عربى و دولى
المبعوث الأممي للسودان يحذر من حالة اضطراب مع تدهور الاقتصاد والوضع الأمني
حذر المبعوث الأممي للسودان فولكر بيرتس، اليوم الخميس، من حالة اضطراب مع تدهور الاقتصاد والوضع الأمني، داعيا إلى حوار وطني بناء لوضع حلول ذي مصداقية ودائمة.
وقال بيرتس في العدد الأول من النشرة الإخبارية، "في أول إحاطة قدمتها إلى مجلس الأمن قلت إن ركائز تفويض يونيتامس مترابطة. أقول نفس الشيء اليوم. فالانتقال المستقر إلى الديمقراطية ضروري لبناء السلام وحماية المدنيين ولحشد الموارد".
وفيما يلي نص النشرة الإخبارية:
تأسست يونيتامس في عام 2020 بناءً على طلب الحكومة الانتقالية لمصاحبة السودان على الطريق لمستقبل تتحقق فيه هتافات الشباب السوداني المنادية بالحرية والسلام والعدالة. بعد مرور عامين، تعمل يونيتامس بلا هوادة لإعادة السودان إلى هذا المسار بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021.
بعد عام من الانقلاب العسكري، لا يزال السودان في حالة اضطراب، مع تدهور الاقتصاد، وتدهور الوضع الأمني، وتصاعد العنف بشكل متكرر على مستوى المجتمع، والاحتجاجات الشعبية المستمرة. عطل الانقلاب عملية الإعفاء من الديون، والتي كانت من أبرز إنجازات الحكومة الانتقالية حيث كان من شأنها إلغاء ديون السودان الخارجية البالغة 56 مليار دولار. كما تجمد نشاط منتدى الشراكة السوداني الذي كان قد انطلق في سبتمبر 2021 بدعم من يونيتامس لتخطيط وتنسيق المساعدات الإنمائية الدولية. وضاع التقدم المحرز في توسيع نطاق السلام في السودان بما في ذلك خلال الجولة الثانية من محادثات جوبا للسلام، التي عقدت في مايو 2021 بدعم من يونيتامس. كما أن تنفيذ اتفاقية جوبا للسلام اتسم بالبطء والتفاوت بسبب عدم وجود حكومة تضطلع بجميع مهامها وبسبب نقص الموارد.
في أول إحاطة قدمتها إلى مجلس الأمن بعد أن توليت مسؤولياتي كرئيس لبعثة اليونيتامس والممثل الخاص للأمين العام في السودان، قلت إن ركائز تفويض يونيتامس مترابطة. أقول نفس الشيء اليوم. فالانتقال المستقر إلى الديمقراطية هو أمر ضروري لبناء السلام ولحماية المدنيين ولحشد الموارد اللازمة لوضع السودان على مسار التنمية المستدامة.
بعد 25 أكتوبر، كرست يونيتامس مواردها وخبراتها لدعم الأطراف السودانية في التوصل إلى حل للأزمة السياسية يعيد النظام الدستوري ويسمح بتشكيل حكومة بقيادة مدنية مقبولة وذات مصداقية. بدأ هذا الجهد بانخراط موسع مع القادة العسكريين والمدنيين في الأيام الأولى بعد 25 أكتوبر، وتطور لاحقًا إلى عملية مشاورات كاملة وشاملة بدأت في يناير من عام 2022 شارك فيها أكثر من 800 محاور من الأحزاب السياسية والجيش ولجان المقاومة ومنظمات المجتمع المدني والجماعات النسوية والحركات المسلحة وأصحاب المصلحة من مختلف المناطق والولايات. كشفت نتيجة المشاورات عن بعض مجالات الخلاف التي تتطلب حوارًا مستدامًا خلال الفترة الانتقالية وما بعدها، إلا أنها كشفت أيضًا عن مناطق واسعة من التوافق بما في ذلك الحاجة إلى إعطاء الأولوية لتشكيل حكومة انتقالية مقبولة تتولى مسؤولية توجيه السودان خلال الفترة الانتقالية المتبقية، والتصدي للتحديات الاقتصادية وغيرها من التحديات.
بعدها، ضمت يونيتامس جهودها إلى جهود الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (ايقاد) في مارس 2022، فتشكلت الآلية الثلاثية للعمل بشكل جماعي لتسهيل التوصل إلى اتفاق سياسي لإنهاء الأزمة السياسية. ومنذ ذلك الحين، أجرت الآلية الثلاثية عشرات الاجتماعات مع الجهات الفاعلة السودانية ودرست عشرات المبادرات وقامت بمهام دبلوماسية مكوكية لرأب الخلافات وتشجيع أصحاب المصلحة السياسيين على الانخراط في حوار سوداني سوداني يهدف إلى الوصول إلى حل يملكه السودانيون. كما نسقت الآلية الدعم الدولي لهذه العملية الجارية وحافظت على قنوات اتصال مفتوحة بين جميع المعنيين لتيسير توافق الآراء.
عندما لم تنجح الاجتماعات المباشرة المصممة للجمع بين الفرقاء، قمنا بجولات مكوكية بينهم. عندما طُلب منا تقديم المساعدة الفنية، فعلنا ذلك. وقد عملنا بحيادية، دون انحياز لطرف من الأطراف وكان انحيازنا الوحيد هو الهدف المشترك المتمثل في إنهاء المأزق ومساعدة السودان على العودة لطريق التحول الديمقراطي. كما حافظنا على أكبر قدر ممكن من الشفافية لمواجهة حملات المعلومات المضللة المتكررة - وهي مصلحة كان علينا الموازنة بينها وبين التحفظ المطلوب لحماية المفاوضات الهشة.
أدت الالتزامات التي أعلنها الجيش في يوليو الماضي بالانسحاب من الحياة السياسية إلى ديناميكية جديدة بين القوى السياسية، فتكثفت جهود الحوار والتواصل وأخذت المبادرات المطروحة تتضاعف بسرعة. ومؤخرُا، بدأت الجهات السياسية الفاعلة المتنوعة في الالتحام حول مسودة الدستور المطروحة من اللجنة التسييرية لنقابة المحامين. يعمل هذا التحالف الواسع للفاعلين السياسيين الآن على توسيع الإجماع حول المسودة، ومعالجة القضايا المتبقية في النص وصياغة إعلان سياسي يمهد للمفاوضات مع الجيش.
تظل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والايقاد على استعداد لدعم العسكريين والمدنيين للتوصل إلى اتفاق يبدأ فترة انتقالية أكثر استدامة مع حكومة انتقالية ذات مصداقية بقيادة مدنية تتمتع بالمصداقية والقبول ومستعدة لمعالجة التحديات المختلفة التي تواجهها البلاد.
الزخم الذي شهدناه في الأسابيع الأخيرة هو علامة على أن نهاية الأزمة قد تلوح في الأفق أخيرًا. ومع ذلك، فإن هذا الزخم الجديد هش ويحتاج إلى الحماية. لكي تتماسك التحالفات السياسية الناشئة وتتوسع، يجب أن تحافظ مكونات هذه التحالفات على علاقة متساوية، شفافة وتشاركية حيث لا يتم استبعاد أي طرف من اتخاذ القرارات الرئيسية.
يحتاج جميع الفاعلين السياسيين إلى الدخول في حوار بنّاء يضعون فيه خلافاتهم جانبًا ويركزون على مصلحة الشعب السوداني للوصول إلى حل ذي مصداقية ومقبول ودائم. السودان لا يملك رفاهية المعادلات الصفرية والمناورات السياسية. الوقت جوهري والسودان والشعب السوداني سيكونان هما من يتحملان تكلفة أي تأخير إضافي.
لكن التهديد الأكبر لاحتمال التسوية هو خنق أصوات الشباب. مع اقتراب الذكرى السنوية للانقلاب، أحث السلطات على التصرف بمسؤولية والامتناع عن استخدام القوة ضد المتظاهرين وحماية حق المواطنين في ممارسة حريتهم في التعبير والتظاهر والمعارضة السلمية.
هذه اللحظة هي اختبار لإرادة وقيادة المكونين العسكري والمدني. لقد حان الوقت للجميع للارتقاء فوق المكاسب السياسية الضيقة، والعمل بشجاعة، والاستماع إلى أصوات السودانيين، نساءً ورجالاً، والعمل على تحقيق تطلعاتهم المشروعة: الحرية والسلام والعدالة.