فترة قصيرة من الزمن فإنه وبمرور الوقت سيصبح لدى المنشأة المهارات الخاصة بإنشاء سلاسل القيمة ذات الغرض الزمنى القصير جدا. وختاما.. أوصى بجانب جميع ما سبق أن يتم تحديد موقف مراقب الحسابات من مراجعة تلك العمليات سواء بإدخال فقرة تتعلق بمراجعة عمليات الأسواق اللحظية داخل المعيار المناسب أو عن طريق سن معيار يتخصص بمراجعتها, وعلى الجانب الضريبى أوصى بإعفاء جميع العمليات التى تتم وفقا لهذا النظام وذلك تشجيعا للمنشآت على تفوقها ولكن بشريطة إثبات صحتها عن طريق المراجع الخارجى.

كاتب المقال.. مدرس بقسم المحاسبة كلية التجارة بالإسماعيلية