أخبار عاجلة
بيان هيومن رايتس ووتش حول الأوضاع في ليبيا قُبيل إنعقاد مؤتمر باريس
تحتضن باريس غداً الجمعة المؤتمر الدولي حول ليبيا الذي يرعاه الرئيس إيمانويل ماكرون وتشارك في إدارته كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا والأمم المتحدة، بمشاركة واسعة وعلى مستويات عليا، وذلك قبل واحد وأربعين يوماً من الرابع والعشرين من ديسمبر القادم الموعد المحدد لتنظيم الانتخابات الرئاسية.
ويرى الخبراء السياسيون أن فرنسا تريد أن تعود للملف الليبي بقوة، بعد أن هُمشت خلال العامين الماضيين، وإستعادة نفوذها الذي خسرته في البلاد بعد تدخل تركيا عسكريا في البلاد، وبسط سيطرتها على الأراضي الليبية. وكانت فرنسا قد سعت منذ سقوط نظام الراحل معمر القذافي في فبراير 2011 للعب دور سياسي ومحوري في ليبيا لدعم جهود تواجدها في أفريقيا والمتوسط ، وستسعى فرنسا الآن لخلق تفاهمات جديدة خصوصا مع تركيا وإيطاليا، لأن أنقرة تحاول فرض أجندتها السياسية في طرابلس، وسيصلون إلى بناء توافقات لاقتسام الكعكة الليبية.
ووفق مصادر مطلعة بالعاصمة الليبية، إن حلفاء رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة في الداخل والخارج يضغطون من أجل إصدار المؤتمر بيانا يدعو إلى إلغاء المادة 12 من قانون انتخاب الرئيس الصادر عن مجلس النواب في التاسع من سبتمبر الماضي، وفتح المجال أمام الدبيبة للترشح للانتخابات الرئاسية، وهو يعوّل على ذلك، ويرفض تنظيم انتخابات لا يكون مرشحا للفوز بها، ولاسيما بعد الحملة الدعائية الواسعة التي تم تنظيمها خلال الأشهر الماضية لتقديمه في صورة الزعيم الشعبي المؤهل لقيادة البلاد خلال الفترة القادمة.
ويجد الدبيبة دعما في هذا الاتجاه من قبل إيطاليا وألمانيا وتركيا والجزائر ودول أخرى، لكن تقارير أوروبية قالت إن خلافا إيطاليا – فرنسيا تم تسجيله في أروقة التحضيرات لمؤتمر باريس حول ليبيا، وذلك بخصوص نصّ البيان الختامي الذي يصرّ الإيطاليون على تضمينه مادة تسمح للجميع بالترشح للانتخابات، فيما يتمسك الفرنسيون بالشروط التي نصّ عليها قانون الترشح الصادر عن البرلمان والمعلن من قبل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، والذي يشترط توقف المرشح عن ممارسة وظيفته بشكل نهائي قبل ثلاثة أشهر على الأقل من تاريخ الاستحقاق الانتخابي.
وعلى الأرض، لا يزال آلاف المقاتلون الأجانب والمرتزقة يتمركزون في ليبيا، بما في ذلك قوات حكومية تركية، جاءت بدعوة من السلطات المؤقتة في طرابلس، في حين قالت تركيا إنها لن تشارك بسبب الوجود المتوقع لليونان وقبرص وإسرائيل. مما يعتبر تهربا من مخرجات هذا المؤتمر كما حدث في السابق حيث لم تحترم أنقرة مخرجات ونتائج مؤتمري برلين. بينما كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد التقى مع رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة، في إسطنبول، حيث لم يُعلن على موضوع الزيارة، لتُفيد مصادر ليبية أن سبب الزيارة هو طلب الدبيبة الدعم التركي من أجل ترشحه للرئاسة مقابل حماية التواجد التركي في ليبيا.
وفيما يبدو ضربة في صميم المؤتمر وحكومة الدبيبة شخصياً، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في بيان لها اليوم الخميس، إن هناك عدة أسئلة تنتظر الإجابة من القادة المشاركين بمؤتمر باريس الدولي حول ليبيا المنعقد غدًا الجمعة، أولها هو هل يمكن للسلطات الليبية ضمان انتخابات خالية من الإكراه، والتمييز، وتخويف الناخبين، والمرشحين، والأحزاب السياسية؟ وبما أن القواعد الانتخابية يمكنها أن تقصي بشكل تعسفي ناخبين ومرشحين محتملين، كيف يمكن للسلطات ضمان أن يكون التصويت شاملًا؟ وهل هناك خطة أمنية قوية لحماية مراكز التصويت؟ وهل يمكن للقضاء التعامل بسرعة وإنصاف مع النزاعات المرتبطة بالانتخابات؟
أماكن التصويت
وأضافت: "هل يمكن لمنظمي الانتخابات ضمان وصول المراقبين المستقلين إلى أماكن التصويت، ولو في المناطق النائية؟ وهل رتّبت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات لإجراء تدقيق خارجي مستقل في سجل الناخبين؟".
كما أكدت على أن القوانين التقييدية تضعف حرية التعبير والتجمع، كما أن الجماعات المسلحة ترهب الصحفيين، والنشطاء السياسيين، والحقوقيين، وتعتدي عليهم بدنيًا وتضايقهم، وتهددهم، وتحتجزهم تعسفًا، في ظل غياب المساءلة، وعلى الحكومة إلغاء القيود الشاملة على المجموعات المدنية لضمان قدرتها على العمل» خصوصًا خلال الانتخابات.
ودعت السلطات الليبية إلى تقديم التزام صريح بمحاسبة المقاتلين الليبيين والأجانب المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة المرتكبة خلال النزاع الليبي المسلح الأخير، وهي تشمل الإعدامات غير القانونية، والإخفاء القسري، وقتل المدنيين خارج القانون.
من جهته، قال المحلل السياسي الليبي، أيوب الأوجلي: "إن الدعوات والمؤتمرات التي تدعو إليها بعض الدول ومنها فرنسا تصب في خانة إضاعة الوقت ومحاولة خلط الأوراق". وأوضح المحلل السياسي أن المؤتمر الفرنسي المزمع عقده لن يضيف أي جديد على مخرجات الاتفاق السياسي ومؤتمري برلين حول ليبيا، مؤكدًا أن فرنسا تحاول استلام زمام الأمور حال فشل الانتخابات. كما أن الوضع الحالي يستلزم تحركات على الأرض، خاصة بعد اقتراب موعد الانتخابات المقبلة، مناشدًا الدول الداعمة الدفع نحو إنجاز هذا الاستحقاق.