منوعات والمرأة والطفل
في اليوم العالمي للصداقة: صداقة العمل مفتاح الإنتاجية والسعادة الوظيفية
أصبحنا اليوم أكثر انشغالاً بأعمالنا وحياتنا اليومية، مما قد يؤدي إلى إهمال علاقاتنا الاجتماعية، لذلك، فإن الاحتفال باليوم العالمي للصداقة يذكرنا بأهمية تخصيص وقت للأصدقاء والعائلة، وتعزيز الروابط الاجتماعية التي تربطنا بهم، واليوم العالمي للصداقة هو يوم يتم الاحتفال فيه بالصداقة؛ لإدراك جدواها وأهميتها بوصفها إِحدى المشاعر النبيلة في حياة البشر في جمِيع أنحاء العالم.
ويحتفل العالم يوم 30 يوليو من كل عام، والذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 2011، واضعة في اعتبارها أن الصداقة بين الشعُوب والبلدان والثقافات والأفراد يمكن أن تصبح عاملاً ملهمًا لجهود السلام، وتشكل فرصة لبناء الجسور بين المُجتمعات، ومُواجهة أي صور نمطية مغلُوطة والمُحافظة على الروابط الإنسانية، واحترام التنوع الثقافي.
وتشير الدراسات العلمية إلى أن حاجتنا للأصدقاء أعمق بكثير من مجرد قضاء وقت مُمتع، فالصداقة علاقة إنسانية طبيعية تنشأ تلقائيًا بين الأفراد، ولا تخضع لعقود رسمية، بل هي نسيج اجتماعي قوي يربط بين الأفراد لا تحدها القوانين أو الأنظمة، فهي علاقة تطوعية مبنية على الاختيار الحر، والثقة المُتبادلة والاحترام التي تتطور مع مرور الوقت، وتُساهم الصداقة في بناء مجتمعات أكثر تماسكًا، فجوهر الصداقة الحقيقية يكمن في الإخلاص والوفاء.
وترجع أهمية الصداقة، في أنها ركن أساسي في حياة الإنسان، فهي مصدر للسعادة والراحة النفسية، وتساهم في التغلب على الصعاب، فالأصدقاء هم سند في الأوقات الصعبة، كما يمكن للصداقة الحقيقية أن تساهم في التطور الشخصي، من خلال تبادل الخبرات والأفكار، تحسين الصحة النفسية، كما أن الصداقة تقلل من الشعور بالوحدة والاكتئاب.
ولطالما ضربت الأمثال بأصالة العلاقة بين الأصدقاء ووفائهم، متجاوزة في كثير من الأحيان روابط القرابة، هذا الوفاء المُتأصل في الصداقة، دفع بالكثير من الأكاديميين والباحثين إلى دراسة هذا المفهوم وتسليط الضوء عليه، لاسيما في بيئة العمل، وفي ظل الاحتفال باليوم العالمي للصداقة، لابد من التأكيد على الدور المحوري الذي تلعبه الصداقة في تعزيز التعاون والإنتاجية داخل المنظمات.
وقد أولى الباحثون في العلوم الإدارية اهتمامًا كبيرًا بدور الصداقة، مؤكدين أنها عامل حاسم في تحقيق السعادة الوظيفية، ومشيرين إلى أن العلاقات الودية بين العاملين تُساهم بشكل مُباشر في زيادة الإنتاجية، وتعزيز السلوكيات الإيجابية تجاه المنظمة، فضلًا عن ترسيخ الولاء التنظيمي، وخلق مكان عمل نموذجي يشعر فيه الأفراد بالسعادة، وعدم الشعور بالعزلة.
تلعب الصداقات بين الموظفين دورًا حاسمًا في خلق بيئة عمل إيجابية، حيث تساهم في زيادة الرضا الوظيفي وتعزيز الإنتاجية، وباتت هذه الصداقات معيارًا أساسيًا تبحث عنه الشركات للوصول بيئة عمل صحية ومحفزة.
كما أكد الباحثون، بأن الصداقة تعد من المصادر الرئيسية للسلامة النفسية للعاملين، والتي تقوم بدور جوهري في إشباع حاجاتهم الاجتماعية، حيث تمثل المصدر الرئيسي للدعم الاجتماعي الذي يرتبط باحترام الذات، والحماس، والرضا الوظيفي.
كما أظهرت دراسة نُشرت عام 2019، حول العلاقة بين المُناخ الأثيري وسلوكيات المواطنة التنظيمية، والتي استندت إلى آراء 301 موظف بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أن وجود روح صداقة قوية في بيئة العمل تُساهم بشكل كبير في تعزيز السعادة الوظيفية لدى الموظفين، ووفقًا للنتائج، فإن إدراك الموظفين لوجود هذه الروح يدفعهم إلى الشعور بمسؤولية أكبر تجاه عملهم، ويقوي لديهم الإحساس بقدرتهم على تطوير مهاراتهم، وبالتالي يصبحون أكثر حماسًا لمُمارسة سلوكيات المواطنة التنظيمية، مثل المساعدة في حل المشكلات والتعاون مع الزملاء، وذلك بدافع الشعور بأنهم مدعومون ومقدرون من قِبل الآخرين.
لا شك أن بناء علاقات إيجابية بين الموظفين يُعد ركيزة أساسية لنجاح أي منظمة، فالعلاقات الجيدة تُساهم بشكل كبير في صحة الفرد النفسية والجسدية، حيث يوفر الدعم المتبادل بين الزملاء بيئة عمل أكثر رحة، وتساعد على تخفيف حدة الإجهاد، وعلى النقيض من ذلك، تؤدي العلاقات السلبية إلى خلق جو من التنافس غير الصحي، مما يؤثر سلبًا على أداء الأفراد ويضعف روح الفريق، كما يؤدي التوتر والقلق الناتجان عن العلاقات السلبية إلى انخفاض تركيز الموظفين وقدراتهم الإبداعية، مما يؤثر سلبًا على إنتاجيتهم.
لذا تسعى المنظمات إلى تعزيز روح الصداقة، من خلال بناء جسور التواصل بين الموظفين، وتنظيم أنشطة ترفيهية متنوعة، والمشاركة في المناسبات الاجتماعية، وتلبية احتياجاتهم الشخصية والمهنية، والاهتمام بتطوير مهاراتهم وقدراتهم.
في النهاية، الصداقة هي جوهرة لا تُقدر بثمن، علاقة إنسانية فريدة تستحق الاحتفاء، فلننتهز هذه الفرصة لنعبر لأصدقائنا عن مدى حبنا وتقديرنا لهم.