تحقيقات وحوارات
ايمن رفعت المحجوب يكتب : جائزة الدولة التشجيعية لـ والدي في يوم مولدي
- بـ شهادة اسماعيل صبري لجنة الجوائز قالت كتاب المحجوب فوق مستوي التقييم .. غاية في التعقيد وبالغ في البلاغة
ذهب الدكتور رفعت المحجوب فى تمام الساعة الثالثة بعد الظهر ، فى يوم 15 نوفمبر من عام 1963 ، الى شارع الجمهورية حيث مقر جمعية الاقتصاد و التشريع ، و مقر لجنة جوائز الدولة، وفى الوقت نفسه كان المحجوب فى انتظار مولود جديد ، حيث كان كل أعضاء الاسرة فى مستشفى " الدكتور مورو " للولادة فى الدقي ، وحيث كان المحجوب فى انتظار تقرير اللجنة الخاص بالكتاب المقدم منه بعنوان " الطلب الفعلي " للحصول علي جائزة الدولة ، والذى رشحه مجلس جامعة القاهرة للحصول عليها ، وكانت اللجنة مكونه من : " الدكتور اسماعيل صبري عبد الله ( وزير التخطيط الاسبق ) ، والدكتور ذكي الشافعي ( عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة ووزير الاقتصاد الأسبق ) ، والدكتور لبيب شقير ( رئيس مجلس الأمة الاسبق) " .
تليفون حسين كامل بهاء الدين
وبعد حوالي ساعة و نصف من انتظار المحجوب لانتهاء اللجنة من إعداد كافة التقارير الخاصة بكل المتقدمين فى كل الفروع ، خرج أحد موظفي المجلس الأعلى للثقافة، و نادى على اسم الدكتور رفعت المحجوب ، فرد المحجوب : نعم ، فيه حاجة ؟ ، فقال الموظف الادارى : لك مكالمة تليفون فى المكتب عندى من الدكتور حسين كامل بهاء الدين( وزير التعليم الأسبق، و طبيب الأطفال ) ، هرع المحجوب إلى مكتب السكرتير ليعرف انه قد رزق بطفل ( اسموه ايمن ، بناء على طلب أخته إيمان )، فأسرع المحجوب إلى خارج مقر اللجنة، فلاحقه السكرتير قائلاً : يا دكتور مش حتنتظر خروج أعضاء اللجنة من الاجتماع بالنتائج ، فرد المحجوب : راجع ان شاء الله، وبعد أن اطمأن المحجوب على ابنه الوحيد ايمن ، ( حيث كان رزق ببنتين و هو الولد الوحيد حتى جاءته الثالثة فيما بعد ) عاد إلى شارع الجمهورية بصحبة صديقة د حسين كامل بهاء الدين .
مبروك جالك ولد
وعند وصوله مقر اللجنه ، وجد أن الكل قد انصرف ما عدا الدكتور اسماعيل صبري عبد الله، والذي كان يحمل ملفات كثيرة فى يده ، قال للمحجوب : انت رحت فين، دوختنا عليك يا راجل ؟! ، مبروك ، فرد المحجوب ؛
هو حضرتك لحقت تعرف اني أنجبت( ولد) فرد الدكتور اسماعيل صبرى بلطف شديد وقال : يبقي مبروك مرتين ، على الولد و على الجائزة ، فقال المحجوب : شكراً هل فعلاً منحتني اللجنه الجائزة ؟ ، فرد اسماعيل صبرى : تعالى معي بنفسك استلم التقرير، و اصطحبني معه إلى مكتب امين سر اللجنة، حيث كانت خالية ، وقال اسمع يا رفعت : اضطلع على الكتاب ثلاثة من أقدم و أكبر أساتذة الاقتصاد و المالية العامة فى مصر ، لقد اخذنا الكتاب من شاطئ البحر و القى بنا في اعماقه دون سابق انذار بجدية شديدة و لغة عربية بالغة البلاغة و الصعوبة ، اقول لك الحق : اثنان لم يفهما التحليل الدقيق للنظرية ، فهي غاية في التعقيد وأبعادها كثيره ، فالنظرية جديدة علينا ومضمونها وتوابعها متشعبة الى كل فروع علم الاقتصاد .
جائزة الدولة التشجيعية
فرد المحجوب وسأل : و ماذا عن الاستاذ الثالث ، فأجاب اسماعيل صبرى : والله فهم حوالى نصف الكتاب ، فقررت اللجنه انه فوق مستوي التقييم ، و علية نكون قد ظلمنا المرشح لو لم نعطية على الأقل جائزة الدولة التشجيعية ، و كان يجب أن يحصل على جائزة الدولة التقديرية، ولكن انت مازلت صغيراً يا دكتور و ان شاء الله تحصل عليها فأنت اهلٌ لها ، شكر المحجوب أخية الأكبر دكتور اسماعيل صبرى عبد الله وزير التخطيط ، و سأل على استحياء : هل لي أن أعرف من الذي استوعب الكتاب ؟؟ ، فضحك اسماعيل صبري وقال : روح يا دكتور افرح بالمولود الجديد " المحجوب الصغير " ، وش السعد ان شاء الله ، وفي نفس العام حصل رفعت المحجوب على وسام الجمهورية من الطبقة الأولى من الزعيم جمال عبد الناصر، على كتاب " الإشتراكية " ، والذى ظل يدرس لقيادات الجيش المصري لزمن طويل .
وشاح النيل وتكريم ثلاثة رؤوساء
و الجدير بالذكر ان الدكتور رفعت المحجوب قد حصل أيضا على جائزة الدولة التقديرية عام 1980 ، و فى نفس العام منحه الرئيس الراحل أنور السادات " وشاح النيل" ، وأخيراً منح الرئيس الأسبق مبارك اسم رفعت المحجوب قلادة الجمهورية بعد استشهاده عام 1990 ، وبذلك يعد رفعت المحجوب من القلائل الذين تم تقديرهم من رؤساء مصر الثلاث، الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ، والرئيس الراحل محمد أنور السادات، و الرئيس الراحل محمد حسني مبارك.
" الطلب الفعلي " يدرس فى الجامعات
رحم الله العالم الجليل الدكتور رفعت المحجوب الذي استمر كتابة " الطلب الفعلي " يدرس فى جامعات مصر لأكثر من 35 عام وتم إصدار خمس طبعات منه حتي عام 2000، كأفضل كتاب فى النظرية الاقتصادية الحديثة باللغة العربية ، هذا بالإضافة إلى نسخة اللغة الفرنسية فى مكتبة جامعة السوربون( باريس) ، كمرجع فى النظرية الكينزية للإقتصاد الكلي ، و كان لى الشرف ان احصل على نفس الجائزة فى الاقتصاد ( فرع المالية العامة والعدالة الاجتماعية ) ، فى سن الـ 39 عام ، الا ان أبي حصل عليها فى سن الـ 37 عام ، فهو استاذ الأجيال بمعني الكلمة .