بأقلامهم
الدكتور محمد رجب يكتب : النظام السياسي المصري والجمهورية الثانية .. والدعوة لمؤتمر عام للقوى الوطنية المصرية
سألني أحد الأصدقاء اليوم عن ما جاء في حديث الرئيس السيسي اليوم في الاحتفال بيوم الشهيد وقول الرئيس اننا سنفتتح العاصمة الجديدة في نهاية العام واستتبع ذلك بأنه يمثل بناء جديد للجمهورية الثانية وهل هناك جمهورية ثانية وطلب مني أن أعلق على هذه الكلمات فأردت أن اجتهد في الرد وفقا لفهمي لما قاله الرئيس . وهذا يدعوني أن استدعي صورة نظامنا السياسي وأين يقع نظامنا من الأنظمة السياسية في العالم فالمعروف أن الأنظمة في العالم تختلف من بلد لآخر فبعض البلدان تأخذ بالنظام الملكي وبعضها بنظام الإمارات والبعض الآخر نظام جمهوري والأنظمة الجمهورية متعددة منها نظام رئاسي ونظام آخر برلماني ونظام مختلط بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني وفي النظام الرئاسي يكون رئيس الدولة هو رئيس السلطة التنفيذية بينما في النظام البرلماني تكون سلطة التشريع كاملة للبرلمان ويكون دور رئيس الجمهورية رمزياً ويكون هناك رئيس للوزراء يختاره اكبر الاحزاب او ائتلاف من اكبر الاحزاب ولابد للبرلمان أن يعطي موافقته على من يتم اختياره رئيسا للوزراء . كما أن البرلمان هو الذي يوافق علي الوزراء ويمنح ثقته للوزارة كما انه يملك سحب الثقة من الوزارة التي تسقط بمجرد سحب الثقة منها اما النظام المختلط فهو النظام الذي يجمع بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني كما أن هناك أنظمة أخرى تأخذ بها بعض الدول منها أنظمة ديكتاتورية وهناك أنظمة استبدادية وهذه الانظمة لا تعترف بدور الشعوب وهذه الأنظمة الديكتاتورية والاستبدادية تنقرض لأن دور الشعوب يتعاظم حيث بدأت الشعوب تسترد حقوقها في الحرية والديموقراطية . وفي مصر في تاريخها الحديث عاشت كل هذه الأنظمة فقبل عام ١٨٦٦ كان النظام السائد هو النظام الدكتاتوري والمستبد وتطور النظام الاستبدادي والدكتاتوري القائم علي حكم الفرد سواء السلطان أو الوالي او الخديوي أو الملك إلى أن بدأ دور الجماهير ينموا تدريجيا وبدات الجماهير تتمرد على الأنظمة الدكتاتورية والاستبدادية وبدات الجماهير تسعى لإنشاء جماعات وجمعيات وأحزاب تحاول أن تنشر أفكارها وبدأت تلعب هذه الجماعات دور في توسيع دور الشعب واذا عدنا لمصر نجد انها عندما اخذت بالنظام الملكي بدات بنظام الحكم البرلماني ووضح ذلك في دستور ١٩٢٣ حيث بدا دور الشعوب يتعاظم وظل النظام الملكي في مصر حتي قامت ثورة ٢٣ يوليه ٥٢ وكانت الحياة السياسية قبل الثو قد اتسعت لاحزاب سياسية كثيرة كان اكثرها شعبية حزب الوفد وبعد قيام الثورة وفي مواجهة الفساد الذي كان مسيطرا في ذلك الوقت علي كثير من الاحزاب السياس والتي تحالفت مع الملك والقصر واغفلت دور الجماهير مما دفع الثو الي حل الاحزاب السياس ثم تم الغاء نظام الملك واعلان الجمهورية وبدات تاخذ بالنظام الجمهوري وبدات مصر تاخذ بالنظام الجمهوري الرئاسي مع وجود برلمان قائم علي الغرفة الواحدة (مجلس الأمة) . وكان النظام اقرب الي حكم الفرد وتم انشاء تنظيم سياسي واحد (هيئة التحرير الاتحاد القومي الاتحاد الاشتراكي ) واستمر هذا النظام قائماً حتي انتقال الرئيس جمال عبدالناصر الي رحاب الله ومجئ انور السادات وقام باعادة تشكيل مؤسسات الدولة وأعاد تشكيل البرلمان على أساس غرفة واحدة وإن كان قد قام بتغيير الاسم من مجلس الأمة إلى مجلس الشعب وظل النظام الرئاسي قائماً مع وجود برلمان لا دخل له في تشكيل الحكومة اذ كان ينص الدستور على أن رئيس الجمهور رأس الدولة يقوم على مبدأ (رئيس الجمهورية يقوم باختيار رئيس الوزراء والوزراء ونوابهم ويعفيهم من مناصبهم ) ولاحظ هنا أن رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية ولم يكن الدستور يشترط منح الثقة للحكومة . وقبل رحيل الرئيس السادات إلى رحاب الله جرى تعديل الدستور وتم إنشاء غرف أخرى للبرلمان وظل النظام الرئاسي هو النظام السياسي مع وجود الرئيس حسني مبارك الذي استمر في منصبه لما يقرب من ثلاثين عاماً وتم خلالها تعديلات محدودة وبعد ثورة يناير ٢٠١١ تم الغاء الدستور واعد دستور جديد اعطي البرلمان سلطات اوسع لكن ظل النظام الرئاسي قائماً وقد اعطي الدستور اختصاص للبرلمان بدور اوسع في موافقته علي اختيار الحكومة او سحب الثقة منها ومن ثم نستطيع ان نقول ان مصر تاخذ بالنظام الرئاسي المختلط لكن يظل دور الرئيس هو الدور الاوسع فهو الذي يختار الحكومة ويعرضها علي البرلمان وليس من حق البرلمان الاعتراض علي الوزارات السيادية ( الدفاع الداخلية الخارجية ) ولم يحدث ان ابدي البرلمان الاعتراض علي وزير واحد منذ حدثت هذه التعديلات . اقرأ أيضا.. د محمد رجب يكتب : القضية السكانية .. هل مشكلة عائقة للتنمية أم ثروة بشرية قائدة للتقدم ؟ ويجئ الرد علي سؤال صديقي لي الذي سالني عن مفهوم الرئيس السيسي عندما اشار انه في نهاية هذا العام ستقوم الجمهورية الثانية ويمكن ان نفهم من ذلك ان النظام الجمهوري الذي بدأ في عام ١٩٥٤ يمثل الجمهورية الاولي ويشمل الجمهوريات التي تمت في عهد محمد نجيب وجمال عبدالناصر وانور السادات وحسني مبارك ومحمد مرسي وكلها تمت في إطار متشابه حتي الدساتير التي حكمت نظام هذه الجمهوريات تمت في اطر متشابهة واذا كنا ننظر الي دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي التي اشار الي الاعلان عنها بقيام الجمهورية الثانية مع نهاية هذا العام فإنني اري ان ذلك سوف يفرض تغييرات دستورية جديدة ومناهج فكرية وقانون ودور اوسع للشعب وتنظيم دور البرلمان وقتها يمكن اعتبار الجمهوريات التي نشات بعد ثورة يوليه وماتلاها هي الجمهورية الاولي وتصبح الجمهورية الجديدة التي اشار اليها الرئيس السيسي هي الجمهورية الثانية شريطة ان يدعوا الرئيس لمؤتمر عام يضم ممثلين لكل القوي الوطن ليعيدوا صياغة الاطار الدستوري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي ويستبعد عناصر الارهاب الذين اختلطت اياديهم بدماء الشعب المصري من هذا المؤتمر .. وعلي الله قصد السبيل .
كاتب المقال : المستسار السياسي لرئيس حزب الحركة الوطنية المصرية