مريم الكعبي تكتب: تجارة الخوف.. استثمار شيطاني قائم على أنقاض موت الأحياء

" أضر شيء على الإنسان هو الجهل، وأضر آثار الجهل هو الخوف " ، فهل سمعتم من قبل عن الاستثمار في تجارة الخوف ؟ ، انظر حولك جيداً وستجد أننا بشكل أو بآخر ضحايا لأكثر التجار جشعاً وطمعاً وانتهازية ، وهم تجار الخوف . الملفات المفتوحة على مصراعيها في عالم اليوم هي ملفات استثمار شيطانية لتجارة الخوف ، آلة دعائية ضخمة تسلب من الإنسان شعور السلام والأمان والطمأنينة ، يجب أن تكون خائفاً مرعوباً على حياتك ومستقبلك وصحتك وسلامتك ، لتنشط استثمارات شيطانية من حالة الرعب التي تعيشها . يجب أن تخاف من كل شيء ، يجب أن تفقد الثقة في كل شيء ، يجب أن تكون أسير الخوف دائماً ، لأنها وسيلة تجار الخوف في تحقيق أرباح طائلة بالاستثمار في خوفك وهلعك وشعورك بعدم الاطمئنان والأمان . ‏فيروس كورونا ، تحول من جائحة ، إلى تجارة عالمية تقوم على استثمار الخوف ، الخوف من الإصابة تسبب في كساد عالمي لشركات ، ولكنه كان السبب أيضاً في مليارات تدفقت كأرباح على المستثمرين في تجارة الخوف . ‏الإمبراطوريات الإعلامية في أنحاء العالم ، توظف الخوف ‏، نشرات الأخبار تجذبك بالتركيز على أخبار تثير الخوف ، ورسائل مضمونها تصدير الخوف ، وصور تركز على البشاعة والكوارث ، لكي تكون مستهلكاً لمادة الخوف ، مدمناً لمشاعر سلبية تبني بداخلك زنزانة الخوف . ‏تجار وسماسرة وصنّاع الأسلحة ، الركيزة الأولى لخطهم الإنتاجي ، تأجيج الصراعات بكل أشكالها الطبقية والمذهبية والطائفية والحزبية ، بشرارة الخوف التي تشعل حرائق تبقي تجارة السلاح منتعشة ومزدهرة ، إنه من أبشع أشكال الاستثمار الشيطاني في تجارة الخوف . ‏في أية أزمة وأمام كل تحدي ، تتعالى أصوات صارخة بالتهويل والتخويف والترهيب ، إنها تجارة الخوف الشيطانية التي تجعل الإنسان يموت كل يوم وهو ينتظر الموت ، التجارة التي تفرغك من الداخل وتتركك أسيراً يبحث عن النجاة في بحر متلاطم من الخوف والهلع والرعب . يخوفونك على دينك ، يخوفونك من مستقبلك ، يخوفونك على رزقك ، يخوفونك من أية خطوة تخطوها ، تجارة قائمة على أنقاض موت الأحياء . هنالك جرائم أنت ضحيتها دون أن تشعر ، البعض يقتلك دون أن تدري ، مواقع التواصل تنضح بتجار الخوف ، ينشرون الهلع ليسرقوا منك الأمن ويتركونك ضحية خطاب مسموم . كل من يخاطب بداخلك الانهزامية ويبث فيك اليأس والإحباط والتشكيك والخوف ، هو تاجر من تجار سلعة الخوف القاتلة ، يقتلك دون أن تدري ويحقق أرباحاً من جراء جريمته . ‏لا يكفي أن نكتب ، بل يجب أن يكون هنالك من يقرأ بعقله وليس بعينيه ، الكتابة تظل حروفاً حتى تجد من يعرف قيمتها بعقله . وهل ما زال لدى أحدكم شك بأن من باعوا أوطانهم بإمكانهم أن يتطهروا ؟ كل ما حدث خلال الأيام الماضية هو محاولة جرّ الخيانة والعمالة من مكانها إلى مكان آخر اسمه المعارضة ، وسحب الخائنين من مربعهم الأصيل وهو الجريمة والعار إلى مربع أكثر أمناً هو مربع الخيانة ، هو خيانة أخرى للوطن . ليسوا معارضين ولو وقف أهل الأرض لينادوا على أنهم معارضة ، كل من خرج ليحارب وطنه ويشوه بلده ويحرض على الأمن والاستقرار فيها وينشر الإشاعات ضدها ويفبرك الأخبار عنها ، هو خائن مع مرتبة العار ، تلفظه كل أرض وتبصق عليه كل ذرة رمل . ‏ليسوا معارضين ولو فتحت لهم خزائن الأرض لكي يتم تغيير حقيقتهم ، شاهت الوجوه وعميت الأبصار ، وتلطخوا بوحل العار ، وخائن الوطن لا يتطهر ولو تم تسخير الأنهار والمحيطات من أجل مهمة التطهير . كاتبة المقال : كاتبة وناقدة اعلامية إماراتية .. صادر لها كتاب « آهات الصمت » عن دار الكتاب الجامعي .. وكتاب « حاول مرة اخري » عن دار همايل .. ورواية « امرأة تحترق » عن دار اوراق . مريم الكعبي تكتب: ‏المتحزبون في الوطن العربي هم كفار قريش بالنسخة العصرية