بأقلامهم
الدكتور مصطفى عبد النبي يكتب : آداب نبويَّة في العيد
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد : يهلُّ على المسلمين عيد الأضحى المبارك ؛ فهو شعيرة من شعائر هذا الدين الحنيف، والنفوس دائمًا ما تحبُّ الأعياد؛ ليعمَّ الفرح والسرور بيوت المسلمين، شاهدًا على وسطية هذا الدين الحنيف، ففرح المسلمين بأعيادهم عبادة يؤجَرون عليها، وقد حدث ذلك في بيت رسول الله ، ودل على ذلك كلام رسول الله وأفعاله، فقد ثبت أن رسول الله أباح اللعب والفرح يوم العيد فعن أنس قال : " قَدِم النبيّ المدينة المنورة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال : ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهليَّة، فقال رسول الله: قد أبدلكم الله تعالى بهما خيرًا منهما : يومَ الفطر والأضحى " .
ولقد كان لرسول الله آداب ومظاهر في يوم العيد منها :
1- الاغتسال للعيد : فقد كان من هدي رسول الله الاغتسال قبل الخروج لمصلى العيد .
2- الإفطار قبل الخروج : فقد كان يفطر قبل الخروج لمصلى العيد بعض تمرات يأكلهن وترًا، وقد كان هذا في يوم عيد الفطر، أما في عيد الأضحى فكان لا يفطر حتى يعود من صلاة العيد فيأكل من أضحيته فعن موسى بن علي عن أبيه أنه سمع عقبة بن عامر الجهني يقول : قال رسول الله : « إن يوم عرفة ، ويوم النحر ، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب "، وعن سعيد بن المسيب قال : " كان المسلمون يأكلون يوم الفطر قبل الصلاة ، ولا يفعلون ذلك يوم النحر " .
3- الخروج من طريق والعودة من طريق آخر: فقد كان من هدي رسول الله أن يذهب لمصلَّى العيد من طريق، ويعود من طريق آخر، والسبب في ذلك؛ ليسلم على أهل الطريقين، وتكثيرًا للأجر، وليشهد له سكان الطريق من الإنس والجن، وليظهر شعائر الإسلام وغير ذلك من الأسباب العديدة فعن أبي هريرة قال : " كان النبي إذا كان يوم عيد خالف الطريق " .
4- الصلاة في الخلاء: فقد كان يصلي العيد في المصلى ولم يصلِّ العيد بمسجده الشريف إلا مرة واحدة أصابهم مطر، وهذا الفعل منه يؤكد سنَّة الخروج إلى الخلاء، لأداء صلاة العيد بلا مشقَّة ما لم يكن هناك عذر، فقد قال أبو سعيد الخدري : « كان رسول الله يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيءٍ يبدأ به الصلاة .
5- التوسعة على الأهل والأولاد في يوم العيد : فقد أباح الإسلام لنا خلال هذه الأيام إدخال الفرح والسرور على الأهل والأولاد، فتروي أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - ما حدث من رسول الله يوم العيد في بيته فتقول : " دخل عليَّ رسول الله وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعاث فاضطجع على الفراش وحوَّل وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال : مزمارة الشيطان عند النبيِّ فأقبل عليه رسول الله فقال : " دعهما " فلما غفل غمزتهما فخرجتا"( )، وفي رواية : أن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله يومئذ : " لِتَعْلَمَ اليهود أنَّ في ديننا فسحة ، إني أُرسلت بحنيفية سمحة " .
6- التهنئة لكلِّ من تقابله بالعيد : حيث يستحب من المسلم أن يهنئ من يقابله في الطرقات، فعن خالد بن معدان قال : لقيت واثلة بن الأسقع في يوم عيد فقلت: تقبل الله منا ومنك فقال : " نعم ، تقبل الله منا ومنك "، قال واثلة : " لقيت رسول الله يوم عيد فقلت : تقبل الله منَّا ومنك قال : " نعم تقبل الله منا ومنك " .
فالعيد فرحة وسرور، وتوسعة على الأهل والأقارب، وامتثالٌ لأوامر رسول الله ، ورفقٌ بالنساء ورحمة بهم، وإظهارٌ لشعائر الله - تعالى -، وهكذا كانت آداب العيد عند رسول الله .
كاتب المقال عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية