قالت الكاتبة والناقدة الاعلامية الاماراتية مريم الكعبي : تتذكرون اللي كانوا يشاركون في برامج المسابقات بدون ما يمتلكون أي رصيد معرفي في أي حقل ؟ ، تتذكرون اللي يشاركون في برامج اكتشاف المواهب في الغناء وهم بدون موهبة ؟ ، أبشركم فهؤلاء فتحوا قنوات على اليوتيوب وصاروا محللين في السياسة وفي الاقتصاد وبعضهم يطرح نفسه كمفكر ، والتخلف مستمر ، وتابعت مريم الكعبي قائلة : في دنيا العرب لا يهم كيف تطرح نفسك المهم أن تكون موجود ، يوتيوب بات مكتظاً بالفلاسفة والمفكرين والخبراء السياسيين والإعلاميين والثوريين والمناضلين ، على اليوتيوب " توكل على الله واشتغل رقاصه " ، الكل يضحك على الكل " حارة كل من ايده الو " .
نظام عالمي لـ السطحية والتفاهه
واردفت الناقدة الاعلامية الاماراتية : حينما كنت أشاهد استديوهات تحليل مباريات كرة القدم كنت أتساءل ، إذا كانت المعرفة بهذا المستوى من الغزارة والعمق الذي نستمع إليه لماذا نحن كعرب لم نحقق ما يتوازى مع رصيد المعرفة بكرة القدم ؟ ، وقس على ذلك التحليل السياسي والاقتصادي ، حتى اكتشفت أننا نعاني من ظاهرة الصوت ، مشيرة الي اننا ندور في دائرة الظواهر الصوتية ، خلل يتم برعاية نظام عالمي لمفهوم السطحية والتفاهه نظام يغلف الجهل ويقدمه على طبق المعرفة ، يغزو عالمنا من كل نافذة ومن كل باب ، نحن مجرد تروس وأدوات لنظام التفاهة ، مشددة علي اننا لا نعلم شيئاً ، ولكننا نحترق بنيران من يطرحهم النظام العالمي بوصفهم خبراء وبوصفهم يمتلكون المعرفة ، نحترق بجهل الأدعياء أدعياء العلم في الفن والطب والسياسة والدين ، نحن في محرقة جهل اسمها معرفة ، يقودها أدعياء ، وأردفت : كثر الأدعياء وغابت الحقيقة .
اليوم لدينا جزر وليس جزيرة واحدة
واضافت الكعبي : نحن منبهرون بأن المعرفة أصبحت سهلة ، ولكننا لا نرصد ويلات السهولة التي تصدر لنا يومياً الجهل ، تصدر لنا وجوه الأدعياء الذين يطرحون أنفسهم محللين ليمارسوا جرائمهم في حق العقول العربية التي تنساق خلف التضليل والتدليس بصورة تثير التساؤل عن آفة تلك العقول ، مشيرة الي ان هذا النظام الذي يرعى التفاهة والسطحية أنتج لنا آفات أخلاقية وفكرية ، يصدرونها للعقلية العربية بوصفها شخصيات مؤثرة ، وهي مؤثرة بالفعل ولكن كمعول لهدم القيم والعبث بالهوية والتلاعب بالأخلاق وضرب الثوابت واختراق جيل الشباب بالتشويه ، وهنالك اليوم جزر وليس جزيرة واحدة ، حسابات على اليوتيوب مهمتها اليومية الطعن والتشويه والتشكيك في الدول وإثارة الفتنة بين الشعوب العربية والتدخل في الشأن الداخلي والاعتراض على السياسات ، والعنوان هو الحرية ، دور الجزيرة بثوب جديد ، ولا عزاء للعقول العربية المنساقة خلف خطابات التدمير .
خللي بالك من عقلك
وشددت مريم الكعبي علي اننا لسنا بحاجة إلى الخارج لكي يدمرنا ، لدينا ما يكفي من أدوات التدمير الذاتي ، أدعياء المعرفة كفيلون بإنهاء المهمة ، يسيرون بسرعة البرق في مهمة تدمير العقول ، فمن يبث فيك خطاب الكراهية يدمرك ، من يوجهك نحو التحريض يقتلك قتلاً رحيماً ، وللأسف الشديد في الوطن العربي أصبح هنالك إدمان على خطاب الكراهية يتغذى عليه البعض ، يلاحقون من يشبع تعطشهم إليه ، هم أموات ولو كانوا أحياء لا ترتجوا منهم شيئاً .
واوضحت الكعبي بأن العالِم الحقيقي ومن يريد المعرفة ، يبحث ، يقرأ ، يُدقّق ، يراجع ، يتبع منهجاً علمياً ، لا يلهث خلف متابعة أو إعجاب أو تكسب أو أولوية ، ولكننا في أزمة السبق والنشر وملاحقة الشائعات ، وقليلون هم العقلاء والناجون من طوفان التضليل ومن أضواء إدعاء المعرفة ، واختتمت قائلة : " خللي بالك من عقلك " .
اقرأ أيضا..
مريم الكعبي تكتب: ملعونة الحرية التي تنتج هذا العفن الفكري.. فتنة وتحريض وخطاب كراهية