د محمد رجب يكتب : أبو المجد " الحكيم " الذي أعاد الثقة للشباب وأصلح علاقتهم بالسادات
كنت أجلس بجوار الدكتور كمال أبو المجد وزير الشباب في السبعينات وأمين الشباب في نفس الوقت داخل سيارة الوزارة , وعند مرورنا بإحدى إشارات المرور كان يقف شرطي المرور فقام برفع ذراعه بالتحية لكن الوزير لم ينتبه . فقمت بلفت انتباهه بتحية الشرطي فقال يا محمد : هو يقوم بتحية السيارة وليس راكبها فهو لا يعرف الجالس بداخل السيارة واستأنف الوزير حديثه , لكني سرحت بالتفكير في حديثه , تعودت أن أتمعن في حديث المفكر الدكتور أبو المجد وتعلمت منه الكثير وكان من أكثر القيادات التي أحببت العمل معهم .
العلاقة مع أبو المجد
بدأت علاقتي بالدكتور أبو المجد بعدما اختاره الرئيس أنور السادات عام 1971 ليكون أمينا للشباب قاطعا مهمته كمستشار ثقافي لمصر في أمريكا، اختارني أبو المجد لأكون أحد مساعديه مع الصديق الراحل المهندس علاء قاسم . [caption id="attachment_665147" align="aligncenter" width="300"] كمال أبو المجد[/caption] كان السادات قد حل الاتحاد الاشتراكي بكل تنظيماته بما فيها منظمة الشباب، كراهية السادات لعلي صبري نائب رئيس الجمهورية _ جمال عبد الناصر _ وأمين عام الاتحاد الاشتراكي انعكست على توجهاته بحل الاتحاد الاشتراكي وتنظيماته , وعندما استدعى السادات أبو المجد لتولي مسئولية الشباب كانت بغرض معالجة الشروخ العميقة في علاقته بالشباب الذي كان ينادي بالحرب لاسترداد الأرض ورد الاعتبار والكرامة وكان يرى في السادات أنه جاء لكي يصفي ثورة يوليو . كان الشباب يرى أن الدور الهامشي الذي كان للسادات في عصر عبد الناصر انعكس على نفسيته برغبة عارمة في إثبات ذاته والتأكيد على أنه رئيس جمهورية حقيقي ومستقل عن عبد الناصر والثورة .ملامح فترة السادات
وقد سيطرت على ملامح فترة السادات مسألة الصراع وانعكس ذلك على الصحافة التي كانت هي كل الإعلام تقريبا فشحذ أنصاره من قيادات الصحف وكبار كتابها أقلامهم ووجهوا سهام النقد غير الموضوعي لعبد الناصر وعصره . [caption id="attachment_665148" align="aligncenter" width="203"] السادات[/caption] كانت مهمة أبو المجد رأب الصدع بين رئيس الجمهورية والكتلة النابضة , وقد بدأنا بوضع خطة للتعامل مع الشباب متوجهين إليه في كافة المواقع بدء من المدارس والجامعات ومراكز الشباب وتجمعاتهم السكنية ساعين إلى أن يسترد الشباب ثقته في نفسه أولا ومحفزين لهم لكي يشاركوا بأنفسهم في كل مجالات التنمية والعمل العام , بالطبع نفر البعض من هذه التوجهات ودعوتنا لهم , واستجاب آخرون وانخرطوا في خطة المشاركة . بعد أن حققنا خطوات إيجابية في تنفيذ الخطة رأي أبو المجد أنه من المناسب إعادة تشكيل منظمة الشباب , وسعى أبو المجد لتنفيذ الفكرة لكن المحيطين بالسادات وكانوا في غالبيتهم ممن يكرهون الاتحاد الاشتراكي والتنظيمات الاشتراكية بذلوا جهودهم لمنع إعادة تشكيل المنظمة لدرجة أنهم طرحوا الموضوع في مجلس الشعب وجرت محاكمة للمنظمة واتهمت بأنها تنظيم شيوعي وأن القائمين عليها شيوعيون .رجل طيب
الملاحظ أن الذين هاجموا المنظمة لم يهاجموا الدكتور كمال أبو المجد , بل وصفوه بأنه " راجل طيب " وإنما معاونوه _ يقصدوننا _ هم الأشرار , وامتدت إحدى جلسات المجلس إلى ما يقرب وقت الفجر . في يوم تالي التقيت أبو المجد فوجدته يشعر بالغضب وفي نفس الوقت هو حزين لما حدث , وسألني كما كان يفعل دائما : يا أخ محمد , أيحدث كل هذا الهجوم علينا , بينما نحن الذين تصدينا لمهمة صعبة في ظروف غير مواتية لإصلاح ذات البين مع الشباب ومد جسور من التفاهم والثقة المتبادلة بين الشباب والقيادة السياسية ! [caption id="attachment_665149" align="aligncenter" width="300"] علي صبري[/caption] حرصت على تهدئته واقترحت عليه أن نصمد موضحا أن تلك العناصر وغيرها هي التي انقلبت على التجربة الناصرية وسعت إلى تعويق المسيرة وطلبت منه دعوتهم إلى لقاء مع قيادات المنظمة في معهد إعداد القيادات باعتبارهم أبناءهم وقيادات المستقبل , وبالفعل قام بدعوتهم واستجابوا وحضروا للقاء الشباب وتغير موقفهم إلى المساندة بدلا من العداء والانتقاد . كانت حكمة الدكتور أبو المجد سببا في تجاوز الكثير من الأزمات كما كان إيمانه بعمله مع الشباب وتمسكه بمساندتهم سببا في استمرار وجود المنظمة والعمل الشبابي المنهجي .كاتب المقال : المستسار السياسي لرئيس حزب الحركة الوطنية المصرية وزعيم الاغلبية الاسبق بمجلس الشوري