اهم الاخبار
السبت 02 نوفمبر 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

تحقيقات وحوارات

دبلوماسية الطاقة .. الأبعاد الإقليمية لاجتماع دول خط الغاز العربي في الأردن

تضامن عربي لمنع التدخلات الاجنبية في دول الأزمات .. نقل الغاز للبنان ووضع نهاية لتدخلات ايران

الوكالة نيوز

شهدت العاصمة الاردنية عمان في 8 سبتمبر الجاري انعقاد الاجتماع الـوزاري الرباعـي بيـن الأردن ومصـر وسـوريا ولبنـان، وذلـك لبحـث نقـل الغــاز المصــري إلــى لبنــان عبــر الأراضــي السورية والأردنية وانتهى الاجتمـاع إلـى الاتفـاق بيـن وزراء الـدول الأربعـة حـول تقديـم خطـة عمـل وجـدول زمنـي لنقل الغاز الى لبنـان سـريعاً، وذلـك مـن خلال إحياء الخط العربي لنقل الغاز والكهرباء المتوقف منذ نهاية عام 2011 ، وقد اكتسبت نتائج الاجتماع أهميتها من كونها تعمل علـى حلحلة ازمة الوقود القائمة في لبنان، فضلاً عـن محاولة الـدول العربيـة موازنة الدور الإيراني فـي لبنان، ولاسيما بعـد إعلان حـزب الله، في 19 اغسطس الفائت، بدء استيراد الوقود مـن إيران .

- نتائج رئيسية

انتهـى الاجتمـاع الرباعـي في عّمان، في 8 سـبتمبر الجاري، الـذي ضم وزيرة الطاقـة الأردنيـة هالـة زواتـي، ووزيـر البتـرول والثـروة المعدنيـة المصـري طـارق المـا، ووزيـر النفـط والثـروة المعدنيـة السـوري بسـام طعمـة، ووزير الطاقـة والميـاه السـابق اللبنانـي ريمـون غجـر، إلـى اتفـاق بيـن الـدول الأربعة علـى تقديـم خطـة عمـل وجـدول زمنـي لتنفيـذ نقـل الغاز المصـري إلـى لبنان.
وقـد أشـارت وزيـرة الطاقـة الأردنيـة هالـة زواتـي، فـي مؤتمـر صحفـي بعـد الاجتمـاع، إلـى أن "الهـدف مـن الاجتمـاع الرباعـي الـذي يضـم دول خط الغاز العربـي هـو إعـادة ضـخ الغـاز المصـري إلـى لبنـان بعـد انقطاعه لمدة حوالي عشر سنوات "، وأضافت أن " البنية التحتية لخط الغاز العربي التي ستنقل الغاز شـبه جاهـزة، ولكنها تتطلـب بعـض الإصـاح لأن الخـط لـم يسـتخدم باتجاه لبنان لفترة طويلة، على أن تتم مراجعة الاتفاقيات خلال 3 اسابيع "، لافتة إلى أن كل دولة ستتحمل كلفة الإصلاحات الازمة لبنيتها التحتية ".

- دلالات هامة

بالرغـم مـن الطابـع الفنـي لاجتمـاع دول خـط الغـاز العربـي فـي عمـان، إلا أنـه يسـتدعي أيضـاً أبعـاداً سياسـية هامـة تتداخل مـع التوازنـات والمعطيـات الإقليميـة الراهنـة. وفـي هـذا الصـدد، يمكـن الإشـارة إلـى عـدد مـن الـدلالات الرئيسـية لهـذا الاجتمـاع علـى النحـو التالي :

- حلحلة أزمـة الوقـود اللبنانية

سعى الاجتمـاع إلـى تقليـص حـدة أزمـة الوقـود فـي لبنـان، والتـي تفاقمـت بصـورة كبيـرة خـال الشـهور الماضيـة فـي ظـل الأزمـة الاقتصاديـة الحـادة التـي يعانـي منهـا لبنـان. فقـد توقفـت المرافـق الحكومية عـن إمـداد الكهربـاء للبنانييـن فـي مناطـق عديـدة وهـو مـا دفـع الأفـراد إلـى البحـث عـن الوقـود الـازم لتشـغيل المولـدات الاحتياطيـة. وبالتـوازي مـع ذلـك، تزايـدت عمليـات تهريـب الوقـود وتوسـعت السـوق السـوداء. وفـي 12 أغسـطس الفائـت، أعلـن البنـك المركـزي اللبنانـي أنـه لـم يعـد بإمكانـه دعـم واردات الوقـود بسـعر صـرف تفضيلـي، ليتـم بعـد ذلـك الإعـلان عـن رفـع أسـعار الوقـود بصـورة كبيـرة.


وقد اشار  وزير الطاقة والمياه السابق ريمون غجر خلال اجتماع عمان الي اهمية نقل الغاز للبنان في الوقت الراهن ، حيـث أعـرب عـن حاجـة لبنـان الماسـة لدعـم قطاعاتـه الحيويـة كالكهربـاء سـواء عبـر الغـاز أو الطاقـة الكهربائيـة بشـكل مباشـر، وقـال إن "هـذه هـى الخطـوة الأولـى التـي سيسـتفيد منهـا لبنـان عبر تزويـد معمل دير عمـار الذي يحتـاج إلى 600 مليـون متـر مكعـب مـن الغـاز لتوليـد 450 ميجـاواط مـن الكهربـاء"، وأضـاف أن الحكومـة اللبنانيـة تعمـل حاليـاً مـع البنـك الدولـي لتأميـن التمويـل لقـاء الغـاز المصـري، لافتـاً إلـى أن "هنـاك إمكانيـة فـي المسـتقبل لاسـتيراد الطاقـة الكهربائية من الأردن عبـر سـوريا بعـد أن يتـم إصـاح بعـض المناطـق التـي تضـررت بسـبب الحـرب فـي سـوريا".

- دعم حكومة نجيب ميقاتي

يعكس توقيت عقد اجتماع عمان حالة من الدعم العربي لجهود تشكيل الحكومة برئاسة نجيب ميقاتـي فـي لبنـان، والتـي أعلـن عنهـا بالفعـل فـي 10 سـبتمبر الجـاري، ومحاولـة لمسـاعدة لبنـان علـى الخـروج من حالة الفراغ الحكومي القائمة منذ اعلان رئيس الحكومة حسان دياب تقديم استقالته بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 اغسطس 2020 م .

ولا يمكن اغفال ان ان اعلان ميقاتي عن تشكيل الحكومة الجديدة بعد يومين فقط من من اجتماعات عمان ربما يعطـي زخمـاً ودفعـة هامـة لنتائـج الاجتمـاع، لاسـيما أنـه مطلـوب مـن لبنـان التأكـد مـن جاهزيـة البنيـة التحتيـة وتقديم تقريـر بالعوائـق، إن وجـدت، خـال أسـبوعين، ويحتمـل أن تحتـاج الحكومـة اللبنانيـة إلـى التعاقد مـع أطـراف خارجية لديها القدرات الفنيـة الازمـة فـي هـذا الشأن .

- موازنة النفـوذ الإقليمـي الايراني

ينطوي اجتمـاع ع ّمـان علـى محاولـة لموازنـة النفـوذ الإيرانـي فـي لبنـان، إذ أن التحـركات نحـو إحيـاء خـط الغاز العربي بين الدول الأربعة جاءت بعد اعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في 19 اغسطس الفائت، بـدء اسـتيراد الغـاز والمـازوت مـن إيـران عبر أكثـر مـن شـحنة، وكذلـك تحذيـره الولايـات المتحـدة الأمريكيـة وإسرائيل من أن "السفينة ستكون أرضاً لبنانية بمجرد إبحارها " ، وفي هذا سياق، يمكن أن يقطع اجتماع عمان الطريق امام حزب الله لتوظيف ورقة الطاقة لتعزيز حضور ايران في المشهد اللبناني وكذلك تحسين صورة الحزب بعـد تصاعـد حـدة الاسـتياء داخـل لبنـان ضـده، والاتهامـات الموجهـة إليـه بالتسـبب فـي الأزمـات التـي يواجههـا لبنـان، بالمشـاركة مـع النخـب السياسـية الموجـودة. فضـاً عـن محاولة اتجاهـات عديـدة الربط بين الحـزب وحادث انفجـار مرفـأ بيـروت فـي 4 أغسـطس 2020، بالإضافة إلـى السياسـة الخارجية للحـزب والتي جعلـت أطرافاً وقـوى عديدة تنظر إليـه كأداة لخدمـة المصالـح الإيرانيـة، دون أن يأخـذ فـي الحسـبان مصالـح الدولـة اللبنانيـة.

- تراجع عزلة النظام السوري

يشير الاجتمـاع إلـى تراجـع العزلـة الإقليميـة، وكذلـك الدوليـة، المفروضـة علـى النظام السـوري بعـد سـنوات طويلـة. فقبـل الاجتمـاع بأيـام، وبالتحديـد فـي 4 سـبتمبر الجاري، قـام وفـد وزاري لبناني ترأسـته نائبة رئيـس الحكومـة وزيـرة الدفـاع ووزيـرة الخارجيـة بالتكليـف فـي حكومـة تصريـف الأعمـال اللبنانيـة السـابقة، زينـة عكـر، بزيـارة دمشـق فـي أول زيـارة رسـمية علـى هـذا المسـتوى بيـن البلديـن منـذ عـام 2011، وكان الهـدف مـن الاجتمـاع بحـث قضيـة نقـل الغـاز المصـري إلـى لبنـان. وبعـد هـذا الاجتمـاع، أعلنـت الحكومـة السـورية إنهـا ترحـب بطلـب لبنـان اسـتيراد الغـاز المصـري لتوليـد الكهربـاء عبـر أراضيهـا. كمـا أكـد الرئيس السـوري بشـار الأسـد، فـي لقاء مـع قيادات حزبيـة لبنانية في دمشـق فـي 5 سـبتمبر الجـاري، علـى دعـم سوريا للشـعب اللبنانـي ووقوفهـا معـه علـى مختلـف الأصعدة.

- تعزيز أواصر التعاون العربي

كان لافتا. ان اجتماع عمان جاء بعد فترة وجيزة من مشاركة  دول عربية رئيسية فـي قمـة بغـداد للتعـاون والشـراكة، والتـي عقـدت فـي 28 أغسـطس الفائـت، وعكسـت اهتمـام تلـك الـدول بتعزيـز العاقـات مـع العـراق، ودعـم الجهـود التـي تبذلهـا حكومـة مصطفـى الكاظمـي من أجـل تكريس حالـة الأمن والاسـتقرار على السـاحة الداخليـة. وقبـل ذلـك، بـدأت تلـك الـدول فـي الانخـراط فـًي مشـروعات تعـاون مـع العـراق، لدعـم جهودهـا فـي التعامـل مـع المشـكات المسـتمرة التـي تواجههـا. وقـد بـدا ذلـك جليـا فـي القمـة الثاثيـة التـي عقـدت في بغـداد، فـي 27 يونيـو الماضي، وضمـت الرئيـس المصـري عبـد الفتـاح السيسـي، والعاهـل الأردنـي الملـك عبـد الله الثانـي، ورئيـس الـوزراء العراقي مصطفى الكاظمي .

على ضـوء ذلك ووفق التحليل الاستراتيجي الصادر عن مركز العالم العربي للأبحاث والدراسات المتقدمة ، يمكن القـول فـي النهايـة إن هـذه التطـورات فـي مجملها تشـير إلـى أن ثمـة اتجاهـاً تقـوده الـدول العربية الرئيسية لدعـم الـدول التـي تواجـه أزمـات علـى المسـتويات المختلفـة، باعتبـار أن ذلـك يمثـل أحـد المداخـل الأساسـية ليـس فقـط لتعزيـز التعـاون والتضامن العربي، وإنما أيضا لمواجهة تدخلات القوى الاخرى غير العربية .

ﺗﻔﻀﻴﻼﺕ اﻟﻘﺮاء