بأقلامهم
د. محمد رجب يكتب: أنا والبدري فرغلي.. ظاهرة تستحق الدراسة
هل هو ظاهرة تستحق الدراسة ؟ ، ( أطلقوا اسمه علي احد شوارع بورسعيد المدينة التي عاشت نضاله ) ، اعرف البدري فرغلي منذ مايزيد عن خمسون عاماً ، شاب عامل حقيقي يعمل في ميناء بورسعيد في الشحن والتفريغ ، وانضم عضواً بمنظمة الشباب الاشتراكي ، مثقف حقيقي وواعي بحقوق الطبقة العاملة ، كنت وقتها احد قيادات منظمة الشباب ، واسند اليّ مسؤولية متابعة بورسعيد ، وعند تشكيل امانة المحافظة وجدت هذا الشاب النابه ، والعامل المثقف ، والوطني الشجاع ، وحاول البعض ان يثنيني عن ترشيحه بدعوي انه مشاكس ، ومتعب ، واحنا عايزين الشخص الطيب المطيع ، فرفضت وجهة النظر هذه ، وقلت نحن بحاجة الي الشاب الشجاع الوطني الخلاق ، صاحب الراي الحر ، والمؤمن بما يراه صائباً . ومن المفارقات ، انه في اول لقاء اكد راي من حذرني من اختياره ، لكنني صممت علي حسن الاختيار ، لان شاب من هذا النوع ، افضل الف مرة من العناصر الطيعة ، التي تقول كله تمام ، وليس في الامكان ابدع مما كان ، لقد كان البدري متمرداً وثورياً ، ولايتنازل عن رأيه وقناعاته بسهولة ، ويدافع عن حقه ، وحق الاخرين بغير ملل او كلل ، وكان شريكاً في المسؤولية بادب وجد واحترام ، واظن ان ذلك يرجع الي انه عاش ونشأ في أحضان الطبقة العاملة المصرية ، مدافعاً عنها وعن قضاياها ، لايخشي في الحق لومة لائم ، الي ان قرر السادات الانتقال من نظام التنظيم الواحد ، الي التعدد الحزبى ، وكنت اخشي من ان هذا التحول سوف يكون في صالح اليسار المصري ، فعندما قابلت ممدوح سالم في ذلك الوقت ليعرض عليا الانضمام لحزب مصر الاشتراكي ، طلبت منه ان تبقي منظمة الشباب الاشتراكي كتنظيم قومي للشباب ، حتي انني قلت له ان اغلبية الشباب سوف تنصرف عن حزبك ، وتنضم لحزب اليسار ، لان الشباب اميل الي التغيير ، وليس متجها الي الوسط ، وكان في ذهني الاف الشباب ، وفي مقدمتهم البدري فرغلي ، والمفكر المبدع صلاح زكي ، والاف غيرهم ، كنت اعرف ان حزب اليسار سوف يجذبهم الي صفوفه . د محمد رجب يكتب رسالة للناخب : كن يقظ .. فانت عصب العملية الانتخابية وقلت ذلك صراحة لممدوح سالم ، حتي انه قال لي ان الدكتور عبدالحميد حسن ، وكان اميناً لمنظمة الشباب قد اخبره بان هناك عدد ١٨محافظة طلبت منه الانضمام لحزب مصر الاشتراكي ، حزب ممدوح سالم ، فقلت له هناك فرق كبير بين ١٨ امين محافظة يرغبون في الانضمام ، و١٨ محافظة الاولي ، ١٨ نفر ، والثانية ١٨ كيان ضخم ، وهؤلاء لن يجدوا انفسهم الا في اليسار ، فاخبرني ان السادات قرر ذلك ، وان منظمة الشباب ستكون للطلائع فقط ، اي الاطفال ، ولم يؤخذ برأي . وانصرف اغلبية الشباب للانضمام لحزب اليسار ، وكان في مقدمتهم البدري فرغلي ، الذي اصبح عضوا في القيادة العليا للحزب ، واستمر مدافعا عن قناعاته بصلابة ، حتي عندما اختلف الحزب في بعض المراحل ، كان دفاعه عن الفقراء ومحدودي الدخل من العمال ، هي نفس القناعات التي عرفته بها في نهاية الستينات بداية السبعينات ، ولعل معركته التاريخ هي التي قادها بشأن اصحاب المعاشات ضد الحكومة برموزها المختلفة ، كبارها وصغارها ، حتي عندما اصبح عضوا بالبرلمان ، لم يتزحزح عن هذا ، وعاني في ذلك الأمرين ، حتي لقي ربه بعد ان نجح في اخر قضية دافع عنها ، قضية العلاوات الخمس لاصحاب المعاشات . رحم الله المناضل الكبير البدري فرغلي ، الذي عاش فقيراًً ، ومات فقيراً ، لكنه مات غنياً بتمسكه بمبادئه ، وبدفاعه عن الحق ، وتبنيه لحقوق العمال ، واني اقترح علي القيادات الشعبية والسياسية ومحافظ بورسعيد ، ان يطلق اسم البدري فرغلي علي احد شوارع بور سعيد ، التي شهدت وعاشت نضاله الوطني الشريف ، رحم الله المناضل الشريف القوي البدري فرغلي .. والبقاء لله . كاتب المقال المستشار السياسي لرئيس حزب الحركة الوطنية المصرية .. وزعيم الاغلبية الاسبق بمجلس الشوري الدكتور محمد رجب يكتب: الاتجاهات الجديدة للأحزاب السياسية.. العضوية بين «الكم والكيف»