قيام دولة الشيطان على أنقاض شريعة الرحمن .. مأساة أمة هجرت القرآن وخانت عهد الله
صرخة وعي لـ علي الشرفاء الحمادي : القرآنُ ليس صوتًا يُرتّل بل شريعة تحكم .. لا يحتاج وسطاء ولا سماسرة
القرآن ليس كتابًا يُقرأ بل شريعة إلهية تحكم .. ونور يُتّبع .. ومنهج يُحيي أمة تموت كل يوم .. فليس كل من فتح المصحف قد اهتدى .. وليس كل من جوّد الآيات قد تذوّق نورها .. فالقرآن الكريم لا يُثمر في القلوب إلا لمن قرأه بعين البصيرة .. وتدبّره كمن يتلقّى أمرًا مباشرًا من خالق الكون.. لا كمجرد تلاوة جوفاء تُرضي العادات ولا تُرضي رب العباد.
- طرح يضرب العمق ويتجاوز السطح
وفي مقال جديد يحمل عنوان " التدبر في القرآن يهدي لطريق الرحمن " للمفكر العربي علي الشرفاء الحمادي .. تجده يُجسّد جانب من مشروعه الفكري والتنويري الذي طالما حمل لواءه ودعا إليه بقلمه وفكره الحر .. المرتكز علي ضرورة العودة الصادقة إلى القرآن الكريم .. لا كمجرد كتاب يُتلى .. بل كدستور يحكم .. ومنهج يُحتكم إليه في كل شؤون الحياة .
لذا تجده بأسلوب نافذٍ للوجدان وطرحٍ يتجاوز السطح .. يضرب في عمق الأزمة الحضارية للأمة .. ويكشف مؤامرة هجر القرآن الكريم .. وتحوّله إلى طقس صوتيّ لا روح فيه .. ويُحاكم واقعًا مأزومًا سلّم قيادته للجهل والخرافة .. متجاهلًا ما أنزله الله من رحمة وعدل وهداية .
- سطوة التاريخ وخزعبلات الروايات
إنها المأساة الكبرى .. أن يتحوّل القرآن العظيم إلى صوتيات تُذاع في الجنائز .. وزخارف تزيّن الجدران .. وطقوسٍ موسمية تُمارس بلا فهم ولا التزام .. تُقرأ آيات الرحمة ولا يُرحم بها أحد .. تُتلى آيات العدل والعدل غائب من حياة الناس .. يتغنّون بالآيات وهم أول من يعصونها ويهجرونها سلوكًا وتشريعًا .
أيّ مؤامرة هذه ؟! .. حين يُختزل دستور السماء في أصوات المُقرئين .. وتُترك مضامينه وتُهمَل أوامره وتُغيّب تشريعاته .. ليُستبدل بها كلام الفقهاء والمرويات المظلمة .. وتُعطل إرادة الله ليستبدلها الناس بأهوائهم .. وهذه ليست مجرد غفلة .. بلخيانة لعهد الله .. ونقضٌ للميثاق الذي أُخذ على هذه الأمة : أن تحكم بما أنزل الله لا بما ورثته من سطوة التاريخ وخزعبلات الروايات .
- القرآن الكريم صار كتاب مهجورا
لقد كانت الفاجعة أعظم من أن تُصدَّق هكذا يري الشرفاء الحمادي في مقاله التنويري .. كارثة أن القرآن الكريم الذي أُنزل ليجمع الناس .. صار مهجوراً .. والرسالة التي جاءت لتوحد البشرية على كلمة سواء .. صارت سببًا في انقسامٍ مريع .. حتى إذا مات الرسول عليه الصلاة والسلام .. تقاتل القوم على السلطان .. وذبح بعضهم بعضًا باسم الدين .. وسالت الدماء في الصحارى لا لشيء .. إلا لأنهم هجَروا آيات الذكر الحكيم .
هجرو القرآن في السياسة فحكموا بالهوى .. هجروه في الاقتصاد فاستباحوا الظلم والربا .. هجروه في الأخلاق فانتشرت الرذائل واندثرت المروءة .. هجروه في القضاء فأصبحت المحاكم ساحة للباطل يُلبس ثوب الحق .
- أممٌ ممزّقة وشعوبٌ تائهة .
وهكذا .. قامت دولة الشيطان على أنقاض شريعة الرحمن .. ومنذ ذلك الحين والأمة تتهاوى من فتنة إلى فتنة ومن جريمة إلى أخرى .. تنتكس تارة باسم الطائفة .. وتارة باسم المذهب .. وتُقتل الحقيقة في وضح النهار ولا من ينتصر لها .. لأن الذين يفترض أنهم حُماتها .. قد استبدلوا حبل الله بحبال الناس .
لقد قالها رسول الله وشهد بها القرآن على لسانه : " يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا " .. صدق الله العظيم .. وها نحن نعيش هذا الهجر بكل مأساته : " أممٌ ممزّقة .. وشعوبٌ تائهة .. وأبرياء يُذبحون بلا ذنب .. وظلمٌ لا يُحاسَب .. وطغاةٌ لا يُردعون " .. ولأنهم هجروا تشريعات الرحمن .. سلّط الله عليهم أنفسهم فصاروا أعداءً لأنفسهم .. يتفننون في صناعة جراحهم بأيديهم .. ثم يسألون : " لماذا لا ينصرنا الله ؟! .. كيف يُنصر الله قوم نسوا كتاب الله ؟ .. كيف يُكرم الله أمة أعرضت عن دستوره وأقبلت على تفاسير أمواتٍ نصبوا أنفسهم آلهة تأمر وتنهى ؟
- قبل أن تطمسنا دوامة الزوال
إن العودة إلى القرآن ليست ترفًا فكريًا ولا إصلاحًا تجميليًا .. بل هي فريضة نجاة .. وشرط وجود .. وأمل أخير قبل أن تطمسنا دوامة الزوال .. فيا من تبحثون عن النور في زمن الظلمة .. عودوا إلى كتاب الله .. لا كموروث ثقافي بل كرسالة حياة .. واجعلوه الحكم والميزان .. لا شعارًا في الجدران .. فإنه لا إصلاح ولا أمن ولا رحمة ولا نصر .. إلا إذا قلنا من أعماقنا : " رَبُّنَا اللَّهُ " ثم استقمنا كما وعدنا الله بقوله عز وجل : " تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا " .. صدق الله العظيم .. فهل آن أوان العودة ؟ .. أم ما زال الشيطان ممسكًا بخيوطنا ونحن نظن أننا مهتدون ؟
- صرخة وعي ونفير إصلاح عظيم
إنها صرخة وعي ونفيرُ إصلاحٍ عظيم .. يطلقها علي الشرفاء الحمادي لكل من بقي في قلبه نبض .. دعوة صريحة للنجاة لمن شاء أن يعود إلى الله من غير وسطاء ولا سماسرة دين إلى القرآن .. حيث النور .. والحق .. والحياة.
تذكّروا أيها العقلاء .. أن القرآن لا يُنفع به من يقرأه بل من يعيه ويتّبعه .. فهل فيكم من يعي ؟ .. اللهم اني قد بلغت .. اللهم فاشهد .