أخبار عاجلة
"معلومات الوزراء" يستعرض دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز الخدمات المصرفية
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً أوضح من خلاله أن الذكاء الاصطناعي يُعد أحد مجالات علوم الكمبيوتر الذي يعتمد على الآلات الذكية (تعمل وتؤدي مهامًا مثل البشر)، وتمتلك هذه الآلات القدرة على تعليم نفسها وتنظيم وتفسير المعلومات لعمل تنبؤات للمستقل، لذلك أصبح الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية في تكنولوجيا الخدمات المصرفية والمالية والتأمين، فقد غيَّر من طريقة تقديم المنتجات والخدمات للعملاء. فَوفَر أساليبَ أفضل للتعامل، كذلك بسَّط العمليات التقليدية وجعلها أسرع وأكثر كفاءة، وحسَّن تجربة العملاء في تلقي الخدمات المصرفية، ومع توافر تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبحت البيانات الآن هي الأصول الأكثر قيمة في مؤسسة الخدمات المالية أكثر من أي وقت مضى، وأدركت البنوك أهمية الحلول المبتكرة والفعالة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، كذلك أدركت أن حجم الأصول، على الرغم من أهميتهن لن يكون كافيًا لبناء أعمال تجارية ناجحة.
استخدامات الذكاء الاصطناعي
أشار التحليل إلى استخدامات الذكاء الاصطناعي (AI) في البنوك، حيث أوضح أنه في ضوء التحول الرقمي، والتقدم التكنولوجي السريع، وتغير الأطر التنظيمية للبنوك، تتجه البنوك نحو استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في أنظمتها، فوفقًا لتقرير (AI in Banking) الصادر عن شركة (Insider Intelligence) الأمريكية، يدرك حوالي (80٪) من البنوك الفوائد المحتملة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي، علاوةً على ذلك من المتوقع أن توفر تطبيقات الذكاء الاصطناعي للبنوك العالمية نحو 447 مليار دولار في عام 2023، بالإضافة إلى ذلك من المتوقع أن توفر أتمتة البنوك باستخدام الذكاء الاصطناعي حوالي 70 مليار دولار لبنوك أمريكا الشمالية بحلول عام 2025، وفي هذا الصدد تمثلت أبرز استخدامات الذكاء الاصطناعي بالبنوك في الآتي:
- روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي (Chatbots): روبوتات الذكاء الاصطناعي المدمجة مع معالج اللغات الطبيعية Natural Language Processing) ) تقنية تمكِّن أجهزة الكمبيوتر من فهم اللغة البشرية، وتعمل هذه الروبوتات على التفاعل مع العملاء على مدار الساعة عبر محادثات الإنترنت؛ لتقديم الاستجابات النموذجية لأسئلة العملاء لمساعدتهم على التعامل مع تفاصيل حساباتهم، فيمكن لروبوتات الدردشة الآن المساعدة في فتح حسابات جديدة وتوجيه الشكاوى إلى وحدات خدمة العملاء المناسبة، مما يقلل من حجم تفاعل العاملين مع العملاء بنسبة تبلغ حوالي 50% وفقًا لبيانات شركة ماكينزي 2023، فعلى سبيل المثال، يتلقى الذكاء الاصطناعي ما يقرب من نصف اتصالات واستفسارات العملاء في شركات الخدمات المصرفية والاتصالات في أمريكا الشمالية.
- كشف الاحتيال ومنعه (Fraud Detection & Prevention): اعتمدت البنوك -حتى وقت قريب جدًّا- على أنظمة مراجعة المعاملات وفحص قوائم الأسماء لمراقبة غسيل الأموال، والتي تولد عددًا كبيرًا من النتائج المضللة، ومع زيادة القلق من الجرائم المرتبطة بالاحتيال وكثرة أنماط الاحتيال المتغيرة باستمرار، فمن المتوقع أن يقفز حجم الخسائر الناتجة عن الاحتيال في الدفع عبر الإنترنت إلى حوالي 48 مليار دولار سنويًّا في عام 2023، وفقًا لـبيانات شركة (Insider Intelligence) الأمريكية. وبناءً على ذلك اتجهت البنوك إلى الاعتماد على أنظمة الذكاء الاصطناعي المتطورة مع الأنظمة الحالية؛ حيث يستطيع الذكاء الاصطناعي تحديد أنماط المعاملات، كذلك البيانات والعلاقات المشبوهة بين الأفراد والكيانات، مما يسمح للبنوك باتباع نهج أكثر استباقية ومنع الاحتيال قبل حدوثه. فوفقًا لبيانات شركة ماكينزي، من المتوقع أن تؤدي أتمتة البنوك في اكتشاف الاحتيال بنسبة تتراوح من 30% إلى 50%.
- إدارة العلاقات مع العملاء (Customer Relationship Management): تعد إدارة العلاقات مع العملاء عاملًا مهمًّا بالنسبة للبنوك، وتقدم البنوك الآن خدمات على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع للأفراد. فعلى سبيل المثال، توفير ميزات التعرف على الوجه والأوامر الصوتية لتسجيل الدخول إلى التطبيقات المالية، لذلك يقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل أنماط سلوك العملاء، مما يسمح بالتسويق المستهدف وتحسين تجربة العملاء وتفاعلهم، مما يسمح بتقليص الوقت اللازم لتسويق المنتجات الجديدة إلى النصف وفقًا لبيانات شركة ماكينزي.
- التحليلات التنبؤية (Predictive Analytics): يستخدم الذكاء الاصطناعي في التنبؤ الدقيق، فهو يعمل على تحليل البيانات، ويتنبأ بالإيرادات، وأيضًا أسعار الأسهم، ومراقبة المخاطر.
- إدارة مخاطر الائتمان (Credit Risk Management): يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الجدارة الائتمانية للمقترض من خلال تسخير البيانات للتنبؤ باحتمالية التخلف عن السداد مما يساعد في تحسين دقة اتخاذ القرارات الائتمانية، ورفض العملاء ذوي المخاطر العالية وتقليل رفض العملاء ذوي الجدارة الائتمانية، مما يسهم في تقليل حجم خسائر الائتمان التي تتكبدها المؤسسات المالية، فوفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي، يمكن أن يقلل الذكاء الاصطناعي حوالي 25% من حجم خسائر البنوك الناتجة عن العملاء المتخلفين عن السداد.
تناول التحليل المكاسب الاقتصادية للذكاء الاصطناعي في الخدمات المصرفية، حيث أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) جزءً لا يتجزأ من العالم، وتتسارع فيها الاستثمارات والتطورات، ويرجع ذلك إلى قدرتها على الارتقاء بالأعمال، وكذلك تحقيق إيرادات عالية، فوفقًا للدراسة التي أجرتها شركة ماكينزي (McKinsey) في عام 2023، يمكن أن يضيف الذكاء الاصطناعي للاقتصاد العالمي ما يتراوح من 2.6 إلى 4.4 تريليونات دولار سنويًّا. كذلك من المتوقع أن تخلق استخدامات تقنيات الذكاء الاصطناعي في الخدمات المصرفية قيمة مضافة تتراوح من200 إلى 340 مليار دولار سنويًّا، أيضًا ارتفاع الإيرادات السنوية للخدمات المصرفية بنسبة تتراوح من 2.8% إلى 4.7% تقريبًا، بالإضافة إلى ذلك، قد يمتد تأثير الذكاء الاصطناعي عبر الخدمات المصرفية ليشمل كلًّا من:
- تعزيز الإنتاجية، من المتوقع أن يعزز الذكاء الاصطناعي إنتاجية العمل بنسبة تتراوح من 0.1 إلى 0.6% سنويًّا حتى عام 2040، ولكن قد يعتمد ذلك أيضًا على معدل تبني التكنولوجيا، وإعادة توزيع العمال في أنشطة أخرى، كذلك يمكن للذكاء الاصطناعي، الذي يستخدم في تقديم خدمات العملاء خفض حجم أجور الوظائف الحالية بنسبة تتراوح من 30% إلى 45%.
- الأتمتة، يمكن أن يغير الذكاء الاصطناعي هيكل العمل، وزيادة قدرات العاملين من خلال أتمتة بعض الأعمال المصرفية التي قد تستغرق من 60% إلى 70% من وقت العاملين اليومي، وفقًا لتقديرات شركة ماكينزي، لذا من المتوقع أن تتم أتمتة حوالي نصف أنشطة الأعمال المصرفية العالمية خلال الفترة من 2030 إلى2060. فعلى سبيل المثال، اعتمدت شركة التكنولوجيا المالية العالمية Fintech)) على نظام تشغيل للذكاء الاصطناعي على منصتها، (وهو نظام مدرب لحل التحديات التي تواجه كل من الضرائب والمحاسبة والتدفق النقدي والتمويل الشخصي).
- تقليل التكلفة، من المتوقع أن توفر البنوك العالمية حوالي 7.3 مليارات دولار أمريكي من تكاليف التشغيل في عام 2023 من خلال استخدام تطبيقات chatbot، وفقًا لبيانات IMF، كذلك تتوقع شركة ماكينزي أن تطوير التكنولوجيا لدى البنوك من الممكن أن يؤدي إلى خفض تكاليف التشغيل بنسبة تتراوح من 20% إلى 30%.
ونتيجة لذلك ووفقًا لاستقصاء رؤية التكنولوجيا لعام 2023 الذي أجرته شركة Accenture، تعتزم البنوك التي شملها الاستقصاء الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف الأنشطة، على سبيل المثال، في تحليل البيانات بنسبة (59%)، وأتمتة العمليات بنسبة (58%)، وخدمة العملاء بنسبة (57%).
كما تناول التحليل الذكاء الاصطناعي في الخدمات المصرفية في الدول النامية فمن الممكن أن يؤدي التقدم السريع في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الدول المتقدمة إلى اتساع الفجوة الرقمية بين الاقتصادات المتقدمة والنامية، مما يجعل استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي أمرًا بالغ الأهمية للمؤسسات المالية في الدول النامية التي تتطلع إلى التميز والتنافس في التكنولوجيا المالية، فمن المرجح أن يسهم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الاقتصادات النامية في تحقيق مكاسب كبيرة أهمها، تقليل مخاطر الائتمان، التحكم في التكاليف، تحسين جودة الخدمة المصرفية، زيادة الإيرادات، رفع مستوى المنافسة. ولسد هذه الفجوة بين الدول النامية والمتقدمة، سوف يتعين على الدول النامية وضع إطار سياسي للتكنولوجيا الرقمية يرتكز على أربعة محاور رئيسة متمثلة في تعزيز الاستثمارات في كل من: البنية التحتية، وسياسات بيئة العمل الداعمة، المهارات، وإدارة المخاطر.
بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن يساعد التعاون بين القطاعين الخاص والعام، والتعاون بين الدول في التخفيف من مخاطر اتساع الفجوة الرقمية، وتعزيز الاستثمار فيها. كذلك يمكن أن تلعب المنظمات الدولية دورًا مهمًّا في نقل المعرفة للدول النامية، على سبيل المثال، الشراكة العالمية للذكاء الاصطناعي (The Global Partnership on Artificial Intelligence) "تعمل على سد الفجوة بين النظرية والتطبيق في مجالات الذكاء الاصطناعي عن طريق دعم البحوث المتطورة والأنشطة التطبيقية المتعلقة به"، وشبكة الخبراء المعنية بتقنيات الذكاء الاصطناعي التابعة لمنظمة التعاون والتنمية (The OECD Network of Experts on AI) "هي فريق استشاري يقدم إسهامات للخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي"، وأيضًا قد تساعد المنظمات الدولية في زيادة الاستثمارات، وبناء القدرات، وتسهيل نهج التعلم، وتوجيه السياسة الرقمية في الاقتصادات النامية.
وقد استعرض التحليل أبرز التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي حيث ينتج عن الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي، مخاطر وتحديات، تتمثل في:
- أولًا، القرارات المتحيزة، فقد أظهرت خوارزميات الذكاء الاصطناعي أن القرارات المُتخذة من قبل الذكاء الاصطناعي قد تكون متحيزة (يمكن أن تؤدي عمليات تصنيف العملاء المستخدمة في الذكاء الاصطناعي المعتمدة على بيانات متحيزة لفئة معينة أو غير دقيقة إلى الاستبعاد المالي للفئات الأكثر ضعفًا في الإقراض، والتوظيف، ومجالات أخرى إذا لم تتم مراقبتها ومعالجتها بشكل صحيح). لذا ينبغي للمؤسسات المالية أن تضع استراتيجية شاملة لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي تتضمن معالجة التحيزات، وضمان خصوصية البيانات، والامتثال للوائح التنظيمية، والحفاظ على الشفافية والمساءلة.
- ثانيًا، خصوصية البيانات، تعد خصوصية البيانات والهجمات السيبرانية، أحد أهم التحديات التي تواجهها البنوك وشركات الخدمات المالية (التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي) مع بيانات العملاء الحساسة، الأمر الذي يتطلب الالتزام الصارم بلوائح خصوصية البيانات، كذلك تنفيذ أطر قوية لإدارة البيانات، على سبيل المثال، إخفاء الهوية والتشفير، وأيضًا تنفيذ تدابير قوية للأمن السيبراني لحماية أنظمة الذكاء الاصطناعي من محاولات القرصنة وخرق البيانات والوصول غير المصرح به.
وأشار التحليل في ختامه إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تحمل وعدًا كبيرًا بالارتقاء بالقطاع المالي، ولذا يجب تعزيز إدارة المخاطر الناتجة عن تقنيات الذكاء الاصطناعي، كذلك تحسين تجارب العملاء معها؛ حيث يمكن أن تتسبب المخاطر الناتجة عنها إلى تقويض ثقة العملاء بالقطاع المالي، لذا، يتعين على الدول تطوير السياسات التنظيمية للمساعدة في توجيه استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي من قبل المؤسسات المالية ووجود إشراف بشري عليها، وأيضًا ينبغي للسلطات أن تعمل على تعزيز قدرتها المؤسسية وتكثيف رصد ومراقبة التطور التكنولوجي، مع إيلاء اهتمام وثيق لكيفية تطبيقها بالشكل الملائم في القطاع المالي.