الحوادث
حكم نهائي.. الإدارية العليا تؤيد حظر الأخونة بالجامعات
قضت المحكمة الإدارية العليا "فحص" بإجماع الآراء برفض الطعن الذى كان قد أقامه وزير التعليم الإخوانى فى مايو 2013 فى عهد الجماعة الإرهابية وتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة فى 26 مارس 3013 فى أوج حكم الجماعة الإرهابية بحظر الأخونة بالجامعات وبإلغاء قرار وزير التعليم العالي الإخوانى بفرض التقارير الذاتية لصرف بدل الجامعة الذى رفعه مرسى لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية واشترطت الجماعة لصرفه إثبات هويتهم لصالح الجماعة المحظورة .
وأكدت المحكمة برئاسة المستشار محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أن مرسى رفع قيمة بدل الجامعة واشترط لصرفه أخونة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات.
مبادئ الحكم
وأكدت على ستة مبادئ لحماية استقلال الجامعات هى : 1- بدل الجامعة حق لأعضاء هيئة التدريس دون قيد و ليس منحة من الوزير 2- الإخوان استحدثوا أداة غير قانونية تحمل مهانة لكبرياء أستاذ الجامعة المنارة المضيئة وإهانة لمكانة الأستاذية عند الشعب 3- اغتصبوا سلطة المشرع وقيدوا حرية العلم والفكر والإبداع ولا يجوز اجبار الأساتذة للانضمام لفصيل سياسى معين 4- أساتذة الجامعات لا تخضع لتقارير الوزارة وإنما للتقارير العلمية وضمير الأستاذية 5- مفهوم مبدأ استقلال الجامعات منهجيا من النواحي الفكرية والإبداعية والاجتماعية وليس استقلالاً مالياً وإدارياً وعلمياً فحسب 6- الأستاذ هو وحدة الجامعة لا سلطان عليه إلا لضميره العلمي ولا يجوز التسلط على أدق بيانات العلماء الشخصية .
تفاصيل القضية
تعود وقائع القضية بأن المحكمة وهى مكتظة بالمتقاضين تقدم العديد من أساتذة جامعة الإسكندرية من كليات التربية والحقوق والطب والزراعة والهندسة فى مارس 2013 وقت حكم جماعة الإخوان وقفوا أمام القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة طالبين إلغاء قرار وزير التعليم الإخوانى الذى أخضع أساتذة الجامعات المصرية لتقارير أداء ذاتية تتحسس هويتهم للإنضمام للإخوان كشرط لصرف بدل قيمة الجامعة وترافع الأساتذة بأنفسهم وهم الدكتور مختار على نمير بكلية الزراعة الدكتورة ماجدة شفيق والدكتور عبد الله سرور بكلية التربية والدكتور يحيى إكرام ورفعت عبد الوهاب بكلية الحقوق والدكتور عمر عبد العزيز بكلية الهندسة والدكتور ياسر زكى بكلية الطب والدكتور وائل بهجت بكلية الطب البيطرى والدكتورة أمانى رمضان.
وأضاف الأساتذة أن التقرير سبع صفحات عن البيانات الشخصية مثل الرقم القومي والبريد الإلكتروني ورقم المحمول ورقم التليفون الأرضي وإلزامهم بإرسال النسخ الإلكترونية لموقع الوزارة الالكتروني وربط كل ذلك بصرف بدل الجامعة .
قالت المحكمة إن المشرع جعل الجامعات هيئات عامة ذات طابع علمي وثقافي ولكل منها شخصيتها الاعتبارية المستقلة ، وأوسد فى سبيل إدارة المنظومة الجامعية العديد من الاختصاصات المتتالية لمجالس الجامعات والكليات والأقسام ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات ورؤساء مجالس الأقسام كل له دوره المرسوم له قانوناً، وعقد السلطة لرؤساء الجامعات فى إدارة شئون جامعاتهم العلمية والإدارية والمالية والقى عليهم المسئولية الكاملة عن تنفيذ القوانين واللوائح ، ونظراً لأن عمل عضو هيئة التدريس قائم على العلم والبحث والإبداع فقد ألزمه المشرع بأن يقدم تقريراً سنوياً عن نشاطه العلمي والبحثي – منشوراً كان أو محل البحث – إلى رئيس مجلس القسم المختص للعرض على مجلس القسم، ومن ثم فلا يجوز إجبار عضو هيئة التدريس على تقارير أخرى غير تلك التى عناها المشرع ورمى إليها.
وأضافت المحكمة أن المشرع قرر زيادة بدل الجامعة لأعضاء هيئة التدريس والوظائف المعاونة بالجامعات بالنسب الواردة بالجدول المرفق بالقانون واشترط شرطين لصرف ذلك البدل : أولها التفرغ الكامل لأعضاء هيئة التدريس للعمل بجامعاتهم بحد أدنى أربعة أيام أسبوعياً للقيام بالمهام والواجبات المنصوص عليها فى قانون تنظيم الجامعات، وثانيها عدم تقاضيهم أية مستحقات مالية عن عمل خلال أيام التفرغ من أى مصدر داخل الجامعة أو خارجها خلاف ما نصت عليه اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، ولم يفوض المشرع رئيس مجلس الوزراء أو وزير التعليم العالي أو المجلس الأعلى للجامعات وضع شروط أخرى لاستحقاق هذا البدل، ومن ثم فلا يعتد بأية ضوابط أو توجيهات أو تعليمات تصدر من أية جهة على خلاف ما قرره المشرع.
وأشارت المحكمة أن مبدأ استقلال الجامعات بات الركن الركين لتقدم المجتمعات، لذا حرص المشرع العادي على النص عليه، وارتفع به المشرع الدستوري إلى مصاف المبادئ الدستورية ومن ثم أضحى على جميع سلطات الدولة احترامه ، فلا تملك الحكومة خرقه أو العبث به ، وهذا المبدأ مستمد من حق أعضاء هيئة التدريس والعلماء فى تعليم الأجيال للمساهمة فى رقي الفكر وتقدم العلم وتنمية القيم الإنسانية ليكون ثمرته تزويد البلاد بالمتخصصين والفنيين والخبراء فى مختلف المجالات ، فهو يعد مظهراً من مظاهر حقهم الأصيل فى نقل المنهج العلمي للغير.
وتابعت لا يجوز للدولة أن تفرض على الأساتذة – بصدد منح هذا البدل أو غيره – قيوداً من شأنها أن تؤدي بهم إلى صيرورتهم فى مذهب معين، فلا يصح أن يكون للدولة مذهب محدد للكافة بل يجب عليها أن تحترم التعددية فى المذاهب العلمية التى تنشأ فى المجتمع العلمي ، ولا يجوز بعد ثورة الشعب بكل أطيافه وطوائفه في 25 يناير 2011 أن تتخذ الحكومة من سلطتها وسيلة لتقييد حرية العلم والفكر والإبداع وأن أى تدخل بأية صورة أو خرق بأي شكل لمبدأ استقلال الجامعات يعد تعارضاً صارخاً مع القيم الحضارية والأخلاقية للمجتمع، ويمثل تهديداً حقيقاً لمستقبل الوطن والمواطنين بما يؤدي إلى التدهور والاضمحلال على نحو يغل يد التقدم نحو الحرية والديمقراطية ويعطل نمو المجتمع ويعوق مسيرته إلى الأمام.
وأوضحت المحكمة مفهوما مستجدا لمبدأ استقلال الجامعات فحقيقة وجوهر مبدأ استقلال الجامعات يكمن فى الاستقلال المنهجي بالمفهوم الكامل من النواحي الفكرية والإبداعية والاجتماعية ، فهو ليس استقلالاً مالياً وإدارياً وعلمياً فحسب ، بحسبان أن الأستاذ هو وحدة الجامعة لا سلطان عليه إلا لضميره العلمي دون تأثير عليه , ذلك أن من مقتضيات مناخ الحرية – بلا ريب – حرية البحث العلمي ، ولا يخفي على أحد أن ما كشف عنه التصنيف العلمي من احتلال الجامعات المصرية – خلال فترة حكم الجماعة - لمراكز متدنية من بين جامعات العالم , رغم أن الجامعات المصرية هي الأسبق من كثير من تلك الجامعات فى التقدم العلمي تاريخياً , كان بسبب القيود التى كبلت بها الدولة حرية البحث العلمي وحرية أستاذ الجامعة ، إذ صرفته بتلك القيود عن اهتمامه الأساسي ، وكان يجب على الدولة فى نظامها الحاكم الجديد بعد ثورة الشعب فى 2011 أن تنحي منحى إزالة تلك القيود لا العمل على زيادة تكبيلها ، لينعم المجتمع بالحرية فى التعبير عن إرادته ، وكان يجب على النظام الحاكم – حكم الإخوان - أن يدرك أن الثقل الحقيقي لتقدم الدولة فى العصر الحديث يتوقف على حرية البحث العلمي واستقلال الجامعات ورفع مستويات المؤسسات التعليمية وقد تجلت عبقرية العلماء المصريين حينما تحرروا من تلك القيود بالخارج فى كثير من المحافل الدولية.
وذكرت المحكمة أن وزير التعليم العالي قد فرض على أعضاء هيئة التدريس التقارير الذاتية عن الأنشطة والإنجازات لصرف الزيادة فى بدل الجامعة وفي سبيل إحكام الوزير لقبضته لنفاذ تلك التقارير أوجب عليهم رفع النسخة الإلكترونية لموقع الوزارة مباشرة http://www.highedu.eg بل أوجب كذلك على رؤساء الأقسام إرسالهم للنسخ الإلكترونية التى تصلهم من أعضاء هيئة التدريس إلى البريد الإلكتروني للوزارة KPIQMOHE.EG بعد موافقة مجلس القسم عليها ، متغولاً بذلك على مبدأ استقلال الجامعات ، وعلى الرغم من أن القانون وسد لرؤساء الجامعات مسئولية تنفيذ القوانين واللوائح ، كما أناط لمنظومة الجامعات وهي مجالس الجامعات والكليات ومجالس الأقسام ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات ورؤساء مجالس الأقسام مهمة إدارة الشأن الجامعي بكل دقائقه وتفصيلاته ، ولم يشأ القانون أن يعقد لوزير التعليم العالي ثمة اختصاص بشأن الجامعات سوى رئاسة المجلس الأعلى للجامعات بحكم منصبه وبالاختصاصات الواردة حصراً بالقانون والتى ليس من بينها مخالفة القوانين الأعلى مرتبة ودرجة.
واستطردت المحكمة أن وزير التعليم العالي أصدر قراره المطعون فيه فى شأن التقارير الذاتية ليعطل صرف استحقاقهم بدل الجامعة بالشروط التى قررها القانون، واستحداثه لأداة غير قانونية تحمل مهانة لكبرياء أستاذ الجامعة المنارة المضيئة وإهانة لمكانة الأستاذية عند الشعب، لا تليق بأساتذة الجامعات وعلمائها تكون أقرب إلى التسلط على أدق بياناتهم الشخصية ليتحسس معرفة هويتهم على غرار نظم الحكم الشمولية منه فى أى نظام آخر، وقد تغافل الوزير عن أن استحقاق بدل الجامعة هو حق لأعضاء هيئة التدريس والوظائف المعاونة بالجامعات فهو ليس منحة فى يد الوزير إن شاء منحها وإن رغب منعها وإنما يستمدون حقهم من القانون مباشرة ، وبهذه المثابة يكون قراره المطعون فيه قد صدر معيباً بخلل جسيم وافتئاتاً على سلطة المشرع فى تقرير هذا البدل متعارضاً مع الشرعية وسيادة القانون .
وانتهت المحكمة أن وزير التعليم العالي الإخوانى يدمغه بعيب اغتصاب السلطة المعقودة للمشرع وصدر من غير مختص قانوناً باعتبار أن وزير التعليم العالي لا ولاية له فى إصداره مما ينحدر به إلى حد العدم والعدم موات لا تقوم له قائمة ولا يعدو أن يكون مجرد فعل مادي معدوم الأثر قانوناً لا تلحقه ثمة حصانة تعصمه من ملاذ المواطنين بالقضاء العادل العاصم من القواصم وبحسبان أن أساتذة الجامعات لا تخضع لتقارير الوزارة وإنما للتقارير العلمية وضمير الأستاذية , ولأن منع أعضاء هيئة التدريس بالجامعات من الارتزاق وتعليق صرفه على تقارير ذاتية لمنح البعض ومنع الآخرين هو كالحريق يتعين إخماده والوقت حرج فيه مما ينعكس أثره السلبي على نفوسهم وعلى حياة أسرهم المادية والاجتماعية .