اهم الاخبار
الأحد 22 ديسمبر 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

تحقيقات وحوارات

ايمن رفعت المحجوب يكتب : جائزة الدولة التشجيعية لـ والدي في يوم مولدي

- بـ شهادة اسماعيل صبري لجنة الجوائز قالت كتاب المحجوب فوق مستوي التقييم .. غاية في التعقيد وبالغ في البلاغة

ايمن رفعت المحجوب
ايمن رفعت المحجوب

ذهب الدكتور رفعت المحجوب فى تمام الساعة الثالثة بعد الظهر ، فى يوم 15 نوفمبر من عام 1963 ، الى شارع الجمهورية حيث مقر جمعية الاقتصاد و التشريع ، و مقر لجنة جوائز الدولة،  وفى الوقت نفسه كان المحجوب  فى انتظار مولود جديد ، حيث كان كل أعضاء الاسرة فى مستشفى " الدكتور مورو " للولادة فى الدقي ، وحيث كان المحجوب فى انتظار تقرير اللجنة الخاص بالكتاب المقدم منه بعنوان " الطلب الفعلي " للحصول علي جائزة الدولة ، والذى رشحه مجلس جامعة القاهرة للحصول عليها ، وكانت اللجنة مكونه من : " الدكتور اسماعيل صبري عبد الله ( وزير التخطيط الاسبق ) ، والدكتور ذكي الشافعي ( عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة ووزير الاقتصاد الأسبق  ) ، والدكتور لبيب شقير ( رئيس مجلس الأمة الاسبق) " .

الدكتور رفعت المحجوب

 تليفون حسين كامل بهاء الدين

وبعد حوالي ساعة و نصف من انتظار المحجوب لانتهاء اللجنة من إعداد كافة التقارير الخاصة بكل المتقدمين فى كل الفروع ، خرج أحد موظفي المجلس الأعلى للثقافة،  و نادى على اسم الدكتور رفعت المحجوب ، فرد المحجوب : نعم ، فيه حاجة ؟ ، فقال الموظف الادارى : لك مكالمة تليفون فى المكتب عندى من الدكتور حسين كامل بهاء الدين( وزير التعليم الأسبق،  و طبيب الأطفال ) ، هرع المحجوب إلى مكتب السكرتير ليعرف انه قد رزق بطفل ( اسموه ايمن ، بناء على طلب أخته إيمان )، فأسرع المحجوب إلى خارج مقر اللجنة، فلاحقه السكرتير قائلاً : يا دكتور مش حتنتظر خروج أعضاء اللجنة من الاجتماع بالنتائج ، فرد المحجوب : راجع ان شاء الله، وبعد أن اطمأن المحجوب على ابنه الوحيد ايمن ، ( حيث كان رزق ببنتين و هو الولد الوحيد حتى جاءته الثالثة فيما بعد ) عاد إلى شارع الجمهورية  بصحبة صديقة د حسين كامل بهاء الدين .

مبروك جالك ولد

وعند وصوله مقر اللجنه ، وجد أن الكل قد انصرف ما عدا الدكتور اسماعيل صبري عبد الله،  والذي كان يحمل ملفات كثيرة فى يده ،  قال للمحجوب : انت رحت فين،  دوختنا عليك يا راجل ؟! ،  مبروك ، فرد المحجوب ؛ 
هو حضرتك لحقت تعرف اني أنجبت( ولد) فرد الدكتور اسماعيل صبرى بلطف شديد وقال : يبقي مبروك مرتين ، على الولد و على الجائزة ، فقال المحجوب : شكراً هل فعلاً منحتني اللجنه الجائزة ؟ ، فرد اسماعيل صبرى : تعالى معي بنفسك استلم التقرير،  و اصطحبني معه إلى مكتب امين سر اللجنة،  حيث كانت خالية ، وقال اسمع يا رفعت : اضطلع على الكتاب ثلاثة من أقدم و أكبر أساتذة الاقتصاد و المالية العامة فى مصر ، لقد اخذنا الكتاب  من شاطئ البحر و القى بنا في اعماقه دون سابق انذار بجدية شديدة و لغة عربية بالغة البلاغة و الصعوبة ، اقول لك الحق : اثنان لم يفهما التحليل الدقيق للنظرية ، فهي غاية في التعقيد وأبعادها كثيره ، فالنظرية جديدة علينا ومضمونها وتوابعها متشعبة الى كل فروع علم الاقتصاد .

جائزة الدولة التشجيعية

فرد المحجوب وسأل : و ماذا عن الاستاذ الثالث ، فأجاب اسماعيل صبرى : والله فهم حوالى نصف الكتاب ، فقررت اللجنه انه فوق مستوي التقييم ، و علية نكون قد ظلمنا المرشح لو لم نعطية على الأقل جائزة الدولة التشجيعية ، و كان يجب أن يحصل على جائزة الدولة التقديرية،  ولكن انت مازلت صغيراً يا دكتور و ان شاء الله تحصل عليها فأنت اهلٌ لها ، شكر المحجوب أخية الأكبر دكتور اسماعيل صبرى عبد الله وزير التخطيط ، و سأل على استحياء : هل لي أن أعرف من الذي استوعب الكتاب ؟؟ ، فضحك اسماعيل صبري وقال : روح يا دكتور افرح بالمولود الجديد  " المحجوب الصغير " ، وش السعد ان شاء الله ، وفي نفس العام حصل رفعت المحجوب على وسام الجمهورية من الطبقة الأولى من الزعيم جمال عبد الناصر،  على كتاب " الإشتراكية " ، والذى ظل يدرس لقيادات الجيش المصري لزمن طويل .

 وشاح النيل وتكريم ثلاثة رؤوساء

و الجدير بالذكر ان الدكتور رفعت المحجوب قد حصل أيضا على جائزة الدولة التقديرية عام 1980 ، و فى نفس العام منحه الرئيس الراحل أنور السادات " وشاح النيل" ، وأخيراً منح الرئيس الأسبق مبارك اسم رفعت المحجوب قلادة الجمهورية بعد استشهاده عام 1990 ، وبذلك يعد رفعت المحجوب من القلائل الذين تم تقديرهم من رؤساء مصر الثلاث،  الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ،  والرئيس الراحل محمد أنور السادات،  و الرئيس الراحل محمد حسني مبارك.

 " الطلب الفعلي " يدرس فى الجامعات

رحم الله العالم الجليل الدكتور رفعت المحجوب الذي استمر كتابة " الطلب الفعلي " يدرس فى جامعات مصر لأكثر من 35 عام  وتم إصدار خمس طبعات منه حتي عام 2000، كأفضل كتاب فى النظرية الاقتصادية الحديثة باللغة العربية ، هذا بالإضافة إلى نسخة اللغة الفرنسية فى مكتبة جامعة السوربون( باريس) ، كمرجع فى النظرية الكينزية للإقتصاد الكلي ، و كان لى الشرف ان احصل على نفس الجائزة فى الاقتصاد ( فرع المالية العامة والعدالة الاجتماعية ) ، فى سن الـ 39 عام ، الا ان أبي حصل عليها فى سن الـ 37 عام ، فهو استاذ الأجيال بمعني الكلمة .