بأقلامهم
زينب الباز تكتب: الملكة تيتي شري.. ملهمة حرب التحرير
كانت الملكة تيتي شري من أهم ملكات الأسرة السابعة عشرة وعصر الانتقال الثانى، وكانت زوجة للملك ست نخت إن رع تاعا الأول الذى كان ابنا للملك سوبك إم ساف الثانى، لعبت دورا كبيرا في حرب تحرير مصر من الهكسوس الغزاة الذين لقبهم الشعب المصري بـ حقا خاسوت أي حكام الصحراء تحقيرا لهم لأنهم مجموعة من الرعاة أتوا من فلسطين واحتلوا شمال مصر واتخذوا من أواريس «صان الحجر» حاليا، عاصمة لهم.
كفاح الملكة تيتي شري
أنها الملكة تيتي شري، أو تيتي الصغيرة التي تعد من أهم ملكات ملكات الأسرة السابعة عشرة وعصر الانتقال الثانى، وبالرغم من ذلك تعتبر من نساء الظل ولم ينصفها المؤرخون ويعطونها حقها، خاصة أنها كانت ملهمة حروب تحرير مصر من الهكسوس وبفضلها اشتد كفاح مصر ضد الغزاة الذين أذاقوا المصريين الأمرين.
الأم الملكية عاصرت كل مراحل تحرير مصر من احتلال الهكسوس، وعايشت كفاح ملوك مصر الأبطال ابتداء من زوجها، وابنيها، وحفيدها إلى أن تم تحرير الأرض فى النهاية، مما يوضح عظم دورها فى الدفاع عن أرض مصر الخالدة، وتنشئة الملوك الأبطال الجديرين بحكم مصر العظيمة، سيدة العالم القديم.
كانت «تيتي شري» أول سلسلة نسل الملكات والوارثات والأرامل الملكية اللائي كنَّ أصحاب السيطرة في عهد الأسرة الثامنة عشرة حتى نهايتها، كانت تُلقَّب «بالأم الملكية» «تيتي شري» التي وضعتها ربة البيت، وأنجبها الشريف «ثننا».
تزوجت «تيتي شري» من «تاعا» الملقب بالأكبر، ورُزِقَا ابنةً تُسمَّى «أعح حتب»، وابنًا اسمه «تاعا» وهو الذي أصبح ملكًا بعد والده، وقد تزوَّج من أخته «أعح حتب»، وقد رُزِقَا بدورهما «أحمس» الأول مؤسِّس الأسرة الثامنة عشرة، وقد عاشت «تيتي شري» حتى ماتت في عهد «أحمس» الأول، ويُحتمَل أنه دفَنَها بالقرب من قبره.
بطولات الملكة تيتي شري
ولدت تيتى شيرى في أسرة من عامة الشعب لوالدين هما ثننا ونفرو، وكانت تلقب بالأم الملكية، وكانت أول ملكة ترتدى تاج النسر والذى يجعل مكانتها مكملة للملك سنخت ان رع تاعا الأول زوجها الذى منحها إياه، على الرغم من أنها لم تكن تنتمى للدم الملكى، وقد كانت عند حسن ظن زوجها حيث وضعت أسس العصر الذهبي للعسكرية والإمبراطورية المصرية، وكان لها عظيم القداسة لدى المصريين لما بذلته من دور عظيم في التاريخ المصري.
أنجبت الملكة تيتي شري الملك سقنن رع تاعا الثانى وابنتها إياح حوتب، والأمير كامس وحملت ألقاباً مهمة مثل «زوجة الملك الكبرى» و«أم الملك» وتزوج سقنن رع تاعا الثانى وإياح حوتب وأنجبا الأمير أحمس الذى أصبح ملكاً على مصر، وحمل لقب الملك أحمس الأول، ملك مصر العليا والسفلى، ويحرر مصر من الهكسوس ويطاردهم إلى خارج الحدود المصرية إلى جنوب فلسطين، ويؤسس الأسرة الثامنة عشرة وعصر الدولة الحديثة، أو عصر الإمبراطورية كما يعرف فى أدبيات علم المصريات، حين أسست مصر إمبرطورية امتدت من نهر الفرات والبحر المتوسط إلى الشمال الشرقى، وإلى أعماق السودان جنوباً، وإلى ليبيا غرباً، وصارت مصر سيدة العالم القديم وحكمت العالم القديم بالعلم والحق والعدل، والدليل على ذلك وجود نقش مدون على جزء من لوح حجرى محفوظ فى متحف الجامعة فى لندن حالياً وهذا النقش يوضح الملك أحمس الأول ومعه جدته الملكة تيتى شيرى وهما فى إحتفال بمناسبة ترميم معبد الإله مونتو فى طيبة ويشير ذلك إلى أن الملكة تيتى شيرى كانت ومازالت السيدة الأولى فى البلاد حتى ذاك الوقت.
أداء الرسالة
وتوفيت الملكة تيتي شري بعد تحرير كامل الأرض من الهكسوس عن عمر تجاوز 70 عاما، بعد موتها أخلت مكان الصدارة فى القصر الملكى للسيدة إياح حتب أم الملك أحمس الأول وكان لها أهمية بالغة حيث يرجح أنها قامت بدور الوصاية على العرش أثناء الفترات التى غاب فيها الملك أحمس فى حروبه الخارجية.
دفِنت الملكة تيتي شيري في «طيبة»، ويستدل على ذلك بالحديث الذي دار بين الملك «أحمس الأول» وزوجه الملكة «نفرتيري»، عندما كانا يتناقشان فيما كان لأجدادهما الذين رحلوا من فضل عليهم، وقد وجد ذلك مدونا على اللوحة التذكارية التي نصباها في «العرابة»، وتظهر الملكة تتى شرى على هذه اللوحة جالسة فى منظرين، أحدهما على اليمين والآخر على الشمال، ويقف أمامها، فى كلا المنظرين، حفيدها الملك أحمس الأول، مقدماً القرابين والعطايا لجدته المبجلة دوما وأبدا وقد وجَّهت الملكة سؤالًا للملك جعلته يبيح بما يكنُّه صدره؛ إذ أجابها قائلًا: «حقًّا لقد مرَّ بخاطرَيْ أم والدتي، والدة أبي الزوجة الملكية العظيمة، والأم الملكية «تيتي شري» المرحومة، حقًّا إن حجرة دفنها وقبرها الوهمي موجودان الآن في مقاطعتي «طيبة» و«طينة» على التوالي، وقد قلت لك ذلك لأن جلالتي يرغب في أن يقيم لها هرمًا ومعبدًا في الأرض المقدسة «العرابة المدفونة» بالقرب من آثار جلالتي» وتم حفر بحيرتها، وتمت زراعة أشجارها، وتم إمدادها بالقرابين من أرغفة الخبز وبمجرد أن تحدث جلالته بهذا الأمر، تم تنفيذه وفعل جلالته ذلك لأنه أحبها أكثر من أى شىء ولم يفعل الملوك السابقون المثل لأمهاتهم» والواقع أنه قد عُثِر على معبد هرم العرابة، ولا نزاعَ في أن هذه اللوحة كانت قد أُقِيمت فيه.
وجد العلماء في القبر الذي دُفِنت فيه الملكة تيتي شيري في طيبة تمثالان متماثلان من كل الوجوه من حيث الحجم والكتابة والجلسة، وعلى جانب عرش كلٍّ منهما نقش دعاء لطلب القربان باسم «أوزير» رب «العرابة»، و«آمون» رب «الكرنك» لروح الأم الملكية «تيتي شري»، كما عثر على لفائف نسيج من كفنها بين قطع الأكفان المبعثرة التي وُجِدت في الخبيئة الملكية التي كشف عنها في إحدى مقابر الدير البحري، ولا بد أن جسمها كان موجودًا بين الجثث التي كانت في هذه الخبيئة، ويُحتمَل أن الباحثين قد تعرفوا على موميتها بمقارنة ملامحها بملامح أسرة الفرعون «أحمس».
كما يوجد تمثال صغير يمثلها وهى صغيرة فى السن محفوظ بالمتحف البريطانى ويحمل رقم 22558 ويبلغ طول هذا التمثال 37 سم، وأكد المؤرخين أن الملك أحمس الأول نحت لها هذا التمثال بعد موتها لأنه كان يجلها ويحترمها.