د. محمد رجب يكتب: جانب من علاقتي بالرئيس حسني مبارك

عرفت الرئيس حسني مبارك عندما كان نائبا لرئيس الجمهورية وخصوصا عندما عين نائبا لرئيس الحزب وكانت فرصة طيبة له ليختلط بجموع الشعب وهو القائد الذي عاش حياته العسكرية وكان اختلاطه بالحياة المدنية والسياسية محدود واستهدف الرئيس السادات عندما اختاره نائبا لرئيس الجمهورية بعد حرب أكتوبر أن يعين له واحدا من أبرز العناصر السياسية والعالمية الرائعة ليكون مديرا لمكتبه. وكانت توجيهات الرئيس السادات له أن يرافق طول الوقت وأن يحرص على أن ينقل إليه كل خبراته السياسية ورؤيته للقضايا الوطنية في الداخل والخارج وأن يزوده بمخزون الخبرة الإنسانية التي أكتبها وكان ذلك عندما هاما في اتساع اللقاءات الجماهيرية والسياسية، وكان لتولي الرئيس مبارك منصب نائب رئيس الحزب فرصة واسعة للتلاحم مع الجماهير والاستماع إلى قضايا ومشاكلها، وبدأ مبارك في جولات شعبية بالمحافظات وكان لي حظ حضور هذه اللقاءات خصوصا في محافظات الوجه القبلي الذى كنت قد توليت مسؤلية متابعة العمل الشبابي بمحافظات الصعيد وكان الرئيس مبارك ودودا وبسيطا ومشجعا لمن يتحدث إليه وكان حريصا أن يخاطب المتحدثين بأسمائهم وهذا ساهم في توطيد علاقة نائب الرئيس عندما كنت أمينا مساعدا للحزب الوطني وأمينا للتنظيم حيث كنت أقوم بتنظيم الاجتماعات كذلك ساهمت دورات إعداد القيادات الحزبية والتي كان الرئيس مبارك يحضرها ويقضي أوقات طويلة وتوطدت العلاقات بعد أن تولي الرئيس مبارك ورئاسة الحزب الوطني فكان حريص على المشاركه بأنشطة الشباب وعندما أقمنا معهد لإعداد القيادات بمدينة السلام. وكان يحرص للحضور مع الشباب ويدير حوارات مفتوحة ويشجع الشباب على أن يتكلموا بصراحة وأذكر في أحد أفواج هذا المعهد أن وقفت إحدى الفتيات لتقول له يا سيادة الرئيس أنا عايزه اسألك باعتباري مواطن زي زيك مش باعتباره رئيس وكان السؤال هو كل رئيس كويس طول ما هو قاعد على الكرسي وبعد ما يسيب مكانه نقعد نطلع فيه الفطر الفاسدة، الرئيس جمال عبدالناصر عرفنا إن هو اللي قاد ثورة ٢٣ يوليو وبنى السد العالي وحقق إنجازات هائلة وبعد رحيله لزقنا فيه كل نقيصة، والرئيس السادات قالولنا هو صاحب قرار الحرب والسلام وبعد وفاته طلعوا فيه القطط الفاطسة وإحنا عايزين نعرف الحقيقة فين وأنا خشيت أن يكون هذا السؤال وهنا حاولت التدخل في الرد فإذا بالرئيس ينظر إلي مبتسما قائلا يا محمد مش هي بتسألني أنا يبقي أنا اللي ارد وقال اسمعي يا بنتي أنا عايز أرد أنا عايز أقولك إن كل رئيس حكم مصر كان قائد وطني جمال عبدالناصر هو قائد ثورة يوليو وحقق إنجازات هائلة والسادات هو صاحب قرار الحرب والسلام وحقق إنجازات عظيمة كل منهم قام بأعمال عظيمة أصاب وأخطأ لأنه بشر يخطئ ويصيب انتم متعرفوش ان انا عمري مافكرت ابقي رئيس او نائب رئيس أقصى ما كنت انتظره بعد خدمة القوات المسلحة أنه يتم تعييني سفير في دوله إكسلانس أعوض متاعب القوات المسلحة،  وأضاف كل قائد حاول أن يحقق أقسى ما يستطيع وياريت إحنا نقدر نكمل على ما بدأوه، وأضاف اسمعوا يا أولادي أنا لم يشغلني قرار اختياري رئيسا حتقولوا إيه عليا بعد ما أسيب ادعولي يا ولاد. لقد كان الرئيس مبارك طويل النفس ودودا حتى أذكر أنني كثيرا ماكنت اختلف في وجهات النظر فكان يرد بود ويشرح وجهة نظره بروح طيبة وكان أحيانا عندما يرى عدم ذكر معلومات جديدة يقولي محمد كبر مخك وبعد ما جرى في يناير ٢٠١١ قرر تعييني أمينا مساعدا للحزب وأمينا للتنظيم في الوقت الذي عين فيه الدكتور حسام بدراوي أمينا للحزب الذي استقال بعد تعيينه بيومين لأصبح أنا الأمين العام للحزب وأجلس على نفس مكتب رئيس الحزب الذي كان يجلس عليه الرئيس مبارك وقررنا فصل كل عضو من القيادات الحزبية العليا التي قرر النائب العام استدعاءهم للتحقيق في قضايا فساد وكان هذا إجراء فرمتة، الحالة النفسية التي مر بها الحزب وأذكر أن بعض اصدقائي نصحوني أن استقيل من الحزب حتى لا تلصق بعض خطاياه إلا أنني رفضت مؤكدا لمن نصحوني بذلك كان ردي عليهم إذا كان من الواجب أن أستقيل والحزب واقف علي قدميه لكن ان استقيل الان فهذا اشبه بمن يقفز من السفينة عندما توشك على الغرق ونصحت أن يحذوا حذوي فاستجاب البعض ولم يستجب البعض الاخر كانهم يريدون ان يعلنوا تنصلهم من الحزب بعد حققوا مكاسب وهو مسيطر علي السلطه وسارعوا بالهرب عندما وقع الحزب وهذا يقينا موقف انتهازي. اقرأ أيضا.. الدكتور محمد رجب يكتب : النظام السياسي المصري والجمهورية الثانية .. والدعوة لمؤتمر عام للقوى الوطنية المصرية واستمرت علاقتي متواصلة مع الرئيس مبارك وكنت أتحدث إليه في قضايا أذكر منها حديثه معي حول سد النهضة قال لي عندما علمت بنية إثيوبيا في بنا هذا السد أجريت اتصالا بهم وحذرتهم وقلت لو وضع واحد حقوم بتدميره وهذا موضوع مفيش فيه مناقشه وتحدث معي معركة طابا وقال لي لقد بذل الاسرائيليون جهود مضنيه ليثنونا عن موضوع طابابحجة ان الخلاف حل منطقة لا تتجاوز كيلو متر واحد ثم عندما ادركوا ان حكم محكمة التحكيم لن يكون في صالحهم طرحوا فكرة استبدال المنطقه محل النزاع بمنطقه اخري اكبر منها عشر مرات فرفض الطلب من جانبنا من حيث فسالوا باستغراب ليه فقلنا لان الارض بالنسبه لنا مقدسه الارض هي العرض وقال لي انا اللي اصريت اننا نروح لمحكمة التحكيم مع ان الاسرائليين كانوا عايزين يروحوا للتوثيق وهي مرحله تسبق التحكيم وانا رفضت التوفيق يمكن ان يحدث فيه تنازل عن بعض الاراضي وقلت لا انا ولاغيري يملك التفريط في الارض وقررت الذهاب مباشر للتحكم وشكلت الوفد المصري من افضل العناصر الوطنيه بغض النظر للانتخابات ااحزبيه والسياسيه والمعرفة استمرت خمس سنوات وحكم لصالحنا واصبحت نموذجا يدرس علي اسلوب التفاوض الدولي وتخرجت حواراتنا احيانا حول الضغوط التي يحاول صندوق النقد الدولي وكان يسميه صندوق النكد وكان يرفض الازعاج لطلباته لانه يعرف الشعب المصري جيدا وهو يعرف ان الاستجابه لطلبات الصندوق يضر بالشعب المصري ان سوف يسجل التاريخ ان الرئيس مبارك كان قياده وطنيه محترمه خرجت من قلب هذا المجتمع وظل ولاده للشعب ولعل طول الفتره في منصب الرئيس هي التي ساهمت فيما حدث لروح الرئيس مبارك ودعاء له بالرحمة.

كاتب المقال.. زعيم الأغلبية الأسبق بمجلس الشورى والمستشار السياسي لرئيس حزب الحركة الوطنية المصرية