تحقيقات وحوارات
رفعت المحجوب يجهض مخطط طرد تحية عبد الناصر وجيهان السادات من قصور الرئاسة.. بيوتهن خط أحمر
أيمن رفعت المحجوب يكتب: والدي قال لمبارك: هل تسمح أن يهان المرء فى داره؟.. فأصدر قرار جمهوري يمنع المساس بهن
فى إحدى جلسات مجلس الشعب الصباحية عام ١٩٨٧، تقدم عدد من أعضاء المجلس يتزعمهم النائب " علوي حافظ " من حزب الوفد المعارض ، و عدد لابأس به من نواب حزب الأغلبية مجتمعين ، فى سابقة غريبة من نوعها وصعب ان تتكرر مرة ثانية ، حيث اتفقت المعارضة مع بعض أعضاء حزب الأغلبية (الحزب الوطني الديموقراطي) على قلب رجل واحد حول موضوع بعينه ، وهو التصرف فى بيوت رؤساء الجمهورية السابقين المملوكة للدولة .
طرد تحية وجيهان
وكان المطلب هو : طرد السيدة تحية حرم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ، والسيدة جيهان السادات حرم الرئيس الراحل الشهيد أنور السادات ، من منازلهم، ونقلهم إلى شقق صغيرة على نفقة الدولة، وذلك بحجة للاستفادة من تلك ( الاصول) البيوت اما بالبيع أو تحويلها إلى منافع عامة..الخ...! ، وأحس المحجوب أن هذا الاتفاق غريب ، و مريب ، و فى نفس الوقت غير أخلاقي ، و اشتم رائحة حقد وانتقام من المعارضة و عمولات وسمسرة من أعضاء الوطني المتحمسين للموضوع والمدفوعين من بعض رجال الأعمال المصريين ، أصحاب النفوذ والمصلحة من وراء ذلك الفعل المشين .
الذهاب إلى رئاسة الجمهورية
و قبل أن يبدأ التصويت على فتح باب المناقشة فى ذلك الموضوع غير الأخلاقي ( حسب قول المحجوب بالظبط،
و هو مسجل فى مضابط مجلس الشعب والتلفزيون المصري ) ، وحسب ترتيب جدول الأعمال ، طلب رئيس المجلس ، الدكتور رفعت المحجوب رفع الجلسة على أن يستكمل جدول الأعمال فى الجلسة المسائية ، وكان التوقيت حوالى الساعة الثانية بعد الظهر ، وخرج المحجوب مباشرة إلى سيارته ومعه ملفات الجلسة ، وليس إلى مكتبه كعادته بين الجلسات ، و طلب الذهاب إلى رئاسة الجمهورية، و فى الطريق اتصل بالدكتور أسامة الباز وسأله : أين السيد الرئيس الآن ؟!
زوجات رؤساء مصر
فرد الباز وقال : يلعب رياضة الاسكواش داخل أحد ملاعب القوات المسلحة فى مصر الجديدة ، لماذا هل هناك شيء هام أبلغه له ؟! ، ( حيث كان الرئيس معتاد يمارس الرياضة فى الصباح الباكر، إلا أنه بالصدفة هذا اليوم كان يمارس الرياضة متأخراً لسبب أو لآخر ) ، وحيث أن المحجوب كان من عادة أيضا ، ألا يطلب الرئيس إلا إذا الرئيس كان قد كلفة بعمل ، أو يبلغ فى مثل هذه الحالات الدكتور اسامة الباز أو الدكتور مصطفي الفقي بماذا يريد وهم ينقلوا للرئيس ، فكان الموضوع تلك المرة غريب على د الباز نسبياً ...! ، الا ان المحجوب أصر ان يذهب للرئيس فى مكانه داخل ملاعب القوات المسلحة بنفسه ، فالموضوع يخص زوجات رؤساء مصر ، ولا يحتمل الانتظار أو القيل والقال ، و هو يعرف جيداً شخصية الرئيس مبارك ، ويعرف كيف يتعامل معه ..!!
مبدأ سياسي للدولة
و سأل الباز : هل تريدني اقابلك هناك ، ( ولمن لا يعلم د. الباز ؟! ، كان تلميذ المحجوب مثله مثل د الفقي ) ، فرد المحجوب : ليس هناك ما يستدعي ، استمر انت فى عملك ، لا أريد أن أعطلك، بس بلغ من مع سيادتة من سكرتارية وحراسة اني ذاهب اليه من فضلك ، وصل المحجوب ، وانتظر الرئيس مبارك حتي ان انتهي من التريض، ثم أذن للمحجوب بالدخول ، و سأل مبارك :
خير يا دكتور ، ما أتي بك فى هذا الوقت ، مش أنتم عندكم جلسات ؟!، هل هناك شيء مهم ؟! ، قال المحجوب : نعم سيادة الرئيس، مهم وخطير فى نفس الوقت ، الموضوع يخص مبدأ سياسي للدولة ، قلق مبارك وقال : انا تصورت ذلك لما اخطرونا انك قادم إلى هنا بالتحديد ، وفى هذا الوقت ، و بدون طلب سابق ، ليس من عاداتك ، خير فيه ايه ؟! .
انزعاج مبارك
فقال المحجوب باللغة العربية الفصحى : اتسمح سيادتكم ان يهان المرء فى دارة ، أو ان يأكل لحم اخيك ميتا ، وانت رئيساً لـ الجمهورية ، انزعج مبارك وقال : ما هذا الكلام يا دكتور ، فقال المحجوب : إذا اسمح لى بأن توقع على هذا القرار من فضلك سيادتكم ، ( وكان المحجوب قد أعد مسودة مشروع القرار فى السيارة بيديه ، بقلم رصاص ) ، فتعجب الرئيس وقال : قرار ايه ده ؟! ، قال المحجوب : قرار احتفاظ زوجات رؤساء مصر السابقين بمنازلهن حتي أن يتوفاهن الله ، فرد مبارك وقال : طبعا ، و هو فى حد قال غير كده ؟! ، فأجاب المحجوب : نعم للاسف البعض من الاخوة أصحاب النفوس الضعيفة من اهل الحقد و الشقاق ، من المعارضة و الحزب الوطني يحاولون ، وانا أوقفت تلك المناقشة ، ولذلك جئت إلى سيادتكم لنغلق هذه الصفحة نهائيا ، و هذا هو أقل تقدير نقدمه لهم فى نهاية الأمر يا سيادة الرئيس .
قرار جمهورى
اطلع الرئيس على أوراق المحجوب فى عجالة ، وطلب منه عدم استكمال مناقشة هذا الموضوع فى الجلسة المسائية فى ذلك اليوم ، وسأل مبارك المحجوب قبل أن يغادر : من يا دكتور رفعت من عندنا طلب ذلك ؟! ، فرد المحجوب على استحياء وقال : من السهل سيادتكم ان تعرف ، إلى جانب فى الأوراق نسخة من الطلب مواقع عليها هؤلاء الأعضاء ، فما كان من الرئيس الراحل حسني مبارك إلا وان أصدر فى اليوم التالى قرار جمهورى باحتفاظ زوجات رؤساء مصر السابقين ببيوتهن حتي وفاتهن ، وذلك القرار يسري على الماضي والحاضر والمستقبل ، وفى وقت لاحق بعثت كل من السيدة تحيه زوجة الزعيم جمال عبد الناصر ، والسيدة جيهان السادات ، خطاب شكر للرئيس الراحل حسني مبارك وخطابات اخري للمحجوب .
شهادة لـ انور السادات
فعلاً صدق الرئيس الراحل أنور السادات الشهيد يوم ان عزل رفعت المحجوب فى يوليو ١٩٧٦ حيث قال : تكلم ما تشاء عن رفعت المحجوب ، ولك أن تتفق أو تختلف معه ، إلا انك يجب أن تحترمة و تقدرة ، فهو صاحب علم و مبدأ ، رجل يتمتع بالإخلاص والوفاء و حب الوطن .
رحم الله أبي رفعت المحجوب رمز الوفاء والإخلاص
و حب الوطن ، وكل رؤساء مصر المخلصين .