رياضة
خطة بريطانية جريئة متستّرة بعنوان "توحيد الجيش"، هدفها تحييد المشير خليفة حفتر عن المشهد السياسي في ليبيا
برز الاهتمام البريطاني بليبيا منذ عقود من الزمن، وتحديدًا منذ أن استولى العقيد معمر القذافي على السلطة في انقلاب عسكري عام 1969، وخاصة بعدما أقدم على تأميم عمليات النفط البريطانية لتحاول لندن بعدها الإطاحة به. فأجرت محاولات عدة لتحقيق ذلك من خلال انتفاضات ممنهجة وعمليات اغتيال وقصف، أبرزها كان توظيفها لـ “متشددين" لاغتياله، لتعيد الكرة حاليًا من خلال متشددين ولكن هذه المرة مع رجل شرق ليبيا القوي، المشير خليفة حفتر.
وبداية بأطماع بريطانيا في ليبيا، تحاول لندن تثبيت عبد الحميد الدبيبة في السلطة (رئيس الحكومة المنتهية الولاية في طرابلس)، من خلال تحييد جميع الشخصيات والأجسام السياسية المعادية له عن المشهد، وبالتالي ضمان حكومة موالية وحليفة لها في ليبيا، تؤمن لها امدادات ثابتة من الغاز والنفط وتؤمن لها نفوذًا في القارة السمراء.
ويعود السبب في اختيار بريطانيا لعبد الحميد الدبيبة، كونه رجل أعمال لا يفقه بالسياسة كثيرًا، وهذا ما تبحث عنه قوة استعمارية كبريطانيا، حيث يكون من الأسهل قيادة شخصية على أسس تبادل المنفعة بدلاً من محاولة إرضاء مبادئ شخصية سياسية أخرى، تهمّها مصلحة ليبيا أو مصالحها الشخصية وسلطانها وشعبيتها وقد تثور ضدها في أي لحظة، "مثل المشير حفتر".
حيث بدأت بريطانيا مسعاها منذ مطلع العام الماضي لإضفاء الشرعية على حكومة الدبيبة المنتهية الولاية، فكانت أول دولة صرّحت بمواصلتها الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية كسلطة مكلفة بقيادة ليبيا إلى الانتخابات، وبأنها لا تؤيد "إنشاء حكومات أو مؤسسات موازية".
لترسل فيما بعد سفينة حربية إلى قاعدة أبوستة البحرية في العاصمة طرابلس، وهذه كانت زيارة رفيعة المستوى وحملت دلالات كبيرة، بينما الآن وبحسب التسريبات الصحفية الأخيرة لاجتماع وفود بريطانية مع أطراف الأزمة الليبية، طرحت بريطانيا مبادرة أو سلسلة مباحثات لتوحيد المؤسسة العسكرية بقيادة آمر القوات المشتركة البريطانية الجنرال جيم موريس والمساعد العسكري للقوة مارك تايلور.
ليفاجئ مراقبون باستقبال القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر أيضاً آمر القوات المُشتركة البريطانية وسفيرة المملكة المُتحدة لدى ليبيا “كارولين هورندال”. واتفاقه بدوره على الضرورة الملحة لتوحيد مؤسسات الدولة، بما في ذلك المؤسسة العسكرية.
إلا أن المتابعون للوضع الليبي رأوا بأن المبادرة البريطانية تحمل أبعادًا مختلفة، وهدفها الرئيسي هو إضعاف دور المشير حفتر، لأن عملية توحيد المؤسسة العسكرية ستضعف مكانة المشير العسكرية، وستضع جزءًا كبيرًا من نخبة قواته إن لم تكن كلّها، تحت إمرة عبد الحميد الدبيبة، الذي يعتبر قانونًا وزير الدفاع الرسمي في البلاد.
ولكن المشكلة تكمن في أن بريطانيًا تعمل على توحيد الميليشيات المتشددة والخارجة عن القانون وراء الكواليس، لضرب موازين القوى وإضعاف حفتر أكثر فأكثر، تمهيدًا لعزله عن المشهد بشكل كامل. وكما كشف موقع "ديكلاسيفايد" البريطاني، بأنه في العام 1996 موّلت المخابرات سرًا متشددين لاغتيال القذافي في مدينة سرت وهي العملية التي قتلت عددًا من المارة ولكن ليس العقيد القذافي.
تحاول بريطانيا في يومنا هذا بحسب صحيفة "جنرال بوليتيكس" تمويل شخصيات قيادية متشددة، لتوحيد الميليشيات المسلحة غربي البلاد، الإرهابية منها والغير إرهابية، تحت راية عبد الحميد الدبيبة، لضرب الجيش الوطني الليبي وإضعافه وإخضاعه، في حال فشلت خطتهم في توحيد الجيش وانتزاع قدرات المشير العسكرية بشكل دولي – أممي منه.
فقد كشفت الصحيفة بأن الجنرالات البريطانيين أثناء زيارتهم إلى طرابلس التقوا عددًا من قادة الميليشيات في طرابلس وخصوصًا أحد قادة ما يسمى بالجماعة الليبية المقاتلة، عبد الحكيم بلحاج، الذي يحظى بعلاقات وثيقة مع كثير من الجماعات المسلحة المتشددة في ليبيا وخارجها.
الصحيفة أشارت إلى أن بريطانيا تسعى لأن يكون بلحاج "صلة الوصل" ما بين المنظمات الإجرامية والمتشددة في ليبيا وحكومة الدبيبة ومن خلاله تمويل جهود توحيد هذه الجماعات والميليشيات المسلحة، وذلك لضمان ولاء هذه الجماعات للحكومة التي من شأنها أن تؤمن مصالح لندن في البلد الغني بالنفط والغاز.
وبحسب الصحف المحلية ونقلاً عن تسريبات على مواقع التواصل الاجتماعي الليبية، فقد عُقد بالفعل لقاء في مدينة بني وليد بين قادة الجماعات المسلحة في المنطقة الغربية، وممثلين من تنظيم داعش والقاعدة الإرهابيين بمشاركة عبد الحكيم بلحاج، في 14 شباط / فبراير. ونتيجة للاجتماع، تقرر تشكيل جماعة موحدة من الميليشيات والقوات المسلحة المختلفة في مناطق الغرب الليبي، لخلخلة توازن القوى مع الجيش الوطني الليبي التابع للمشير حفتر، تمهيدًا لشن عمليات عسكرية مستقبلية على مواقعه وإضعافة والسيطرة على مناطقه في الشرق والجنوب.