الإيمان ليس إرث اجتماعي بل اختيار مصيري .. وثيقة الدخول في الإسلام لـ علي الشرفاء
رحلة لتحرير العقل والروح من ظلام التقليد إلي نور اليقين .. وإبحارٌ في جوهر الإيمان بين وعي الاختيار ووهم الوراثة

هناك لحظات فاصلة في حياة الإنسان، لحظات لا تشبه غيرها، يتجرد فيها من كل ما توارثه ، ويقف وجهًا لوجه أمام الحقيقة، متجردًا من الأوهام والخرافات، باحثًا عن اليقين في عالم يضج بالمتناقضات ، وفي تلك اللحظات لا يكون الإيمان مجرد مسألة تقليدية، ولا يكون الدين طقوسًا موروثة، بل يصبح اختياراً واعياً ، وقراراً يحدد مسار الروح والعقل معاً .
- جوهر وثيقة الدخول في الإسلام
فكم من أناس اعتنقوا الإسلام بالوراثة، فلم يدركوا قيمته ؟ .. وكم من أناس وجدوه بعد بحثٍ طويل، فأدركوا عظمته ؟ .. الإسلام ليس مجرد هوية تُكتب في الأوراق الرسمية، ولا انتماءً يُفرض بالقوة، بل رحلة عقلية وروحية من الظلام إلى النور ومن الحيرة إلى الطمأنينة، ومن التيه إلى الهداية .
.. وهذا هو جوهر " وثيقة الدخول في الإسلام " التي يطرح فصولها المفكر العربي علي الشرفاء الحمادي وثيقة تنويرية تؤكد ان الدخول في الإسلام لا يتم عبر الشعارات الجوفاء أو الطقوس الشكلية، بل عبر الوعي العميق بجوهر الرسالة السماوية ، وفهم حقيقتها، والالتزام بمبادئها التي جاءت لتحرر الإنسان من الجهل، وتقوده إلى دروب العدل والسلام والرحمة .
- عودة إلى المفهوم الأصلي للإيمان
الإيمان في جوهره ليس مجرد اعتقاد نظري، بل التزام عملي ومسؤولية أخلاقية ، فمن يؤمن بالله حقًا، لا يكتفي بالتصديق بوجوده، بل يسلم له قياد حياته، ويلتزم بمنهجه، ويجعل من العدل والرحمة والتسامح قواعد أساسية تحكم سلوكه اليومي.
وما يطرحه علي الشرفاء الحمادي في هذه الوثيقة التنويرية هو عودة إلى المفهوم الأصلي للإيمان، حيث لا يكون التدين مجرد قائمة من المحظورات والواجبات، بل رحلة وعي يخطو فيها الإنسان نحو الله سبحانه وتعالي بعقل واعٍ وقلب مطمئن .
- الإسلام دين حرية لا قيد
فالذي يعتنق الإسلام ليس من يؤدي الفرائض بجمود ثم يظلم، أو يكذب، أو يعتدي، بل هو من يجسد قيم القرآن الكريم في سلوكه اليومي، فيكون العدل رائده، والرحمة نهجه، والصدق لغته، والإحسان أسلوب حياته .
وعندما ننظر بعمق وتمعن الي الحرية والمسؤولية في الإسلام نجدها واحدة من أعظم الحقائق التي تغافل عنها الكثيرون، فالإسلام دين حرية لا قيد، ومسؤولية لا فوضى ، فهو يمنح الإنسان كامل الحق في الإيمان أو الكفر، دون إكراه أو إجبار، لكنه في الوقت ذاته يضعه أمام مسؤوليته الفردية في الاختيار، ونتائج قراراته، وعواقب أفعاله في الدنيا .
- القرآن الكريم نور ودستور
كما أن القرآن الكريم لم يأتِ ليؤسس سلطة دينية تفرض وصايتها على العقول، بل جاء ليكون نورًا يهتدي به من يبحث عن الحق، و دستوراً أخلاقياً لمن يسعى إلى العدل ، وهذه الحرية في الاختيار، التي جعلت الإيمان الحقيقي مرهوناً بالقناعة لا بالوراثة، هي ذاتها التي جعلت الحساب يوم القيامة قائماً على العدل المطلق، لا على الانتماء الشكلي أو المظاهر الزائفة ، إذ يقول المولي سبحانه وتعالي في كتابه الكريم : " اللَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا " .. صدق الله العظيم .
- خارطة طريق ترشد الإنسان للخير
والالتزام بالإسلام، كما تطرحه " وثيقة الدخول في الإسلام " ، ليس مجرد أداء الصلوات، وصيام رمضان، ودفع الزكاة، وحج البيت، بل هو التزام شامل بقيمه الكبرى، ومنهجه الأخلاقي، وروحه العميقة التي تهدف إلى بناء إنسان متزن، يعيش بضمير حي، ويساهم في بناء مجتمع قائم على العدل والإحسان .
فالقرآن الكريم كما يوضح الشرفاء الحمادي لم ينزل ليكون مجرد نصوص تُتلى في المناسبات، أو قوانين جامدة، بل هو خارطة طريق ترشد الإنسان إلى الخير، وتمنحه مفاتيح النجاة، وتحرره من براثن الجهل والتقليد الأعمى .
- .. وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
وفي هذا السياق، تأتي أهمية هذه الوثيقة التنويرية، ليس باعتبارها إعلاناً شكلياً عن الدخول في الإسلام، بل باعتبارها التزاماً فكرياً وسلوكياً وروحياً بمبادئه الكبرى، التي لا تفرق بين إنسان وآخر بسبب جنسه أو لونه أو خلفيته، بل تقيم معيار التفاضل على التقوى والعمل الصالح وحدهما ، وهنا يستشهد الحمادي بقوله عز وجل في محكم تنزيله : " فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ " . صدق الله العظيم
- الشهادتين وإبرام ميثاق مع الله
فحين ينطق الإنسان بالشهادتين، فهو لا يردد كلمات فارغة من المعنى، بل يبرم ميثاقًا مع الله، يقر فيه بإيمانه، ويلزم نفسه بالحق، ويتعهد بالسير في طريق النور مهما كانت التحديات .
" أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله " .. وهذه ليست مجرد عبارة، بل إعلان عن ميلاد جديد، وانطلاقة نحو حياة أكثر وعيًا، وأعمق إيمانًا، وأقرب إلى جوهر الحق الذي بعث الله به رسله إلى العالمين .. اللهم بلغت اللهم فاشهد .