اهم الاخبار
الأحد 22 ديسمبر 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

أخبار عاجلة

سيناريوهات الوجود التركي في أفغانستان

سيناريوهات الوجود
سيناريوهات الوجود التركي في أفغانستان

تعيش العلاقات الأمريكية والغربية من جهة والروسية أسوء عصورها منذ انتهاء الحرب الباردة بسقوط الاتحاد السوفيتي لذا يستخدم الحلف تركيا كمخلب قط لمضايقة وتحجيم الدب الروسي مستغلين علاقات نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالجماعات الإرهابية وأبرزها طالبان التي تسيطر بشكل كبير على الأوضاع هناك.
تركيا تجيد استغلال أوراق الضغط المتاحة لديها بمغادرة موقع مطار كابول، مما يهدد المخططات الأمريكية من بين التحديات اللوجستية التي تواجه خطة واشنطن لمواصلة دعم المسؤولين والقوات الأفغانية بعد مغادرة جميع قوات التحالف،  كما تمثل افغانستان ورقة ضغط تركية تخلصت بها من العديد من مشاكلها مع الناتو وأمريكا ولاسيما مع إصرار الجانب التركي على تشغيل منظومة الدفاع الروسية اس 400، وأزمات الطاقة والتمدد التركي في الأراضي الليبية ومحاولة القرصنة على حقول الغاز في البحر المتوسط، وظهر ذلك جليا من خلال تهديد تركيا بمغادرة موقع المطار مايو 2021 من بين التحديات اللوجستية التي تواجه خطة واشنطن لمواصلة دعم المسؤولين والقوات الأفغانية بعد مغادرة جميع قوات التحالف، فمطار حامد كرازي يقع على علو شاهق في جبال "هندو كوش"، وأفغانستان دولة حبيسة، وذات مساحة شاسعة، والطرق البرية إليها خطيرة، مما يجعل المطار نقطة وصول مهمة للموظفين الدوليين وكذلك لملايين الأفغان، لأن استيلاء "طالبان" على المطار قد يجعل من المستحيل على الأمريكيين وحلفائهم إخلاء البلاد بأمان وضمان استمرار عمل البعثات الدبلوماسية والمؤسسات الدولية والإغاثية، ومن دون مطار آمِن، سيتعين إغلاق مجمع السفارة الأمريكية في كابل وإخراج جميع الأفراد من البلاد.

سيناريوهات الوجود التركي في أفغانستان

وجود تركي في أفغانستان

يشار أن تركيا تنشر أكثر من 500 جندي على الأراضي الأفغانية، في إطار مهمة حلف شمال الأطلسي لتدريب قوات الأمن المحلية، وهو رقم تؤكده وزارة الدفاع التركية بشكل متواصل، 
وطوال السنوات الماضية انحصر النشاط العسكري التركي في أفغانستان بتأمين مطار كابول والمعروف باسم مطار حامد كرزاي الدولي، بمعنى أنها لم تنخرط في سير العمليات العسكرية الأخرى.

وتشير التقديرات التركية إلى أن تركيا قد تنجح في لعب دور فاعل بأفغانستان عقب الانسحاب الأمريكي، وهو أمر يرتبط بالشعبية التي تحظى بها في المنطقة كونها دولة إسلامية في الأساس.
وعلى مدى السنوات الماضية، تعمّقت العلاقات بين أنقرة وموسكو وتشعبت وتوطدت لدرجة أنه ساد انطباع بأن تركيا باتت أقرب إلى خصمها التاريخي التقليدي منها إلى حلفائها الغربيين في الولايات المتحدة وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي، فقد قدمت تركيا لأوكرانيا، خلال زيارة أردوغان لكييف عام 2020، هبة بقيمة 200 مليون ليرة (في حدود 23 مليون دولار) لدعم قواتها المسلحة، فضلا عن بيعها طائرات دون طيار مسيّرات تركية، قالت كييف إنها استخدمتها أخيرا في ظل التوتر مع موسكو.

سيناريوهات الوجود التركي في أفغانستان

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عرض تحمل قوات بلاده مسؤولية حماية مطار كابول، مقابل الحصول على الدعم اللوجستي والتمويل اللازم من الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي رفضه الجانب الروسي جملة وتفصيلا إذ قال زامير كابولوف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى أفغانستان، إن خطط تركيا لضمان أمن المطار بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، تنتهك الاتفاقات المبرمة مع حركة طالبان.

النظام التركي يلعب على وتر التاريخ المشترك بين تركيا وأفغانستان إذ يربطهما الدين الإسلامي جعل أنقرة تتمتع بنفوذ سياسي واجتماعي بين الأفغان، إذ تتحدث الأقليات الأوزبكية والتركمان اللغات التركية، وتشترك في الهوية العرقية مع تركيا.

مستقبل الوجود التركي في أفغانستان لن يخرج عن أحد أمرين السيناريو الأول، اكتفاء تركيا بلعب دور الوسيط في مفاوضات السلام الأفغانية، والاكتفاء بالقوة العسكرية التركية المحدودة لتأمين مطار كابول، والتي تقتصر على كتيبة من نحو 500 جندي تشارك في مهام غير قتالية، ويرجح هذا الطرح وزير الخارجية التركية الأسبق حكمت تشيتين، والذي عمل أيضا ممثلا سابقا لحلف شمال الأطلسي "ناتو" في أفغانستان، فقال إن بقاء القوات التركية في أفغانستان مرهون بموافقة طالبان، وإن ما دون ذلك، سيخلق مشاكل كثيرة.

قواعد اللعبة

وأكد المسؤول التركي في تصريحات صحفية أنه يمكن الذهاب إلى أفغانستان باتفاق ثنائي، وبعيدا عن الهوية الدولية، بعد انسحاب جميع القوات الأجنبية، مشيرا إلى أن اعتراض الحركة على البقاء التركي، نابع من كونه جزءا من قوة دولية.

سيناريوهات الوجود التركي في أفغانستان

وهنا تجد الإشارة إلى رفض حركة طالبان بقاء القوات التركية وحذّرت من بقاء قوات تابعة لأي دولة في أفغانستان لتأمين مطار كابول. وأكدت أن وجود أي قوات أجنبية بعد الموعد المتفق عليه للانسحاب "غير مقبول"، مؤكدة أن أمن المطارات يحميه الأفغان وليس غيرهم، وإذا ارتكب البعض مثل هذا الخطأ، سيعتبرهم الشعب الأفغاني والحركة محتلين، وسيتصرفان كما فعلا في الماضي مع الغزاة، لذا يعد هذا السيناريو هو الأقرب للحدوث، ويؤكد ذلك ما حذرت منه صحيفة "جمهورييت" المعارضة إذ أكدت إن إرسال الجنود إلى أفغانستان في ظل هذه الظروف لا يعرض حياة الجنود الأتراك للخطر فحسب، بل يقلل أيضا من الاحترام والمحبة التي كانت تحظى بها تركيا في أفغانستان.

السيناريو الثاني، زيادة تركيا لقواتها العسكرية بما يسمح لها بأداء دور فاعل بالتنسيق مع باكستان والولايات المتحدة ودول حلف الناتو، لأن حماية المطار تحتاج إلى قوات إضافية، وتركيا وحدها لن تنجح في المهمة ويجب تشكيل قوة دولية متعددة الجنسيات سيكون أفضل من ناحية الموافقة الدولية، لذا يحاول الرئيس التركي مشاركة باكستان والمجر في المهمة الجديدة بأفغانستان، بعد مغادرة قوات الحلف والولايات المتحدة، في محاولة لكسب ود حركة طالبان، وخاصة أنها بقاء القوات التركية في أفغانستان يشكل خطورة على روسيا والهند والصين وإيران لذا تسعى تركيا إلى تدويل المسألة.