ايمن المحجوب يكتب: «خريف الغضب» وغيرة قاتلة من حسنين هيكل ضد رفعت المحجوب

التاريخ مسؤولية، والقلم أمانة لم يخلق للإهانة، وتلك قصة حقيقية اسردها لكم بعد شهادة تاريخية منقولة عن رئيس مجلس الوزراء الأسبق الدكتور مصطفي خليل.
ففي صيف عام 2001 ، كنت أقرأ كتاب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل " خريف الغضب " ، الذى سرد فيه التاريخ السياسي لمصر الحديث منذ قيام ثورة يوليو 1952 وحتي اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات ، هذا الكتاب الذى نشر أولاً باللغة الإنجليزية عام 1983، ثم ترجم الى اللغة العربية بعد ذلك ، و لم يكن مسموحاً نشرة في مصر في بادئ الامر ، لما فيه من إساءة واضحة للرئيس الراحل أنور السادات و فترة حكمه إلا اني لاحظت شيئاً غريباً على الاستاذ هيكل الموثِق الواثق دائما من نفسه و المؤرخ المحايد الصريح ...!!! .
المحجوب لعب أدواراً مختلفة و مؤثرة
فقد ذكر في الكتاب العديد من أسماء من شاركوا في العمل الوطني خلال تلك الفترة من رجال السلطة والشخصيات العامة و رجال الصحافة والاعلام و بعض الاجانب ، حتي أسماء بعض الموظفين الصغار في أغلب قطاعات الدولة ، ممن لهم أهمية تذكر و لا تذكر ، ورغم انه كان يعرف الاستاذ الدكتور رفعت المحجوب حق المعرفة ، و من المفترض انهما كانا على خط سياسي متقارب نظرياً ، ( و لكن ربما والدي تمسك به طوال حياته و لم يغيره ) ، وأن رفعت المحجوب كان قد لعب أدواراً مختلفة و مؤثرة ( وذلك بشهادة رؤساء مصر الثلاثة ، الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، و الرئيس الراحل أنور السادات، و الرئيس الأسبق مبارك ) ، وقد شغل مناصب عدة في عهد ناصر و السادات و مبارك، إلا أن الأستاذ هيكل تعمد ان يسقط من كتابه اسم رفعت المحجوب تماماً .
سداح مداح والقطط السمان
حتي انه حين كان مضطراً لتحليل فترة الانفتاح ومساوئها قال في كتابة بالحرف الواحد : " الانفتاح الاقتصادي السيء و الذى اسماه الكاتب الكبير الاستاذ احمد بهاء الدين " سداح مداح " ، و اذا ما جاء لعبارة " القطط السمان " الرنانة قام بنسبها الى غير قائلها الفعلي ، و يمكنكم التأكد من ذلك بأنفسكم بالعودة للكتاب ، الذي تعرفه مصر كلها و هو والدي د. رفعت المحجوب ، و الذى شاءت الاقدار ان يصبح رئيساً لمجلس الشعب ، في فترة من أهم فترات التحول السياسي و الحزبي في مصر من عام 1984 إلى عام 1990، و كأن رفعت المحجوب لم يكن جزءاً من تاريخ مصر العلمي أو السياسي، ناهيك عن دور المحجوب في كتابة الميثاق في عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، أو كتابة ورقة اكتوبر و أنشاء المنابر و الأحزاب في عهد السادات .
منع التطبيع مع الصهاينة
وأخيراً دورة الوطني في مجلس الشعب في الثمانينات و في الحفاظ على مكاسب ثورة يوليو و منع الخصخصة و إصدارة على إيقاف غزو العراق للكويت و مقال الأهرام الشهير " حرب الكل ضد الكل" ، والمستفيد الأوحد الغرب ، إلى جانب طبعاً منع التطبيع مع الصهاينة على المستوى الرسمي للدولة اقتصاديا .....الخ ، و الحق ظلت هذه علامة استفهام مني لفترة ، حتى و في نفس الصيف دعاني على الغذاء أحد أصدقاء والدي و هو من كبار أساتذة كلية الهندسة ، و كان وزيرا للإسكان في عهد الزعيم جمال عبد الناصر ، وفى الحفل قابلت رئيس وزراء مصر الأسبق خلال فترة الرئيس الراحل أنور السادات ، و تملكني الفضول ، فبادأته بالسؤال : هو حضرتك استاذنا قرات كتاب الاستاذ هيكل " خريف الغضب " ، فقال بخجل : جزءاً منه فقط وليس للنهاية !!! .
أذناب في الخير وأذناب في الشر
فقلت له : ألم تلاحظ انه ذكر الناس جميعاً المهم و غير المهم و أسقط اسم والدى رفعت المحجوب ، فرد على رداً غير متوقع : نعم لأنه طبعاً كان بيغير منه ، و ما الغريب في ذلك ، الم يقل أباك في مقال الأهرام عام ١٩٧٣ ، " المحاكمة الظالمة " عن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ، " حتي الذين خانوا الوطن وقفوا في محاكمته " ، و قال أيضاً في عهد السادات في مقال الأهرام عام ١٩٧٨ ، " أذناب فى الخير و أذناب في الشر" ، ان بعض رجالات مصر اختلقوا نظرية جديدة اسمها :
" نظرية تغير الرؤوس " ، تتصور من المقصود اذاً !! ، واقول لك الحق يا ابني ، و ابوك في ذمه الله الان لأكثر من عشر سنوات ، كلنا كنا بنغير منه لما يتكلم .
كلامه ميثاق للعمل الوطني
رفعت المحجوب كان مفوة ، و ما كان ينشر في الصحف أو يقوله أمام المجالس و اللجان أو حتي أمام ناصر و السادات و مبارك، كنا نقول في بادئ الأمر شعارات رنانة، و لكن مع الوقت أدركنا انها في الحقيقة " ميثاق للعمل الوطني" ، والذي كان يجب على صانع القرار الاقتصادي و السياسي في مصر الاهتمام بها من زمن بعيد ، صحيح كلنا كنا نتنافس بشرف في حب الوطن ، و لكن رفعت لن يتكرر ، هو تركيبة علمية سياسية مليئة بالوطنية وحب الناس ، وما كانت لتجتمع في انسان قط من هذا الزمان ، فلم يكن ليبخل علينا بعلم أو فكر أو حتي معلومة مفيدة ، فكان نعم العالم الجليل والسياسي المحنك الشريف و الصديق الوفي و الاخ الاكبر لكل من تعامل معهم ، رحم الله أباك يا بنى .