اهم الاخبار
السبت 27 أبريل 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

تحقيقات وحوارات

مريم الكعبي تكتب: إنذار الخطر.. اليوم لا أحد يتكلم عن «العيب».. ثقافة الجحود والنكران تسود

• شطبوا على إشارات التحذير السلوكية وأصبح الانفلات الأخلاقي سيد الموقف في مجتمعات تتغنى بالأخلاق هكذا هم الرائعون ، يبدعون بصمت ، وينجزون بصمت ، ويجملّون حياتنا بصمت ، فإذا ما رحلوا قلنا لقد مرّوا وهذه آثارهم باقية ، تغمد الله ⁧‫وحيد حامد‬⁩ بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان . لا يمكن أن تكون هذه الحالة من التطاول ومن التهكم والسخرية وهذا الكم من الفجاجة والتفاهة وهذا الطوفان الهائل من السطحية وسيولة الشتائم والبذاءات أمراً طارئاً أو حدثاً عارضاً ، إنه مؤشر على أن هنالك علّة ومرض وأن العلاج أصبح إلزامياً حتى لا تغرق مجتمعاتنا في طوفان الانسلاخ من القيم . هشاشة الأخلاق هنالك فيروس يتغذى على هشاشة الأخلاق ، فيروس يصيب مجتمعاتنا في مقتل ، يؤدي إلى ضرب كل القيم الأخلاقية ،أصبح البعض لا يستحي من استعراض تفاهته وسوء أخلاقه ، أصبح البعض بارعاً في استعراض بذاءته وخواء فكره وإسفاف لفظه ، وكأن هنالك تهافت على ضرب الأخلاق في مقتل ، والمجتمعات هي الأخلاق . قامت مجتمعاتنا على أسوار عالية لحماية الأخلاق ‏اليوم لم يعد أحد يتكلم عن " العيب " ، حاجز التحذير الذي يدفع المرء للتفكير في تصرفاته وانتهاكه للقواعد السلوكية والتصرفات اللائقة ، شطب البعض على كل إشارات التحذير السلوكية وأصبح الانفلات الأخلاقي سيد الموقف في مجتمعات تتغنى بالأخلاق . كوميديا سوداء الكوميديا السوداء التي نعيشها ، أن سوء الأخلاق وعفن السلوك وانحطاط الفكر وتفاهة العقل وحماقة الفعل ، أصبحت مغلفة تغليفاً فاخراً ، البعض يغلّف سوء أخلاقه بإدعاء التدين وأن سلوكه حينما يشمت في الموت على سبيل المثال هو من الدين ، والبعض يغلف سلوكه المنحط بأوراق الحرية ، وقس على ذلك . وهنا اقول وأؤكد ان الدين الذي يدعو إلى مكارم الأخلاق ، لا علاقة له بمدعي التدين ، الذين ينهمرون مطراً أسود يلوث حياتنا بالسواد . الحرية التي جعلوها مطية للفساد الأخلاقي ، لا علاقة لها بمن يستغلونها لكي يضربوا الأخلاق في مقتل ، الحرية قيمة تحرر العقل والفكر وترتقي بالسلوك الإنساني وتؤدي إلى تطور المجتمعات وإلى سلوك جمعي يقوم على استشعار المسئولية ، الحرية لا علاقة لها بهذا الانفلات المقيت والسلوكيات الخارجة . الحضيض الشماتة في الموت أصبحت ثقافة ، السخرية من العمر ومن الشكل أصبحت هواية ، الشتائم والبذاءات والتطاول والطعن والهمز واللمز ، أصبحت عنواناً للجرأة والشجاعة ، الانتقاص من قيمة الغير أصبح أسلوب حياة ، إنها مؤشرات على أن القيم تندثر ، والمجتمعات بدون قيم تنهار وتتلاشى . المجتمعات لا تعيش بدون أخلاق ، حينما تموت الأخلاق تنهار المجتمعات مهما كانت قوتها ، حينما ينهش الفساد في الأخلاق ، تتآكل مجتمعات البشر من الداخل ثم تسقط . ومتى سمعتم آخر مرة أحد يتحدث عن قيمة الاحترام ‏أو عن قيمة الخصوصية ، أو عن قيمة تقدير الآخر ، أو عن قيمة الثناء أو قيمة الشعور بالامتنان والوفاء ، أو عن قيمة شكر جهود الآخرين ؟؟ ، لقد تم استبدال ذلك بشيوع ثقافة الجحود والنكران وتشويه الآخر والنقمة عليه ، أمراض أصابت جسد الأخلاق وهو يتآكل . أولئك الذين جعلوا السخرية منهجاً لسلوكهم المنحرف واستباحوا لأنفسهم ذم الآخرين والاستهزاء بهم وتوزيع صكوك الجنة والنار ، هل يتدبرون القرآن ؟ ، هل يقرأون الآيات التي تنهى عن السخرية وعن الاستهانة والتحقير وذم الآخرين والانتقاص من قدرهم ؟ . الشامتون في الموت إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ، فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ، صلاح أمرك للأخلاق مرجعه ، فقوّم النفس بالأخلاق تستقم ، إذا أصيب القوم في أخلاقهم ، فأقم عليهم مأتما وعويلا . فلا تؤذي الآخرين ، لا تجرح مشاعرهم ، لا تحطم نفساً ، لا تكسر روحاً ، لا تسرق أمن شخص مع ذاته ، لا تسخر من أحلامه ، لا تقوّض إرادته ، لا تقتل الأمل لديه مهما كان مستحيلاً . تعرفوا على الأخلاق وتجملوا بها فالأديان جاءت بقيم الأخلاق ، والفلاسفة بحثوا فيها وعنها ، والمجتمعات البشرية تتنفس أكسجين الأخلاق ، إنها خلاصة الحياة ، وهي اليوم تبحث عن نفسها بيننا ، يطارد وجودها البشر بإدعاء الحريات تارة وبإدعاء الدين تارات . الشامتون في الموت يتعاملون معه بوصفه عقوبة ‏في حين أن الموت حق ، فأين العلة ؟ ، هل العلّة في عقولهم ، أم في نفوسهم ، أم العلّة في إنسانيتهم المشوهة وأخلاقهم الممسوخة ؟ كاتبة المقال : كاتبة وناقدة اعلامية اماراتية أقرأ أيضا: مريم الكعبي: أحبوا أوطانكم وأحذروا أطفال شوارع الكراهية.. البوارج الحربية لا تأتي الآن من البحر