بأقلامهم
المحامي سامي ياسين قائد مارش يكتب: نظرة في تكليف وكلاء النيابة
قرارات تكليف وكلاء النيابات الصادرة من النائب العام، هل تصدر بصفته عضو في مجلس القضاء أم بصفته نائباً عام وكيفية التفرقة بين القرارات الإدارية وبين القرارات التي تصدر من أعلى هرم في السلطة القضائية وممن يكتسب عضو النيابة المنتدب ولايته القضائية هل من النائب العام أم من مجلس القضاء الأعلى، والضوابط التي نص عليها قانون السلطة القضائية اليمنية، تناولت المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعية قرار أصدره النائب العام برقم (12و13) لعام 2023م المتضمن تكليف بديلاً لوكيل النيابة الجزائية المتخصصة م/عدن، لأن مدة الانتداب قد أوشكت على الانتهاء مسبوقاً بقرار انتداب صادر من مجلس القضاء الأعلى برقم(2)لعام 2023م.
فإنتداب وكلاء النيابات و استبدالهم يندرج ضمن سلطة واختصاصات رئيس مجلس القضاء الأعلى بمقتضى أحكام المادة (65) من قانون السلطة القضائية رقم(1) لعام1991م، والمعلوم بأن مجلس القضاء يصدر قرارات ندب وكلاء النيابات بعد عرض وموافقة النائب العام مسبقاً –قبل صدور قرار الندب من المجلس- أما بعد صدور قرار الندب فإنه يجب على النائب العام التقيُّد بقرار مجلس القضاء الأعلى لأنه أحد أعضاء مجلس القضاء الأساسيين وعضويته لا تؤهله أن يصدر قراراً يتفرد به خارجاً عن إرادة رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى، وهنا يجب التفرقة بين القرارات الإدارية التي يصدرها النائب العام فهي لا تمنح المكلَّف ولاية قضائية بل تمنحه ولاية إدارية، وبين قرار الندب التي تصدر من رئيس مجلس القضاء الأعلى التي تمنح المنتدب ولاية قضائية لكونها صادرة من أعلى سلطة قضائية بالجهاز القضائي، ويجب على سكرتارية النائب العام أن يتفهموا ذلك ويفرقوا بين القرار الإداري وقرار الندب، فقرار النائب العام رقم (12) لعام 2023م يأخذ حكم القرار الإداري ومن شمله لا يحمل ولاية قضائية لأن الولاية القضائية يستمدها بقرار من مجلس القضاء، وبالتالي فإن النيابة الجزائية حالياً فيها وكيلان الأول منتدب من مجلس القضاء وهنا يحمل صفة وولاية قضائية ، والثاني مكلَّف من النائب العام فيحمل صفة إدارية لا يتعداها ولا تمتد حدود وظيفته إلى مباشرة أعمال قضائية لعدم توافر ولاية قضائية ويخضع للمساءلة التأديبية لأن المادة (9) من قانون المرافعات النافذ نصت على أنه ( يتقيد القاضي في ولايته للقضاء طبقاً لقرار تعيينه أو ندبه أو نقله ….) فالنائب العام قراراته لا تسبغ أو تمنح من صدر القرار بتكليفه ولاية قضائية، ومن قال بغير ذلك فقد اعتدى على قانون السلطة القضائية وأنكر نص المادة (65 فقرة [ و ] ) من قانون السلطة القضائية.
ومن المعلوم أن مجلس القضاء الأعلى هي الجهة المختصة بمنح تلك الولاية بموجب ما تصدره من قرارات ندب. والسؤال هنا نوجهه لمجلس القضاء الأعلى: لدينا اثنين وكلاء نيابة للجزائية المتخصصة م/عدن الوكيل الأول صدر بشأنه قرار انتداب من مجلس القضاء برقـــــم (2) لســـــــنة 2023م ، الوكيل الثاني صدر بشأنه قرار تكليف من النائب العام برقـــــم (12و13) لسنة 2023م. فمن منهما يحمل ولاية قضائية ومن منهما يقوم بالعمل الإداري، وفي حالة قيام الثاني بمباشرة أعمال قضائية تحتاج إلى ولاية قضائية فما مدى مشروعية تلك الإجراءات، وبالنسبة للمتقاضين من هو الوكيل المعتمد أمامهما هل والوكيل المكلَّف من النائب العام، أو الوكيل المنتدب من مجلس القضاء.
كل تلك التساؤلات ننتظر الإجابة عليها حتى لا تتعطل مصالح المتقاضين وأحوالهم بسبب خلل فني في إصدار القرارات دون الرجوع للمجلس وأعضائه الذين هم أنفسهم من أصدروا القرارين منفردين ومجتمعين، ولله الأمر من قبل ومن بعد، فإننا نناشد علماء الأمّة قضاتنا رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى أفتونا في الأمر فأنتم المرجعية. وهذا لا يعني التقليص من صلاحيات النائب العام في حدود صلاحياته إدارياً وإشرافياً ورقابياً على وكلاء النيابة، فمن صلاحياته اتخاذ الإجراءات التأديبية بحق وكلاء النيابات والذي يترتب عليه إيقاف وكلاء النيابات عن العمل ومن ثم تكليف وكيل آخر بالقيام بعمله مسبوقاً بإشعار مجلس القضاء الأعلى بذلك والرفع للمجلس بالأسباب والمبررات لإيقاف وكيل النيابة عن العمل وأيضاً الرفع بمن يراه مرشحاً أو بديلاً عنه، وحتى يتمكن مجلس القضاء من القيام بوظيفته الرقابية ومعرفة ما إذا كان هناك ثمت تعسف بحق من تم إيقافه بالقبول أو الرفض أو معالجة الأمر والنظر إلى ذلك بحيادية إما بإصدار قرار لمن تم الرفع باسمه كبديل وهنا تكون الإجراءات تمت بشفافية وفي وضح الشمس في رابعة النهار، أما أن يتم اتخاذ إجراءات وقرارات تصدر في غسق العطلة القضائية وفي أيام ذي الحجة والناس منشغلين بالحج في مكة. والله من وراء القصد ،،،،،،،،،،، عضو لجنة مناصرة حقوق الإنسان ناشط في حقوق السجناء والرأي والتعبير