اهم الاخبار
السبت 27 أبريل 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

بأقلامهم

د نور الشيخ يكتب: المطب الوهمي

المطب الوهمي ، هى عملية إيحاء تستخدم لتقليل السرعة على الطرق والمواقع الإنشائية  عن طريق رسم صورة مطب على الأسفلت بنفس الألوان العاكسة المستخدمة فى المطب الحقيقى فيخفف قائد السيارة من سرعته. هكذا كان الحظر على طريقة المطب الوهمي ،  الإيحاء للمواطن بأنه مقيد الحرية حتى يستجيب لتعليمات الحظر ولكن فى واقع الأمر لم يكن هناك قيد ولكن محاولة لتحفيز وعى المواطن، محاولة لاستنهاض دوافع محمودة للبقاء على قيد الحياة، أو محاولة تعديل بوصلة الأولويات والدوافع النفسية، وهذا هو الرهان. قد يكون الرهان ليس الإختيار الأمثل للجميع، فاختلاف التركيبات الثقافية والمقامات الإجتماعية لا يستوى الرهان معها خصوصاً وبعد وصول العالم لحالة من صراع للهويات داخل الحدود الواحدة، بعد ماحلت هويات غير أصلية أساسها التمرد والفردية والتحرر الأخلاقى. رهان الحكومة المصرية على وعي الشعب المصرى هو نوع من أنواع المغامرة، والحظر الحقيقى المتشدد سيتم الترويج له من قبل أهل الشر على أنه أسلوب قمعى فى دولة أمنية، ومع الحظر الكلى الحقيقة سنفاجأ أن الأقتصاد ينهار ويحترق، ولابد من عمليات إطفاء سريعة لتقليل الخسائر المّدوية والحد من الجرائم المتوقعة من جراء التوحش الإجتماعى،فكانت الدولة بين شقى الرحى، علاوة على روح التمرد التى يتحلى بها العالم وليس المصريين فقط،فشاهدنا وسمعنا وعايشنا تجمعات شبابية فى الشوارع، وحفلات إفطار وزفاف بالمنازل وشاهدنا أسواق الريف تعمل، كلها فى فى إطار التمرد على الحياة والقيد الوهمى الذى وضعته الدولة للمواطن. فى حقيقة الأمر أنه لم يتم وضع أى نوع من أنواع القيود على المواطن، القيد كان على المحال والمنشٱت والأماكن التي من شأنها إحتواء تجمعات بشرية، وتركت الإختيار للمواطن وكالعادة المواطن يغلب منفعته الخاصة على المنفعة العامة، على الرغم من إحصاءات جوجل التى أقرت بإنها ليست بالدقة الكافية، ولكنها أفادت بنسبة الإلتزام التقريبية للمصريين فجاءت منصفة للقلة الملتزمة، والمحافظين على وعيهم الأصلى. فكان رد الجميل من المواطن زيادة التمرد والزحام المستمر  بالأسواق والطرق واستمرار حالة الشراهة الإستهلاكية التى تشبع حالة الخوف الزائفة رغم طمأنة الحكومة له بأن المخزون الإستراتيجى من كافة المنتجات الإستهلاكية تكفى لأشهر قادمة. والحق يقال، إن استخدام الدولة نظرية المطب الوهمي كان غير موفق، وكان لابد احترام الظرف الراهن وتقييد الحريات بشكل حقيقى فى المراحل الأولى على الأقل ، كان من الممكن استخدام نظريات التحفيز فى مرحلة متقدمة من الوعى، عندها تعود للمواطن هويته الحقيقة التى ذهبت أدراج الرياح فى مغبة العولمة. كان من الأولى أن تقوم الدولة بمعاجلة آثار العولمة الثقافية التي نهشت فى عظام الهوية المصرية وتستنهض القيم المجتمعية التى نبحث عنها يومياً بين سلوكيات المواطنين ومعاملاتهم، وكأننا نبحث عن عناصر الحياة فى أسطح الكواكب المجاورة، كان من الأولى أن تتبنى الدولة  إستراتيجية ثقافية لعودة الروح للجسد المنهك مرة أخرى، ليس فقط عن طريق عمل درامى واحد فقط فى شهر رمضان ولكن على مدار العام فالحرب الثقافية الممنهجة على الوطن تغولت وأصبحت محيطة بنا من جميع الجهات حتى أصبح وعى المواطن  كالجزيرة التى لا يصل إليها المدد والعون إلا مرة فى العام  عن طريق الجو على غرار المساعدات الإنسانية أو طائرات الرش. توجد محاولات من وطنيين كُثر ولكن هل تكفى؟ بالطبع لا طالما لم تدمج فى إستراتيجية وطنية ستظل محاولات فردية محترمة معبرة عن صرخات أصحابها الصامدين وسط الرياح المحملة بأتربة سنوات إنهيار الهوية، راسخون  كالجذور  حاملين إرث سنين من حضارة خصبت خيال العالم. لا أتهم أحدا بالتقصير فأُصبح كالذى يرى ضوء الشمس وينكر وجودها، فقط لزم الإشارة الى ضرورة أن نرى إستراتيجية شاملة لإعادة تشكيل الوعى الجمعى لحالته الأصلية، لعودة الهوية المصرية الأصلية، لإحياء القيم المجتمعية التى نهضت بها الأمم، لإفهام الجماهير ماهية الحرية الحقيقية، حرية الإختيار............. ففرصة القوة الذكية لا تتاح كثيرا. كاتب المقال : أمين التدريب والتثقيف لحزب الحركة الوطنية المصرية