اهم الاخبار
الأربعاء 08 مايو 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

الفن

المسلسل التركي "ابناء الاخوة" ... دراما قوية خطفت المشاهد من أول حلقة رغم التشابه مع "لا تبكي با أمي"

59
59

كتبت : داليا محمد

انضم المسلسل التركي الجديد "ابناء الأخوة" لمسلسلات الموسم الدرامي الجديد بتركيا و الذي بدأ مع بداية العام الجاري، و رغم ان الجميع لم يتوقع له النجاح نظراً للمنافسىة الشرسة التي يشهدها الموسم بين المسلسلات المعروضة حالياً بتركيا خاصة في يوم عرضه الأحد الذي يُعرض به عدداً من المسلسلات الناجحة منهم "المحارب" و "لا تترك يدي" و "لتر من الدموع" و صعوبة سحب مسلسل جديد البساط من أسفل أقدام مسلسل سبقه في عرض حلقاته، فضلاً عن أن يوم الأحد هو العطلة الرسمية بتركيا، و يقضي الجمهور التركي يوم عطلته في الخروج و التنزه أو في مشاهدة مباريات كرة القدم و ينصرف عن متابعة المسلسلات، إلا أن المسلسل حطم كل تلك القواعد و ضرب بها عرض الحائط حين حققت حلقته الأولى نسبة مشاهدة 5.03 و هى نسبة مشاهدات عالية جداً بالنسبة لمسلسل يُعرض للمرة الأولى فى يوم عطلة رسمية فى تركيا، وقد تفاجئ الجمهور العربي من تلك النسبة الكبيرة التى حققتها الحلقة الاولى من مسلسل "ابناء الاخوة" و كذلك أذهلت هذه النسبة الجمهور التركي الذي تأكد من جودة العمل.

و جاءت نسبة المشاهدة التي حققتها الحلقة الثانية و التي وصلت إلى اعلى نسبة مشاهدة ضمن المسلسلات التى عُرضت يوم الأحد على التلفاز التركي و هي 7.38، ما يثبت قوة العمل و أنه سيكون قنبلة الموسم الدرامية.

فمع عرض حلقتين فقط من مسلسل "أبناء الاخوة" تمكنت تلك المحمة الدرامية  من جذب الجمهور التركي والعربي ، على الرغم من عرض قصة مكررة شاهدناها من قبل فى مسلسل "لا تبكى يا امى" الذى توقف عرضه خلال الموسم الماضى فى تركيا و فى مسلسل جولبيرى الذى يستمر عرضه حتى الآن.

و تدور أحداث المسلسل حول الشقيقتان أوماى وعمران اللتان وقعتا فى حب نفس الرجل “يلدريم” ولكنه كان يحب عمران فقامت اوموى بخيانة شقيقتها مع يلدريم الذي ضعف امامها و أمام جمالها الساحر  وحملت منه ومن ثم تركت إبنتها التى أنجبتها لشقيقتها لكى تقوم بتربيتها وهربت للمدينة حتى اصبحت من ذوات الطبقة الغنية و فنانة مشهورة، فى حين عاشت أختها عمران فى يأس وهى تربي تلك الفتاة التى تُدعى “حياة"، و بعد سنوات سوف تقعن بنات الشقيقتين أو (بنات أوماي) في حب شاب واحد، فكيف سيكون الوضع، وهل تعرف الشقيقتين الحقيقة بعد كل تلك السنوات .

و مع هذا التشابه الكبير بين المسلسلات الثلاثة، إلا أن مسلسل "ابناء الأخوة" بعد نسب المشاهدات المبهرة التي حققها يُعد الأفضل و الأكثر نجاحاً بينهم، و هذا يعود لعدة اسباب أهمها، أنه يضم مجموعة من أكبر و أفضل ممثلين تركيا على رأسهم ايجا  بينجول "عمران" التى عشقها الجمهور العربي من مسلسل “على مر الزمان”، الممثل التركي محمد أصلان توغ "يلدريم" الذى عُرف من خلال دوره فى مسلسل “ليث ونورا”، والممثلة التركية نور فتاح اوغلو "أوماي" التى تُعرف من خلال دورها فى مسلسل "العشق الممنوع" وكذلك بإسم السلطانة ناهد دوران فى مسلسل حريم السلطان”.

و الممثلة الشابة الجميلة أفرا ساراتشوغلو "حياة" التى عُرفت من خلال دورها فى مسلسل "فضيلة وبناتها" و التي اعتذرت عن بطولة مسلسل "تل الصقر" الذي تم ايقاف عرضه عند الحلقة السادسة من أجل هذا الدور، و الممثل التركي فوركان انديتش "فولكان" الشهير بسافاش في مسلسل "مريم"، و أخيراً باتوهان أكشاي / أنور و الذي انسحب خصيصاً من مسلسل "لا تترك يدي" من أجل دوره في هذا العمل و كانت له نظرة صائبة.

و كذلك أداء الأبطال الأكثر من رائع خاصة الممثلة الجميلة الصاعدة أفرا ساراتشوغلو / حياة التي شبهها البعض ببيرين سات القادمة من قوة أدائها الذي ابهرت به المشاهدين.

و ايضاً القصة القوية و المميزة رغم تكرارها و لكن تناولها في هذا المسلسل يختلف كثيراً عن المسلسلين السابقين، كما أن السيناريو قوي و أحداثه مؤثرة و سريعة حتى الآن، و العلاقات المتشابكة و المعقدة لأقصى درجة.

تحليل الشخصيات :

"اسمي عمران انا قادمة من جهنم ، كبرت بالضرب تزوجت بالضرب وعشت بالضرب ، حرقوا روحي كثيرا لكن ليس بالضرب بالاهانات ، حرقوني باحبائي"، بتلك الكلمات عرفت "عمران" نفسها، بالفعل هي المخدوعة من أقرب اثنين إلى قلبها حبيبها و شقيقتها، فإذا كان حبيبها خائن؟ فكيف تكون شقيقتها خائنة ؟ و إذا كان أقرب اثنين لها هما نفسهما الخائنان فمن سيواسيها ؟ اضطرت ان تلقي بنفسها في احضان الجحيم و تزوجت رجلاً لا ينجب من أجل أن تعيش الطفلة التي تذكرها بخيانة أحبائها كل يوم بين اب و أم و عائلة، كي تجد من تحمل اسمه حتى لا تصبح أمام الناس و المجتمع الذي لا يرحم ابنة غير شرعية، و رغم جرحها الذي لا يلتئم، مازالت تضحي فتحملت قسوة هذا الرجل الجاحد و ضربه لها و اهانتها من أجل تربية حياة، رغم انها لم تجد من يواسيها في جرحها ظلت تواسي تلك الابنة طوال حياتها، كادت تقتل و تقضي بقية عمرها في السجن لتنعم ابنتها بالراحة و الأمان، كم انها أم عظيمة و مضحية بحق، فإذا كانت داملا بمسلسل "لا تبكي يا أمي" قد ضحت بشبابها من أجل ابنة شقيقتها زينب، فعمران ضحت بكل ما هو غالي و ثمين بكبريائها و كرامتها و عمرها و حريتها و من أجل من ؟ من أجل ابنة الخائنين ؟ فقد اخلصت لابنة الخائنة حتى الثمالة، قد يكون فاقد الشيء هو الوحيد الذي يستطيع ان يعطيه، تتهمها ابنتها بالضعف و الجبن و لكنها في الحقيقة قد تكون من أقوى نساء العالم، تلك التي لا تأخذ طفلة بريئة بذنب والديها الخائنين، تلك التي تجفف دموع ذكرى ألمها و جرحها الذي لا ينتهي.

و على الجانب الآخر نجد تلك المرأة الجاحدة القاسية الخائنة الأفعى كما تقول عنها عمران، فهي خانت شقيقتها و فرقتها للابد عن من تحب، تخلت عن ابنتها و لم تسأل عنها طوال 20 عاماً، احضرت صديقاتها ليجلسن معها و يتغامزون عليها حتى لا تضحي بنجوميتها،  كانت لا ترغب بمجيئها إلى منزلها حتى لا تهدم حياتها، لم تنظر في وجهها و اخفت شعورها  باللهفة عليها حتى لا تلفت الانظار لفعلتها الشنيعة قبل سنوات، حتى ابنتها المريضة "خيال" تعاملها بقسوة و لا تكترس لمرضها و لا تشعر بالشفقة عليها ابداً، انها كتلة انانية متنقلة على وجه الأرض ليس بها إلا الجانب المظلم فقط، دمرت حياة شقيقتها و ابنتها و رحلت دون أن تنظر خلفها، فهي قد تكون الشخصية المقابلة لشخصية ايليف في مسلسل "لا تبكي يا امي" و لكن هناك فارق السماء من الأرض بينهن، فأوماي خانت و فرقت و تخلت بكامل ارادتها دون اجبار من الظروف كما حدث مع ايليف، و رغم انها مذنبة أكثر بكثير من ايليف التي دفعها الخوف من عائلتها لارتكاب ذنبها لكنها لم تشعر بالذنب ابداً مثل ايليف لم تشعر بالندم و لم تحاول مرة ضم ابنتها اليها و لم تحاول رؤيتها أو التكفير عن ذنبها بأي طريقة، فإذا كانت اسوار السجن هي من فرقت ايليف عن زينب فالغرور و التكبر و الانانية و العجرفة و حب الذات هي الاشياء التي فرقت أوماي عن حياة، و لكنها سترى ما فعلت و ستشرب من نفس الكأس، سترى ابنتيها يتصارعان على رجل واحد كما فعلت في شقيقتها لذلك وجب التشابه هنا بين مسلسلي "ابناء الاخوة" و "لا بتكي يا أمي" و ضرورة أن تكون الفتاتان ابنتي أوماي لترى الصراع بينهم و تتألم أكثر حين تعرف أن الحياة ستغلب الخيال حين ظنت أنها ستنجو بفعللتها دون عقاب.

و لكن ماذا عن حياة ؟ حياة شخصية تعاطف معها المشاهدين في الحلقتين المعروضين حتى الآن و اعجبوا بقوتها و صلابتها، و لكن بعد طرح اعلان الحلقة الثالثة ظهر الجانب السيء منها، أو ظهرت والدتها من داخلها، فالابنة لوالدتها حتى لو لم تكن هي من ربتها، لقد تنكرت تلك الفتاة لمن ربتها و ضحت بعمرها من اجلها، انها الطباع المتأصلة في الجذور تنمو مع الانسان بالفطرة، يا لها من فتاة جاحدة و قاسية تركت والدتها خلفها، كي تعيش حياة صاخبة تمسكت بها و لن تتركها حتى بعد أن طردتها "اوماي" بشكل مباشر.

 و لكن لنتعمق في شخصيتها أكثر و لنضع انفسنا مكانها، إذا كنت تعرضت للضرب و الاهانة طوال حياتك، و إذا سُجنت عاماً بأكمله في قبر لا يدخله النور او الشمس، تأكل خبزاً يابساً، يداك و قدماك مربوطتين بسلاسل حديدية عاماً كاملاً، ماذا كنت ستفعل بعدما تنعم بالراحة و المائدة المفروشة يومياً بكل ما لذ و طاب و الملابس الحريرية و النوم على  فراش من الريش النعام، و العيش بقصر كبير و اناس ان لم يكونوا لطيفين معك فعلى الاقل لا يأذونك ؟ ماذا ستفعل ؟ هل  ستعود إلى المكان الذي رأيت فيه العذاب أشكالاً و ألواناً بارادتك مرة أخرى ؟ هل ستعود حتى و ان كان به قلبك ؟ ماذا سيفعل لك القلب إلا انه سيجعلك تعاني مرة أخرى، فحينها سوف تنزع قلبك من بين ضلوعك و تدهسه بقدميك، فمهما اعتادت عينيك على الظلام حين ترى النور ستتمسك به و لن تعود للظلام ثانياً.

 كما أن حياة تعاني من اضطراب نفسي من هول ما رأته  كما شاهدنا في الحلقة الثانية، فضلاً عن أنها لا تعرف الحقيقة و تُحّمل والدتها الذنب في كثير مما حدث لها،  و دائماً ما تعاتبها على جبنها و عدم رحيلها مع شقيقتها لعل حياتهن تغيرت كثيراً، ان شخصية حياة طبيعية للغاية فمن كثرة الألم و العذاب مات احساسها، تلك هي الابنة التي خرجت من رحم القسوة و الجحود اصبحت هي الأكثر قسوة و جحوداً، أصبحت على اتم الاستعداد أن تضحي بوالدتها من أجل أن تنجو بنفسها و تنقذ ما يمكن انقاذه، بل و بتقدم الحلقات ستصبح نسخة من والدتها و ستتصارع من خيال الفتاة التي احسنت إليها و اعتبرتها شقيقتها قبل أن تعرف أنها شقيقتها بالفعل على حب شاب واحد.

انها ليست زينب في "لاتبكي يا أمي" فزينب كانت شخصية ملائكية لا وجود لها في الحياة الواقعية، لم تمر بتغيرات على مدار الـ 13حلقة، فظلت كما هي و كها كأنها شخصية كرتونية، و لكن شخصية حياة تنطق باسم الواقعية و المنطقية، و قد يكون رسم الشخصيات بهذة الدقة و الحرفنة في المسلسل من أكثر اسباب نجاحه و كذلك الاختلاف الواضح بينهم، انها تعطي اسمها حقه كما قالت في الحلقة الثانية انها مثل الحياة بالفعل تتغير كل يوم و لا تبقى على حال واحد طوال الوقت.