منوعات والمرأة والطفل
محمد السمالوسي يكتب: الضحك المُغلف بالسم.. دور الكوميديا في تدمير القيم والمبادئ
تُعتبر الكوميديا من أكثر الألوان الفنية شعبية في السينما والتلفزيون، حيث تتميز بقدرتها على إدخال الفرح والضحك إلى قلوب المشاهدين. ولكن، خلف هذا الضحك، هناك جانب مظلم يتجلى في كيفية استخدام الكوميديا في بعض الأعمال الفنية لكسر القيم وتضييع المبادئ.
أحد أبرز مظاهر هذا الاستخدام هو تقديم سلوكيات غير أخلاقية في إطار كوميدي، مما يجعلها تبدو مقبولة أو حتى مرغوبة.
مثلاً، تُعرض شخصيات تتبنى سلوكيات فاسدة مثل الخداع، الكذب، والرشوة بشكل هزلي، مما يقلل من وقع هذه الأفعال على الجمهور. فعندما يُضحك المشاهدون على تصرفات شخصية فاسدة، يترسخ في أذهانهم أن هذه السلوكيات ليست فقط مقبولة، بل قد تكون طريقة فعالة لتحقيق الأهداف.
أفلام مثل "مدرسة المشاغبين" تمثل نموذجاً واضحاً على ذلك. بينما تقدم كوميديا تعتمد على الفوضى والتمرد، تسهم في ترسيخ مفهوم أن الانضباط والقيم التعليمية مجرد ترف غير ضروري. وبهذا الشكل، يفقد الشباب احترامهم للسلطة والمعلم، مما يؤثر سلباً على بيئة التعليم ويخلق جيلاً أقل اهتمامًا بالقيم.
كذلك، فإن الكوميديا تستخدم أحيانًا لتقويض صورة الأسرة والمجتمع. في أعمال مثل "سي السيد وأمينة"، يتم تقديم صورة الرجل ككائن ضعيف أخلاقياً، مما يشوه الصورة التقليدية للرب الأسرة. هذا التقديم يعزز من فكرة أن السلطة الذكورية ليست ضرورية، ويفتح المجال لمفاهيم جديدة قد تكون مدمرة للعلاقات الأسرية.
تحويل العلاقات إلى صفقات
علاوة على ذلك، تساهم الكوميديا في ترويج نماذج غير إيجابية للمرأة. في العديد من الأعمال، تُظهر النساء ككائنات تعتمد على المظاهر والاهتمام بالرومانسية المبالغ فيها، مما يؤدي إلى تحويل العلاقات إلى صفقات مادية أو سطحية. وهذا يعزز من فكرة أن القيم العاطفية والروحية ليست لها قيمة، ويضعف من مفهوم العلاقات الصحية المبنية على الاحترام المتبادل.
أيضًا، نجد أن الكوميديا قد تُستخدم للتقليل من أهمية الأمور الجادة، مثل الدين والأخلاق. فبعض الأفلام التي تركز على الشخصيات ذات المظهر الديني تُظهرها بشكل ساخر، مما يؤدي إلى زعزعة ثقة الجمهور في هذه القيم. هذا التوجه ليس مجرد تعبير فني، بل هو شكل من أشكال الهجوم على المبادئ الأخلاقية التي يُفترض أن تُبنى عليها المجتمعات.
ختامًا، ينبغي أن نكون واعين للتأثيرات السلبية للكوميديا في الأفلام والمسلسلات. بينما توفر لنا الضحك والترفيه، فإن استخدامها لكسر القيم وتضييع المبادئ يمكن أن يؤدي إلى تفشي السلوكيات غير الأخلاقية وزعزعة الأسس الاجتماعية. من الضروري على صناع المحتوى أن يتحملوا مسؤولياتهم، ويقدموا أعمالاً تساهم في تعزيز القيم الإنسانية بدلاً من تقويضها.