تحقيقات وحوارات
فيديو.. القصة الكاملة لمذكرات الجلود النارية التي فضحت القذافي
حقيقة سرقة القذافي لثورة الفاتح في ليبيا.. وسر رفضه السجود خلال الصلاة
صورة شيطانية حاول عبد السلام جلود الرجل الثاني في الثورة الليبية رسمها للعقيد الليبي معمر القذافي قائدها الأول، خلال مذكراته التي كتبها وسرد فيها تفاصيل دقيقة عن ثورة الفاتح من سبتمبر، ومدى تخلي القذافي عن رفاقه وخداعه لهم وتخاذله عن نصرتهم فيقول جلود: «في هذه الليلة حدث أمر غريب ومثير، فحين كان الضباط والجنود يغادرون معسكر قاريونس في بنغازي متجهين إلى الأهداف التي حددناها في الخطة، علمت أن الأخ معمر تخاذل في هذه اللحظة وترك ضباطه وجنوده وذهب لينام في غرفته بالمعسكر». القذافي يذهب إلي النوم في أدق لحظات الثورة وأكثرها إحراج.. شئ غريب أليس كذلك؟ ولكن دعوني أكمل لكم شهادة جلود.
يستكمل جلود كلامه ويقول: "في أواخر الثمانينيات - أدلى الأخ عبد المنعم الهوني بتصريح، من القاهرة وذكر العقيد الليبي بهذه الحادثة وحين استمع الأخ معمر إلى تصريحه، لم ينكر، وقال: فعلاً ذهبت إلى غرفتي ونمت، فأنا قائد الأوركسترا، ومهمتي هي ضبط الإيقاع وتنظيم الفرقة، وبعد ذلك تنتهي مهمتي".
تخاذل القذافي وتخليه عن رفاقه
جلود تحدث عن تخاذل القذافي في هذا اليوم وقال أيضاً ،"قبل أيام قليلة من الثورة، كنت قد ذهبت صحبة الأخ إبراهيم أبجاد لاستطلاع منزل مذيع متميز في الإذاعة اسمه محمد المطاطي، لذلك ذهبت صباح يوم الثورة إلى منزله ومعي قوة عسكرية وقمنا بإحضاره إلى دار الإذاعة، ثم ربطنا الاتصال مع بنغازي لتمكين الأخ معمر القذافي من إذاعة البيان الأول للثورة. بيد أن إذاعة البيان تأخرت، ولذا سيطر علينا الخوف، وبعد ذلك علمنا أن الأخ معمر ظل في غرفته ولم يتوجه إلى دار الإذاعة من أجل إذاعة البيان الأول، لأنه كان يريد التأكد من أن الثورة انتصرت وسيطرت سيطرة تامة. في هذا الوقت، كنا نعتقد أن الإخوة لم يتمكنوا من السيطرة على مدينة بنغازي والبيضاء وعلى محطة الإذاعة، فانتابنا القلق الشديد. وبعد ذلك علمنا أن القوات، التي تحركت من مدينة درنة إلى مدينة البيضاء قد طلبت من قوة من الجنود بقيادة أحد الضباط تنفيذ مهمة الاستيلاء على الإذاعة في البيضاء. ولكن المجموعة المكلفة ضلت الطريق في البداية، بينما كانت بنغازي تنتظر الربط الإذاعي ليذاع البيان في آن واحد من طرابلس وبنغازي والبيضاء. وقد صاغ البيان الأخ معمر، الذي كان موجوداً في بنغازي، وجعله عاماً، وهدف إلى إعلام الشعب الليبي بقيام الثورة وانتصارها للشعب والعالم، وليطمئن العالم بأن الثورة عمل داخلي يخص ليبيا والليبيين، وأن الثورة تحترم الاتفاقيات الدولية".
تحطيم صورة القذافي
وهكذا، لا يتردد جلود في تحطيم صورة القذافي بوصفه قائداً لـ"الثورة"، لكن هذا الوضوح في الرؤية كان متأخر لجلود ففي تلك الأثناء، أيام الشراكة في الثورة والحكم، لم يتوقف جلود عند تلك الأعمال "المريبة"، بل أهملها ولم يأخذها على محمل الجد أو يفسرها. فلم يرتَب، هو ورفاقه، من القذافي. وها هو جلود بعد نحو خمسة عقود يتذكر: "رفض الأخ معمر القذافي تعيينه على رأس مجلس قيادة الثورة، كما رفض قرار ترقيته إلى رتبة عقيد وهكذا بدأ معمر في وقت مبكر رحلة الخبث والخداع، فقد كان يتقمص شخصية الزاهد والملاك لإخفاء شخصيته الحقيقية بوصفه شيخ قبيلة، ورجلاً سلطوياً من طراز الشخصيات المتعطشة للمال والسلطة" وهذا بحسب ما يرى جلود نفسه.
أما عن تبرير جلود لعدم إدراكه مدى خبث شخصية القذافي وسهوه عن تلك الأعمال الخطيرة للقذافي فهو أن جمال عبد الناصر كان يتصل بهم في مجلس قيادة الثورة، ويطالبهم بإعلان معمر القذافي رئيساً للمجلس، وكان يقول لهم صراحة: إذا لم تعلنوا هذا، فسوف يكون هناك خطر على الثورة، وقد تتعرض للسرقة".
لهذا، يقول جلود، "قررنا، أخيراً تحت ضغط عبد الناصر، إعلان أن معمر القذافي هو رئيس مجلس قيادة الثورة وترقيته إلى رتبة عقيد، وكتبت بنفسي نص خبر الترقية وتعيينه رئيساً لمجلس قيادة الثورة في 8 سبتمبر 1969، ثم سلمت النص إلى الإذاعة".
والغريب، أن جلود الذي لا يفحص معلوماته أو يقلبها، لا يسأل لماذا ضغط عبد الناصر وهو لا يفعل ذلك، ليس لتبرئة مَن يعتبره "رمز العروبة والأمة" على الأقل من شبهة المخدوع بالقذافي فحسب، بل لأنه بات يرى القذافي "طاغية" ومخادعاً ولا يتردد في ما يدعم ذلك.
ويتذكر جلود أيضاً بعض أفعال القذافي الهادفة للسيطرة على مجلس قيادة الثورة والظهور كقائد وحيد لها فيقول "في الأسابيع الأولى للثورة، كنا نمارس مهماتنا من مبنى وكالة الأنباء الليبية والإذاعة كذلك. في هذا الوقت، بدأ بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة يمارس ضغوطاً من أجل الإعلان عن أسماء أعضاء المجلس، وكان الأخ معمر يقاوم هذه الضغوط مُعللاً الأمر بشتى الأسباب، حتى قال صراحة ذات يوم: "من مصلحة الثورة ألا نعلن الآن عن أسماء أعضاء المجلس"، لكن لم يكن أحدنا مقتنعاً بكلام معمر. وفي حين كنت في زيارة سريعة لفرنسا، دخل الأخ معمر إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية بسيطة، فبادر أعضاء المجلس إلى الإعلان عن الأسماء... وكان هذا بمبادرة من إمحمد المقريف".
رسم صورة شيطانية للقذافي
رسم جلود صورة شيطانية للقذافي خلال مذكراته حتى في علاقته مع ربه وفي ممارستة للشعائر الدينية فقال "كان الأخ معمر يأتي لزيارتنا في طرابلس كل يوم خميس، ثم يعود مساء الجمعة، وكنا نمضي عطلة الأسبوع معاً. كان يعيش وينام في منزلنا في زنقة أبو وذينة بشارع بن عاشور كأنه من أفراد الأسرة. وفي خريف هذا العام (1962)، وفي أحد أيام الجمعة، وبينما كنا نتناول طعام الغداء - وعادة ما يكون ذلك في وقت متأخر - وكان وجبة شعبية تسمى البازين، ارتفع أذان العصر، فتوقف معمر عن تناول الطعام قائلاً: "أريد أن أصلي". فغضب أخي عمر وقال له: "هذا ليس إسلاماً. في إمكانك أن تصلي العصر إلى ما قبل المغرب"، ثم قال له: "يا معمر أنت تدعي أنك ملاك، ولكن أنا خائف يوماً أن تطلع شيطاناً.
ويذكر واقعة أخرى فيقول جلود "في أواخر الثمانينيات، كنت أنا ومعمر في منطقة جهنم التي تقع جنوب شرقي مدينة سرت، وقد عُرفت بهذا الاسم لارتفاع درجة حرارتها في فصل الصيف. وبينما كنا نتجاذب أطراف الحديث، ونستعيد ذكريات الماضي، جاء وقت صلاة المغرب، فقمنا للصلاة، وأمنا معمر، وكنت خلفه قليلاً، فلاحظت أنه لم يسجد بشكل صحيح، فقلت له: "اسجد صح يا رجل"، لكنه لم يُعر طلبي أي اهتمام. وبعد الصلاة قال لي: "أنا لا أريد أن أفقص لأحد، حتى لربي، أي إنني لا أريد أن أنحني لأحد حتى لربي".