اهم الاخبار
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

تعليم

بيت الحكمة تصدر الترجمة العربية لديوان "هوية"

IMG-20210209-WA0206
IMG-20210209-WA0206

أصدرت مجموعة بيت الحكمة للثقافة، النسخة العربية من ديوان "هوية" للشاعر الصيني الكبير جيدي ماجيا، أحد أهم الشعراء الصينيين المعاصرين، ونائب رئيس اتحاد الكتاب الصينيين، وهو الديوان الذي تُرجم لثماني لغات مختلفة، وصادر باللغة الصينية عن دار الشعب للآداب الصينية وترجمته إلى العربية دكتورة شيماء كمال أستاذ اللغة الصينية بجامعة بدر، وحرره وقدم له، الكاتب والشاعر أشرف عويس، ويقع الديوان في 484 صفحة من القطع المتوسط. ينتمي هذا الديوان إلى أدب السيرة، وهو عمل أدبي اعتمد فيه الشاعر على المزج بين السيرتين الذاتية والغيرية، فهو شاعر غارق في "الأنا" ينقل نقلاً مباشرًا من داخل الذات معتمدا على استرجاع ذكرياته، يعمل على سبر أغوار ذاته وكشف ما يجول فيها، ويقدم من خلاله بيوغرافيا لذاته وقوميته حيث حكى عن أفراد أسرته ورجال ونساء قوميته كما حكى عن معتقداتهم ولغتهم وترانيمهم وموسيقاهم وحيواناتهم، ثم خط دربًا آخر وهو درب السيرة الغيرية فكتب الكثير من القصائد عن أدباء وأعلام شاركوا في تكوين وتشكيل وجدانه، وهو كشاعر السيرة الغيرية قد تمكن من وصف أحاسيس شخصيات تعمد أن يأتي على ذكرها ويقص انفعالاتها، ويبدو هذا واضحًا من خلال إهداءات قصائده؛ فقد أهدى قصيدةً "إلى الهنود الحُمر" ويتحدث فيها عن حضارة المايا، ويهدى قصيدته "عنزة جبلية" إلى أومبرتو سابا الشاعر الإيطاليٌّ الشهير، كما يوجه قصيدةً أخرى إلى أعداء سالفاتور كوازيمودو الحاصل على جائزة نوبل في الأدب. أما قصيدته "أنشودة مهداة للقوميَّات" فكانت بمناسبة يوم الأمم المتحدة العالمي للسكان الأصليين، كما كتب قصيدةً تحمل عنوان "فلاش باك للقرن العشرين" على شرف نيلسون مانديلا. أما قصيدة "هوية" التي تحمل عنوان ديوانه وتجربته الشعرية بكاملها، فقد أهداها للشاعر الفلسطيني محمود درويش، يقول فيها: "أناس أضاعوا هويَّتهم، لكني لم أفعل/ اسمي جيدي ماجيا، وتعوَّدتُ أن أستذكر عِلم أنساب عشيرتي/ قبل ميلاد هذي الملحمة/ قطرات دم النسر السحري نبعت من سماء الصمت/ وذاك الأثر، أثر الروح، قد يمكّننا أن نجد دربنا من بين ظُلمة الذكريات". وهنا يجد قارئ الديوان أنه أمام شاعر حقيقي، ينتصر للإنسانية الخالصة، ويبعث برسائل دعم واضحة إلى من يعيشون مآزق إنسانية، سواء على مستوى أوطانهم أو حتى على مستوياتهم الشخصية، أيًّا ما كان موطنهم أو عرقهم أو دينهم. أما قصيدة "فقط لأنّ" وفي تجسيد لرومانتيكية الشاعر التي عمد خلالها إلى المزج بين أرضه ونساء قوميته فيقول فيها: لنتفهَّم.. كيف لكل امرأةٍ أن تُعلن أفكارَها بهارمونيكا وورقةِ شجرٍ ولو أُجهِدَت تلك النّسوة؛ يمكنُهنَّ أن يتَمدَّدن على حدود أحلامهنّ، ويبقينَ مُطمئناتٍ غافياتٍ كلُّ هذا فقط.. لأنَّ هذي الأرضَ لنا! ويقول في قصيدة "يوم خريفي": أفتَقدُكِ بِفينيسيا لم تَتمكَّني من الوصولِ، وفَلْسَفتِ الأمر قائلةً: "ربما في مَملكةٍ أُخرى، حيثُ كل نافذةٍ تَستقبلُ دفقةً من ضوء الشمس!" العاطفةُ لا تُصاغ بالكلماتِ، كهمْسِ المدِّ عند التقاء النهرِ بالبحر. ويمثل تراث قوميته وخصوصيته المنبع الرئيسي الذي استقى منه الشاعر الكثير من أفكار قصائده وروحها، كما أنه يمثل البوابة الأولى التي تتيح للقارئ الدخول إلى عالم الشاعر من أوضح الطرق وأيسرها. لذا فإن جيدي ماجيا صاحب تجربة ذات خصوصية، لكنها ربما تمثل إشارة بسيطة تُعين على دخول هذا العالم لمن تسنح له فرصة الاطلاع على تجربة تمثل إضافة مهمة للأشعار المترجمة إلى العربية. وبقصائد ديوان "هوية" الصادر عن بيت الحكمة، عمد الشاعر جيدي ماجيا إلى تقديم أسلوب متفرد حيث تحدث إلى قارئه كثيرًا، ووجه إليه الحديث وجعله شاهدا على حياته وأيامه، وتطغى مشاعر الحب والإيمان بالوطن داخل ذاته وكذلك يوقن بانتمائه إلى قومية أقلية تنتمي لثقافة خاصة متفردة، ومن خلال منصبه كنائب رئيس اتحاد الكتاب الصينيين وتناغمًا مع المسار الثقافي لمبادرة الحزام والطريق يعمل على نشر الصورة الحقيقية للثقافة الصينية من أجل فهم أفضل للصين، والتعريف كذلك بقوميته لتعزيز التناغم الثقافي والتفاهم المتبادل بين القوميات والأعراق، من خلال معادلة راسخة مفادها أن "كل إنسان يعتز بثقافته، فإذا احترم كل إنسان قيم وثقافة الآخر سوف يصير العالم محيدًا متناغمًا لنا ولأولادنا".