الصلاة | في ركوعها خضوع وفي سجودها قمة العبودية .. أعظم رابط بين العبد وربه
رسائل علي الشرفاء التنويرية : القرآن منبع صافي للتقرب الي الله .. ورمضان فرصة لإعادة بناء علاقتنا مع الصلاة

يحلُّ شهر رمضان المبارك ضيفًا كريمًا على الأمة الإسلامية، حاملًا معه نفحات الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وفي هذا الشهر الفضيل، تتجلى العبادات في أبهى صورها، وعلى رأسها الصلاة، ففي هذا الشهر الكريم تستعيد النفوس صفاءها، وتحيا في القلوب روح الإيمان، فتتجدد العبادات وتزدان المساجد بالمصلين .
- أعظم رابط بين العبد وربه
وبين أركان الإسلام، تبرز الصلاة باعتبارها أعظم رابط بين العبد وربه، فهي ليست مجرد حركات تؤدى في مواقيتها، بل هي منهج حياة، ومقياس دقيق لمدى التزام الإنسان بتعاليم ربه ، ولعل ما يكتبه ويسطره المفكر العربي علي الشرفاء الحمادي من مؤلفات ومقالات وما تحمل رسالته التنويرية المستمدة من كتاب الله القر آن الكريم تؤكد علي ان الصلاة وسيلة للتحرر من كل أشكال الظلم والعدوان، ومدرسة أخلاقية تزرع القيم الفاضلة، وتنهي عن الفحشاء والمنكر، تحقيقًا للهدف الأسمى الذي حدده المولي عز وجل في آيات الذكر الحكيم " القرآن الكريم " .
- الصلاة ليست مجرد ركعات
وتشير رسالة علي الشرفاء ورؤيته التنويرية إلى أن كثيرًا من المسلمين يؤدون الصلاة وكأنها مجرد طقس يومي، دون إدراك لمعناها العميق ، فالقرآن الكريم لم يجعلها مجرد فروض تؤدى ميكانيكيًا، بل قرنها بوظيفة إصلاحية كبرى، حيث يقول الله تعالى في كتابه الكريم : " وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ " .. صدق الله العظيم .. فالصلاة المقبولة ليست تلك التي تقتصر على الركوع والسجود، بل تلك التي تترك أثرًا في سلوك وتصرفات صاحبها، فتمنعه من البغي والظلم، وتبعده عن الكذب، وتحفظه من الانحراف .
- الصلاة .. واستشعار عظمة الله
لكن الواقع المؤسف الذي يرصده الشرفاء في كثير من كتاباته ومؤلفاته ، هو أن كثير من المسلمين يصلّون يوميًا، ومع ذلك لا تنعكس صلاتهم على حياتهم، إذ نجد بينهم من يكذب، ويغش، ويظلم، وكأن صلاته لم تردعه عن تلك السلوكيات ، وهذا ما يؤكد أن هناك انفصالًا بين أداء الصلاة وفهم مقاصدها، وهو ما يجعلها عند البعض عادة أكثر منها عبادة، فتفقد بذلك دورها التنويري في بناء مجتمع صالح ، فجوهر الصلاة يكمن في استشعار عظمة الله، والوقوف بين يديه بخشوع كامل ، فمن لم يُعدّ قلبه وجوارحه قبل الصلاة، ومن لم يستشعر رهبة لقاء الله، فقد أضاع أجرها وثوابها ، فالصلاة ليست مجرد كلمات تُقال، أو حركات تُنفذ، بل هي تجديد للعهد مع الله، وإقرار بالتزام العبد بميثاقه مع خالقه، بأن يكون صالحًا في نفسه، نافعًا لغيره، مجتنبًا لما يحرمه الله.
- عندما تكون الصلاة خالية من الروح
وهنا يلفت الشرفاء إلى خطأ يقع فيه الكثيرون، وهو أنهم ينشغلون بأداء الصلاة، بينما تظل قلوبهم مشغولة بالدنيا، فلا حضور، ولا تدبر، ولا استشعار حقيقي لمعانيها ولذلك، تصبح صلاتهم خالية من الروح، فلا تؤثر في سلوكهم، ولا تمنعهم من المعاصي، رغم أن الهدف الأسمى للصلاة كما حدده القرآن هو النهي عن الفحشاء والمنكر ، ففي كتب ومؤلفات علي الشرفاء الحمادي، تبرز رؤية واضحة لدور الصلاة في بناء الإنسان الصالح ، فالمسلم الذي يؤدي صلاته كما أرادها الله، يكون أكثر صدقًا، أكثر أمانة، أكثر رحمة وإنسانية ، أما من يصلي دون أن يتأثر بها، فهو كمن يردد كلمات لا يعي معانيها، فيصبح فريسة سهلة للشيطان، يمارس الظلم وهو يظن نفسه تقيًّا، ويرتكب المنكرات وهو يحسب أنه على هدى.
- الصلاة على ضوء القرآن الكريم
فإذا كان الإنسان يكذب، أو يسرق، أو يظلم، ثم يؤدي الصلاة وكأنها ستر يغطّي به سوء عمله، فإن صلاته لم تحقق غايتها ، بل إن هذه الصورة المشوهة للمسلم تُسهم في تشويه الدين نفسه، إذ كيف يكون المصلي فاسدًا، بينما دينه يأمره بالإصلاح؟ وكيف يكون راكعًا وساجدًا، ثم يكون في الوقت ذاته أداة للظلم والتخريب؟ ، إن علي الشرفاء الحمادي يدعو في رسالته التنويرية إلى إعادة فهم الصلاة على ضوء القرآن الكريم، بحيث لا تكون مجرد عادة، بل تكون وسيلةً للارتقاء الأخلاقي، ومدرسةً يتخرج منها الإنسان التقي النقي، الذي يجعل من صلاته نورًا يهديه في سائر شؤون حياته.
- رمضان وإعادة بناء علاقتنا مع الصلاة
رمضان هو فرصة عظيمة لإعادة بناء علاقتنا مع الصلاة، ليس من حيث الالتزام بأدائها فقط، ولكن من حيث استيعاب مقاصدها، وتحقيق أثرها في حياتنا ، فالصلاة التي لا تنهى عن الفحشاء والمنكر، ليست صلاة كما أرادها الله، بل هي حركات جوفاء لا تغني صاحبها شيئًا ، لذا سيظل شهر رمضان هو شهر الرحمة والمغفرة، فيه تتجلى أنوار الإيمان، وتزكو النفوس بالصيام والقيام ، والصلاة فيه صفاء للروح، وطمأنينة للقلب، وباب للتقرب من الرحمن ، فهي معراج العابدين، ومفتاح الطمأنينة، وسراج الدروب الحالكة ، في ركوعها خضوع، وفي سجودها قمة العبودية، فهنيئًا لمن عمر وقته بها.
- القرآن وتجاوز الشكل إلى الجوهر
من هنا ترتكز رسالة علي الشرفاء الحمادي التنويرية في مؤلفاته علي ضرورة تجاوز الشكل إلى الجوهر، وتجاوز المظاهر إلى المضمون، وان يعود الناس " كل الناس " االي القرآن الكريم اصل رسالة الإسلام حتى تتحول الصلاة وكل العبادات الربانية إلى قوة دافعة للإصلاح، " تصلح الفرد فيصلح المجتمع " ، وكي تكون معيار حقيقي لصدق الإيمان، وسراج ينير طريق المسلم في دنياه، حتى يلقى الله بقلب سليم، قد أدى الصلاة كما أرادها الله، فاستحق بها الفوز بالجنة والنجاة من النار .. اللهم بلغت اللهم فاشهد .