اهم الاخبار
الأحد 22 ديسمبر 2024
#الجمهوريةـالجديدة
رئيس التحرير
خالد العوامي

تحقيقات وحوارات

فيديو.. دلال المغربي حسناء المقـاومة التي أذلـت الكيان ومثّل إيهـود براك بجثـمانها انتقـاما منها

أجرأ عملية للمقـاومة داخل تل أبـيب وقائدها فتاة 20 سنة

الوكالة نيوز

في 1977 ظهرت تصريحات أمريكية أن منظمة التحرير برئاسة ياسر عرفات أصبحت على الهاوية وأن الفترة القادمة هي فترة القضاء على المنظمة.. وهذا ما أثار غضبا داخل منظمة التحرير وأصبح هناك ضرورة ملحة لتنفيذ عملية تثبت للعالم أن المنظمة ما زالت بخير ولرد الاعتبار خاصة بعد تعرضها لعدة ضربات وفشلت لها عدة عمليات عسكرية وتعرضت مخيماتها في لبنان إلى مجازر.. وهنا تكلم ياسر عرفات مع العقل المدبر للمنظمة وهو أبو جهاد خليل الوزير بضرورة القيام بعملية تدوي في العالم كله.. فبدأ أبو جهاد بوضع خطة عملية كمال عدوان والتي كانت بقيادة حسناء فلسطين والتي تبلغ من العمر عشرين عاما فقط وهي الفدائية دلال المغربي .. هذه الفتاة التي أذلت مناحم بيجن.. والتي قام يهود باراك رئيس وزراء الكيان بالتمثيل بجثمانها.. فإليكم هذه القصة البطولية عن الكفاح الفلسطيني.


 

بدأ أبو جهاد بطلب فدائيين من قادة التشكيلات ويكون من ضمنهم فتاة للقيام بعملية خارج الحدود.. وضمت المجموعة 13 مقاتل، ثلاثة لبنانيين ويمنيين، إضافة إلى ثمانية فلسطينيين من بينهم دلال المغربي لتكون المفوض السياسي للمجموعة وأخبرهم أبو جهاد أن هذه العملية من الممكن أن تكون الأخيرة لهم لأنها ستكون ثأرا للشهيد كمال عدوان والتي نفذها يهود باراك عندما كان رئيسا للفرقة التي تسلّلت آنذاك إلى بيروت متخفّيا بِزيّ امرأة وواضعا شعرا مستعارا.. وكانت الخطة كالآتي 

وهي أن المجموعة سيركبون سفينة تجارية مجهزة بغرف داخلية لهم وستتحرك من لبنان وعندما تصل قبالة ساحل تل أبيب سيقومون بعملية إنزال على قوارب مطاطية ليصلوا إلى الشاطئ.. وعند وصولهم كانت لديهم خطة بالهجوم على أحد الفنادق الفاخرة واحتجاز الرهائن للمطالبة بالإفراج عن عدد من الأسرى داخل سجون العدو.. وكانت هناك خطة أخرى بديلة إذا فشلوا باقتحام الفندق وهي أن يقوموا بالتوجه لمبنى الكنيست والذي كان مقره في تل أبيب في ذلك الوقت ويأخذوا بعض الرهائن لنفس الهدف.. 
لكن هذه الخطة عند التنفيذ واجهت بعض المشاكل حيث حاولوا تنفيذها ثلاث مرات.. ففي المرة الأولى بعدما أصبحت الباخرة في عرض البحر لم تستطع المجموعة القيام بالغنزال بسبب سوء الأحوال الجوية فألغيت العملية 

المحاولة الثانية

وجاءت هذه المحاولة بعد أسبوعين فقط في منتصف فبراير 1978.. لكن القدر يشاء أن يحدث عطل فني في الباخرة لتظل السفينة في عرض البحر لمدة 18 ساعة فرجعت المجموعة ولم تنفذ العملية.. وبعد تلك المحاولتين قرر أبو جهاد أن يقوم ببعض التغييرات في تفاصيل العملية.. فاستدعى العميد بهاء شاتيلا والذي أصبح فيما بعد مدير استخبارات الأمن الوطني الفلسطيني.. حتى يقوم بالإشراف بنفسه على عملية توصيل المجموعة لشاطئ تل ابيب.. فقام بتدريب المجموعة بشكل مكثف وتحديد الموعد في 9 مارس 1978..

وقبل العملية بأربع وعشرين ساعة طلبت دلال المغربي أن تذهب لتودع أهلها فقامت بزيارة والدها وأمها وأخوتها السبعة وأثناء عودتها كانت معها أختها فمروا بجانب استوديو تصوير وطلبت دلال من أختها أن تلتقط صورة لنفسها فكانت تلك الصورة الأخيرة للشهيدة دلال المغربي..

وبالفعل بدأت العملية وتمت عملية الإنزال في صباح 10 مارس ونزلوا في قاربين مطاطين لكن المشكلة التي واجهتهم هي أن البوصلة التي كانت في مقدمة القارب كان بجانبها سلاح هاون يستخدم في العمليات الخاصة ولأنه بالطبع مصنوع من الحديد فأدى إلى انحراف في إبرة المغناطيسية للبوصلة.. وبعد معاناة خلال إبحار المجموعة نزلوا بعيدا عن الهدف الرئيسي بمسافة 26 كم.. حيث استغرق إبحار المجموعة التي ضمت ستة أفراد في زورق، وسبعة آخرين في الزورق الثاني، أكثر من 48 ساعة الأمر الذي أدى إلى غرق أحد الزورقين ووفاة عنصرين من المجموعة، هما خالد عبد الفتاح يوسف وعبد الرؤوف عبد السلام علي..

وعلى كل حال.. نجحت عملية الإنزال والوصول إلى الشاطئ ولم يكتشفها الإسرائيليون حيث لم تكن إسرائيل تتوقع أن تصل الجرأة بالفلسطينيين القيام بإنزال على الشاطئ على هذا النحو كما نجحت دلال وفرقتها في الوصول إلى الشارع العام المتجه نحو تل أبيب ثم تجاوزت مع مجموعتها الشاطئ إلى الطريق العام قرب مستعمرة (معجان ميخائيل) حيث تمكّنت دلال المغربي ومجموعتها من إيقاف سيارة باص كبيرة بلغ عدد ركابها ثلاثين راكبا وأجبروها على التوجه نحو تل أبيب. في أثناء الطريق استطاعت المجموعة السيطرة على باص ثاني ونقل ركابه إلى الباص الأول وتم احتجازهم كرهائن ليصل العدد إلى 68 رهينة.

وخاطبتهم دلال المغربي قائلة: «نحن لا نريد قتلكم نحن نحتجزكم فقط كرهائن لنخلص إخواننا المعتقلين في سجون دولتكم المزعومة من براثن الأسر».. وكان من ضمن الرهائن يهودية من أصول يمنية تولت مهمة الترجمة لهم.. ثم اكتشفت قوات الكيان العملية فجندت قطع كبيرة من الجيش وحرس الحدود لمواجهة الفدائيين وسعت لوضع الحواجز في جميع الطرق المؤدية إلى تل أبيب لكن الفدائيين تمكنوا من تجاوز الحاجز الأول ومواجهة عربة من الجنود وقتلهم جميعا الأمر الذي دفع بقوات الاحتلال إلى المزيد من تكثيف الحواجز حول الطرق المؤدية إلى تل أبيب غير أن الفدائيين استطاعوا تجاوز حاجز ثان وثالث حتى أطلّوا على مشارف تل أبيب فارتفعت روحهم المعنوية أملا في تحقيق الهدف لكن قوات الاحتلال صعدت من إمكاناتها العسكرية بمزيد من الحشود لمواجهة ثلاثة عشر فدائيا تقودهم فتاة بأسلحة خفيفة صمدت في وجه دباباتهم فتمركزت الآليات العسكرية المدرعة قرب نادٍ ريفي اسمه (كانتري كلوب) وأصدر إيهود باراك قائد الجيش اليوم المواجه للعملية آنذاك، أوامره بإيقاف الباص بأي ثمن.
فعملت قوات الاحتلال على تعطيل إطارات الباص ومواجهته بمدرعة عسكرية لإجباره على الوقوف.. وحاولت المجموعة الفدائية مخاطبة الجيش بهدف التفاوض وأملا في ألا يصاب أحد من الرهائن بأذى لكن جيش الكيان رفض أن يصغي لصوت الفتاة اليهودية المغربية التي حاولت محادثتهم من نافذة الباص بل إن الجيش أعلن عبر مكبرات الصوت أن لا تفاوض مع جماعة (المخربين) وأن عليهم الاستسلام فقط.
وفي تلك اللحظة أصدرت دلال أوامرها للمجموعة بالمواجهة وجرت معركة عنيفة ضربت خلالها دلال المغربي ومجموعتها نماذج في الصمود والجرأة في الأوقات الصعبة عندما نجحت في اختراق الجيش ومقاتلته بأسلحتها البسيطة التي استخدمتها في آن واحد.. وقد أصيبت دلال واستشهد ستة من المجموعة وبدأ الوضع ينقلب لمصلحة الجيش خاصة وأن ذخيرة المجموعة بدأت في النفاذ. وكانت قوات الاحتلال خلال هذا المشهد تطلق قذائفها غير مبالية باليهود الرهائن المحتجزين بالباص، فسقطوا بين قتيل وجريح وظهر للمجموعة أن الوضع أخذ في التردي خاصة وأن دلال أصيبت إصابة بالغة.

 

حاول بعض الأفراد إسعاف دلال لكن يشاء القدر أن تستشهد الفدائية دلال المغربي هي وجميع أفراد المجموعة عدا اثنين بعد أن كبّدوا جيش الكيان حوالي (30 قتيلا وأكثر من 80 جريحا).. أما الاثنين الآخرين فتقول الروايات إنه نجح أحدهما في الفرار والآخر وقع أسيرا متأثرا بجراحه فأقبلت قوات الاحتلال بشراسة وعنجهية على الأسير الجريح تسأله عن قائد المجموعة فأشار بيده إلى دلال وقد تخضبت بثوب عرسها الفلسطيني، ولم يصدق إيهود براك ذلك فأعاد سؤاله على الأسير الجريح مهددا ومتوعدا فكرر الأسير قوله السابق: إنها دلال المغربي. فأقبل عليها إيهود باراك يشدها من شعرها ويركلها بقدمه في مشهد لا يقر بحرمة الأموات..
وكانت آخر وصايا الفدائية دلال المغربي هي المقاومة حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني.