اهم الاخبار
الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

محمد رجب يكتب: أوقفنا مسيرة للقذافي كانت تزحف نحو القاهرة.. وطائرة خاصة حملتهم لـ«السادات»

محمد رجب أوقفنا مسيرة
محمد رجب أوقفنا مسيرة للقذافي كانت تزحف نحو القاهرة

في أغسطس عام 1973 كنت حينها أعمل أميناً مساعداً للشباب ، واميناً لـ  التنظيم على مستوى الجمهورية ، طلبني آنذاك الدكتور كمال أبو المجد ، وكان اميناً للشباب ووزيراً للشباب للحضور بمكتبة في مقر وزارة الشباب بجاردن سيتي بالقاهرة ، وجلسنا وبعد ان تناولنا القهوة ، بدأ الحديث إليّ قائلاً : انت عارف يا محمد ان الرئيس الليبي معمر القذافي قرر القيام بمسيرة ليبية الى مصر ، مسيرة تطالب بالوحدة وإلغاء الحواجز بين البلدين وتزيل النقط الجمركية ، باختصار مسيرة تستهدف تخطي كل الحواجز حتي تصل إلى القاهرة ، واردف ابو المجد قائلاً : وانت تعرف يا محمد انه اذا حدث ذلك ، ووقعت اي اشتباكات وراح ضحيتها ولو شخص واحد او اكثر ، فإن امل الوحدة العربية يمكن أن يتأخر  200 سنة على الأقل .

[caption id="attachment_679945" align="alignnone" width="740"]محمد رجب  أوقفنا مسيرة للقذافي كانت تزحف نحو القاهرة محمد رجب أوقفنا مسيرة للقذافي كانت تزحف نحو القاهرة[/caption]

5000  آلاف شاب ذهبوا الى مرسى مطروح

فسألته : ايه المطلوب ؟! ،  قال عايزين نحَّول دون وصول المسيرة الليبية إلى القاهرة بأي طريقة ، دون أن يشتبك الأمن مع اعضاء هذه المسيرة ، واستكمل هل نستطيع أن نذهب بـ 5000 آلاف شاب الى مرسى مطروح ؟ ،  ننتظر المسيرة قبل قدومها ونلتقي معهم ، ونجرى معهم حواراً ، ونقنعهم بعدم الذهاب لـ القاهرة ،   أجبته ممكن ، فسألني خلال أد أيه تبقي جاهز ؟! ، قلت له خلال 48 ساعة ؟ ، وقلت له مطلوب فقط ان نطمئن لاستعدادات محافظة مرسي مطروح من حيث الإمكانيات الادارية والمعيشية ، فأتصل على الفور  بمحافظ مطروح يسأله عن استعدادات المحافظة لاستقبال هذه الأعداد وإعاشتها ، فرد عليه المحافظ قائلاً : كله تمام ، وعندما أخبرني الدكتور أبو المجد بهذا الرد ، قلت له يبقى مفيش حاجة تمام ، ولابد أن نعتمد على أنفسنا في كل شيء ، لأننا ذاهبون إلى منطقة لا نعرفها وإمكانياتها  محدودة .

[caption id="attachment_679947" align="alignnone" width="882"]محمد رجب  أوقفنا مسيرة للقذافي كانت تزحف نحو القاهرة محمد رجب أوقفنا مسيرة للقذافي كانت تزحف نحو القاهرة[/caption]

تخصيص 100 أتوبيس كبير بحالة ممتازة

وبدأنا نعد خطتنا البشرية والمادية والإمكانيات الفنية  وغيرها ، ثم سألني ننقل الشباب إزاى ؟ ، فأخبرته ان احسن وسيلة هى النقل بالأتوبيسات ، فأتصل بوزير النقل وأظن ان وقتها كان الوزير  الحسيني عبداللطيف ، فرد عليه قائلاً ؛ بأنه سيضع تحت أمرنا قطار يحمل هذا العدد الى مرسى مطروح ، ويبقى معه وتحت أمر قياداته الشبابية ،  فابتهج الدكتور أبو المجد بهذا الرد بينما تجهمت انا ، وقلت له لا إحنا مش عايزين لا قطر ولا يحزنون ، لان القطر له خط سير معلوم ، ومحطة سينتهي عندها ، وأردفت متسائلاً : ماذا سنفعل اذا ما تجمعت المسيرة على مسافة كيلومترات عن محطة القطار ؟! ، وقلت له انا أقترح يتم تخصيص 100 أتوبيس كبير بحالة ممتازة وعدد خمس سيارات ملاكي وثلاث سيارات إسعاف ، وبصحبتهم الكوادر الفنية التي تخدم هذه السيارات من مهندسين وفنيين وعمال ومسعفين .

أبو المجد مارس دور القائد الحقيقي

وواصلت حديثي للدكتور أبو المجد قائلاً : سيتم اعتبار كل أتوبيس وحدة متنقلة ، تحمل عدد من الشباب وفق طاقتها ، مزودة بجراكن مياه تكفى الرحلة وبطاطين  واطعمة جافة ، تكفى العدد لمدة خمسة ايام  ، وتم تقسيم الـ 100 اتوبيس الى عشر مجموعات ، كل مجموعة تضم عشر أتوبيسات ، وكل أتوبيس له مسئول ومسئول مساعد ، وكل مجموعة من المجموعات العشرة لها قائد يعاونه ومساعدان ، وعلى المستوى العام تم تكليف ثلاثة شباب بالمسئولية القيادية ، وتكونت من : " المهندس علاء قاسم الامين العام المساعد للشباب ، ومحمد رجب امين التنظيم ، والدكتور عبدالحميد حسن امين شباب القاهر " ، وعلى رأس هذا التشكيل الدكتور كمال أبو المجد ، الذى مارس دور القائد الحقيقي في التوجيه والتحريك والقيادة .

[caption id="attachment_679946" align="alignnone" width="674"]محمد رجب  أوقفنا مسيرة للقذافي كانت تزحف نحو القاهرة محمد رجب أوقفنا مسيرة للقذافي كانت تزحف نحو القاهرة[/caption]

عندما وصلنا السلوم مع مطلع الفجر

وكان التحرك يتم على وقفات ، أولها عند مدخل الإسكندرية ، والثانية عند مدينة الحمام ، والأخيرة عند مدينة السلوم  ، وكانت التعليمات انه إذا حدث عطل  لأي اتوبيس يتخلف عن القول يتم فوراً إصلاحية ، ثم يلحق بالقول بعد تمام الإصلاح ، وتعطلت بالفعل خمس أتوبيسات وتم إصلاحها ، ثم انضمت الى القول ، وكنا قد بدأنا الرحلة ليلاً ووصلنا السلوم  مع مطلع الفجر ، ودخلنا المدينة دون أن يسألنا أحد من أنتم ؟! ، ولماذا جئتم ؟! ، ولم نجد أحد يقابلنا ، أو حتي يدلنا علي الموقع الذى سوف تأتى  إليه المسيرة ، ولم نجد أمامنا إلا ان نذهب إلى مقر الاتحاد الاشتراكي بالمحافظة ، وهناك وجدنا المقر مغلقاً وظللنا ندق الباب إلي ان استيقظ الحارس ، الذى كان موجوداً بالمقر ، ولحسن الحظ انه كان شاباً قد عرفته في واحداً من معسكرات الشباب ، فتعرف عليّ وطلبت منه ان يدلنا على استراحة المحافظ لنتعرف على الاستعدادات .

المحافظ قابلنا مندهشاً

وتوجهنا فعلاً لمقابلة المحافظ ، الذى قابلنا مندهشاً ومتسائلا ، لماذا جئتم ؟! ، فلقد أنهينا كل شيء ، وتم الاتفاق مع المسيرة ، فسألته : وماذا إذا ما أصروا علي التوجه الي القاهرة ؟ ، وطلبنا مندوب من المحافظة ليرشدنا الى المواقع الأفضل لمقابلة المسيرة ، وتم اختيار مدخل مدينة السلوم ، وتم إقامة سرادق ضخم لاستقبال الإخوة الليبيين ، وإجراء حوار معهم ، والحيلولة دون وصولهم إلي القاهرة ، وسألنا بعض المسؤولين عن وسائل الاتصال المتاحة بالقاهرة ، وماذا إذا قطعت هذه الاتصالات بمعرفة المسيرة ، وطلبنا على الفور تحديد أماكن بديلة يتم الاتصال من خلالها ، ليسهل استخدامها دون الإعلان عنها ، وانتظرنا المسيرة مرحبين وجاءوا وتم استقبالهم بالأحضان ، ومعبرين عن سعادتنا بوجودهم بيننا ، وكان معمر القذافي قد علم ان المسيرة لم تصل لغرضها ، وأنها لم تصل القاهرة ،  وأننا قطعنا الطريق الواصل لـ القاهرة ، فأعلن القذافي استقالته .

[caption id="attachment_679944" align="alignnone" width="600"]محمد رجب  أوقفنا مسيرة للقذافي كانت تزحف نحو القاهرة محمد رجب أوقفنا مسيرة للقذافي كانت تزحف نحو القاهرة[/caption]

قطعنا الطريق الي القاهرة

وفى إطار الحوار طلب قادة المسيرة ان يلتقوا بالرئيس محمد أنور السادات ، ليبلغوه رغبة الشعب الليبي عقد وحدة اندماجية بين البلدين ، ولما كان الطريق مقطوعاً فلقد طلب الدكتور كمال أبو المجد من ممدوح سالم ، بضرورة تدبير لقاء للوفد الليبي لمقابلة الرئيس أنور السادات لإبلاغه برغبة الشعب الليبي ، وقوبل هذا الطلب بالرفض من المسؤولين بالقاهرة ، وأذكر حينها ان الدكتور كمال أبو المجد غضب من الرفض ، وقال بانفعال : أننا هنا في الموقع ، وأري ان يتم  ابلاغ الرئيس بهذا الطلب لتجنب أي صدام ، وبالفعل عندما عرض الأمر علي الرئيس أنور السادات وافق علي الفور .

طائرة خاصة حملتهم الي السادات

وأصطحب الدكتور أبو المجد عدداً من قيادات المسيرة علي متن طائرة خاصة توجهت الي القاهرة ، حيث توجهوا لمقابلة الرئيس محمد أنور السادات ، الذى قابلهم مرحباً وسعيداً قائلاً : يا أولادي أنا عشت حياتي مدافعاً عن قضية الوحدة العربية ، طالباً منهم ان يبلغوا العقيد معمر القذافي موافقته على الوحدة ، وعاد الوفد واصطحبوا أعضاء المسيرة عائدين إلي ليبيا  ، وأثبت الشباب المصري قدرته علي القيام بأي عمل سيأسى وتنظيمي رفيع المستوى ، أداءً وتنفيذاً وتنظيماً ، وهنا أود الإشارة إلي ان أداء هؤلاء الشباب كان عملاً تطوعياً ، تم عن رغبة صادقة ، وإدراك انهم يؤدون عملاً وطنياً مخلصاً ، كان شباباً واعداً سياسياً و تنظيمياً ، كانوا في خدمة بلدهم دون انتظار لأي عطاء ، لذا فالتحية واجبة لكل شاب يشارك بشرف وأمانة في خدمة وطنة .

كاتب المقال : المستشار السياسي لرئيس حزب الحركة الوطنية المصرية وزعيم الأغلبية الأسبق في مجلس الشوري