بأقلامهم
د. نسرين محمد فتحي تكتب: قانون ممارسات الفساد الأجنبية والدور المنتظر من مهنة المحاسبة والمراجعة
فى عام 1977 سنت الحكومة الفيدرالية الأمريكية قانونا يسمى بـ "قانون الممسارسات الأجنبية الفاسدة" Foreign corrupt practices act واختصاره ((FCPA وكان ذلك القانون يقضى بمنع وتحريم دفع الرشاوى للمسؤولين الأجانب مقابل تسهيل بعض العمليات.
وذلك من قبل الشركات الأمريكية سواء كانت داخل أو خارج أراضى الولايات المتحدة الأمريكية, وفى عام 2010 قامت بورصة الأوراق المالية الأمريكية (SEC) بإنشاء قسم خاص بهذا القانون بهدف تعزيز إنفاذه, ولكن ما جعل الأمر يزداد صعوبة يتمثل فى التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكى جو بايدن فى يونيو الماضى بأنه ستكون هناك قوانين صارمة ورادعة بمكافحة الفساد.
وعلى الفور استجاب الأعضاء المخولين بهذا القانون بضم تلك القوانين إلى قانون ممارسات الفساد الأجنبية تمهيدا لإنفاذها حيث أن عدد الشكاوى زادت فى الفترة الأخيرة من مختلف الدول مما يهدد الإقتصاد العالمى ويجعله معرضا للإنهيار كما يكبده للعديد من الخسائر المالية الضخمة, وفى ضوء هذه التعديلات فإن ممارسات الفساد لن تكون مقتصرة فقط على ما سيتم دفعه للمسؤولين الأجانب بل سيمتد الأمر ليشمل جميع الصفقات والعمليات التى تتم من قبل الشركات التى ينطبق عليها القانون كما سيتم التركيز بشكل كبير على بنود المصروفات ومصروفات السفر وكل شيىء يكون ذو قيمة كما جاء وصفه فى القانون.
وتكمن المشكلة هنا فى أن هذا القانون يختلف عن سائر القوانين التى تحرم الفساد حيث أنه قد تكون الصفقات التى تتم من قبل الشركات من الأمور العادية التى تدخل ضمن نطاق العمل, بينما تعد غير أخلاقية من وجهة نظر هذا القانون بمجرد الإبلاغ عنها فضلا على أنه يتم تخصيص مكافآت مالية للشخص المتقدم بالشكوى, وبالتالى يصبح على العاتق المحاسبى العديد من المسؤوليات كاستجابة للقانون وتعديلاته, كما أنه يثير العديد من القضايا الهامة, فمن ناحية يجب تطوير مجال المحاسبة القضائية عن طريق قراءة بنود ومواد القانون بعناية ومعرفة التفسيرات الخاصة بها حتى يتم وضع التصورات والحلول فى حال تعرض الشركة للدعوة القضائية بموجب القانون.
كما يجب عدم الإغفال عن أهمية دور المراجع الداخلى من حيث دراسة كيفية تطوير نظام الرقابة الداخلية بما يجعله قويا بحيث يتماشى مع القانون وتعديلاته ومعرفة المشكلات المحتمل مواجهتها إضافة للتأكيد على الإمتثال للقوانين والتى سيكون القانون الحالى من ضمنها وكذلك دراسة التكاليف المترتبة على ذلك وعن مدى التعارض بينه وبين القوانين الأخرى, كما سيتوجب أيضا على مكاتب المراجعة فى مصر دراسة القانون جيدا ومن ثم تقديم الخدمات والحلول حول كيفية الإمتثال له ومعرفة جميع الجوانب والأبعاد الأخرى المؤثرة عليه.
كما تثار قضية أخرى فى غاية الأهمية وهى الشركات ذات الروابط السياسية خاصة عندما تكون طرفا ثالثا لشركات أمريكية أو العكس وكما هو معروف فإن هذه الشركات تحصل بطبيعة الحال على العديد من الإمتيازات والحوافز الضريبية والتسهيلات الخاصة بالقروض وما غيرها مما يجعلها معرضة لمخاطر التقاضى فى ظل هذا القانون مما يقع عليها مسؤولية تبرير جميع الصفقات والعمليات بشكل قانونى ومؤيد بالأدلة والأسانيد المقنعة بما لا يثير الشكوك خاصة بنود المصروفات ومصروفات السفر للخارج, كما أرى ضرورة اهتمام بورصة الأوراق المالية المصرية بهذا الشأن وإنشاء قسم خاص تحت مسمى "أحكام خاصة بالشركات التى ينطبق عليها قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة" أسوة ببعض الدول الأخرى. وإضافة لذلك فإنى أرى أن هناك العديد من المجالات البحثية المقترحة التى يمكن الخوض فيها فى ضوء هذا القانون:
إطار مقترح لتسعير معاملات القيمة العادلة فى الشركات ذات الروابط السياسية المندرجة تحت قانون الممارسات بهدف تخفيض مخاطر التقاضى, إطار مقترح لتعزيز دور المراجع الخارجى فى مراجعة معاملات القيمة العادلة فى الشركات ذات الروابط السياسية المندرجة تحت قانون الممارسات بهدف تخفيض مخاطر التقاضى وكيفية تحديد أتعابه , الإفصاح عن تقرير مكافحة الرشوة فى ضوء قانون الممارسات والمخاطر المحتملة وأثره على قيمة الشركات فى البيئة المصرية , إطار محاسبى مقترح لتصميم خطط المكافآت والحوافز النقدية وغير النقية بالشركات المندرجة تحت قانون ممارسات الفساد , تحليل لتأثير إعادة صياغة القوائم المالية وغير المالية على زيادة مخاطر التقاضى بموجب قانون الممارسات , الإفصاح عن معاملات ومخاطر الطرف الثالث وذلك فى حالة كونه من الشركات المنطبق عليها القانون أو من المتعاملين معها وأثره على ثقة المستثمرين كما يمكن أن يتم اقتراح إطار أيضا لكيفية تسعير معاملات الطرف الثالث فى هذه الحالة.